مثل شعبي : "قالو باك طاح...قالوا من الخيمة خرج مايل" على الرغم من إلغاء مهرجان " فنون العرض بتازة" و ما خلفه ذلك من ارتياح في نفوس المواطن التازي، و لو مؤقتا، ما دامت تكلفته مجهولة المصير !!! إلا أنك تجدني سعادة المستشار مضطرا لمسائلتك بسلطتي الرمزية داخل هذا المجتمع التازي الذي فتح لي ذراعيه بعدما أنجبتني مدينة فاس...و لمخاطبة ضميرك -إن كان لا زال حيا- و شد انتباهك إلى ما أصبحت تعانيه الثقافة حاليا بتازة، و كذا للنكسات التي تعرض لها المثقفون في فترة توليك رئاسة قسم العمل الاجتماعي و التنشيط الثقافي و الرياضي بالجماعة الحضرية بتازة، بالإظافة لتذكيرك بإخفقاتك المتوالية الواحدة تلوى الأخرى خلال هذه السنة، التي لم تستفذ من خلالها كسياسي (مفعول به سياسيا) من الوضع الإيديولوجي الهش المؤثت للفضاءات و الأنساق داخل هذا المجتمع، و محدودية وظائف مجتمعه المدني المهيمن عليه سلفا بالسياسي من جهة و من رجل الدين من جهة أخرى، مما يفضي لكونك لم تَتعلم شيئا طوال ما يقارب العقدين من التَتَلمذ داخل دواليب الجماعة الحضرية و تسيير الشأن المحلي بتازة في شقه الخاص بالمصلحة العامة. سعادة المستشار، قد أتفق معك كون الوقت لا زال مبكرا لإصدار أحكام عامة و استخلاص استنتاجات فيما يخص تسيير الشأن المحلي من طرف المجلس الجماعي الحالي سواء بأغلبيته أو معارضته، لكن باعتبار الفروقات الجوهرية بين القراءة السياسية و الصحفية، يمكنني مبدئيا من إجراء تقييم قبلي/توقعي لآفاق التدبير العمومي المحلي من منطلق بعض التدخلات الفردية و الارتجالية لبعض المستشارين بالمجلس الجماعي بتازة و خاصة "المفوض لهم" ، تدخلات تفضي في مجملها إلى شيء من ابتذال و تمييع الممارسة السياسية، وذلك بالاضطلاع على عدة معطيات ومؤشرات تسمح على الاقل من التأكيد على وجود توجه اجتماعي غريب نوعا ما، يرتكز على التملق كلما تعلق الأمر بمصالح عقارية، إدارية، اقتصادية تخدم بالأساس طبقة ليست مفعول بها سياسيا فحسب، بل مفعول فيها سياسيا ، و(عن طواعية)!!! سعادة المستشار، أخبرك أن اختيارك دون غيرك من "المفوض لهم" لا يعني أنني أكن لك عداءا أو ضغينة ما، كما لا يعني أنني سأتغاضى عن الآخرين مستقبلا، أعرف جيدا أنني ثقيل الظل عليك و على بعض من زملائك، لكن اعذرني فلا يمكن الحديث عن مثبطات الثقافة بتازة دون استحضارك، و ذلك لترؤسك لجمعية أصدقاء تازة من جهة، و كذا لمسؤولياتك الثقافية سواء بالجماعة الحضرية بتازة أو لمنصبك التابع لوزارة الثقافة بتاونات من جهة أخرى، بالنسبة لجمعيتك رفع عنها القلم حاليا حتى لا أكرر نفسي، أما مسؤوليتك و منصبك الثقافي فهو مربط الفرس حاليا، وذلك من منطلق أن الوسط الطبيعي لميلاد النخبة الثقافية هو المجتمع المدني الذي ساهمت و لو بحسن نية في إقباره بعدة طرق أهمها المنح الهزيلة التي لا ترقى لمستوى الرهانات المنتظرة من جمعيات المجتمع المدني، لكن يمكننا أن نسنتنتج أن مبالغها تحكمت فيها و لا زالت تتحكم فيها الحسابات السياسية و الولاءات للوصاية الإيديولوجية و الثقافية التي تخدم أجندة أحزاب "الهمْ" التي تحاول ملأ خزاناتها الانتخابية . سعادة المستشار، مؤشرات و أخرى تؤكد بإن الطبقة المثقفة بتازة هي ضحية أحكام صيغت مبكرا و على عجل و انبنت على كثير من التحليل السطحي غير الدقيق، بل إن بعضها الآخر كان نتاج إكراه حسابي سياسي ضيق لا يخلو من تجاهل واضح للنخبة السياسية "المهيمنة اجتماعيا" التي أصبحت تتخيل نفسها حاليا الناطقة باسم المصالح الاستراتيجية للمجتمع وذلك بغية تحميليها مسؤولية تأخير التغيير المرتقب و كذا لذر الرماد في العيون عن جمعيات المستشارين، لكن بالرجوع للجرد الكرونولوجي للأعمال الثقافية التي أشرفت على إعدادها أو تبنيها أو إخراجها للوجود، يتبين أنك من بين من يتحمل المسؤولية في عدد منها بشراكة مع مؤسسات و إدارات تنازلت هي أيضا عن مسؤوليتها المجتمعية و ارتكنت للصراع عن مراكز القرب من دواليب السلطة و القرار، و عوض انتشال الشأن الثقافي التازي من التردي الذي أصبح يميزه على المستوى الجهوي و الوطني، اكتفت بجر قلمها كلما طلب منها توقيع عقد شراكة أو تعاون، وذلك