في عمل هو الأول من نوعه ، يقدم النادي التازي للصحافة إلى جميع المعنيين بالتنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية بإقليمتازة ، من مصالح خارجية وسلطات عمومية وجماعات منتخبة ومؤسسات قطاعية وجمعيات المجتمع المدني وعموم الباحثين والمهتمين تقريرا رجوناه أن يكون شاملا لمختلف الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية التي تعيشها ساكنة إقليمتازة واستهدفنا من هذا التقريرأن يرصد المعالم الثابتة والمتحولة لمختلف أوجه التنمية والمشاكل التي تعيقها وكذا أوجه المقارنة والاختلاف بين معطيات الموسم المعني والسنوات التي قبله راصدين مكامن الخلل مقترحين من موقعنا بعض الأفكار والتصورات التي نراها ناجعة للرقي بهذه الأوضاع نحو الأفضل ، ولذلك لم يحصر التقرير نفسه في البعد النقدي الخالص وإنما هو يعبرأيضا عن تصورات بناءة من أجل المستقبل ويأمل واضعوه أن يفتح نقاشا عريضا وصريحا بين كل الفاعلين والمتدخلين باعتبار النادي التازي للصحافة ليس فحسب إطارا للتنسيق بين الفاعلين الأساسيين على مستوى الإعلام والصحافة بالإقليم ولكن أيضا كطرف معني ضمن قوة اقتراحيه نرجو أن تتسع آفاقها لتشمل المزيد من الإطارات المدنية والتنموية ، ويبقى التقرير في الأخير اجتهادا قد يحتمل التعديل والملاحظات البناءة فإذا فتح مثل هذا النقاش يكون التقرير قد حقق بعض مبتغاه * * * * لماذا هذا التقرير؟ يضع هذا العمل الشامل الذي نأمل أن يصبح تقليدا منتظما و متواترا لدى النادي التازي للصحافة نصب عينيه تشخيصا مدققا وبالأرقام لعناصر التنمية والقواعد المؤسسة لجميع القطاعات المنتجة أو غير المهيكلة على صعيد إقليمتازة والصعوبات المطروحة في سبيل تنمية مستدامة والتي يتعلق جزء منها بالبعد الوطني والجزء الآخر بالنطاق المحلي ، ويحاول هذا الملف أن يطرح التساؤلات الضرورية بهدف تعميق التواصل مع كل الفاعلين الاقتصاديين والاجتماعيين وتخصيب النقاش بين جمعيات المجتمع المدني ولا سيما الإطارات التنموية منها ، والى جانب هذا التشخيص يعددالملف عناصر التحول التي تثمن سبل التنمية عند كل دخول اجتماعي والمكاسب التي تم تحقيقها أو المشاكل التي حصلت خلال المواسم الماضية مع التنبيه إلى العوامل والعناصر السلبية ،منذ أن بدأ إقليمتازة يخرج نسبيا من وضعية التهميش والنسيان خلال السنوات الأخيرة ، ولا يعدم التقرير السنوي الاقتراحات والتوجهات التي نراها مناسبة كجسد إعلامي للنهوض بالتنمية في هذه الرقعة من الوطن ، وحسب النادي التازي للصحافة أن يكون قد ساهم بهذا العمل في أوراش الإصلاح والنهوض بالعالمين القروي والحضري على صعيد المجالات الحيوية كالصحة والتعليم والشباب والرياضة والتعاون الوطني ومحاربة الفقر والهشاشة والتهميش ، وقبل هذا وذاك تعميق الوعي بمجالات الاستثمار والتشغيل في القطاعات المختلفة كالصناعة والتجارة والخدمات . لقد كان من أبرز الدواعي والعوامل التي أملت التفكير في صياغة وإصدار وتعميم هذا العمل ما يلي : - انعدام أي مبادرة في مجال التواصل مع الجمهور المحلي والوطني بهدف اطلاعه على مستجدات التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية بتازةوالإقليم ، والمقصود هنا التقارير التفصيلية القطاعية أو الأوراق الإخبارية والتحسيسية التي بإمكانها إفادة الباحثين والمهتمين والمستثمرين بل