أصيب أغلب الصحراويين ب«فوبيا» ماء الحنفيات، واضطروا قهرا إلى مقاطعته، بسبب تغير لونه وطعمه ورائحته من حين إلى آخر، بما يهدد صحتهم، واستبدل المواطن كوب الماء، بقارورة المياه المعدنية التي تكلفه المال الكثير. فما حقيقة الوضع وهل يشكل ماء الحنفيات خطرا؟ أو هل يكمن الحل في المياه المعدنية فعلا؟ «فوبيا» ماء الحنفيات يرى المختصون بأن الصحراء هي المدينة الوحيدة التي يوجد به ماء الحنفية بطعم ولون ورائحة، حيث يفقد خصائص الماء الحقيقية، والتي تشكل عنصرا هاما في حياة الإنسان. رغم كل الإمكانيات التي سخرت من أجل توفير هذه المادة الحيوية للمواطنين، إلا أن مشاكل «تلوث» المياه مازالت تفرض نفسها من حي إلى آخر. وكانت العيون تشهد تغير رائحة وطعم ولون مياه حنفياتها التي من المفروض أنها «مياه صالحة للشرب ». وبرزت خلال السنوات الأخيرة ظاهرة اقتناء قارورات المياه المعدنية، التي أصبحت الكثير من العائلات غير قادرة على الاستغناء عنها، وازدهرت مع هذه العادات الجديدة للاستهلاك «صناعة» المياه المعدنية ومياه الينابيع المعبأة في القارورات. ميزانية خاصة لمواجهة الطوارئ «سناء» (26 سنة) من العيون، تقول بأنها لا تجد مانعا في شرب مياه الحنفية، ‹«لأنها ذات نوعية جيدة ». لكنها تستدرك بقولها«لكن الأمر لا ينطبق على والدي، لأنه من المستحيل أن يشربا من الحنفية، ولا يستغنيان على المياه المعدنية كونهما مريضين ويخضعان للعلاج» . أما عبد الحميد (45 سنة)، فيرى في المسألة«إن» على حد قوله. وتنهد طويلا قبل أن يقول «إنني لا أثق في مياه الحنفية مهما كان مصدرها وتطمينات المسؤولين ». ويضيف«أنا أخصص مبالغ مالية معتبرة لاقتناء البديل وهو المياه المعدنية» . ويجمع كل المواطنين الذين استجوبتهم «الإتحاد الاشتراكي» حول الموضوع، على أنهم يوفرون ميزانية خاصة لاقتناء المياه المعدنية. وأنهم مجبرون على ذلك، خوفا من الإصابة بأي مرض قد تجلبه المياه، بل إن استعمال هذه المياه امتد إلى حد إعداد الأكل. ويقدر سعر القارورة الواحدة ما بين3.50 إلى5.50 دراهم. ويرى «محمد» وهو موظف في مؤسسة خاصة، بأن «عدم الحيطة من المياه التي تأتينا من الحنفية، كلفتني الكثير ». ويضيف«لقد تعود أبنائي على شرب المياه من الحنفية، وذات يوم أصيبوا بإسهال حاد، أدخلهم المستشفى» . وتبين فيما بعد أن الماء الذي شربوه كان بطعم ورائحة المياه القذرة، وسبق ذلك انقطاع في المياه لمدة نصف يوم لا غير. وفرضت عدوى «المقاطعة» التي تبناها المواطن، وضعا غير طبيعي، بحسب العارفين، خصوصا وأن ماء الحنفيات لم يعد يستعمل سوى في الغسيل والحمام. ويشير عدد من المواطنين بأن «شفافية» المياه لم تعد متوفرة باستمرار، فهو غالبا ما يأخذ اللون الأخضر والرمادي أو حتى البني في بعض الأحيان. التيفوئيد في قائمة الأمراض صحيح أن استهلاك المياه المعدنية يرتبط أساسا بارتفاع المستوى المعيشي للمواطن، لكن الإصابات التي تقع هنا وهناك، أحدثت تغييرا لافتا، بالاضافة إلى مجموعة من الأمراض، وخاصة بعد اختلاط المياه الصالحة للشرب بمياه الصرف الصحي. وسبق هذه الحادثة تلوث المياه في الشهر الفارط، وسجلت عدة إصابات بإسهال حاد لنفس السبب. ويستغرب المختصون أن لا يقابل ارتفاع تكلفة المياه الصالحة للشرب تحسين في نوعيته وتوفره باستمرار.