إذا كانت تجربة التناوب على الحكومة في المغرب قد أفرزت النتائج التي يعرفها الجميع فإن هناك تناوبا موازياً لم ينل الاهتمام الكافي بالنظر إلى انعكاساته على النسق السياسي والتي قد تتجاوز أهميتها نتائج التناوب الحكومي ويتعلق الأمر إذن بالتناوب على المعارضة، فقد خلف دخول أحزاب الكتلة إلى الحكومة فراغا ملحوظا في كرسي المعارضة على اعتبار أن أحزاب الأغلبية السابقة ظلت مرتبطة جوهريا وشكليا بالحكم ولم يكن ظهور أي منها مرتبطا بحاجة مجتمعية أو بنقاش فكري أو إيديولوجي. ففي هذه الحالة من الضعف البنيوي تنظيميا وسياسيا ، تبادلت المعارضة مع السلطة الأدوار، بحيث تحول الحزب المعارض إلى سلطة في فترة معينة ، وتحول حزب السلطة إلى حزب معارض في فترة أخرى ، وهكذا يتم الصراع والاختلاف بين الطرفين. ومن المؤسف انه لا توجد في المغرب ثقافة خاصة بالمعارضة لأن الأحزاب السياسية المغربية ظلت حاضرة في المشهد السياسي فقط بكياناتها و غائبة في روحها ، وعلى الرغم من كل المقومات الديمقراطية فهي تنظر إلى الواقع بعيون لا تسمح بالنظر إلى ابعد ما دونها وأنها غالباً ما تتقيد بسياسة وثقافة الارتياب من الآخر وبذلك تحاصر نفسها بجملة كبيرة من العدائيات ضد الآخر إلى حد يجعل الآخر يعاديها ويرفضها فكراً وسلوكاً وممارسة، وهذه الثقافة والتي يمكن أن نطلق عليها اسم"ثقافة الارتياب" قد أثرت سلباً على العمل الحزبي التعددي وهذا ليس تخميناً ولكن هذا الذي بات يلاحظ بصورة واضحة على المشهد الحزبي في بلادنا . وفي ظل هذا المناخ يتساءل المواطن المغربي و المهتم بالشأن السياسي عن تعريف واضح وتوصيف منطقي وحقيقي للمعارضة التي نريد ، وبات من اللازم أيضا طرح الأسئلة التالية:هل هناك في المغرب معارضة حقيقية و مسؤولة ؟ وكيف يمكن للأحزاب المشكلة في السابق بإيعاز من السلطة،و التي كانت بمثابة فرقة إغاثة النظام أن تمارس المعارضة ؟ فهل نحن إذن بحاجة لمعارضة مثالية تحلم بالمدينة الفاضلة مجرد حلم وبدون أي أمل في التحقيق ؟ أم نحن بحاجة لمعارضة باهتة لمجرد المعارضة فقط ؟وهل نحن بحاجة لمعارضة كمعارضة بعض الرموز المكشوفين الذين لهم أجنداتهم الخاصة جدا ومصالحهم وحساباتهم الضيقة جدا والذين لا هم لهم إلا تحقيق مصالحهم الشخصية فقط دون التفكير في مصلحة الآخرين ؟ أم نحن بحاجة لمعارضة أولئك المتضررين الذين يحاولون اللحاق ولو بلحسة من طبق الوطن إذ فاتهم ذلك ولم يتح لهم استغلال المنصب والوظيفة حيث غادروها إلى التقاعد ويحاولون العودة علّهم ينجزون ما فاتهم ؟ أم معارضة طلاب المال والجاه والكراسي وشراء الذمم والتزوير والعبث بمصالح الوطن ؟ نعم ما هي المعارضة التي نريد ؟هل هي كمعارضة الذي يهذي بما لا يعرف أم الذي يعيد اسطوانته المشروخة منذ أعوام بذات النغمة واللحن والمفردة بدون تغيير وبلا منطق ؟ قبل الإجابة عن هذه الأسئلة ، لا بد أن نؤكد في البداية أن مفهوم (المعارضة) يعتبر من تلك المفاهيم المُلتبسة التي ينبغي تحرير و ترشيد معناها ومؤداها في ثقافتنا السياسية المعاصرة على وجه الخصوص والذي نريده إذن في هذه المقالة على وجه التحديد هو إعادة النظر جذريا في ثقافة المعارضة وأخلاقياتها. ولعله من نافلة القول أن نؤكد بدورنا أنه ليس من السهل أو اليسير تعريف مفهوم المعارضة السياسية، أو تحديد هويتها بشكل دقيق وواضح، السبب في ذلك يعود إلى اختلاف هذا المفهوم بين طرف وآخر تبعاً لإطاره السياسي، أو للمرجعية الأيديولوجية التي يستمد منها منظومته المعرفية، مما يفسح المجال أمام تعدد وتنوع تعريف المعارضة، فنظر إليها البعض من قناة معناها اللغوي ، إذ تأتي كلمة «معارضة» في اللغة العربية بمعنى «الاحتجاج، المخالفة، الممانعة»، وبذلك وضع تحت يافطتها كل من عارض أو اعترض على الواقع القائم، دون النظر إلى محتوى هذه المعارضة أو بنيتها، إلى حد أنه لصق صفة "معارضة" على تلك الجماعات البشرية التي تنأى بنفسها عن أنماط التكيف مع المجتمع وتأنف عن المشاركة في أنشطته المختلفة.... في حين رفض آخرون تحويل هذا المصطلح إلى عباءة فضفاضة ينزوي تحتها كل من هب ودب، واعتمدوا مفهوماً يقتصر على القوى التي تحمل مشروعاً جذرياً لقلب المجتمع وبناء نموذجها البديل على أنقاضه وبين هذا وذاك نهض رأي ثالث يرفض تعبير " المعارضة بشكل عام " ويؤكد على ضرورة قرنها بصفة تنسجم مع حدود ومحتوى البرنامج السياسي وأشكال النضال الذين على أساسهما تعارض ماهو قائم . وفي الديمقراطيات العريقة، يأتي معنى المعارضة السياسية بأنها «انتقاد حزب من الأحزاب أو فئة لأعمال الحكومة أو السلطة والتصدي لها بإظهار عيوبها» و تلبس المعارضة لباس نقيض السلطة لإظهار عيوبها، ومراقبة أدائها، عندما تكون تلك الحكومة ممثلة عن الشعب، فالشعب اختارها من أجل إصلاح حالها، و أيضاً اختارت المعارضة لكن بدرجة أقل لمراقبة السلطة. فالمعارضة إذن ليست كلمة وبهرجة، بل هي بناء في النظام الديمقراطي، عندما تتسلم الأغلبية السلطة في الدول التي لديها هذا النظام، تلجأ الأقلية في النظام ذاته إلى المعارضة لمراقبة الأكثرية التي يجب ألا تلجأ إلى استخدام ما لديها من غالبية لتفرض على الناس ما تشاء من قوانين، أو لتستخدم صلاحياتها استخداماً سيئاً لا ينسجم مع القانون. فالمعارضة إذن صمام أمان في وجه السلطة ذات الغالبية لضمان عدم ديكتاتورية الأغلبية، وهذا في النظم الديمقراطية المتطورة التي يكون فيها الشعب وحده مصدر السلطات. وعلى هذا الأساس، فقد آن الأوان لدفع مفهوم المعارضة السياسية في المغرب خطوة إلى الأمام، واعتبار المعارضة المنشودة التي تستحق هذا الاسم، قولاً وفعلاً، هي " المعارضة الديمقراطية " والتي تلتف حول برنامج عام للتغيير الديمقراطي وتنظم ممارساتها وسائل سلمية علنية وصريحة تقوم على مبادئ حرية الرأي والتعبير، فاتحة ذراعيها لاستقبال كافة المنظمات و الهيئات والشخصيات الديمقراطية، من أي موقع جاءت، مع التأكيد أن مثل هذه المعارضة تبقى على مسافة واضحة وبينة، من كل القوى التي تتنكر لوسائل النضال الديمقراطي السلمي، أو التي مازالت تحمل في أحشائها بديلاً