والقطاعات المعنية نفسها ،وقد قامت بهذه المهمة في بعض الفترات المتقطعة وبمناسبة مؤتمراتها الإقليمية التنظيمات المحلية للأحزاب الوطنية وبعض مجالسها الإقليمية وكذا جمعيات نادرة من المجتمع المدني، ويبدوأن هذه الخطوات أصبحت تنتمي إلى الماضي بعد احتضار و موت الحياة السياسية على الصعيدين المحلي والوطني. - ضعف المنتوج الإعلامي المحلي أي ماينشر حول الإقليم بالصحافة المحلية والوطنية على أهمية الجهود التي يبذلها الإعلاميون والمتعاونون وقلة من مراسلي الصحف وإذاعة فاس على الخصوص وذلك بسبب تراجع المشهد الإعلامي وطنيا والتضييق الممنهج على الصحافة والذي أدى بدوره إلى انتكاسة شاملة أدت وتؤدي البلاد ثمنها غاليا من سمعتها وموقعها الجهوي والدولي - إقرار أنشطة نوعية باعتبار أن النادي التازي للصحافة جمعية متميزة تختلف عن باقي الجمعيات والإطارات في مفهومها للعمل الجمعوي وطبيعة أنشطتها والأشخاص المزاولين لها ، ونظرا لأن العديد من الأنشطة التقليدية( ندوات – محاضرات) والتي كانت بعض جمعيات المجتمع المدني ولا زالت تزاولها قد تجاوزتها الشروط الموضوعية الحالية المتميزة بالعولمة الشاملة والتدفق المعلوماتي ، وأصبحت بمثابة الدواء الذي انتهت صلاحيته فضلا عن عزوف الجمهور عنها إما بشكل جزئي أوكلي. - الانخراط الفعلي والايجابي في مجتمع المعلوميات عن طريق نشرنفس التقرير عبر الشبكة العنكبوتية لتعميم الفائدة ولتحديث أدوات العمل والتواصل وبالتالي توسيع إشعاع النادي بالاستغلال الايجابي لهذه الوسيلة التواصلية الحيوية ، والمهم في الخطوة ليس كم المعلومات التي يشتمل عليها التقرير وإنما طريقة توظيفها ومدى استهداف الفئات المعنية من مهتمين وإعلاميين ومستثمرين ومنتخبين وجمعيات المجتمع المدني .وذلك بارتباط تام مع استقلالية النادي عن كل الأحزاب السياسية والمنظمات النقابية ديدنه الأساس خدمة الصالح العام وحده ولا شيء سوى الصالح العام .. - تحديد مكامن الخلل في القطاعات الاقتصادية والاجتماعية بالإقليم وتعميق التواصل مع مختلف الفاعلين عن طريق إبراز مؤهلاته غير المستغلة بهدف تشجيع وتحفيز الاستثمارات المحركة للدينامية التنموية . - تحديث وسائل واليات العمل الجمعوي عموما والإعلامي منه على وجه الخصوص بعيدا عن لغة الخشب التي لا يمكن أن تقدم شيئا على أرض الواقع ، وبذلك يمكن لهذا العمل أن يساهم من موقعه في التنمية الاقتصادية والاجتماعية المأمولة . - ربط المسار التنموي في الإقليم بنظيره الجهوي ثم الوطني سواء في إطار التقسيم الحالي الذي يواجه صعوبات إدارية ومجالية متعددة أو ضمن التقسيم المرتقب والمزمع ترسيمه و تطبيقه وفقا لما تخطط له الجهات المعنية والمختصة على المديين المتوسط والبعيد التقرير السنوي2007 -2008 الحلقة الأولى لقد ركزنا في هذا التقرير على محددات التنمية وأهم المعيقات التي تحول دون تحقيق قيمة مضافة في أبرز القطاعات الإنتاجية والخدماتية على صعيد إقليمنا منطلقين من جرد شامل للمعطيات الجغرافية والسكانية والاداريةوالمناخية والثقافية وهي الأرضية الأساس التي نتصور أن تنبني عليها كل نتائج الأنشطة القطاعية وآفاقها العامة ضمن متغيرات المحيطين الجهوي والوطني إضافة طبعا إلى المحيط الدولي. استقرار الزيادة السكانية وأثر الهجرة القروية : بلغ عدد السكان القانونيين لإقليمتازة وفق الإحصاء