أجمع المشاركون في الندوة العلمية المنظمة من طرف مركز الأبحاث والدراسات في شؤون الهجرة بتطوان بشراكة مع الكلية المتعددة التخصصات بتطوان، مساء يوم الجمعة 20 مارس 2015، بمقر المركز بالحي الإداري، على أهمية المشاركة السياسية لمغاربة العالم في مختلف الاستحقاقات القادمة المحلية والجهوية والوطنية في بلدهم الأم، باعتبارهم مواطنين مغاربة، وانسجاما مع مضامين دستور 2011، مؤكدين على مبدأ المساواة بين المواطنين الذي يسمح بتمتيع هؤلاء المواطنين بالخارج بالحقوق نفسها التي يتمتع بها إخوانهم داخل الوطن الأم، معتبرين أن المشاركة السياسية لهذه الفئة تعد الآلية الحقيقية للانتقال المؤسساتي، وأنها المدخل الحقيقي لتحقيق المطالب والضغط على صناع القرار ببلادنا. وأكد الدكتور خالد بنجدي أستاذ العلوم السياسية بجامعة عبد المالك السعدي في مداخلته خلال الندوة، والتي تميزت بحضور الفوج الثاني لطلبة ماستر القانون وسائل الإعلام، وعدد من الفاعلين الجمعويين والمهتمين بقضايا الهجرة، على أهمية موضوع الندوة "نظرا لراهنيته". مشيرا إلى "أن هذه الفئة من المواطنين تريد أن تساهم في مسار التنمية الاقتصادية والاجتماعية لبلادنا، ومختلف الأوراش السياسية والاستحقاقات القادمة". وأضاف "أنه حينما نريد أن نتحدث عن المشاركة السياسية لهذه الفئة داخل بلدهم الأم، فإنه تطرح العديد من التحديات والصعوبات". مضيفا "أنه أحيانا قد تكون هذه المشاركة لا تلبي كل تطلعاتها وانتظاراتها". واعتبر "أن نجاح هذه العملية وتقوية الثقة بين المواطنين في المهجر وبلدهم الأم، مرتبط بتأهيل وتخليق العملية السياسية والانتخابية". مبرزا "أنه كلما كان إقبال واسع لهذه الفئة على صناديق الاقتراع لاختيار ممثليهم، كلما كان الدفاع عن قضايا الوطن ومؤسساته قويا". وبخصوص الأبحاث والدراسات العلمية حول قضايا الهجرة ببلادنا، أشار د. خالد بنجدي إلى "أنها قد تكون جد محتشمة وقليلة". مضيفا "أنه إذا اطلعنا على رصيد الرسائل والأطروحات بجامعة عبد المالك السعدي، قد نجد غيابا مطلقا لهذه الدراسات". متسائلا في هذا الإطار، "كيف يمكن أن نتحدث عن المشاركة السياسية لهذه الفئة وقضايا الهجرة، ونحن نفتقد إلى الآليات العلمية والمؤطرة لهذه الظاهرة؟، وإلى غياب للمصادر والمعطيات حول الموضوع". مضيفا "أنه عند مقاربتنا لهذا الأخير، ينبغي أن تكون لنا فيه الجرأة العلمية، وأن يعالج بمقاربات وزوايا عدة لفهم الظاهرة فهما علميا، باعتبارها ظاهرة معقدة ومتشعبة". كما تساءل أيضا حول"ماذا قدمت الأحزاب السياسية لهذه الفئة؟". مشيرا إلى "أنه حينما نتابع برامجها وحملاتها الانتخابية، نرى أنها لا تحمل في طياتها ما يطمئن هذه الفئة، خاصة وأن هذه الأخيرة لا ترى فيها ما يعكس همومها ومشاكلها وانتظاراتها وتطلعاتها". وأضاف "أن الأحزاب السياسية إضافة إلى السياسات الحكومية المتبعة في هذا الشأن، لم تستطيع أن تقدم شيئا لهذه الفئة". وفي السياق نفسه، أكد الأستاذ عبد الخالق الشلحي رئيس مركز الدراسات والأبحاث في شؤون الهجرة خلال كلمته، "أن التمثيلية السياسية لمغاربة العالم في مجلسي النواب والمستشارين، لا تفيد شيئا لها ولا تجدي نفعا، باعتبار أن لا علاقة لها بقضايا التشريع التي يشرعها البرلمان المغربي". مبرزا "أن هذه الفئة في حاجة إلى من يمثلها ويدافع عن مصالحها بالدرجة الأولى". وأضاف "أن من