لم يسبق للقاموس السياسي المغربي أن وصل إلى هذه الدرجة من الانحدار ومن الابتذال، إذ تحولت الجلسات البرلمانية إلى حلبة تضج بالسباب والقذف والتجريح وتوظيف مفردات بذيئة تعكس طبيعة التكوين السياسي للسياسيين المغاربة. آخر فصول هذا «السيرك» ما جرى في الجلسة البرلمانية الأخيرة التي حضرها رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران. كان الجميع ينتظر أن تكون الجلسة فرصة لإبراز إنجازات الحكومة والدفاع عن حصيلتها في عمر حكومي يكاد يقترب من أربع سنوات، وكانت فرصة أيضا لفرق المعارضة بأن تبين بأنها تتوفر على بدائل حقيقية وقادرة على مواجهة الحكومة وانتقاد تباطؤ تنزيل برامجها والتخلي عن جزء من صلاحياتها، بيد أن الذي حصل بين مرة أخرى أن الملفات الحارقة التي تنهك القدرة الشرائية للمواطن المغربي ليست في مخيال من صوتوا عليهم غداة الانتخابات. تقول القاعدة إن «الفارغ دائما يدافع عن نفسه بالضجيج»، والأغلبية الحكومية ومعها المعارضة لم تعودا تتقنان شيئا سوى الضرب تحت الحزام، فبعد أن ابتكر رئيس الحكومة مفاهيم «ميتافيزيقية» ليصارع خصومه السياسيين، عاد مرة أخرى ليصفهم ب»السفهاء» وقبل ذلك وظف عبارات «البانضية» و«السلكوط» في مواجهة معارضة هي الأخرى أبدعت في «اختراع» قاموس «بئيس» قوامه «الدجال» و «مناصر للموساد وداعش». ولم تكتف بذلك، بل راحت تنبش في الأسرار الأشد حميمية لوزراء حكومة عبد الإله بنكيران. في البدايات الأولى لحكومة الإسلاميين اعتقد الجميع أن استعمال خطاب متدن راجع بالأساس إلى الجو العام الذي طبع مرحلة ما بعد الدستور الجديد، حيث لم يصدق الإسلاميون أنهم استطاعوا اكتساح الانتخابات التشريعية ل2011 بفارق مريح عن ألد خصومهم، وكانت المعارضة مصدومة مما جرى، فلا تحالف «جي 8» استطاع أن يوقف زحف العدالة والتنمية ولا أحزاب ما يسمى بالكتلة الديمقراطية، ممثلة في الاستقلال والاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية والتقدم والاشتراكية، حققت نتائج مرضية. في هذا الجو المشحون والمفتوح على جميع السيناريوهات، قد يكون من المفهوم جدا أن تلجأ بعض الأحزاب السياسية إلى توظيف قاموس غريب عن الحقل السياسي المغربي، لكن أن تمضي أربع سنوات وتظل هذه الأحزاب متشبثة بمفردات مبتذلة وبذيئة، فذلك يستدعي طرح السؤال: هل أصيبت حقا الطبقة السياسية المغربية بالإفلاس؟ في الستينيات والسبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي كان للسياسة طعم: مشروعان كبيران يتنافسان، مشروع الملك ومشروع أحزاب اليسار، لكن لم يكن القاموس السياسي، يوما، بهذا البؤس والانحدار. تغيرت الظروف كثيرا، وأصبحت الأحزاب السياسية تصارع نفسها، وهو الأمر الذي سيفضي لا محالة إلى إضعاف بنياتها وخلق صراعات ليست في صالحها في الأخير. ولأنها لا تتوفر على مشاريع سياسية وإصلاحية وكذا على تصورات إيديولوجية، فإن هاجس الانتخابات يتحكم في كل حيثيات التدافع السياسي بين الأحزاب. لم تعد «الديمقراطية المغربية الناشئة» تبحث عن التراكم وتسعى نحو الإصلاح العميق والانخراط في المشاريع الكبرى التي ينتظرها المواطنون، بقدر ما صارت شيئا واحدا يتمثل في البحث عن المكاسب الانتخابية بأي وسيلة. هذا هو بالتحديد ما كانت تريده الدولة من أحزاب اليسار أيام كان يزعج الملك الراحل الحسن الثاني، واليوم تحقق لها ذلك بأقل جهد ممكن. صحيح أن الصراع السياسي يقتضي في بعض الأحيان مهاجمة الخصوم السياسيين وتصيد أخطائهم، بيد أن ما وقع خلال جلسة المساءلة الشهرية الثلاثاء الماضي يطرح سؤالا محرجا على الطبقة السياسية المغربية بمختلف تلويناتها، هو: إلى أين يسير السياسيون الحاليون بالمشهد والخطاب السياسيين في مغرب ما بعد دستور الربيع العربي؟
