نظمت ولاية جهة العيون الساقية الحمراء زيارة صحافية لأول محطة لتحلية مياه البحر أنشئت سنة 1995 بضواحي مدينة العيون، في صباح قائظ خارج المدينة، حيث تمتد كثبان رملية تحيط بجنبات طريق إسفلتية ضيقة، تجاوزنا حاجزين للدرك والشرطة قبل الوصول إلى مقر محطة تحلية المياه القريبة من ميناء المدينة. «معدل الإنتاج االيومي سيصل إلى 13 ألف طن بتدشين المحطة الجديدة، الآن ننتج 6000 متر مكعب فقط، لقد عمل المكتب الوطني للماء الصالح للشرب على توسيع محطة معالجة مياه البحر لتوفير إنتاج يغطي حاجيات سكان جهة العيون الذين يفوق عددهم 256 ألف نسمة». «نعتمد في تحلية مياه البحر على تقنية حديثة تعتمد إزالة العوالق في أحواض مخصصة لذلك، لتمر المياه عبر قنوات وتعبر سلسلة من الإجراءات لمعالجة المياه وتزويدها بالكلور والمواد الحية، إننا ننتج مياها بجودة عالية»، يؤكد المشرف على محطة تحلية مياه البحر بمدينة العيون. طفق المشرف بعد ذلك يتحدث عن شيخوخة المحطة التي شرع العمل بها منذ سنة 1995، وعن حاجة بعض آلياتها للصيانة، لنطوف بمرافق يسمع فيها هدير المضخات، وأطلعنا الموظف على «فلترات» تستعمل لتصفية الماء وإزالة الملح والشوائب العالقة. تبلغ تكلفة تزويد مدينة العيون ومراكز فم الواد والمرسى بالماء الشروب 380 مليون درهم، معدل الصبيب بها يصل إلى 6000 مللتر في اليوم، الأشغال ابتدأت سنة 2006، «ومن المقرر لها ان تكون قد انتهت في أبريل 2006، أما كلفة مشروع تقوية هذه المحطة فيصل إلى 110 ملايين درهم»، تشرح لوحة زجاجية كبيرة داخل محطة تحلية مياه البحر لزائريها. علاقة سكان العيون مع الماء غريبة وشاعرية أيضا، يستعملون المياه المعالجة التي تضخها إليهم صنابير المكتب الوطني للماء الصالح للشرب في التصبين والغسيل وأشغال المنزل، وقد يشربونها اضطرارا لكنهم يفضلون عليها مياه طانطان التي توزعها يوميا شاحنات صهريجية تفد على المدينة محملة بمياه أقل ملوحة وتصلح لإعداد الشاي الصحراوي المميز. «طعم مياه الصنابير غريب ونسبة الكلور فيها تكون أحيانا مرتفعة، أما تهييء الشاي بهذه المياه فهو غير مناسب، لأن مذاق الشاي سيكون «مفلكطا»، تؤكد سيدة صحراوية التقيناها على هامش مهرجان أزوان المنظم بمدينة العيون مابين 14 و17 نونبر الجاري. مصدر يعمل في فرع المكتب الوطني للماء الصالح للشرب بالمدينة أكد أن ندرة المياه في الأقاليم الجنوبية تستدعي بناء محطات جديدة بمواصفات الجودة العالمية، مضيفا أن حجم الاستثمارات لتزويد مدينة العيون لوحدها بلغ 675000.000 درهم تليها مدن الداخلة وأوسرد وطرفاية وبوجدور ثم السمارة. خصص المكتب الوطني للماء الصالح للشرب 70 قناة للتوزيع بالعيون ومنطقة «فم الواد» والمرسى، ورصد غلاف مالي يبلغ 200 مليون درهم لتقوية إنتاج المحطة وجعل الإنتاج بها يصل إلى 13000 متر مكعب في اليوم. ورغم أن الأشغال التي استمرت منذ نونبر2006 قد انتهت شهر مارس الماضي، فإن تدشين المحطة لم يتم بعد. وهو الأمر الذي أرجعته مصادر من المدينة إلى أن السلطات كانت تتوقع زيارة ملكية للمدينة لتدشين محطة المعالجة الجديدة. اللافت أن سكان المدينة يحجمون عن شرب مياه البحر المحلاة ويعتبرون أن المياه التي تحملها إليهم كل يوم الشاحنات الصهريجية القادمة من مدينة طانطان هي أفضل من تلك التي تصبها صنابير المكتب الوطني للماء الصالح للشرب، ويتراوح سعر شحنة صهريج شاحنة من الماء مابين 250 و400 درهم، حسب المواسم، ويفضل السكان شربها وإعداد الشاي بها، أما من توفرت لديه مياه الغدران فهو محظوظ. بالنظر إلى أن مياه الغدران والأمطار هي المفضلة لدى سكان الصحراء في تهييء شاي مركز يقدم في كؤوس صغيرة تعلوها رغوة بيضاء وهو ما يعيد للذهن صفاءه.