في شهر رمضان الأبرك من سنة 1427 هجرية الموافق لأكتوبر 2006 ميلادية صدر للأستاذ باسم خفاجي كتاب تحت عنوان «لماذا يكرهونه؟؟» الأصول الفكرية لعلاقة الغرب بنبي الإسلام «ص» قدم فيه مجموعة الأدلة التاريخية والفكرية التي تؤكد أن الموقف الغربي من الإسلام ومن النبي عليه الصلاة والسلام، «لم يتغير إجمالا، وأنه كان دائما موقفا تغلب عليه صبغة العداء والاستهزاء، وإن اختلفت صور التعبير عن هذا الموقف بين فئات المجتمع الغربي المختلفة. ويتبين من المعطيات التي يتضمنها هذا الكتاب أن الهجوم الشرس الذي يتعرض له الإسلام والنبي محمد (ص) خلال السنوات الأخيرة، لم يكن مفاجئا ولا منعزلا، بل جاء في إطار موقف فكري غربي كان دائما مطبوعا بالعداء والكراهية للنبي صلوات وسلام الله عليه، وإن اختلفت صور التعبير عن هذا العداء والكراهية، عبر اختلاف فترات التاريخ والتطورات التي عرفتها شعوب العالم. والواقع أن هذا العداء كان في بعض فترات التاريخ منظما ومدروسا وقادته الكنيسة على أعلى مستوى حيث تذكر كتب التاريخ أن البابا أوروباتس الثاني في سنة 1095 ميلادية، تلا خطبته الشهيرة في مجمع كليرمون في فرنسا داعيا الملوك والحكام الأوروبيين إلى «شن الحملات الصليبية المقدسة» ضد المسلمين الذين اعتبرهم «كفارا» لخدمة الرب والحصول على الأرض التي تفيض لبنا وعسلا كما جاء في التوراة... وقد تسببت الحروب الصليبية في قتل مئات الآلاف من المسلمين بدعوى نشر المسيحية.. ومازالت لحد الآن بعض الكنائس في دول أوروبية تزين بلوحات ورسومات مسيئة للرسول (ص) وتظهره وهو يعذب في نار جهنم، حسب ادعاءات من كانوا وراء هذه اللوحات والرسومات. ومن أبشع هذه اللوحات واحدة توجد في كنيسة «سان بيترونيو بمدينة بولونيا وسط إيطاليا، رسمها «جيوفاني دومودينا» ويرجع تاريخها إلى سنة 1415 ميلادية. ولذلك لم يكن مفاجئا الخروج الإعلامي الشهير للبابا بينديكيت السادس عشر الرمز الديني في الغرب المسيحي الذي توجه بالإساءة إلى الإسلام والإهانة إلى النبي محمد (ص)، حيث ألقى محاضرة أمام مجموعة من العلماء الألمان يوم 12 شتنبر 2006 تضمنت هجوما صريحا على محمد (ص)، إذ قال - نقلا عن غيره: «أرني ماذا قدم محمد من جديد وسوف لن تجد إلا أمورا شيطانية وغير إنسانية مثل أوامره التي دعا إليها بنشر الإيمان عن طريق السيف» وهو ما دفع بالعديد من الأصوات من داخل الغرب نفسه إلى مطالبة البابا بالاعتذار إلى العالم الإسلامي، وكتبت صحيفة «نيويورك تايمز» في افتتاحية عدد 16 شتنبر 2006، ما معناه: «إن البابا بحاجة إلى أن يقدم اعتذارا عميقا ومقنعا ليبين أن الكلمات يمكن أيضا أن تشفي الجراح»... ومن المعروف أن الدعوة الحاقدة للقس تيري جونز إلى حرق القرآن سبقتها دعوات وأعمال حاقدة لشخصيات أمريكية وأوربية عرفت بعدائها للرسول (ص) وجاهرت بكراهيتها للإسلام إعلاميا وفكريا ودينيا، أمثال جيري فالويل وباث روبرتسون وفرانكلين جراهام وجيري فيلنز من العصر الحالي وقبلهم دانتي وفولتير وليفي ستراوس والكاتب الأمريكي جورج بوش جد الرئيس الأمريكي السابق، والذي يرى في مؤلف له تحت عنوان «حياة محمد ومؤسس الدين الإسلامي ومؤسس إمبراطورية المسلمين» أن الإسلام مجرد بلاء جاء به «الدعي» محمد، وساعد الرب على انتشاره، عقابا للكنيسة التي مزقتها خلافات الباباوات بهرطقاتهم التي بدأت في القرن الرابع الميلادي. وإذا كانت الكنيسة حاولت خلال منتصف القرن الماضي تجاوز حالة العداء للإسلام حيث أكد المجمع الفاتيكاني الثاني «أن الكنيسة تنظر بعين الاعتبار أيضا إلى المسلمين الذين يعبدون الواحد الحي القيوم..» فإن مسلسل العداء والكراهية لم يتوقف حيث تفجرت في السنوات الأخيرة حملة شديدة البشاعة على الإسلام منذ 11 شتنبر 2001 و«كثرت الرسوم الكاريكاتورية والمقالات والأفلام التي تهزأ بالإسلام وبالنبي محمد (ص)...». ولكن ذلك لا يعني عدم وجود عقلاء داخل المجتمعات العربية، فهناك أصوات حرة وقفت ضد التصور النمطي المشوه عن الإسلام، وهناك أصوات أخرى حاولت النظر بموضوعية للدور التاريخي الذي قام به الرسول (ص) والإسلام في النهوض بالبشرية، أمثال الفيلسوف الألماني هيجل والأديب الروسي تولستوي، وكذا الكاتب المؤرخ الاسكتلندي الذي يمكن أن يختم بموقفه المدافع عن نبي الإسلام، حيث يقول في كتابه «الأبطال»: «لقد أصبح من العار على أي فرد من أبناء العصر أن يصغي إلى ما يقال من أن الدين الإسلامي باطل، وأن محمد خدّاع ومزوّر، لقد آن لنا أن نحارب هذه الادعاءات السخيفة المخجلة، فالرسالة التي دعا إليها ذاك الرسول الكريم مازالت السراج المنير لملايين كثيرة،، فهل من المعقول أن تكون هذه الرسالة التي عاشت عليها هذه الملايين وماتت أكذوبة كاذبة، أو خليعة مخادع؟! لو أن الكذب والتضليل يروجان عند الخلق هذا الرواج لأصبحت الحياة سخفا وعبثا، وكان الأجدر بها ألا توجد... هل رأيتم رجلا كاذبا يستطيع أن يخلق دينا، ثم يتعهده بالنشر بهذه الصورة؟...