الغالي: الأحزاب غير قادرة على تكريس تقاليد الديمقراطية هل سيلجأ العلمي إلى طلب التحكيم الملكي؟ خديجة عليموسى منذ تولي حميد شباط الأمانة العامة لحزب الاستقلال وخروجه من الحكومة، ارتفعت حدة التوتر بين رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران والمعارضة والتي تعكسها الجلسات الشهرية الخاصة بالسياسات العمومية بالبرلمان، آخرها ما حدث، أول أمس، من عرقلة للجلسة إثر احتجاج نواب المعارضة على وصف رئيس الحكومة لبعض الكلام ب«السفاهة» في سياق حديثه عن القرارات التي تتخذها الحكومة وتجابه بنعوت من قبيل اتهام بنكيران بالعلاقة مع الموساد وداعش والنصرة. ما حدث بآخر جلسة يوضح بجلاء طبيعة الصراع بين بنكيران والمعارضة ويطرح السؤال حول حدود الصراع بين الطرفين مستقبلا؟ والخطوات التي يمكن أن تتخذها المعارضة بعد هذه الجلسة التي وصف فيها إدريس لشكر، رئيس الفريق الاشتراكي بنكيران ب«أكبر سفيه»، ليرد عليه رئيس الحكومة بالمثل. «لا زالت المعارضة في إطار المشاورات من أجل اتخاذ الخطوات المناسبة، لأن البرلمان وصل إلى درجة «التمييع» وقد نصل إلى حدود مقاطعة كافة أشغال البرلمان إذا استمر الوضع على ما هو عليه الآن، ولا يمكن قبول مصادرة حقنا في الكلام ونرضخ لسلوكات التحكم والحزب الوحيد، كما لا يمكن لها أن تستمر في جلسة وهي تسمع السب والشتم»، يقول نور الدين مضيان، رئيس الفريق الاستقلالي للوحدة والتعادلية، في تصريح ل«المساء»، والذي حمل رئيس الحكومة مسؤولية ما حدث لكونه جاء خصيصا من أجل توجيه «سهامه وقنابله» للمعارضة وينعت كلامها ب«السفه»، رغم أنه لم يصدر عنها أي تصرف استفزازي وتعقيباتها كانت في إطار الاحترام، وفق تعبيره. رئيس الحكومة خلال حديثه بالبرلمان كان يتحدث عن الإنجازات التي حققتها الحكومة في مجال خفض الدين العمومي، واستغرب كيف أنه عندما يقدم على إجراءات لمصلحة الشعب يواجه بالسب والكلام السفيه، وهو ما أغضب المعارضة التي احتجت، ورغم أن بنكيران أوضح أنه يقصد بكلام السفاهة اتهامه بموالاة داعش والتخابر مع الموساد، فإن المعارضة أصرت على الاحتجاج عبر الصفير والصراخ في وقت بدأت فرق الأغلبية تصفق لرئيس الحكومة وهو يرد عليها بشارة النصر، ليوقف رشيد الطالبي العلمي، رئيس مجلس النواب الجلسة، ويخبر رئيس الحكومة بأن الجلسة رفعت ولن تنعقد ما دفعه للانصراف ويخبر فرق المعارضة بالشيء ذاته، هذه الأخيرة رأت أن رئيس الحكومة «قدم إلى البرلمان وهو متحامل عليها وأنه استغل البرلمان من أجل الرد على ما تنشره الجرائد في الوقت الذي ينبغي أن يتسم بالاتزان والحكمة والهدوء لكونه شخصية عمومية»، يقول مضيان، الذي اعتبر أن تبرير بنكيران تلفظه بالسفاهة للحديث عن اتهامات شباط مردود عليه، لأنه سبق في كثير من المرات أن قام بالرد على ذلك. ولعل الأسباب التي أدت إلى هذا الوضع هو «الثقافة المغربية السائدة التي يغيب فيها الاعتراف المتبادل الذي هو أساس الديمقراطية، التي تتعلق بالممارسة والتمرين وليس بالخطاب والتي تجد الطريق إلى تأسيس تقاليد في المجال تنبني على الاعتراف والتثمين والالتزام»، يقول محمد الغالي، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاضي عياض بمراكش، الذي اعتبر أن الأحزاب السياسية ما زالت بعيدة عن الحمولة، التي جاء بها دستور 2011 الذي أعطى كل المداخيل لتوزيع الأدوار بين كل الهيئات السياسية، سواء كانت ضمن الأغلبية أو المعارضة. ويرى أستاذ العلوم السياسية، في تصريحه ل«المساء» أن سؤال الإصلاح الذي ليس هو المشكل بقدر ما أن الخلل يكمن في رجال الإصلاح الذين تصدر عنهم سلوكات بغض النظر عمن