بخربشة غير مفهومة لكنها ذات مصداقية قانونية. سعادة المستشار، إسمح لي أن أعود بك إلى شهر أبريل من هذه السنة، و بالظبط إلى فعاليات الملتقى الدولي لمسرح الطفل الذي نظم لأول مرة تحت الرعاية السامية، و كلنا يعرف مدى قيمة هاته الجملة خلال نشاط ما سواء المعنوية أو المادية، و عليه أسألك مع العلم أنني لست مهتما بردك لعدة اعتبارات و قناعات تفضي لكون المهرجان لم يحقق شيأ يذكر لمدينة تازة !!! أما بالنسبة إليك كشخص و لشركائك في إرث الثقافة فذلك مسألة آخري !!! لماذا لم تنجح في الرقي بمهرجان الطفل في نسخته الأخيرة التي حضيت بما لم تحض به كل النسخ السابقة و خاصة على المستوى المادي؟ ماذا جنت مدينة تازة على كافة المستويات من تنظيم الملتقى الدولي لمسرح الطفل بتازة خلال الأعوام السابقة؟ إلى متى ستظل الطبقة المثقفة و المدينة تؤدي ضرائب هفواتك و أخطائك...؟ سعادة المستشار، مرة أخرى استسمحك، و أعود بك للماضي باعتباره أساس المستقبل، و بالضبط لمسرحية "تيندوف كيث" تلك المسرحية التي قدمتها للجمهور على أنها منتوج سحري سيرقى بالمسرح التازي لأفق الأعمال الخالدة،-أشك في ذلك- بالإضافة إلى كلمات و جمل أخرى جاءت في نص كلمتك التقديمية، قاسمها المشترك كونها فضفاضة و متجاورة في تعايش دلالي لكن تخفي حمولات و أماني ذات أبعاد سياسية محورها الرئيسي "التملق" لدوائر السلطة و القرار على مستوى وطني، و لا أخفيك صراحة أن كلماتك على الدوام، تحمل طبقات من المعاني يطبعها أحيانا التناقض الصارخ و أحيانا أخرى التعارض الفج، مما يكشف بالملموس الخلفية المؤطرة للحضور و الفعل في ثنايا خطابك المرتجل، المهم حتى لا أدخل في تفاصيل ما أثارته المسرحية بعد عرضها، و حتى أتجنب الدخول في نقذ مضامينها و فصولها، أسألك أين وصلت مسرحية "تيندوف كيث" من بلاد العرب و العجم؟ و هل هي كبوة أخرى من فوق خشبة مسرح الحياة؟؟؟ سعادة المستشار، وصلنا لمهرجان "فنون العرض" بتازة و بدأ يتعالى مرة أخرى اسمك المحترم في الأفق، بعد أفول دام لعدة شهور على المستوى الثقافي و الجمعوي بمدينة تازة، و لمكر الصدف يتزامن ذلك مع إقبار نفس المهرجان أواخر شهر يوليوز و مهرجان باب بودير في شهر غشت، و ضرب الحصار الاقتصادي على عدة جمعيات من المجتمع المدني أهمها شبكة تازة التنموية التي مازالت تؤدي ضريبة التضحية في سبيل إحقاق التنمية السياحية لمدينة تازة من مال نشطائها، ، لكن حققت ما لم تحققه عدة جمعيات ولدت و في فمها ملعقة من ذهب و من ورائها جيوش مجيشة من الإدارات و الأفراد، لكنها أثبتت نجاحها و أدت رسالتها التنموية حقا و بصدق.... بالمقابل نرى أن المهرجان التي تسهر على تنظيميه جماعة حضرية بمنتخبيها و أطرها و مفكريها الذين جاد بهم الزمان، لم تستطع و لو لحظة للكشف عن جدوى و فائدة مهرجان ينظم في عز تساقطات الأمطار الخريفية و في الهواء الطلق؟ و لم تحدد له أي رهان حتى تبرر مصاريفه علما أن المدينة بمواردها الطبيعية و البشرية لن تجني من ورائه شيئا يذكر؟ كل ما في الأمر تبذير للمال العام بدون حسيب و لا رقيب. سعادة المستشار، ثلاث محطات بإخفاقات متابينة، دون الحديث كما وعدتك عن عدة أنشطة و أيام نظمتها جمعيتك منها ما وظف فيه الدين تارة و منها ما استثمرت فيه الباثالوجيا الاجتماعية تارة أخرى...لكن ما يهمني هو استفسار واحد، ألا ترى معي أنك لحد الساعة لم تستوعب ماهية المهرجانات، المناظرات، و اللقاءات... التي تعمل جل المدن المغربية على تنظيميها و إحيائها في أوقات محددة و معلن عنها سلفا بالجرائد و المجلات ووكالات الأسفار و مندوبية السياحة...؟ ألم تستوعب بعد فائدة وجود شركاء من القطاع الخاص و العام بالمهرجانات من مكاتب و إدارات و فنادق و مؤسسات...؟ ألم تستوعب بعد لماذا تنظم المهرجانات و على أي أساس تنظم و كيف تنظم...؟ حقيقة الأمر أشك في كونك تعرف ذلك فكل ما سهرت على تنظيميه في هذا الإطار لا يستحق و لو مسمى "الحْلْقَة" فلا تؤاخذني عن هذه الكلمة و أعلم أن المهرجان الذي ينظم و لا يجنى من ورائه و لو درهم واحد لميزانية الجماعة يسمى بالبهرجان؟؟؟ -------------- عادل فهمي * يتبع رسالة مفتوحة إلى قائد ما...