بمناسبة حلول ذكرى المولد النبوي الشريف وفي إطار احتفالاتها الثقافية والتراثية ، نظمت "دار الأوبرا السلطانية مسقط" التي تعتبر الأكبر من نوعها في العالم العربي كما تعد مركز إشعاع ثقافي للشعب العماني والإنسانية جمعاء …يوم الإثنين أمسية من الإنشاد الصوفي تحقيقا للتنوع الموسيقى الذي حرصت الدار على تقديمه ولا تزال في صور من الموسيقى الصوفية التى ترتبط بشكل وثيق مع المذاقات الروحية، وقد أضفت بعض الفرق الإنشادية الصوفية العالمية والتي أخذت أشكالا وطقوسا مختلفة نكهة وطابعا خاصا على السهرة التي كان جمهورها نخبويا يضم أمراء ووزراء وتمثيليات دبلوماسية وثلة من المثقفين والإعلاميين ، وجاءت نماذج الإنشاد الصوفي في هذه التظاهرة متنوعة ، فمن الغرب الإسلامي كانت التمثيلية مغربية من خلال مشاركة ناجحة للمجموعة التازية لفن السماع والأمداح النبوية والتي قدمت عرضا موسيقيا رائقا أبحرت فيه المجموعة في عوالم الطبوع النغمية والإيقاعات السماعية نبراسنا في ذلك مقامات العارفين بالله .. فكان التوفيق حليفها ، نظرا لما خلَّفَته البصمة المغربية من صدى طيب وانطباع متميز لدى جمهور دار الأوبرا … بالإضافة إلى "مجموعة الصفا للإنشاد الديني بسلطنة عمان" بقيادة منشد الشارقة الفنان بدر الحارثي ، والتي تنوعت تجربتها الفنية بألوان الإنشاد الديني والغناء الروحي من المدائح النبوية والابتهالات والتكبيرات والموالد إلى قضايا الإنسان في الحياة والانتماء ، وتعد ذات صيت وشهرة عالمية من خلال مشاركاتها في مواعيد وجولات دولية . ومن جمهورية باكستان قدمت فرقة قوّالي نجم الدين سيف الدين وإخوانه والمعروفة باسم "فرقة أبناء الأستاذ القوّال بهاء الدين خان" التي قدمت عرضا شيقا لفن القوالي الباكستاني الممتع والذي يمزج بين الصوت البشري وأصوات الطبول بتناغم ساحر ، هذه المجموعة التي تَحَلىَّ أفرادها بالالتزام الشديد في تعلم أشعار الصوفية والألحان الغنائية والآلات الموسيقية من والدهم بعد أن أنقذوا هذا النوع الإنشادي من الاندثار ، فقاموا ومنذ 1993 بتقديم عروض فنية ، وسهرت مؤسسة "أغاخان" على تسجيل أعمالهم الكلاسيكية لفن القوّالي للحفاظ عليها كما تم تسجيل لقاءات مع أعضائها في القنوات التلفزيونية داخل باكستان وخارجها كمرجع للموسيقى الصوفية لشبه القارة الهندية ، وبفضل عروضها الاستثنائية حصلت فرقة قوّالي نجم الدين سيف الدين وإخوانه على العديد من الجوائز والميداليات والدروع . كما ساهمت فرقة قدسي إرجونر ومؤذنو إسطنبول من تركيا في إحياء الليلة بعرض روحي قدمت من خلاله المديح والشعر المولوي الصوفي المميز انتسابا للطريقة المولوية الصوفية والتي تعتبر الوحيدة التي دمجت بين الآلات الموسيقية والذكر استنادا إلى رأي شيخها مولانا جلال الدين الرومي حيث يقول أن صوت الآلات الموسيقية ولا سيما الناي أو الربابة وصوت المنشد وأي صوت عذب حتى صوت صانع الحلي وهو يدق بمطرقته كلها أصوات ذكر لله … وجدير بالذكر أن "قدسي إرجونر" قد ساهم رفقة فرقته في توثيق وإحياء التراث الموسيقي الذي كاد أن يطويه النسيان .. إضافة إلى إمتاع الآذان وتطريب النفوس ، اشتمل برنامج التظاهرة أيضا على ندوة حول موضوع الإنشاد الصوفي في محاولة للمزج بين المتعة والفائدة ، بتأطير من الدكتورة آسية بنت ناصر البوعلي والأستاذ جمعة بن خميس الشيدي (عمان) والأستاذ بيتر بانكي (ألمانيا) والأستاذ الفنان قدسي إرجونز (تركيا) وذلك يوم الأحد 12 يناير 2014 قبل يوم من السهرة الفنية . * كاتب / جمعوي