يكون الضحية ومن هو المعتدي، وهو ما يعكس صورة سلبية عن هذه الأحزاب التي تثبت أنها غير قادرة على تكريس تقاليد الديمقراطية. وبخصوص مستقبل هذا الصراع وإمكانية اللجوء إلى التحكيم الملكي، يؤكد الغالي أنه مع عجز الأحزاب عن تسوية أزمتها الداخلية المتمثلة في عدم الاعتراف ببعضها وفي فقدان الثقة في ما بينها، فإنها ترى أن هذه الثقة ستجدها في طرف آخر الذي هو المؤسسة الملكية، وهو ما يبين درجة الفراغ والأزمة المتغلغلة داخل هذه الأحزاب. ويبدو أن هناك خلفيات تتحكم في هذا الصراع، لأن الدستور حدد للمعارضة آليات ووسائل العمل ويمكن لها أن تقوم بدورها دون مانع، وفي الوقت ذاته لا يمكن تطبيق حكم «الأغلبية»، لأن الديمقراطية هي تمكين الأقلية من ممارسة حقوقها، يقول المحلل السياسي، الذي يعتقد أن المشكلة أبعد عن الأمور التقنية ومرتبطة بالثقافة السائدة وبالتأطير والتكوين الكلاسيكي والتقليدي داخل هذه الهيئات. وفي انتظار ما ستؤول إليه الأوضاع، فإن رئيس الفريق الاستقلالي للوحدة والتعادلية، أكد ل«المساء» أن رئيس مجلس النواب أخبرهم بأنه قام باللازم ويجري اتصالاته وينتظر الأجوبة على ذلك، وهو ما فهم منه أنه العلمي قد يلجأ إلى التحكيم الملكي في إطار الفصل 42 من الدستور، الذي ينص على أن الملك هو « الحكم الأسمى بين مؤسساتها، يسهر على احترام الدستور، وحسن سير المؤسسات الدستورية، وعلى صيانة الاختيار الديمقراطي».
إحزرير: ما يقع بين بنكيران ومعارضيه «سيرك» و«مناورة» قال إن المعارضة لن تعود إلى إقحام الملك في صراع حزبي انتخابي حاورته حليمة بوتمارت يعتبر عبد المالك إحزرير، أستاذ العلوم السياسية بجامعة المولى إسماعيل بمكناس، أن ما يجري اليوم بين مختلف المكونات السياسية موقف سياسي مناور يفتقد إلى عمق فكري مقنع ولا يعكس مجهودا فكريا لاستنبات الديمقراطية، لافتا إلى أن «الرأي العام لا ينظر بعين الرضا إلى النخبة التي فقدت عقلها السياسي والدستوري إلى درجة أن بعض مكوناتها لم تستطع التمييز بين الأحزاب والمؤسسات الدستورية، أكثر من هذا فأحزابنا تفكر خارج الدستور». إحزرير يرى في هذا الحوار مع «المساء» أن ما وصفه بالصراع المجاني سيؤثر على مزاج الناخبين، وسيكون له الأثر السلبي على العملية السياسية والانتخابية برمتها. – بعد الجدل الذي أثاره وصف عبد الإله بنكيران، رئيس الحكومة، لخطابات المعارضة «بالسفاهة»، يطرح سؤال: إلى أين يسير المشهد والخطاب السياسيان في مغرب ما بعد دستور الربيع العربي؟ من خلال هذا السلوك، يبدو لي كباحث أن ثقافة المشاركة وحقل الدولة الحديثة التي بدأناها منذ سنة 1962 لم تنغرس بعد في طبقتنا السياسية، فما بالك بالمجتمع، وأن هذه الثقافة هي نتاج تثاقف مفروض، وهذا ما ذهب إليه فريق من الباحثين المغاربة وغيرهم، ولأننا رغم تجاربنا السياسية لم نستوعب بعد أهمية المأسسة ومحاسن الدستورانية والديموقراطية التي لطالما ناضل الجميع من أجلها لنصل إلى دستور 2011، وأمام هذه الأحداث المتكررة وتبادل الكلمات القدحية ك»الباندي» والسفيه و«المافيوزي» وغير ذلك، يبدو لي أن أي انطلاقة سليمة لإدراك أبعاد النسق السياسي المغربي يجب أن تستبعد القراءة القانونية الدستورية، وأن تعتمد على القراءة الانثروبولوجية للظاهرة السياسية ببلادنا لاستحضار العمق التاريخي لسلوك النخبة، وبالتالي لفهم ما جرى يجب الربط بين أنماط هذه الثقافة وبين مستويات الحقل السياسي. ما يجري اليوم يتعدى اختلاف أصول النخبة ومدى اتسامها بالغموض الإيديولوجي والتحالفات المرنة والالتزامات المصلحية والانتظارية المعروفة لدى أحزابنا إلى الملاسنات والخوض في الأمور التافهة، التي لا علاقة لها بالسياسات العمومية