سياسياً معادياً للديمقراطية، قومياً كان، أو شيوعياً، أو إسلامياً. وتعتمد المعارضة المتقدمة والمتطورة التي تأتي منسجمة مع معارضة الدول المتقدمة والديمقراطية؛ على لغة الدليل والحجة والمنطق والعقلانية، ولن تكون أبداً لغة الدفاع عن السلطة. وإذا كان الأمر كذلك فأية معارضة إذن نريد في مغرب اليوم ؟!.. إننا في مغرب اليوم، لا نريد معارضة لا نرى منها أي عمل جاد سوي الصخب الإعلامي بلا فائدة، معارضة تكتفي فقط بمهاجمة الآخرين دون طرح البدائل على الشعب وبدون العمل حتى على تحسين صورتهم هم أولا. بمعنى أخر فالمعارضة التي نريد لا تقتصر فقط على نشر الغسيل، أو إذاعة الأسرار، ولا تحكمها إطلاقا الحسابات الذاتية والمصالح الحزبية الضيقة، و لا تستخدم وسائل بيروقراطية أو سلطوية إن صح التعبير لنصرة أفكارها ومواقفها الخاصة والتي تتنافى وتتناقض مع الروح الديمقراطية التي تدعوا ليها. فإن الأحزاب التي تدعى بأحزاب المعارضة يجب أن تقوم بالنقد من أجل تفعيل الإمكانيات لتحقيق التطوير والتطور، وليس بقصد التجريح والمس بكرامة هذا أو ذاك كما أصبحنا نرى في بعض جلسات مجلس النواب و المستشارين. وهكذا، فإن العمل السياسي في صيغة المعارضة لا يعني إلا المنافسة الشريفة من أجل الرفع من شأن الوطن والمواطنات والمواطنين ؛ ففي ظل المنافسة الجادة فإن الغلبة تكون للفكرة المفيدة، وللمشروع العملي. فالمعارضة التي نريد هي تلك التي تقوم بطرح المشاريع المختلفة أمام المواطنين والمواطنات لاختيار أفضلها وأكثرها توافقا مع مصلحتهم في مجتمعهم؛ معارضة تؤمن بأن الصراع الحقيقي ليس بين الأشخاص وإنما بين الأفكار، والحلول الممكنة التي تقترح لصنع التنمية المادية والثقافية والفكرية. ولقد باتت المعارضة الحقيقية حاجة ملحة كما الخطط التنموية والإستراتيجيات المستقبلية الضامنة للقادم من الأيام، وحتى المواطن العادي بدأ يفكر ببعض الذي يسمع ويرى ويضع الأمور في ميزان المصلحة العليا للبلاد فيخلص إلى أن المعارضة يجب أن تكون وأن تأخذ مكانها في صفحة حياة المواطن والمجتمع كصمام أمان يحمي مصلحته ويدافع عن حقه في الحياة الكريمة وحصته من مجتمعه في مكتسباته وحقوقه واستحقاقاته. إن تغيير سياسة المعارضة أصبح أمرا واجبا ولابد من طرح البدائل على الشعب بالاقتران مع نقد السلطة الحاكمة والنزول إلى الشارع لإقناع الناس بأفكارهم. فمن حق المعارضة أن تنتقد وتعترض وتراقب عمل الحكومة وتستجوب رئيس الوزراء والوزراء في أي شأن من شؤون المجتمع والدولة وفق آليات دستورية وقانونية وتقديم المقترحات والبدائل لتصحيح الخطأ والخلل هذا من جهة ومن جهة أخرى فانه على المعارضة أن تحترم وتعترف بسلطة الحكومة المنتخبة كما يجب على الأغلبية أن تحترم الأقلية السياسية وتتعاون معها لأجل الصالح العام فهذه الأقلية لاينبغي لها أن تقوم بالمعارضة لأجل المعارضة بل إن المعارضة تشكل جزءا متمما للنظام السياسي وقد تكون غدا في الحكومة والعكس. إن دور المعارضة طبيعي و يرتبط بطبيعة الإنسان بالاختلاف فمن