ودعت مدينة تازة في محفل مهيب بعد ظهر يومه السبت 28 ماي الأستاذ والفنان عبد المجيد التوزاني حيث شيع جثمان الطاهر ، بمقبرة سيدي عبد الجليل بتازة العتيقة و ضم الحشد الكبير العشرات من فعاليات المدينة الثقافية والتعليمية والجمعوية علاوة ، على أفراد من عائلة الفقيد ونجليه واخوته والأصدقاء الذين كانت تجمعهم بالراحل علاقة المودة والألفة ، وكان الفقيد قد التحق بدار البقاء يوم 23 ماي الماضي ، على اثر تدهور متزايد في وضعه الصحي ،إلى مضاعفات الداء اللعين وذلك بإحدى المستشفيات الفرنسية ، و خلف هذا الرحيل حزنا عميقا وسط ساكنة تازة وخاصة لدى أصدقائه فضلا عن أسرته الصغيرة ، الأصدقاء الذين طالما اكبروا فيه أخلاقه الرفيعة ودفاعه المستميت عن القيم النبيلة ، وحساسيته الفنية التي مارسها في لوحاته وحياته اليومية معا .ولد الفقيد عبد المجيد التوزاني في فاتح يناير 1956 بمدينة تازة ، تابع دراسته الابتدائية والثانوية بمسقط رأسه ، وبعد نيل شهادة الباكالوريا الأدبية التحق بشعبة الفلسفة وعلم النفس بكلية الآداب ج محمد بن عبد الله بفاس ، ثم عمل بسلك التعليم الثانوي مدرسا لمادة الفلسفة وأستاذا بتكوين الأطربعد ذلك : مركز تكوين أساتذة التعليم الثانوي ( تكوين المعلمين سابقا) والمركز التربوي الجهوي بكل من تازة ومكناس وفاس ، وما لبث أن نال ديبلوم الدراسات المعمقة في علم النفس ثم ديبلوم الدراسات العليا منتصف الألفية الحالية ، وللفقيد إسهامات متعددة في ميدان تخصصه ( بما في ذلك مجال الترجمة من الفرنسية إلى العربية ) وفي المجال التشكيلي ، إذ أغرته المدرسة السوريالية بعناصرها وآفاقها المدهشة ، فعبر من خلالها عن دواخله ومواقفه الفكرية والفنية وقبل هذا وذاك عبر عن مواجع وافلاسات العالم المتخلف ، وفي كل هذه المحطات والتي اضطر عبر الكثير منها إلى خوض معارك لا يتسع المجال لذكر تفاصيلها ، من أجل المصداقية والكرامة ...في جميع هذه المحطات رفض التنازل عن كبريائه ، ولم يكن إلا هو هو صافيا واضحا وضوح مساءات تازة الربيعية ، رفض المزادات والمزايدات ولم يدافع في العمق سوى عن حق أي مواطن مغربي في خبزنظيف وموضع تحت شمس هذا الوطن بعيدا عن زمن العصي الغليظة والرقيقة ، وما دام الشيء بالشيء يذكر فلابد من الاعتراف بأن صداقات الفقيد كانت صادقة وطالما عبر عنها رمزيا – رحمه الله – في غير ما مناسبة ولأكثر من صديق داخل وخارج تازة، لا بأس هنا أن أذكر بكل اعتزاز يكلل هامته في الدار الباقية ، التفاتة رمزية لن أنساها له رحمه الله ما حييت ، ذلك أنه أهدى الأسرة لوحة جميلة portrait لشقيقي الراحل عبد الحق بعيد وفاته غريقا في شاطئ أصيلا ذات زوال من صيف 1984، وكانت بينهما صداقة فكرية ومجالية ومهنية عميقة ، وما زالت اللوحة موجودة بمنزلنا في تازة العتيقة ،إضافة إلى اغتنامه كل فرصة ممكنة لمساعدة الأصدقاء بالوثائق والمؤلفات والترجمات وغيرهذا كثير لأن ما ذكر لا يعد إلا نزرا ضئيلا لا يوفي الراحل حقه.. فقد كان مثال الاستقامة المكللة بروح الوفاء للأصدقاء .... رحم الله الفقيد عبد المجيد التوزاني الذي فقدنا فيه إطارا رفيعا عز نظيره في هذا الزمن الأغبر..وعزاؤنا الصادق لزوجته وأسرته وأنجاله ...” وبشر الصابرين الذين إذا اصابتهم مصيبة قالوا انا لله وانا اليه راجعون “ عبد الاله بسكمار