ولا بالمساطر التي يجب احترامها في إحالة السؤال والتقدم بالأجوبة، كما نص عليه الفصل 100 من دستور 2011. خلال المساءلة الشهرية بالبرلمان، أثار تدخل عبد الإله بنكيران فوضى دفعت رئيس مجلس النواب إلى رفع الجلسة، بعدما وصف رئيس الحكومة تصريحات المعارضة بالسفاهة، فتطورت الأمور إلى صراخ وصفير وصف خلاله بنكيران لشكر بأنه أكبر سفيه. هذا «سيرك» ليس نقاشا عموميا، فهذه التصريحات المتبادلة تهيئ لانتخابات سابقة لأوانها، فالحكومة غير قادرة على الدفاع عما تحقق من برنامجها السياسي بشيء من الحكمة. كما أن المعارضة عاجزة عن الإصغاء لاستخراج نقط ضعف الحكومة وإسداء النصح لها. وهذا يذكرني بكتاب عبد الله ابراهيم رحمه الله « صمود وسط الإعصار»، الذي لم يجد من أوصاف ينعت بها إلا وصف « الديموفوضوية»، وهذا صحيح حيث لا يكاد يتكئ حزب على أريكة السلطة إلا تنزع منه بشتى الطرق، فكلما بنى فريق خرب الفريق الذي بعده، وهذا لا يعكس العمل السياسي. – لكن بماذا تفسر تنامي مصطلحات مسيئة باتت تؤثث الحقل السياسي المغربي؟ أفسر هذه الظاهرة بتبخيس العمل السياسي، وهذا يتناقض مع الخطاب الموعظي والأخلاقي للعدالة والتنمية، والخطاب النضالي للاشتراكيين، فهذه المصطلحات تعبر على أن أحزاب الحكومة تبحث عن وظائف و ليس عن سلطة، ورغم الصلاحيات الدستورية للحكومة فهي لا تمارس السلطة، بل لا زالت في خدمة السلطان. وكما تعلمين فإن المقياس الحقيقي والأساسي لدولة ديمقراطية لا بد أن يتجسد في الوجود القانوني والمؤسساتي لمعارضة فعالة. وهنا أتذكر تصريح الملك الراحل الحسن الثاني لمجلة «جون أفريك» في مارس 1979 بأنه لو لم تكن هنالك معارضة سياسية لعمل على خلقها. ورغم توفر كل هذه المكونات فديمقراطيتنا لا تشتغل بالشكل المطلوب، فتنامي هذا الأسلوب في العمل السياسي يؤكد أن النخب تعاني من خلل ما، ذلك لأن دستور 2011 أتى ليؤسس تعايشا تنازعيا بين الحكومة والمعارضة على أساس البرامج. ولهذا جاء الفصل 100 لتكريس فضاء مؤسساتي تواصلي لمناقشة السياسات على رأس كل شهر وليس للملاسنة والتجريح. فيجب أن يكون للنقاش العمومي مرجعية أخلاقية تعتمد عليها الحكومة والمعارضة. – ما هي الرسالة التي حاول بنكيران تمريرها حين أكد أن رئيس الحكومة محصن بالدستور؟ دائما نجد أن أحزاب المعارضة الأربعة تتهم عبد الإله بنكيران باستغلال اسم الملك في الصراع الحزبي، انتهت برفع مذكرة إلى ملك البلاد تطلب تحكيما ملكيا وفق الفصل 42 من الدستور، لأن رئيس الحكومة «يتقوى بالملك»، هذه المؤاخذة ظهرت في سياقات ومحطات سياسية مختلفة كقوله «إن الدولة المغربية لا يسيرها رئيس الحكومة بل محمد السادس» أو قوله « هاد البلاد فيها البركة ديال الله وفيها الشرفاء وفيها سيدنا الله ينصرو» هذه التصريحات اعتبرتها المعارضة تملقا مستمرا للملك. أعتبر أن هذا الكلام جد عادي، لأن الدستور لم يحد من سلطة الملك لأنه سابق عليه، فإذا كانت الحكومة والبرلمان مجبرين على الخضوع له، فإن هذا لا يخص الملك بوصفه أميرا للمؤمنين. ولكن أراد بنكيران تمرير رسالة مفادها تحجيم حقل الدولة الحديثة بفضل دستور أعطاه صلاحية حل مجلس النواب ( الفصل 104 من الدستور ) علاوة على صلاحيات لم تكن لسابقيه. أستشعر كذلك، إذا استثنينا المجال الديني بأنه مسؤول في دولة لتدبير الشأن العام لكل المغاربة وربما يريد أن يعطي لفصل السلط حقه، وليقول كذلك إن الدستور الحالي لم يتضمن توزيعا للوظائف بل للسلط و إلا فلا معنى للمشاركة السياسية والانتخابات، وبالتالي فلا معنى للديمقراطية. – إلى أي حد يمكن أن يذهب الصراع بين بنكيران والمعارضة مستقبلا؟ بعض المهتمين بالشأن السياسي ببلادنا تساءلوا حول مدى قدرة رئيس الحكومة على حل مجلس النواب، لينتهي الأمر بالاحتكام إلى الشعب في انتخابات سابقة لأوانها، أو ستقدم المعارضة ملتمسا للرقابة ( الفصل 105) أو مساءلة الحكومة بواسطة ملتمس لمجلس المستشارين لتفعيل النقاش العمومي ( الفصل 106)، وكان هناك حماس عجيب من طرف الشعب، وكان الناس يتركون أشغالهم ويذهبون لمتابعة أشغال مجلس النواب لأن المعارضة كانت تدرك أن توعية الشعب وإخباره شيء أساسي، حيث فهم الناس ما هي السياسة وما هو دور المعارضة. ففي 13 ماي 1980 كان مجلس النواب على موعد مع صوت المعارضة التي قررت ممارسة حقها الدستوري بتقديم ملتمس الرقابة حسب مقتضيات الفصل 75 من دستور 1972، رغم أن هذا الملتمس يجب أن يقدمه ربع المجلس، بخلاف اليوم الذي يتطلب الملتمس فقط خمس الأعضاء. ولك أن تسألي السيد محمد بنسعيد الذي كان حاضرا عن منظمة العمل الديمقراطي والسيد محمد الوفا عن حزب الاستقلال والسيد عبد الواحد الراضي عن الاتحاد الاشتراكي لتنظري كيف كان يدور النقاش بين المعارضة والحكومة وكيف كان يصنع الخطاب السياسي الرفيع الذي كان يصب في قضايا استراتيجية، فالمعارضة كانت تقوم بالفعل بوظيفتها الدستورية رغم أنه ليس بإمكانها إسقاط الحكومة لأنها تمثل الأقلية، فالنخبة السياسية آنذاك كانت تعتبر النقاش العمومي بمثابة تحديث سياسي وتصحيح ديمقراطي، عوض تبني سلوك خارج الدستور. أعتبر ما يجري اليوم من طرف مختلف المكونات موقفا سياسيا مناورا يفتقد إلى عمق فكري مقنع ولا يعكس مجهودا فكريا لاستنبات الديمقراطية. ما يقع بين المعارضة والحكومة هو فرجة وليس صراعا سياسيا. هناك هالة كبيرة ضد رئيس الحكومة وكأنه يريد أن ينشئ الخلافة على أساس حاكمية الكتاب والسنة وقانون الشريعة، بينما عكس ذلك تبنى الحزب الذي تصدر الانتخابات النهج الديمقراطي كما هو متعارف عليه في الفكر الغربي. – ما تأثير ما وقع على صورة المؤسسات لدى الرأي العام والمواطنين؟ لا شك أن هذا الصراع المجاني سيؤثر على مزاج الناخبين، وسيكون له الأثر السلبي على العملية السياسية والانتخابية برمتها، خاصة ونحن مقبلون على انتخابات جماعية. فهناك انتظارات كثيرة لا يهتم بها رجل السياسة. ولذا فلا نستغرب إذا اتسعت ظاهرة العزوف والنفور من السياسة اللذين يوضحان بجلاء المأزق الذي نحن فيه. ومن خلال استطلاع الرأي الذي تم إنجازه أخيرا، فان أكثر من 87 في المائة لا يثقون في رجل السياسة. إن الرأي العام لا ينظر بعين الرضا إلى هذه النخبة التي فقدت عقلها السياسي والدستوري إلى درجة أن بعض مكوناتها لم تستطع أن تميز بين الأحزاب والمؤسسات الدستورية، أكثر من هذا فأحزابنا تفكر خارج الدستور. – ما هي الخطوات التي يمكن أن تتخذها المعارضة بعد جلسة «السفاهة»؟ وهل يمكنها أن تلجأ إلى استعمال الفقرة الأولى من الفصل 142 من الدستور لطلب التحكيم الملكي أو مقاطعة جلسات المساءلة الشهرية؟ الخطوات التي من الممكن أن تتخذها المعارضة هي المساهمة بالنقد والنصيحة للحكومة. فلا هي قادرة على تقديم ملتمس الرقابة، ولا هي قادرة على طرح البديل البرمجي، بالمقابل، اللجوء إلى الفصل 42 من الدستور غير وارد، نظرا لاستخدامه بشكل غير موفق لعدم استيفاء الشروط الدستورية لتحكيم ملكي في خلاف حزبي-حزبي، فالمعارضة لن تعاود الكرة بالتدخل في مجال العلاقة بين المؤسسات الدستورية: ملكية، رئاسة الحكومة، برلمان، فالخلاف بين بنكيران وشباط ليس قضية دولية أو مؤسسات، فالصراع كما ذكرت آنفا يخفي موضوع التسابق على المقاعد والاستوزار. وفي اعتقادي أن المعارضة لن تعود إلى إدخال الملك في صراع حزبي انتخابي، فعلى الجميع العودة لمناقشة مشاريع القوانين الخاصة بالجهوية والتنمية