واصل مقاتلو ما يسمى ب"الدولة الاسلامية" هجومهم على بلدة حدودية سورية، اليوم الخميس، رغم الضربات الجوية التي شنتها طائرات التحالف بغرض إضعافهم، مما دفع آلافا أخرى من اللاجئين الأكراد للتدفق على تركيا وجر أنقرة بشكل أكبر إلى الصراع. وحذر زعماء أكراد، حسب ما اوردته وكالة رويترز اليوم، من أن محادثات السلام مع تركيا ستتوقف إذا تم السماح للمتشددين الاسلاميين بتنفيذ مذبحة في بلدة كوباني الحدودية ذات الغالبية الكردية وذلك فيما يفرض ضغطا على أنقرة كي لا تقف مكتوفة اليدين.
واستولى مقاتلو الدولة الاسلامية على مئات القرى حول كوباني وذبحوا مدنيين في محاولة لترويع سكانها وإخضاعهم وتقدموا لمسافة بضعة كيلومترات من المدينة على ثلاث جبهات.
وقالت الاممالمتحدة اليوم الخميس إن تنظيم الدولة الاسلامية نفذ في العراق عمليات اعدام جماعية وسبى النساء والفتيات واستغل الاطفال للقتال في انتهاكات ممنهجة قد ترقى إلى جرائم حرب.
وأحكم المسلحون السيطرة على معظم أجزاء مدينة هيت في محافظة الأنبار العراقية في وقت مبكر يوم الخميس ويسيطرون بالفعل على البلدات المجاورة وشنوا هجوما بثلاث عربات ملغومة عند مدخلها الشرقي.
وقالت مصادر كردية في مدينة كوباني، حسب وكالة رويترز، إن القوات التي تقودها الولاياتالمتحدة وتقصف أهدافا للدولة الاسلامية في سوريا منذ الاسبوع الماضي أصابت قرية الى الجنوب يوم الاربعاء وترددت أصداء هجمات أخرى أثناء الليل. لكن يبدو أنها لم تفعل شيئا يذكر لوقف تقدم الاسلاميين.
وأوردت رويتر قول "ليلى"، وهي سورية عمرها 37 عاما وصلت إلى معبر يومورتاليك الحدودي مع أطفالها الستة بعد الانتظار عشرة أيام في أحد الحقول على أمل أن تخف حدة الاشتباكات، ان "غادرنا لأننا أدركنا أن الأمور ستسوء."
وأضافت "سنرجع غدا إذا رحلت الدولة الاسلامية. لا أريد التواجد هنا. لم أتصور تركيا حتى في أحلامي قبل ذلك."
وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية في سوريا يشتبكون يوم الخميس مع المقاتلين الأكراد على بعد مئات الأمتار من كوباني.
وقال المرصد ومقره بريطانيا إن الاشتباكات بين مقاتلي الدولة الإسلامية ووحدات حماية الشعب على بعد مئات الأمتار إلى الجنوب والى جنوب شرقي مدينة عين العرب المعروفة باسم كوباني لدى الأكراد.
وأضاف المرصد أن الاشتباكات استمرت أيضا على بعد من اثنين إلى ثلاثة كيلومترات على الجانب الغربي مشيرا إلى أن هناك مخاوف جدية من اقتحام الدولة الإسلامية للمدينة في أي لحظة.
وقال المرصد إن حوالي 20 انفجارا وقعت في مناطق سد تشرين ومدينة منبج الواقعة على مسافة 50 كيلومترا جنوبي كوباني نتيجة هجمات صاروخية يعتقد أن قوات التحالف شنتها.
وقالت آسيا عبد الله من حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي السوري إن اشتباكات وقعت إلى الشرق والغرب والجنوب من كوباني وإن الدولة الاسلامية تقدمت لتصبح على مسافة بين كيلومترين وثلاثة كيلومترات على الجبهات الثلاثة.
وقالت متحدثة من كوباني، حسب ما نقلته عنها وكالة رويترز هاتفيا، "إذا أراد (التحالف) منع مذبحة فعليه أن يتحرك بشكل أكثر شمولا بكثير."
