تعتبر الرابطة الدولية عسر القراءة والكتابة واحد من أكثر أنواع صعوبة التعلم شيوعا. إنه مرتبط بطريقة معالجة اللغة، وعادة ما يجد الأطفال صعوبة في القراءة والكتابة والهجاء. مصطلح “ديسليكسيا Dyslexia” أصله يوناني ويعني صعوبة التعامل مع الكلمات، وتعرفه الرابطه الدولية لعسر القراءة والكتابة بالآتي:” ال Dyslexiaاضطراب له تأثيره الأساسي على الأعصاب، وفي معظم الأحيان له صلة وراثية، يتسبب في صعوبة تعلم ومعالجة اللغة بدرجات متفاوتة الشدة، وفي الصعوبات التي تتجلى في اللغة استماعا وتعبيرا، ويتضمن مشاكل في النطق، والقراءة والكتابة والإملاء، والخط، وأحيانا في الرياضيات.” ويقدر أن 10 من تلاميذ المدارس في بريطانيا مصابون بالديسلكسيا، بينما في أميريكا 10-15% متضررة. وفي الكويت مثلا تقدر جمعية مرض الديسليكسيا أن 6.3% من طلبة المدارس الابتدائية يعانون منها. ووجد أن نسبة الاصابة بين الصبيان 4 مرات أكثر من الفتيات. ومن المشاهير الذين عانوا من الديسلكسيا ، وينستون تشرشل، الفنان بابلو بيكاسو، العالم البرت اينشتاين، الملاكم محمد علي كلاي، والفنان ليوناردو دافنشي. يرجع العلماء والباحثون أسباب الديسليكسا أو «العسر القرائي» إلى جوانب عصبية بيولوجية ومرتبطة بالدماغ؛ بمعنى آخر، إن دماغ الأطفال والبالغين الديسليكسيين لا يشتغل بنفس الكيفية التي يشتغل بها عند الأفراد الآخرين، كما تؤكد الأبحاث العلمية الحديثة أن الكشف عن هذه الحقيقة العلمية تم بأدوات جد متطورة للتصوير العصبي، والذي لا يسمح فقط بتصوير جزء من أجزاء الدماغ، بل يحدد بدقة المناطق النشطة فيه أثناء فعل القراءة أو الكتابة أو غيرها. في هذه الورقة يقربنا ذ محمد مكاوي مفتش تخصصي من المشروع الذي تم تقاسمه مع عدة جهات منها الديسليكسا الدولية التي وافقت على الاشتغال بالمجزوءة وبالأدات المصاحبة وزارة التنمية الاجتماعية - مؤسسة محمد الخامس للتضامن - منظمة اليونسكو- منظمة اليونسيف- منظمة handicap international وزارة التربية الوطنية خاصة المفتشية العامة للتربية والتكوين الوحدة المركزية للجودة الهيئة المغربي كما تم بعث بطاقة لمديرية المناهج فيما سيتم لاحقا الاجتماع مع رئيس الجمعية المغربية للديسليكسا في الموضوع بداية ، ماهي طبيعة وابعاد هذا التصور الجديد للعسر القرائي أو ما يسمى بالديسليكسا ؟ يؤِكد هذا التصور في تقديرنا نتائج الدراسات السابقة لأكثر من 50 سنة، والتي بينت بدورها أن دماغ الأطفال الديسليكسيين ينمو وينتظم بكيفية مختلفة عن أدمغة الأطفال غير الديسلكيسيين وبينت كذلك أن المناطق الدماغية التي يشغلها الأطفال غير الديسلكسيين ليست هي نفسها التي تنشط في فعل القراءة عند الأطفال الديسليكسيين في نفس الظروف. ومع كل ذلك فإن تلك الاختلافات تبقى غير واضحة المعالم بما فيه الكفاية. لكن في حالة ما إذا حصل تأخر في ضبط واكتشاف هذه الحالة ؟ إذا لم تكتشف الديسليكسا مبكرا ولم يتم التدخل بكيفية فعالة فإن الأطفال يمكنهم أن:يفشلوا بصفة دائمة ومستمرة في التعلمات المدرسية؛ لأن كفايات القراءة والكتابة ضروريتان للنجاح المدرسي، ولا غنى عنهما في جميع التعلمات (العلمية والأدبية)، باعتبارهما أداتان ضروريتان لبناء الفهم السليم والدلالة الصحيحة وتمثل المعنى. ومن تداعيات هذا التأخر تكوين الديسليكسيون صورة سلبية عن ذواتهم؛ نتيجة مقارنة أنفسهم وأعمالهم بالمتعلمات والمتعلمين الآخرين؛ مما يعرضهم لإمكانيات الإحساس بالدونية، ويقلل إقبالهم على التعلم. ومن الممكن جدا أن يعزفوا عن الدراسة، مما قد يزيد من احتمال الفشل الدراسي والهدر المدرسي لديهم وصعوبات الاندماج الاجتماعي؛ مع إظهار سلوكات عدوانية تجاه الأقران في المؤسسات التعليمية ثم بالتدريج تجاه المجتمع بصفة عامة. هل يمكن تصنيف الدسليكسي من ذوي الحاجات الخاصة ؟ يعاني الأطفال الديسلكسيون في المغرب صعوبات كثيرة ؛ فهم غالبا ما يغادرون المدرسة مبكرا لاستحالة مواكبتهم النظام التربوي الذي لا يأخذ في الاعتبار خصوصياتهم، كما أن بعضهم تم وضعه في أقسام الإدماج المدرسي باعتباره معاقا. وتجد الأسر شحا في مجال المعلومات الشبه طبية القمينة بمساعدة أبنائها. بينت بعض الدراسات المسحية التي تم إجراؤها من لدن بعض الجمعيات العاملة في هذا المجال أن أغلب الأطر التربوية لها معلومات غير واضحة عن الديسليكسا وغالبا ما تخلطها بالإعاقة وبصعوبات التعلم العادية، كما أن هذه الأطر تعجز عن الاستجابة الفعالة للاحتياجات التربوية لهذه الفئة من الأطفال خلال تخطيط التعلمات، أو تدبيرها، أو تقويمها أو معالجتها. مما يزيد من عزلة الأطفال ويعمق إحساسهم بالفشل والرغبة في مغادرة المدرسة مبكرا. مالسياق الخاص للعدة البيداغوجية وكيف نقدمها تربويا وإدماجيا ؟ تعتبر هذه العدة البيداغوجية تكييفا للعدة البيداغوجية الدولية في مجال الديسليكسا «العسر القرائي» والتي تم تقديم خطوطها العريضة بباريس في إطار الندوة الدولية للديسليكسا من 2 إلى 5 فبراير 2010 بدعم من اليونسكو؛ حيث حضرت أزيد من 190 دولة تمثل القارات الخمس لتوحيد مقارباتها المنهجية التدخلية بما ييسر الحد من صعوبات الأطفال والأسر ويدعم أعمال الممارسين داخل أقسامهم الدراسية. وهي ثمرة مبادرة شخصية بعد التنسيق مع الديسليكسا الدولية وموافقتها على ذلك، تمت مراجعتها وإغناؤها بملاحظات مجموعة من الأساتذة الممارسين والمفتشين التربويين والأخصائيين السيكولوجيين والجمعويين، وتعتبر ثاني عمل تم تكييفه باللغة العربية على المستوى الدولي حسب أعضاء من “الديسليكسا الدولية”. وتهدف إلى المساهمة في التعريف بالديسليكسا تعريفا علميا وبالطرق البيداغوجية الحديثة القمينة بتطوير الممارسات الصفية النظامية وغير النظامية على المستويين المغربي والعربي بما يجعلها أداة تطوير وتجويد للممارسات المهنية للمدرسات والمدرسين المتعاملين مع الأطفال الديسلكسيين من جهة؛ وذوي الصعوبات التعلمية من جهة أخرى. تتحدثون عن مجزوءات ضمن مكونات العدة البيداغوجية كيف ترصدون الأهداف ؟ تتكون العدة البيداغوجية من أربع كتيبات متكاملة قابلة للإغناء والإثراء، فالمجزوءة يتم تصريفها باعتماد دفتر الأنشطة وانطلاقا من بعض أفلام الفيديو التي تساعد المتكون على الاقتراب أكثر من موضوع العسر القرائي. ودليل الأسر يحتوي على نصائح موجهة للأسر تساعدهم على تقبل الطفل وعلى تيسير اندماجه من خلال أنشطة منتظمة. ويمكن للأسر الاستعانة بالصور لفهم أدوارهم. أما “كتيب ابني الصغير” فهو تصوير لقدرات وصعوبات الطفل الديسليكسيكي في شكل رسوم مرفوقة ببعض التعليقات البسيطة عليها. من ناحية ثانية يمكن إجمال أهداف العدة البيداغوجية في تحديد مفهوم الديسليكسا وآثارها على شخصية الطفل؛ تعرف مظاهر الديسليكسا في التعلم بصفة عامة وتعلم القراءة والكتابة والحساب بصفة خاصة؛ ثم إبراز أهمية الدمج المدرسي l'inclusion scolaire للأطفال الديسليكسيين؛ مع تطوير وتحسين الممارسات الصفية للأستاذات والأساتذة العاملين مع الأطفال الديسلكسيين في التعليم النظامي والتعليم غير النظامي على مستوى التخطيط