المحلية وإصلاح القضاء والمنظومة التربوية وإعادة هيكلة الجامعات عوض التطاحن بين الأغلبية والمعارضة وتصفية الحسابات بينهما على حساب الانتظارات. إننا أمام عصر التعقيد الذي يتطلب من نخبنا ذكاء سياسيا على غرار الذكاء الاقتصادي، الذي يعتمد على اليقظة الاستراتيجية لمواجهة ارتفاع حدة المنافسة فكان على رجل السياسة أن يناقش داخل المؤسسات الدستورية إشكالية الندرة، التي تعاني منها الاقتصاديات مع تفاقم شح الموارد ومصادر الطاقة، وأن عملية اللجوء المفرط إلى الدين الخارجي تزيد من المخاطر كل هذا يتطلب إنتاج ذكاء سياسي، ولكن للأسف الشديد ونحن في درجة الصفر من السياسة نصطدم مع إلزامية إقامة حكامة من خلال ذكاء يميز فيه بين الأغلبية والمعارضة. وهذا هو صلب طموحات الدول لكسب المعركة في خلق الثروة وإنعاش الاقتصاد من أجل إسعاد المجتمع، إننا نواجه صراعات متعددة أخطر من البطالة ومن أزمتي التعليم والصحة، إنه صراع حول المياه وحول المعرفة والتكنولوجيا وحول القيم، كل هذا يتطلب إنتاج نخبة سياسية فاعلة ونشطة وقوية بانسجامها.
بنعلي: الخطاب المستعمل ستكون له كلفة باهظة على مستوى نسب التصويت مصطفى الحجري كشف لبطون عارية، وتحوير لكلمات ليصبح لها مدلول جنسي فاضح، وتراشق باتهامات الفساد، وقذف وسب، هي مشاهد وأدوات أصبحت دائمة الحضور لتصريف الخطاب بين السياسيين المغاربة، خاصة تحت قبة البرلمان وفي المهرجانات الخطابية. هذه الحروب التي توظف فيها كلمات تنهل من قاموس الشارع، في استغلال للبث التلفزيوني لاستعراض العضلات بين الحكومة والمعارضة أمام الرأي العام، انفلتت، وأصبحت بدون مكابح، وهو ما جعل عددا من المتتبعين يحذرون من تداعياتها الخطيرة على ما تبقى من صورة السياسي لدى المواطن، وهو ما يمكن أن يجد لاحقا ترجمة في شكل رسالة واضحة وقاسية، من خلال استقطاب جزء مهم من المغاربة للائحة المقاطعين لصناديق الاقتراع. الصادقي بنعلي، حاصل على دكتوراه الدولة في العلوم السياسية حذر من كلفة الخطاب السياسي السائد، وقال إن السياسيين المغاربة يستخفون بعقلية المغاربة من خلال توظيف لغة تنهل من الشعبوية، وتغرق في السوقية والانحطاط. وساوى بنعلي بين الحكومة والمعارضة في استعمال لغة وأساليب لن يكون صداها السلبي مقتصرا على المواطن، بل ستطال أيضا صورة المغرب على المستوى الإقليمي والدولي، بسبب هذه الممارسات التي كان المغاربة يشاهدونها فقط لدى بعض الدول. ويرى بنعلي أن هذا الأمر سيكون له تأثير جد سلبي، وسيرفع من نسبة المقاطعة، خاصة لدى عدد مهم من المغاربة ممن فقدوا ما تبقى لهم من أمل في الفعل والفاعل السياسي، كما سيحد من مفعول أي عملية لتحفيز المواطن على المشاركة الانتخابية، بفعل الصورة التي راكمها السياسي المغربي، والتي أصبحتد مهزوزة، علما أن ضعف نسب التصويت سيطرح سؤال مشروعية المؤسسات التي ستفرزها صناديق الاقتراع. أستاذ العلوم السياسية بكلية الحقوق بوجدة، يعتبر في تصريحاته ل»المساء» أن تمادي السياسيين المغاربة في تصريف خلافاتهم بأساليب تغرف في الابتذال والسوقية سيؤثر أيضا، وبشكل مباشر، على مصداقية الخطاب الرسمي ومؤسسات الدولة. وأشار إلى أن عبد الإله بنكيران، رئيس الحكومة وبحكم منصبه يتعين عليه الترفع عن استعمال بعض المصطلحات، وهو ما سبق أن أشار إليه عدد من المتتبعين من ضرورة فصله بين صفته الحزبية والحكومية، غير أن لجوء المعارضة بدورها إلى استعمال مصطلحات وكلمات تزيد ابتذالا يوما بعد يوم، يجعل رئيس الحكومة في موقف الدفاع أمام المواطن الذي لم يعد يميز بين الخطاب الرسمي والخطاب الشعبي، ولا يميز بين ما يجري في المقاهي وما يجري تحت قبة البرلمان من نقاشات. ورغم أن