الأخير743.237نسمة أي بزيادة 0،5%عن إحصاء 1994يعيشون على مساحة تصل إلى 14408،5كلم مربع( يناهز سكان مدينة تازة 140000نسمة) ويلاحظ استقرار عام على صعيد الزيادة السكانية إذ المؤشر بدأ يميل إلى انخفاض معدلي الزيادة الطبيعية والخصوبة ، ولذا ينتظر خلال العقود القادمة وعلى الصعيد الوطني ارتفاع معدلات الكهولة والشيخوخة واستقرار أو انخفاض نسبة الشباب والأطفال، وبالتالي فان الهرم السكاني سيأخذ في الاتساع على مستوى وسطه وقمته مما يقربه إلى وضع الدول المستقرة أو ذات الساكنة العجوز وتعود عوامل ذلك على الصعيدين الإقليمي والوطني إلى تأخرسن الزواج وطول مدة العزوبة وأيضا إلى ارتفاع وغلاء مستويات المعيشة وأثر حملات التوعية في مجال تنظيم الأسرة والتفكك الشبه نهائي للأسرة الممتدة على صعيد بوادي وحواضر الإقليم ، هكذا بلغ عدد أسر الاقليم126022أسرةبدل 108248 بزيادة تقدر ب15 %(17774 أسرة جديدة). يكشف إحصاء 2004عن تراجع بين للساكنة القروية بإقليمتازة وهو وضع يشبه العديد من أقاليم المملكة فنسبة هذا التراجع وصلت إلى 2- % حيث لم يتجاوز عددهم الإجمالي 492.979 وكانت أعدادهم تصل في إحصاء 1994الى 501844نسمة ، وحسب نتائج الإحصاء الأ خير فان 60في المائة من الجماعات القروية للإقليم أي29جماعة من أصل 48تعرف نزيفا سكانيا متواصلا ومستمرا دون انقطاع إما نحو تازة والمراكز الحضرية للإقليم أو نحو مدن أخرى وذلك منذ سنوات عديدة ، هذا وساهمت الآثار الناجمة عن زلزال الحسيمة سنة 2003في هذه الهجرة نحو إقليمتازة ، وظلت الهجرة نحو خارج البلاد منفذا لكثير من مواطني الإقليم عبر عقود لكن من المرجح أن تتضاعف الأخطار الناجمة عن السياسات الجديدة لبلدان الاتحاد الأوربي في مجال الهجرة والتي وضعت مزيدا من القيود على مواطني دول الجنوب بل وشرعت تحفيزات متعددة من أجل عودة المواطنين المهاجرين إلى بلدانهم الأصلية بعدما بدأت الأزمات الاقتصادية والاجتماعية تهدد هذه الدول ذاتها . وعود على بدء فان نزيف السكان بالعالم القروي وعلى صعيد إقليمتازة يتراوح بين 2،2في المائة بالجماعة القروية الترايبة التابعة لدائرة تايناست و-0،1في المائة بجماعة مطماطة – دائرة تاهلة – وهكذا تعرف دائرة تايناست أكبر حجم لهذا النزيف ، حيث تعاني منه كل جماعاتها القروية السبع ، وتأتي بعدها دائرة أكنول ، التي تعرف ست من جماعاتها ظاهرة النزيف هذه وست بدائرة تازة ( الأحواز) وخمس بدائرة تاهلة و3 بدائرة وادي أمليل وجماعتين بدائرة جرسيف وليس من الصعب تفسير هذه الظاهرة التي تبعث على القلق و قد أصبحت تهدد بتحويل مناطق قروية كاملة إلى مجالات قفراء مهجورة فالأوضاع الاقتصادية والاجتماعية الصعبة وتراجع مساهمة القطاع الفلاحي وتربية الماشية في اقتصاد ونمط عيش الأسر وتوالي سنوات الجفاف كلها عوامل ساهمت من قريب أو بعيد في إشكالية النزيف المذكورة . ومما يزيد في الطين بلة إخفاق المدن والمراكز الحضرية المعنية في استيعاب الهجرة القروية بسبب غياب الدينامية الاقتصادية المندمجة مما يؤدي إلى مزيد من الضغط على المجال الحضري الذي عرف ترييفا متزايدا وتنامي الأنشطة غير المنظمة إلى إمكانية زعزعة الأمن والاستقرار بسبب الفورة السكانية المستمرة وغير المتحكم فيها بمدن ومراكز الإقليم والجهة.