الحديث عن الأغلبية داخل المشهد السياسي ببلادنا 'يجرنا إلى الحديث عن الأزمة السياسية التي نعيشها ،وما مدى قدرة وحنكة وصلابة هذه الأغلبية في اختراقها وتجاوزها أو الانبطاح لتداعياتها ،أو درئها للمفاسد التي قد تنجم عنها ، والتي بجب تجنبها خشية إسقاطها في متاهات قد تؤثر على مسارها السياسي بين الفينة والأخرى ، وما قد تخلفه من توتر واحتقان اجتماعي ،على اعتبار أن المعارضة السياسية تلاحقها وتراقبها في كل صغيرة وكبيرة – حسب رأي زعيم المصباح- . كما أن للخرجات الإعلامية لرموز الأغلبية ،وصقور المعارضة، إلا دليل على ما سبق ذكره بغية إسقاط الحكومة في فخ وفي خلل لاجدوى منه . الاستعمال المفرط في أحقية الأغلبية لممارسة حقها في المشهد السياسي والاستهتار بالاستقرار الاجتماعي ، وخلخلة المجتمع ،بل وإجهاضه من طرف الأغلبية وتبادل الاتهامات بين مختلف مكونات الجسم السياسي ببلادنا، وحتى من داخل الأغلبية المشكلة للحكومة،وخاصة في مجموعة من القرارات –الإصلاحية- التي تعود بالضرر على الشعب وبكل مكوناته ،إلا إشارة واضحة تتنافى مع النهج السليم لبناء أسس ديمقراطي حقيقي يبتغيه الشعب المغربي. وخلاصة القول ، وبعد البحث والتمحيص في القاموس السياسي لبلادنا حول القاسم المشترك بين الأغلبية والمعارضة ، الأغلبية –القديمة –الجديدة ، والمعارضة الجديدة – القديمة، أجد نفسي أقرر بأن الأغلبية والمعارضة في بلادنا 'ندان لايلتقيان أبدا . فهل من صياغة جديدة أو فكر جديد طموح لهذا المعطى، أم أننا لا زلنا نراوح المكان التقليدي لهذا المفهوم والمعاش داخل المشهد السياسي برمته، وهل نحن مقبلون مستقبلا على أغلبية ومعارضة، تعطى نكهة جديدة للعمل السياسي ،مشكلة تصورا جديدا لمنافسة شريفة كما هو الحال عند الغربيين التي تسود عندهم النظرة التفاؤلية ،بعيدا عن النظرة التشاؤمية ، التي قد تبعد السياسي عن المجتمع ، وعن تدبير الشأن العام . الرمز المعارض بالبرلمان ، وتحديدا بمجلس المستشارين ، أعطى للمعارضة الجديدة قيمتها الحقيقية،واتخذ من الصراع الدائر بينها وبين الأغلبية ، أبعادا أخرى أكثر قوة ومناعة لربح لعبة المواقع في أكبر وأقوى مؤسسة تشريعية محافظا على وحدتها ، وإيقاعها على اعتبار أنه يشكل منظارا حقيقيا ،بل ومنظرا وطنيا وسياسيا يحسب له ألف حساب . وهو بهذا المعنى يعطي للصراع القائم بين القياديين مفهوما جديدا بنكهة جديدة ،باعتباره الرمز المعارض والمشارك والناقد في آن واحد .وهو مفهوم جديد لمعارضة جديدة وفق دستور جديد لتحقيق مستقبل واعد ، تتسع فيه كل الافكار المتاحة ،الجميع متفائل ومتفاعل معه ومع مضامينه ،ويبعد الجميع في النهاية عن التوتر السياسي ، ويصبح الرابح فيه المواطن أولا وأخيرا ،مساهمة منه في التغيير لتحقيق العدل والمساواة ، والحفاظ على كرامة المواطن في الحاضر والمستقبل وبناء مسار سياسي حقيقي لكل فئات المجتمع . بقلم توفيق المصمودي نائب الأمين العام الإقليمي لحزب الأصالة والمعاصرة شفشاون