البرلمان المغربي عرف في الآونة الأخيرة سلسلة من الوقائع المخجلة التي توقع البعض أن تدفع في اتجاه إحداث تقويم لسلوك بعض السياسيين الذي تجاوز جميع الحدود، خاصة بعد واقعة العض واللكم الشهيرة، غير أن الأمور اتخذت وعكس جميع التوقعات، منحى تصعيديا، وهو ما يستدعي، حسب الصادقي، اللجوء بشكل مستعجل إلى مراجعة تمهد الطريق للاستحقاقات المقبلة، الأمر الذي يتعين على المعارضة والأغلبية الانخراط فيه. ويرى عدد من المتتبعين أن الإفراط في استعمال الألفاظ السوقية والكلمات المبتذلة من طرف السياسيين وخاصة منهم القياديين، هو محاولة للتغطية على العجز الذي تعاني منه هذه الأخيرة، ومحاولة لتهريب الأزمات الداخلية التي تعاني منها عدد من الهيئات بفعل الصراعات حول المناصب. وفي هذا السياق، قال الصادقي إنه عوض المقارعة بالبرامج والأفكار الخلاقة القادرة على طرح بدائل جريئة، فإن الأغلبية والمعارضة أصبحتا في سلة واحدة من حيث السقوط في الفعل ورد الفعل، وهو ما سيجعلنا نرفع تحذيرات من كلفة ذلك، ومن وقعه على نسبة المشاركة. وقال الصادقي: «ماذا نتوقع من المواطن الذي ينتظر برامج حقيقية وواقعية تحد من مشاكله، وهو يستمع لأمين عام حزب عريق، يتهم رئيس الحكومة بالانتماء لجبهة النصرة وداعش والتعاون مع جهاز الموساد الإسرائيلي؟». وأرجع الصادقي استعمال مثل هذه الاتهامات إلى انصراف المعارضة عن أداء أدوارها الحقيقية، وانشغالها المحموم بتبخيس عمل السلطة التنفيذية، ولو كان ذلك عن طريق أساليب غير مقبولة لتسارع هذه الأخيرة لاستعمال ردود من نفس الطينة، «ما يجعل المواطن المغربي يشكل قناعة بأن لا المعارضة، ولا الحكومة تمثلانه، وبالتالي لا فائدة من استعمال حقه الدستوري في التصويت، لأن الأمر لا طائلة منه في ظل هيمنة نفس الوجوه على المشهد السياسي». ونبه الصادقي إلى أن غرق الأحزاب في هذه الحروب يتناقض مع أهم أسباب وجودها والمتمثل في تأطير المواطن، وإحداث وعي سياسي لديه، وقال: « نسجل حاليا غياب الأحزاب، وهو ما أحدث حالة فراغ حاولت بعض الجمعيات ملأه بحكم أن الأحزاب لم تعد لها علاقة مباشرة بالمواطنين، ما يطرح تخوفات كبيرة حول نتائج ذلك في ظل انحسار دورها، وانشغالها بالهاجس الانتخابي والمكاسب السريعة، دون أي مبادرة لتحسين صورتها وعلاقتها
بوغالم: رهان الأحزاب هو أصوات الناخبين وليس الرقي باللعبة السياسية المهدي السجاري اتهمه حميد شباط، الأمين العام لحزب الاستقلال، بربط علاقات مع تنظيم «داعش» و«النصرة» وجهاز المخابرات الإسرائيلي، فما كان إلا أن تحين عبد الإله بنكيران، رئيس الحكومة، الفرصة للرد بقوة ناعتا الزعيم الاستقلالي ب«السفيه» الذي ينطق بالسفاهات. هكذا تحول الخطاب السياسي بين المعارضة والحكومة من مقارعة البرامج وطرح البدائل، واستغلال الآليات الدستورية للرقابة، إلى خطاب ينهل من السب والقذف الشيء الكثير. فبعدما دشن بنكيران قاموسا سياسيا يعتمد لغة الترميز باستعارة أسماء الحيوانات، انضم زعماء سياسيون لتكريس «الخطاب الشعبوي» بلغة أصبح معها الصراع السياسي يعتمد على مفاهيم وتأويلات دونية. أمام هذا المشهد المسيء للحياة السياسية، يقف المواطن، على بعد أشهر قليلة من الانتخابات الجماعية، في موقف الحائر أمام خريطة سياسية وزعماء حزبيين لا يتوانون عن اتهام بعضهم البعض بالفساد، إذ لم يسلم قياديون في أحزاب المعارضة كما أحزاب الأغلبية من الاتهامات العشوائية بالتورط في قضايا مختلفة. تحليل انحرافات الخطاب السياسي تكشف ميل القيادات الحزبية نحو شخصنة الصراع، الذي ينتقل من انتقاد البرامج وتأثيرها على الحياة اليومية للمواطنين إلى اعتماد مضمون سياسي مفعم بمفاهيم ترسخ في ذهن المغاربة