والتدبير والتقويم والدعم والمعالجة؛ ومساعدة الأسر على تقبل الأطفال ذوي الديسليكسا؛ فضلا عن تعزيز الثقة بالنفس عند الأطفال الديسلكسيين ومساعدتهم على النجاح والترقي والاندماج الاجتماعي. كما أن مكوناتها العدة البيداغوجية مجزوءة التكوين الأساس، وتشتمل على ثلاثة فصول: الفصل الأول: تم تخصيصيه لتعريف الديسليكسا وأثارها على مستوى الصعوبات القرائية والكتابية والحسابية وغيرها؛ الفصل الثاني: تم تضمينه مؤشرات الديسليكسا وبعض التقويمات المرتبطة بها وبالوعي الفونولوجي؛ الفصل الثالث: اشتمل على مبادئ الدمج وشروطه الأساسية مع تقديم للطرق الصواتية والمقاربات متعددة الحواس وكيفية تدبيرها في فعل القراءة والكتابة والفهم والتركيب وأساليب تنمية مهارات التعلم كالذاكرة والتركيز والتنظيم وغيرها. ويحتوي دفتر الأنشطة على الأنشطة الميسرة لفهم الجوانب النظرية للمجزوءة مرتبة بحسب فصول المجزوءة ومتضمنه لما ينبغي أن يحتفظ به الأستاذات والأساتذة في ممارساته الصفية. أما دليل الأسرة: فهو عبارة عن مجموعة من التوجيهات التربوية للأسر تساعدهم على دعم النمو اللغوي للطفل وتيسير اندماجه في المجتمع وتجعلهم يتقبلون مشكلاته باعتبارها تنوع بشري كما تمدهم بكيفيات توطيد العلاقات بالأساتذة ومقدمي الخدمات الشبه طبية لتيسير نجاح الطفل وضمان اندماجه الاجتماعي. إلى جانب طفلي الصغير: وهو دليل توجيهي بالصور للأطفال يعرف بقدرات وصعوبات الأطفال الديسلكسيين بصورة بسيطة. ويجعل الديسليكسا مفهومة لدى الجميع، ويمكن للأطفال ذوي الإعاقة السمعية إدراك معناها بكل يسر. وكيف يمكن الاستفادة من هذه العدة البيداغوجية؟ تعتبر هذه العدة البيداغوجية أداة ضرورية لمراكز مهن التربية والتكوين العمومية والخاصة ومن الأجدى أن يتم تقديمها للطالبات والطلبة المفتشين وللمراكز المختصة، كما أنها قد تساعد الأطباء المختصين في مجال معالجة الأطفال الديسلكسيين.واعتبارا لكون العديد من الأطفال يتابعون تمدرسهم في المؤسسات التعليمية فإن تكوين الأستاذات والأساتذة والمربيات والمربين باستثمار العدة من شأنه ضمان نجاح الأستاذات والأساتذة في مهامهم ومن خلال ذلك ضمان نجاح الأطفال ذوي الديسليكسا. كما أن العدة يمكن تنزيلها بتعاون مع الجمعيات المهتمة بالديسليكسا في إطار مشاريع تربوية. مالدور الواجب على الاسر في مثل هذه الحالات ؟ من المهم هنا أن نتذكر أن العلاج يستغرق وقتا طويلا، وفي بعض الأحيان قد يستغرق 3 سنوات أو أكثر حسب المتخصصين حتى يتمكن الطفل من تحسين قدرته على القراءة ونعتقد جازمين أن دور الوالدين مهم جدا في كيفية تغلب الطفل علي صعوباته عن طريق تهيئة جو بناء وملائم في البيت وفي المدرسة. واذا استطاع الوالدان أن يفهما حالة الديسلكسيا سيستطيعان حتما مساعدة طفلهم بصورة أحسن. أما إذا تركت الديسلكسيا من دون تشخيص أو لم تعالج على نحو سليم، فعادة ما يصبح الطفل معقدا وغير متحمس للتعلم.. وبحسب الخبراء ف”أن الأطفال المصابين بمرض الديسليكسيا هم موهوبون، وسماتهم المشتركة هي بعد النظر، وخيال خصب، والفضول لمعرفة كيفية عمل الأشياء والقدرة على التفكير والإدراك باستخدام جميع الحواس. كما أنهم خلاقون ومبتكرون للغاية، ولديهم مهارات فائقة في حل المشاكل وقدرات ذهنية جيدة. إذا كان طفلك مصابا بمرض الديسليكسيا ، فكر في هذه السمات الايجابية ووفر له كل المساعدة، لا تنظر إلى مشكلة القراءة نظرة سلبية فقط، اعتبرها فرصة لغرس الثقة فى طفلك والعمل معه خطوة بخطوة لتعلم القراءة والكتابة”