وأضافت أن الضربات الجوية في مناطق أخرى من سوريا دفعت مقاتلي الدولة الإسلامية باتجاه المدينة الحدودية.
وتابعت "نحن نقاتل التنظيم بكل قوانا منذ 18 يوما لانقاذ كوباني. وسنواصل المقاومة... المدنيون هم من سيقتلون إذا سقطت كوباني. لكننا سنحميهم."
ومن المقرر ان يصوت البرلمان التركي في وقت لاحق على اقتراح بالسماح للحكومة بدفع القوات عبر الحدود ضد مقاتلي الدولة الاسلامية في سورياوالعراق والسماح لقوات التحالف باستخدام الاراضي التركية.
وتعهد الجيش التركي بالدفاع عن قبر سليمان شاه جد مؤسس الإمبراطورية العثمانية الموجود في شمال سوريا وتحرسه قوات تركية وقال لقواته هناك إنه سيهرع للدفاع عنها إذا لزم الأمر.
وقال رئيس هيئة الأركان العامة الجنرال نجدت أوزيل في بيان "مكالمة واحدة وسنكون إلى جانبكم على الفور."
لكن الرئيس رجب طيب اردوغان يصر على أن الضربات الجوية وحدها لن تحتوي خطر الدولة الاسلامية ودعا للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد وهو هدف لا يشاركه فيه التحالف.
وترددت تركيا في القيام بعمل قد يقوي المقاتلين الاكراد السوريين المتحالفين مع حزب العمال الكردستاني الذي حارب الدولة التركية على مدى ثلاثة عقود والذي تجري معه محادثات سلام هشة.
وقال عبد الله أوجلان، زعيم حزب العمال الكردستاني المسجون في بيان أصدره وفد حزبي مؤيد للأكراد زاره في السجن يوم الأربعاء، "إذا حققت محاولة ارتكاب مذبحة هدفها فإنها ستنهي العملية."
وقال أوجلان، في البيان الذي صدر يوم الخميس، "أحث كل شخص في تركيا لا يريد انهيار العملية والرحلة إلى الديمقراطية على تحمل المسؤولية في كوباني."
وقال سونر جاقبتاي، مدير برنامج الابحاث التركي بمعهد واشنطن، إن تنظيم الدولة الاسلامية "يمثل أكبر تهديد لوجود تركيا منذ عام 1946 عندما طالب جوزيف ستالين أنقرة بالتنازل عن سيطرتها على مضيق البوسفور وأراض أخرى لصالح الاتحاد السوفيتي."
وأضاف "اردوغان ورئيس الوزراء أحمد داود أوغلو يدركان أن الولاياتالمتحدة وحدها تملك العتاد العسكري الضروري والقدرات الاستخباراتية اللازمة لهزيمة الدولة الاسلامية في الأجل الطويل."
وتوقع أن تقدم تركيا دعما لوجستيا ومخابراتيا مستبعدا أن تؤيد تركيا بالكامل استراتيجية عسكرية لا تستهدف الأسد.
وقال اردوغان يوم الأربعاء إن تركيا ستحارب تنظيم الدولة الإسلامية والجماعات "الارهابية" الأخرى في المنطقة لكنه أوضح أن بلاده ستلتزم بهدفها وهو الاطاحة بالرئيس السوري.
وكان تقدُّم مقاتلي الدولة الاسلامية، إلى أن أصبحوا على مرمى البصر من الجيش التركي على الحدود السورية، قد زاد الضغوط على أنقرة للعب دور أكبر في التحالف الذي تقوده الولاياتالمتحدة.
ويطالب اردوغان بفرض منطقة حظر طيران لحماية منطقة آمنة على الجانب السوري من الحدود يمكن أن يلوذ بها اللاجئون لكن واشنطن لم تتحمس حتى الان لهذه الفكرة.
وفر أكثر من 150 ألف لاجيء من كوباني خلال الاسبوعين الماضيين فقط ومازال النزوح مستمرا. وقال مسؤولون من هيئة إدارة الكوارث التركية إن نحو 4000 نازح عبر الحدود يوم الاربعاء ومثلهم يوم الثلاثاء..