بمناسبة حلول ذكرى المولد النبوي الشريف لهذه السنة، وفي إطار احتفالاتها الثقافية والتراثية، شهِدَتْ " دار الأوبرا السلطانية " بمسقط ( سلطنة عُمان )، التي تعتبر الأكبر من نوعها في العالم العربي، ومركز إشعاع ثقافي على مستوى منطقة الخليج العربي والدولي يوم الاثنين 13 يناير 2014 : حفلا فنيا كبيرا خُصص لموسيقى السماع ولإنشاد الصوفي. وذلك تحقيقا للتنوع الموسيقى الذي حرصت " دار الأوبرا العُمانية " على تقديمه في عروض موسيقية صوفية، ترتبط بشكل وثيق بالأذواق الروحية. بحيث أضْفَتْ بعض الفرق الإنشادية الصوفية العالمية والتي أخذت أشكالا وطقوسا مختلفة نكهة وطابعا خاصا للسهرة التي كان جمهورها راقيا ومتنوعا، ضم أمراء ووزراء وتمثيليات دبلوماسية، وثلة من المثقفين والإعلاميين. وقد جاءت نماذج الإنشاد الصوفي في هذه التظاهرة الفنية الكبرى متنوعة، إذ كانت مشاركة المغرب ممثلة في الحضور اللافت ل " المجموعة التازية لفن السماع والأمداح النبوية "، والتي قدمت عرضا موسيقيا متميزا أبحرت فيه المجموعة في عوالم الطبوع النغمية والإيقاعات السماعية. نظرا لما خلَّفَته البصمة المغربية من صدى طيب وانطباع متميز لدى جمهور " دار الأوبرا العُمانية "، إضافة إلى " مجموعة الصفا للإنشاد الديني بسلطنة عمان" بقيادة منشد الشارقة الفنان " بدر الحارثي "، والتي تنوعت كذلك تجربتها الفنية بألوان الإنشاد الديني والغناء الروحي من المدائح النبوية والابتهالات والتكبيرات والموالد المنشغلة بقضايا الإنسان في الحياة والانتماء. إذ تعد هاته المجموعة ذات صيت وشهرة عالمية، من خلال مشاركاتها في مواعيد وجولات دولية. كما عرفت التظاهرة حضور جمهورية باكستان من خلال فرقة قوّالي " نجم الدين سيف الدين " وإخوانه، والمعروفة باسم " فرقة أبناء الأستاذ القوّال بهاء الدين خان " التي قدمت عرضا شيقا لفن " القوَّالي " الباكستاني الممتع، والذي يمزج بين الصوت البشري وأصوات الطبول بتناغم ساحر. هذه المجموعة التي تَحَلىَّ أفرادها بالالتزام الشديد في تعلم أشعار الصوفية والألحان الغنائية والآلات الموسيقية من والدهم، بعد أن أنقذوا هذا النوع الإنشادي من الاندثار، فقاموا ومنذ سنة 1993 بتقديم عروض فنية، بحيث سهرت مؤسسة " أغاخان " الباكستانية على تسجيل أعمالهم الكلاسيكية لفن " القوّالي " للحفاظ على هذا الفن من الاندثار. وجعل المجموعة بمثابة مرجع للموسيقى الصوفية لشبه القارة الهندية. كما ساهمت فرقة " قدسي إرجونر " ومؤذنو إسطنبول من تركيا في إحياء الليلة بعرض روحي قدمت من خلاله المديح والشعر المولوي الصوفي المميز، انتسابا للطريقة المولوية الصوفية، والتي تعتبر الفرقة الوحيدة التي دمجت بين الآلات الموسيقية والذِّكر، استنادا إلى رأي شيخها مولانا " جلال الدين الرومي "، الذي يقول بأن " صوت الآلات الموسيقية ولا سيما الناي أو الربابة، وصوت المنشد وأي صوت عذب حتى صوت صانع الحلي وهو يدق بمطرقته هي كلها أصوات ذكر لله … ". وجدير بالذكر أن " قدسي إرجونر" قد ساهم رفقة فرقته في توثيق وإحياء التراث الموسيقي الذي كاد أن يطويه النسيان. وإضافة إلى إمتاع الآذان وتطريب النفوس، اشتمل برنامج التظاهرة أيضا على ندوة حول موضوع " الإنشاد الصوفي " في محاولة للمزج بين المتعة والمعرفة والفائدة. أطَّرها وساهم فيها كل من الدكتورة " آسية بنت ناصر البوعلي "، والأستاذ " جمعة بن خميس الشيدي ( من سلطنة عُمان )، والأستاذ " بيتر بانكي " ( ألمانيا )، والأستاذ الفنان " قدسي إرجونز ( تركيا ). وذلك يوم الأحد 12 يناير 2014، قبل يوم واحد من السهرة الصوفية – السماعية الكبرى ب " دار الأوبرا السلطانية العُمانية ". أنجز التغطية من مَسقط : حميد السليماني ( رئيس المجموعة التازية لفن السماع والأمداح النبوية )