تصورات عن فساد الفاعلين السياسيين وعدم قدرتهم على حل المشاكل التي تعانيها البلاد. عباس بوغالم، أستاذ العلوم السياسية بجامعة مولاي إسماعيل، اعتبر في حديثه ل«المساء» أنه كلما وقعت مشادات واحتكاكات بين السياسيين إلا وتم التمادي في هذا الخطاب عوض الإقلاع عنه. والسبب، حسب بوغالم، هو أن المعركة اليوم أصبحت تدور حول المضمون الشفاهي والخطابي، على اعتبار أن الأحزاب لا تتوفر على مقومات المنافسة البرامجية، ولم تعد حمالة لمشاريع مجتمعية يمكن أن تقنع بها مختلف الأطراف، وبالتالي فوسيلتها الوحيدة هي المزايدات السياسية لاستهداف فئات شعبية عريضة من المجتمع. ويرى الأستاذ الجامعي أن إشكالية الخطاب السياسي مرتبطة بطبيعة النخبة السياسية الموجودة اليوم، والحال أن اللحظة التي يعيشها المغرب تقتضي وجود نخبة متجددة ومواكبة لهذه المستجدات، عوض هذه القيادات التي تتقاسم مجموعة من المميزات والخصائص، بالنظر إلى أنها تنتمي لما يسمى ب»التيار الشعبوي». وأكد في هذا السياق أن «مجموعة من الأمناء العامين تمثل شخصيات معروفة بخطابها السياسي سابقا أو حاليا، ولا يمكن مطالبتها بشيء جديد، خاصة أنها اختيرت للقيام بهذا الدور، إذ أنها تعتمد خطابا سياسيا مثقلا بمفاهيم لا ترقى إلى الحد من الممارسة السياسية العادية، وهو ما من شأنه أن يؤزم المعضلة السياسية في المغرب وتنفير العديد من المواطنين». لكن ما الذي يجعل بعض القيادات الحزبية تعتمد خطابا سياسيا «مبتذلا» في صراعاتها؟ وهل الوصول إلى أكبر عدد من الأصوات يبرر استعمال مختلف الأساليب، حتى اللاأخلاقية، في هذه المواجهة المفتوحة؟ سؤال يحلله الخبير السياسي عباس بوغالم بالقول إن تبني خطاب سياسي شعبوي هدفه هو التنافس على أصوات الناخبين، على اعتبار أن جزءا مهما من التركيبة البشرية في المغرب يستهويه هذا الخطاب. وأوضح أن المشادات والاحتكاكات التي تقع بين القيادات السياسية تستقطب اهتمام المواطنين، وهو ما يبرز من خلال مشاهدة نسبة كبيرة منهم للفيديوهات التي توثق هذه الصراعات، مما يعطي لهذه الأحزاب مبررا للتمادي في هذا الخطاب. هذه الصراعات والسجالات تحقق لهذه الأحزاب وجودا إعلاميا، وفق تحليل عباس بوغالم، على اعتبار أنها لم تعد لها من ورقة لتقنع المواطنين، وتحاول ضمان هذا الوجود ولو انطلاقا من هذه «الفضائح» والممارسات المبتذلة. وذهب بوغالم إلى أن تبني خطاب يرقى إلى مستوى الممارسة السياسية العقلانية كما هو موجود في كثير من الديمقراطيات، من شأنه أن يجعل بعض الأطراف في موقع ضعف، وهو ما يفسر نزوع قيادات سياسية إلى اللعب على قاموس ومفاهيم تستهدف بعض الفئات العريضة من المجتمع المغربي. واعتبر أستاذ العلوم السياسية أن تبني أي خطاب يتماشى مع الممارسة الديمقراطية الحقيقية قد يدفع بعض الأطراف إلى المحافظة على مراكز قوتها، وهو ما يجعل الأحزاب الأخرى، خاصة في المعارضة، تلعب على هذا الوتر، وتتبنى خطابا مفاهيميا له حمولة على مستوى المخيال الشعبي. وزاد قائلا: «رهان هذه الأحزاب ليس هو الرقي بالممارسة الديمقراطية واللعبة السياسية إلى مستوى يستجيب لتطلعات المغاربة، وبشكل خاص للفئات المثقفة، بل إن بؤرة اهتمام هذه النخب هي محاولة استقطاب أكبر قدر من الأصوات بأي كلفة، حتى وإن كان ذلك على حساب مستقبل الممارسة السياسية في بلادنا». اليوم يواجه المشهد السياسي المغربي تحديا كبيرا في احترام قواعد التنافس التي دهسها الكثيرون، وإعادة الثقة إلى جمهور المواطنين الذين سيدعون إلى التوجه إلى صناديق الاقتراع لاختيار ممثليهم. فاستمرار قيادات سياسية في نهج خطاب «مبتذل»، من شأنه أن يزيد في تعميق أزمة الثقة في الأحزاب السياسية والسياسيين.