تعرف منطقة كليميم في الآونة الأخيرة احتدام صراع سياسي في عمقه، بلبوس اثنية قذرة، ازدادت حدة هذا الصراع بعد مجيئ الوالي العظمي واحتداد لعبة شد الحبل بينه وبين "حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية"، هذا الصراع انحرف عن سياقه الطبيعي بين بعض الكائنات السياسية ورئاسة بلدية كليميم ، فاتجهت بعض الجمعيات التي تدعي الدفاع عن حقوق الانسان الى الهجوم على رئاسة بلدية كليميم ليس لأنها قصرت في اختصاصاتها بل فقط لأن الرئيس ينتمي لمكون قبلي معين(مهرجان الشاطئ الأبيض)، وهذا في حد ذاته انحرافا خطيرا وبعيدا كل البعد عن الديمقراطية التي تعني حق الشعب في اختيار من يحكمه، أو بعبارة أخرى حق ساكنة مدينة كليميم في اختيار منتخبيها في إطار القانون والدستور، فادعاء أن ساكنة المنطقة أو أبناءها همشوا، إدعاء يتعارض بشكل كبير مع الديمقراطية التي تعني حق كل ساكن من سكان هذا الإقليم سواء كان من المنطقة او من الشمال او من ....حقه في رئاسة بلدية كليميم إن إختارته الساكنة، وبهذا فالادعاء والانتصار لأبناء المنطقة يوحي أن من يرفعون هذا الشعار يحنون الى أزمنة السيبة والقبيلة وحكم مجالس الأربعين، والحقيقة أنه يجب الايمان بوجود وطن بأحزابه وبمواطنيه سواسية أمام القانون، الأكثر من كل هذا أن هناك من يدعي" كون الشلوح حكموا علينا"، وهذا فيه اعتداء معنوي كبير على مكون أساسي في منطقة وادنون عموما، مكون أسهم الى جانب مكونات حسانية ويهودية في غنى هذه المنطقة. أما المجلس البلدي فهو مجلس لا توجد به معارضة إلا من تساقطوا توا من سفينة يقال أنها فاسدة، محاولين أن يلبسوا مجددا أمامنا لباس الملائكة، فكيف لهم أن ينعتوا الان هذا المجلس بالفساد وهم إلى حدود الأمس من المباركين والمصفقين والمنتفعين من ربان هذه السفينة، الأغرب من كل هذا أنهم أصبحوا جزء مرحبا به من طرف أحزاب سياسية ادعت أنها تعارض هذا المجلس، والأحرى بها ألا تصطف إلى جانب هؤلاء المتساقطون من سفينة "الفساد" على الأقل حفاظا على بكارتها الأخلاقية. السفينة أيضا تساقط منها مجموعة من الموالين والطامعين الذين ربما فهموا وجود –ربما عن خطأ- رسائل من جهات معينة وغيروا الاصطفاف فجأة استعدادا لمرحلة قادمة يستطيعون أن يجدوا لهم أقداما بها ومصالح وأشياء أخرى مع أشخاص اخرين انتهازيين وفاسدين كما حال التاريخ السياسي لهذه المنطقة منذ زمن. هذا المجلس يقال عنه كلام كثير في الفساد وهلم جرا من الكلام غير أنه لا يمكن أن ننكر إنجازات مهمة بادية للعيان، وتكفي مقارنة كليميم حالا بكليميم في عهد رؤساء سابقين، وهذا لا يعطيه شهادة نظافة اليد مطلقا او أننا ندافع عنه، بل نرى الأ مور من زاوية محايدة. إن الصورة التي ترسم أمامنا هي صورة فاسدين ومشاريع مفسدين يتصارعون لا على مصالحنا، بل على مصالحهم الضيقة، الفاسدون جيشوا القبيلة واللغة وسخروا المال...، ومشاريع الفساد تحاول استعمال نفس الوسائل مضيفة لهم تجييش بعض الحركات الاجتماعية التي تطالب بالشغل ومكاسب اجتماعية أخرى، وهذه الفئة تدحرجت تدحرجا مدويا في نهجها، كما تم تسخير بعض "الصحافة" التي تحولت إلى سخافة مبتدلة. إن هذا التشخيص بين مشروعين فاسدين في عمقهما، يحاولان إعادة صنع ألة الأعيان، يسائل كل المثقفين وذووا الضمائر الحية والنخب لطرح سؤال أساسي حول "ما العمل؟"، وهو سؤال يجد مشروعيته في الصورة التي يحاولون رسمها لمستقبلنا، صورة الصراع بدل صورة التعايش، صورة الصراع التي تتغذى عليها طفيليات الأعيان بحثا عن مناصب جهوية وإقليمية وغيرها، إنه سؤال طوباوي لكن الإجابة عنه ليست مستحيلة، أما الاصطفافات والضحالة السياسية الحالية غير منطقية وتتغير باستمرار وفق العروض المقدمة، كما أن الرصيد السياسي لبعض الكائنات لا يمكن أن يتأتى إلا بالمصداقية أما استدعاء جهات أخرى فهو لا يعدوا أن يكون بحثا عن "تزكية" ليست كالتزكيات التي تكثر في فترة المواسم الانتخابية ، فيما لن تسهم العجرفة الاثنية إلا في ترسيخ الفساد وفي اصطفاف اثني يكرس استمرارية الوضع ما يطرح أسئلة كبيرة عن مدى وعي الجاهرين بهكذا "خطاب" إثني أجوف ويبعد كل البعد عن المنطق. كما أن الدفاع "عن شخص" تم تغييره واستبداله باخر يعطي انطباعا عن طرق تفكير بعض الأحزاب التي وصل بها الأمر حد الانتقال المدوي من مشروعية الدفاع عن المؤسسات وعن القانون الى "شرعية" الدفاع عن الأشخاص؟؟، فالأشخاص يذهبون ويبقى القانون وتبقى الارادات اليقظة المدافعة والمتأهبة للدفاع عن سمو القانون والمؤسسات، ويبقى الحل الثالث المنزلة الوسطى التي تجنبنا التقوقع بين كفي الفاسدين من الجهتين، والنخب المحلية قادرة على ربح هذا الرهان عبر الصندوق الشفاف والنزيه كآلية للتداول على تسيير الشأن العام.