تتميز مدينة طانطان عن باقي المدن المجاورة لها بجودة مياهها الحلوة فأبار تعسالت ،التي تزود ساكنة المداشر الصحراوية بهذه المادة الحيوية التي لا يستغني عنها الإنسان الصحراوي للشرب وأكثر من هدا في صناعة الشاي الذي يعد ثقافة داخل هذا المجتمع الأصيل و الفريد ،و تبقى هذه المياه و المعروفة بالغدير في المجتمع الحساني هي العنصر الأساسي في الحياة ، مادامت الأغلبية تستخدم مياه المكتب الوطني للماء الصالح للشرب في الغسيل و الاستحمام ،و ارتباطا بموضوعنا الذي هو الحفاظ على المياه العذبة و تأمين هذه المادة الحيوية داخل مجتمعنا للأجيال اللاحقة نجد مجموعة من الإكراهات و الخروقات القانونية. مما يبعث للقلق على الإستغلال المفرط و الإستنزاف المتراكم لمياه آبار تعسالت، فلولا غيرتنا على هذه المنطقة و المسؤولية الملقات على عاتقنا كبشر نعيش في هذه المنطقة لما تدخلنا في هذا الموضوع لكن الساكت على الحق شيطان أخرس كما نقول دائما. ففي بحث عميق أجراه أحد أصدقاء جريدة دعوة الحرية حول استغلال هذه المادة الضرورية للحياة اكتشفنا مجموعة من الخروقات القانونية ، و خبايا حقيقية يجب على الرأي العام كما قلت سابقا الاطلاع عليها. أولها: التصدير والمتاجرة في هذه المادة بأثمان خيالية لم يسبق مشاهدتها حيث برميل من سعة 200 لتر من مياه هذه الآبار يصل إلى مبلغ يقدر 150 درهم، وذلك في كل من مدينة الداخلة و بوجدور ، أما في مدينة العيون يقدر ب 100 درهم، أما في مدينة السمارة فيتراوح ما بين 80 درهم و 70 درهم حسب الظروف الطبيعية ،ماء طانطان يباع بقيمة توازي ثمن البنزين. ثانيا: و هو عبارة عن سؤال جوهري إلى أين تذهب عائدات هذه المادة الحيوية التي تستنزف ليلا و نهارا ، و التي تزداد يوما تلو الآخر بإرتفاع الطلب عليها؟. ثالثا: إذا تصفحنا قانون حفر الآبار فهناك تكمن الجريمة بحق مياه آبار تعسالت ،فأين هو الترخيص القانوني للآبار الذي تمنحه كل من وزارة التجهيز و النقل و كذا وزارة الفلاحة للمياه و الغابات و الذي يتمثل بترخيص كالآتي: تمنح وزارة التجهيز و النقل ترخيص بطلب من المعني يسمح بتحديد إحداثيات مكان و موقع حفر البئر و لا يسمح هذا الترخيض بالإستغلال إلا بعد الحصول على ترخيص قانوني من طرف الوزارة الثانية وزارة الفلاحة ،و يحدد القانون نوع الاستغلال المتفق عليه في سقي الأراضي البورية أو تزويد الرحل و ماشيتهم بالماء و ليس المتاجرة و التصدير، و تنمية جيوب المسؤولين بدون مراقبة و محاسبة ، و أين هو القانون في هذا الجانب إذا كان يسمح باستغلال الثروات الباطنية للدولة من طرف من هب ودب؟ و أين هو موقع الجمعيات البيئية من هذه الظاهرة؟ و أين يتجلى دور ميثاق البيئة و التنمية المستدام في الحفاظ على هذه المادة الحيوية؟ رابعا: الطامة الكبرى ذهب بعض المستثمرين إلى استغلال هذه المادة الحيوية لتنمية خزينتهم دون التفكير في إحتياجات السكان لهذه المادة و دورها الكبير في استمرارية الحياة، إلى استغلالها في إنتاج الثلوج بالميناء للمحافظة على جودة الأسماك بحكم أن المياه التي يوفرها لهم المكتب الوطني للماء الصالح للشرب غير صالحة لهذه الغاية، و بكون هذه الأخيرة تتوفر على نسبة عالية من "الكالكير" أي الكلس مما يؤثر على الآلات المستعملة في المصانع الباهضة الثمن. دون أن يعلموا أن هذه المادة لا تقدر بثمن في حياة البشرية ولدينا ضيف جديد جلبته المياه العذبة وهو"مصنع شركة باهية "الدي لم يقوم بأي لقاء تواصلي وحتى فرص العمل القليلقة قسمت بين بعض المنتخبين . فبالله عليكم هل أنتم بشر أم وحوش تفترس أبنائها و أجيالها اللاحقة دون أن تفكروا في مستقبل ساكنة هذه المدينة، و باعتبار هذه المادة الحيوية أساس الاستقرار بهذه المنطقة منذ الأزل أو أنكم تبحثون عن حياة في المريخ. خامسا: "ماء طانطان"، لا تمر دقيقة أو أخرى حتى نشاهد هذه العبارة مكتوبة على صهاريج من نوع "متشيبتشي" و كأننا لا نعرف ما بداخلها، أو أن هذه العبارة موجهة