يدافع عن المشاركة السياسية لهؤلاء هم فقط مجموعة معروفة بالدفاع عن مصالحها". واقترح في هذا الإطار "خلق خلايا داخل البرلمان" تمثل هذه الفئة وتتكلف بإيصال همومها ومشاكلها وحلها عوض وجود ممثلين عنهم بالبرلمان. كما أقر بوجود رأي آخر في صفوف هذه الفئة من يدافع على مبدأ المشاركة السياسية، وذلك عندما تبين لها عدم اقتناعها بجدوى التمثيلية داخل المجلس الأعلى للجالية المغربية بالخارج الذي تأسس منذ 2007. موضحا أن مطالب الجالية المغرية بالخارج عرفت تطورات حسب مختلف السياقات السياسية والتاريخية التي عرفها المغرب منذ تأسيس تنظيمات الوداديات في عهد الملك الراحل الحسن الثاني، وما خلفته آنذاك من قبول ورفض في صفوف الجالية المغربية، مرورا بإحداث وزارة مكلفة بالجالية المغربية، وتأسيس مؤسسة الحسن الثاني للعمال المقيمين بالخارج، التي أنيط لها التكفل بإنجاز المشاريع الاقتصادية لها، إلى تأسيس المجلس الأعلى للجالية المغربية بالخارج. ومن جانبه، أكد السفير السابق بالاتحاد الأوربي والأستاذ الزائر بالكلية المتعددة التخصصات بتطوان ذ. إدريس قريش، خلال كلمته حول مظاهر الهجرة الإفريقية وتداعياتها على المغرب، "أن عالم اليوم أصبح يولي أهمية كبرى لحقوق الإنسان ويظل منشغلا بقضايا المهاجرين واللاجئين والاتجار بالبشر"، مشيرا إلى"أنه يرى اليوم أن إرساء القيم بمفهومها الإنساني لم يعد وهما بل أصبح حقيقة". وأضاف "أنه رغم تدبير إشكالية الهجرة في إطار الاتفاقيات الدولية المستمدة من ميثاق الأممالمتحدة والإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والعهدين الدوليين للحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية، التي أقرت بحماية العمال المهاجرين، فإنها تتعرض للحيف والاغتصاب، باعتبارها لا تخدم مصالح الدول الكبرى"، قائلا "أن ذلك يعتبر من المفارقات التي تطبع المعاهدات الدولية". وفي سياق متصل، أوضح "أن المغرب من خلال سنه لقانون 02.03 المتعلق بتنظيم الهجرة، يكون قد عالج هذه الظاهرة إنسانيا وقانونيا". مضيفا "أنها رؤية استشرافية وشمولية تجسد الإرادة الملكية، وتعكس بالتالي التزاما ثابتا لصاحب الجلالة في خدمة إفريقيا والنهوض بالعمل الإنساني بها، وتعزيز انفتاح المغرب على جذوره الهوياتية الإفريقية، وتكريس البعد الإنمائي في السياسة الوطنية في قضايا الهجرة"، خاصة بعدما أصبح المغرب عرضة لتوافد مجموعات كبيرة من المهاجرين السريين، وتحوله من بلد العبور إلى بلد الاستقرار والإقامة. مضيفا "أن المغرب تعامل مع ظاهرة الهجرة الإفريقية بنوع من الحكمة وبصدر مفتوح، وانطلاقا من قوة الشعب المغربي منذ التاريخ، التي تقوم على العلاقة الطردية الأساسية، وهي التعددية في إطار الوحدة والوحدة في إطار التعددية". هذا وتميزت أشغال هذه الندوة، بتدخلات وتساؤلات الطلبة الباحثين، تمحورت حول مجموعة من القضايا المتعلقة بالهجرة والمهاجرين المغاربة، سواء في بلدان الإقامة أو بلدهم الأم، والتحديات المطروحة أمامهم بخصوص تفعيل النصوص القانونية لفتح المجال أمامهم للمشاركة السياسية خلال الاستحقاقات المقبلة، فضلا على الوقوف على مدى جدوى أو عدم جدوى هذه المشاركة، وهل أنها قادرة بالفعل على الإجابة على مختلف انتظاراتهم وتطلعاتهم، وخاصة الأجيال الجديدة، ثم بعض الإشكالات المتعلقة بالقضايا الثقافية والهوياتية والدينية لهم.