غير الممكن أن يتشابه الناس في أفكارهم جميعا أو نحصل على إرادة إجماع في قضية ما لأن الإجماع هو (فشل) في الحقيقة لأجل حل الاختلافات بشفافية وبعقلانية لتلافي تعطيل أي قرار يخدم المجتمع لذلك يفترض بالأحزاب السياسية أن تعترف بأن المواقف والآراء السياسية هي في الحقيقة (غير ثابتة) دائما فهي قابلة للتغيير وان الموافقة والوصول إلى رأي في قضية ما لا يتمان في كثير من الأحيان إلا من خلال ( التعارض ) في الأفكار ووجهات النظر الذي يجري من خلال النقاش الحر والعام سلميا. فمغرب اليوم يحتاج إلى معارضة قوية ذات برامج واضحة هادفة ، معارضة تصوغ أهدافها ضمن الأهداف العامة للمجتمع، والتي تؤمن بمبدأ العدالة وتطبقه أولا بين كوادرها، وهذه هي المعارضة الأبقى والأسرع وصولا إلى الهدف . و تعرف أنظمة الحكم الديمقراطية تمامًا كيف تستثمر رأي المعارضة في كل مشاريع القوانين التي تنوي سنها، أو الأنظمة والتعليمات التي تنوي تطبيقها، أو التعديلات التي تنوي إجرائها. وفي كل ديمقراطيات العالم تعتبر المعارضة الرشيدة المسؤولة ضرورة، إذ لا يمكن أن يستوي الحكم إلا بها، ولا يمكن أن تكون هناك مساحة للديمقراطية وأن تجد هذه الديمقراطية سبيلاً للتطبيق، إلا بوجود المعارضة القوية الرشيدة. وإذ تعتبر المعارضة المسؤولة الرشيدة صمام الأمان الحقيقي للدولة الديمقراطية حيث تمنع الدولة من الانزلاق إلى الهاوية في كثير من الأحيان، عن طريق وضع اليد على الجُرح من جهة، وعن طريق السعي لتطبيق برامجها عندما تتاح لها الفرصة لذلك، على اعتبارها واحدة من أدوات التغيير. إننا ، في مغرب اليوم نريد معارضة مسؤولة ورشيدة ، تبني آراءها على دراسات، ينتج عنها بلورة المواقف تجاه الأحداث، وتعتمد الحجة والمنطق في طرحها، وفي حواراتها ونقاشاتها، وتعتمد في أغلب الأوقات لغة الحوار للوصول إلى الهدف، ومن ثمّ تكون الأقدر على صياغة الأهداف وتحديد الوسائل وفق منهجية مقبولة لدى الشارع بشكل عام، وترتكز على جوهر الأشياء وبعيدة عن التسطيح والتحاور في العموميات مما يجعلها مؤهلة أكثر من غيرها لاستقطاب الشارع وبالتالي مرشحة للوصول إلى الحكم أكثر من غيرها. و يجب على الأحزاب والحركات السياسية المغربية أن تعي جيدا ماهية المعارضة ودور المعارضة لا لأجل المعارضة بحد ذاتها بل لتنشيط دورة الحياة السياسية للوصول إلى عمل حكومي وسياسي يخدم المواطن المغربي أولا وأخيرا فالواقع السياسي المغربي يشير إلى ضعف في فهم ودور المعارضة فاغلب الأحزاب السياسية تركض نحو الجلوس على مقاعد الوزارة وهذا مهم جدا ولكن من يقوم بدور المعارضة؟ نحن نحتاج إلى معارضة فاعلة وسلمية وواقعية . أن المعارضة المسؤولة الرشيدة التي نريد ، هي المعارضة الوطنية الملتزمة بثوابت الوطن، التي تحمل برنامجًا واضحًا قابلا للتطبيق، معارضة تسعى بالوسائل السلمية للوصول إلى الحكومة، وتعتمدها كوسيلة للوصول إلى تحقيق الأهداف عن طريق الإقناع والاقتناع، معارضة منفتحة على الجميع، تؤمن بلغة الحوار، وتحتكم إلى صناديق الاقتراع وتقبل برأي الأغلبية، معارضة بعيدة عن الشخصنة ، ولا تحمل أهدافًا غير الأهداف الوطنية والتنموية التي يسعى الجميع إلى تحقيقها، معارضة تفهم معنى الحرية على أنه عدم الاعتداء على حرية الآخرين، وتعرف أن لهذه الحرية حدود يجب عدم تجاوزها، معارضة حريصة على الوحدة الوطنية ، معارضة تعتمد في نهجها على التواصل مع الجماهير وتسعى لحل مشاكلهم بدلا من أن تصبح ظاهرة صوتية تنتشر في البرامج الحوارية . ويجب إذن أن يتمحور معنى المعارضة الحقيقية في مغرب اليوم حول مفهوم (المشاركة)، سواء كانت تلك المشاركة على مستوى إعادة صياغة الثقافة السياسية نفسها أو على مستوى تقديم الرأي والمشورة أو حتى على مستوى الإسهام العملي في صناعة السياسات العامة، لأنه بالنظر إلى طبيعة الإنسان الاجتماعية والتي لا تجعله في أي حال من الأحوال أن يؤدي رسالته ويقوم بواجباته في دفع عجلة الحياة إلى الأمام بمفرده وصولا إلى الرقي الذي يطمح له كل فرد في المجتمع مهما بلغت قدرات ذلك الفرد، فلابد له من الحاجة إلى الآخر كما حاجة الآخر إليه. من هنا فإن الأحزاب السياسية ببلداننا في حاجة إلى التعلم من الممارسة والنظرية معا، وفي حاجة ماسة إلى برنامج تلتزم به من أجل تجسيده عمليا؛ كما أن كل حزب يختار صف المعارضة؛ يجب عليه أولاً تحديد من يعارض، وما هي أهداف معارضته، وماذا يريد؟ وخصوصاً أن المعارضة لا تولد فجأة، بل تأتي نتيجة حراك متراكم طويل المدى واضح للعيان انه السلوك الذي يجب أن يسود في مغربنا الجديد تماشيا مع توجه جديد مرجعيته دستور جديد، خصوصا وقد تعددت منابر التعبير وفتحت أبوابها بعيدا عن كل تحكم. ولعل ما تحتاجه حقا هذه الأحزاب اليوم أكثر من أي وقت مضى ، هو التحرر من كوابح الماضي وآلامه وتعقيداته، وأن تبني وعياً جديداً، لا يأخذ الديمقراطية وسيلة تسعى من خلالها إلى تحقيق هدف ما أو اكتساب نصر سياسي عابر، بل كونها، غاية بحد ذاتها، تفرض على الجميع أن يتعلم ويعلم كيف ينصهر في بوتقتها، فكراً وسياسةً وسلوكاً. وتأسيسا على ما ورد ذكره ، يبقى واردا بان نقول : إن المعارضة حالة سياسية صحية وحاجة عصرية ماسة وأسلوب حياة ديمقراطي مطلوب، فوجود المعارضة الحقيقية و المسؤولة ضرورة كقيمة سياسية ديمقراطية لأجل تقويم وأداء عمل الحكومة فيما إذا أخفقت، لان أعضاء الحكومة هم من البشر يتعرضون للأخطاء والهفوات ومن هنا يبرز دور وأهمية المعارضة المسؤولة و الرشيدة في المراقبة والمساءلة ومن ثم التقويم العام، فالمعارضة أخيرا هي ليست لأجل الصراع من اجل البقاء بل هي تنافس لخدمة الصالح العام . وأظن لو أننا في المغرب فهمنا جيدًا دور المعارضة الحقيقية والرشيدة لما وصلنا إلى ما نراه الآن، حيث تحولت المعارضة - في كثير من الأحيان - إلى زعيق صوتي وملاسنات كلامية في مجلس النواب بغرفتيه أو في بعض البرامج الحوارية بقنواتنا التلفزية ، كما أنها ابتعدت بشكل كبير عن التواصل مع الجماهير وحل مشاكلهم وتأطيرهم ، وبنت حساباتها على الخصومة السياسية، التي ربما تهدم أكثر مما تبني.