لأناس خارج المجال الجغرافي للمدينة الموزعة، ولماذا لا تكتب عليها عبارة أخرى "كماء زمزم مثلا" أم أن الزبون يفضل مياه تعسالت على باقي المياه الأخرى، بالفعل فسكان المناطق الصحراوية تعي جيدا جودة هذه المياه، و ذلك راجع إلى علاقتهم التاريخية رغم بعدهم الجغرافي عنها الذي ساهمت فيه عوامل أخرى خارجة عن إرادتهم. سادسا: سر جودة هذه المياه جيولوجيا تتميز البنية الجيولوجية للمنطقة بتنوعها من حيث مكوناتها الصخارية المختلفة من حيث النوع و العمر الجيولوجي، ففي الشرق تسيطر تكوينات الكمبرى الأوسط و ما قبل الكمبرى و الأردوفيسا، و في الجنوب الغربي للمنطقة أي مدينة طانطان نجد تكوينات الكريطاسي الأوسط و الأسفل و الميوسين و البليوسين الأوسط، و في الشمال الغربي للمنطقة تنتشر تكوينات الرباعي الحديث و الأوسط أما من حيث الوضع البنائي لهذه الطبقات فنجد المواد تتخذ أوضاعا بنائية متنوعة، ملتوية، أفقية و مائلة و لا تساعد أغلب هذه المواد على الإحتفاظ بمياه عذبة و ذلك نظرا لطبيعة الصخور و سيطرة الملحية في مجمل مساحة الإقليم حيث تتراوح نسبة الملوحة فيها ما بين 10 و 4 غرام / في اللتر، و تنخفض هذه النسبة في تعسالت و ذلك راجع إلى طبيعة صخورها التي تسيطر فيها تكوينات البليوسين الأوسط و التي تتكون من الكلس و الحث و الرمل، و لسوء الحظ فهي لا تمثل مساحة كبيرة ، و هي عبارة عن مقطع عرضي لواد بن خليل و بسبب الإستغلال المفرط لهذه المياه أصبحت بعض الآبار التي تقع في عالية الوادي حيث تتسرب لها الملوحة بشكل مخيف، و الذين يستعملون هذه المياه من السكان يعون جيدا ما أقول. أنقدوا آبار تعسالت أنقدوا آبار تعسالت... إنها الحرب الجديدة ضد الغدير تستهدف المغلوب على أمرهم من فقراء ومشردين من هوامش مدينة طانطان ، بعدما كان الماء يباع بثمن في صالح المواطن البسيط وضعت العراقيل والمخططات الجبانة والخبيثة بحجة إن كل الآبار غير مرخصة وبتؤاطؤ من السلطات المحلية التي لا تحرك ساكنا وتبقى عملية شد الحبل بين جمعية الصهاريج والآبار للماء الصالح للشرب واللصوص والانتهازيين في طانطان مستمرة، بعد مسيرة 29 يوليوز التي حمل فيها المحتجون البراميل الفارغة، مهزلة من اكبر الفضائح تتبجح السلطات المحلية بان اغلب الآبار بتعسالت غير مرخصة وليست لها أوراق إن هذه الآبار موجودة منذ السبعينات وبعضها قبل ''عملية اوكوفيون'' .جميل جدا أن نحاسب الفلاح المحلي ولكن دعونا نقيم عمل وزارة التجهيز و النقل و كذا وزارة الفلاحة مند أبريل 1958 إلى ألان ..إدارتين في واد أخر غير واد بن خليل لاتواصل و لاحصيلة يمكن الاعتماد عليها ،عند زيارتك لمنطقة تعسالت ستجد أبار محفورة بطرق تقليدية تعمل بمضخات ذات دفع متوسط تجمع الماء في صهاريج صغيرة، مع تعرض الفلاح الصغير دائما للنصب ولاحتيال و السرقة خصوصا بعد نفاد الوعاء العقاري، لازالت حكاية طريفة في منطقة -تابوجنيبات الكبلية- قرب سد خنيك مسعود تتادول ،وهي تعكس معاناة الفلاح ، عندما حاول أحد السكان هناك حفر بئر استدعى عاملين قاموا بقضاء الغرض بعد ثلاثة أيام من الحفر وأكتشف متأخرا أن العاملين غمروا الحاسي بماء مجلوبة من تعسالت. ، ادن أين الدعم الفلاحي و السقي بالتنقيط و المغرب الأخضر.. وحتى لوا أراد الفلاح طرق أبواب المصالح المختصة سيطلب منه خريطة طبوغرافية و دراسة خاصة والتوقيع على التزامات متنوعة علاوة على الانتظار الطويل و التماطل والعلاقات المشبوهة و التخريجات الاقصائية في حق الفلاح المحلي . بعد تأخير استفادة فلاحين الطنطان من برنامج السقي بالتنقيط ، تلقى هؤلاء الفلاحين ضربة جديدة من خلال تخصيص 1000 شتيلة من الزيتون بدل 5000 التي طالب بها الفلاحين ، مما خلق جو من السخط و التذمر مع العلم أن بعض الفلاحين أعدوا الحفر الخاصة . و كان أخر مرة حصل فيها الإقليم على أغراس الزيتون سنة 1994 .فمن سيحمي الفلاح الطانطاني من الاستهداف الجديد؟. *مدير نشر و رئيس تحرير جريدة "دعوة الحرية" المغرب