مدينة تازة على سبيل المثال لا تستطيع استيعاب أزيد من 100000نسمةبالنظر لمجالها الحيوي الضيق نسبيا ، ولذا على جميع المتدخلين تحمل المسؤولية في ضمان تدبير حضري سليم وتنمية القطاعات الإنتاجية والحد من الأنشطة الضارة بالاقتصاد المحلي وما يوازيها من سكن عشوائي أو غير لائق ولا يمكن الحديث عن مثل هذه التنمية إلا بتحفيز الاستثمارات وتدعيم آليات التشغيل في القطاعات المختلفة وخاصة منها القطاع الصناعي . ثم وهذا هو الأهم مد العالم القروي بالخدمات الأساسية ودعم التجهيزات التحتية( استكمال برنامج الكهربة القروية والماء الشروب وشق المزيد من الطرق والمسالك وهيكلة الدواوير خاصة المعزولة منها واستمرار دعم القطاع الفلاحي) بهدف تثبيت السكان وخلق دينامية الجذب اللازمة لديهم وفي مناطقهم بالذات. لا يمكن في المحصلة فصل أوضاع الإقليم في هذاالمجال عن أوضاع الجهة التي ينتمي إليها حيث لم تشهد البنية السكانية متغيرات عميقة في مؤشراتها ، وحتى ماورد في احصاء 2004 يؤكد بطء التحولات وضعف الساكنة النشيطة واستمرار اتساع دائرة الشباب وغلبة الطابع القروي.وتزيد التركيبة القبلية المكونة للجهة من تعقيد تنظيم وتدبير المجال وفق آليات أكثر نجاعة.وتتقارب نسبة السكان النشيطين بين الأقاليم الثلاث المكونة للجهة حيث تبلغ النسبة 54،5% وتحتل الجهة بذلك الرتبة الثالثة على الصعيد الوطني ( إحصاء 2002) أما نسبة البطالة بين الساكنة على الصعيد الحضري فتبلغ 17،5% بتفاوت قليل بين هذا الإقليم أو ذاك من أقاليم الجهة وهي على كل حال نسبة معتدلة على الصعيد الوطني. تذهب بعض مقاربات الجغرافية البشرية إلى أن المجالات ذات الدينامية الضعيفة أو شبه المنعدمة (أي المجالات ذات التربة الفقيرة وخاصة توالي سنوات الجفاف خلال العشرية الأخيرة ، والتي تعتبر من أبرز المحددات الطبيعية للهجرة الريفية) حقولا هجروية قوية نحو المدينة ، ومن ثمة أصبحت مجالات طاردة للسكان centre de divergenceينطبق ذلك بوضوح على مدينة تازة ، حيث أدت العوامل الاقتصادية والاستهلاكية والتقنية وأيضا العوامل الجاذبة إلى تحريك تيارات هجروية ريفية من الريف ومقدمة الريف والهوامش الشمالية الشرقيةوالغربية للأطلس المتوسط ، وتؤدي هذه الهجرات المستمرة إلى ترييف المدينة والى أنواع من الحراك ذات الطابع السلبي غالبا، حيث ضعف الاندماج في الهياكل الاقتصادية الحضرية (بطالة – أجور متدنية – أنشطة غير منظمة وعلى هامش القطاعات القانونية والمهيكلة..) وضعف الاندماج في الحياة الثقافية والسياسية بالمدينة (تدني الوعي السياسي والمدني لدى هذه الفئات – قابليتها لبيع أصواتها في الانتخابات- العزوف عن الانخراط في الأنشطة الحزبية والجمعوية- سهولة استقطابها من طرف بعض الاتجاهات الانتفاعية أو المتطرفة )علاوة على مظاهر ثقافية أخرى كتمثل ثقافة الفقر وطغيان الروح القدرية إضافة إلى إعادة إنتاج الثقافة القروية ذاتها كما يلاحظ ذلك في الأحياء " حديثة التكوين" بمدينة تازة والتي تعيد إنتاج نفس نمط " الدوار" بالبادية لكن داخل مجال مديني وذلك كأحياء القدس 1و2و3والسعادة والمسعودية والمسيرة 1و2والجيارين والحجرة والشهداء والتقدم وهي مجالات تضاف إلى الأحياء القروية التي تم إلحاقها بالمجال الحضري كالبحرة ودوار عياد بل يلاحظ زحف هذا الترييف حتى داخل أحياء محسوبة على المجال العتيق أو تتركز حوله كحيي المستقبل وامسيلة بتازة العليا.وفي المقابل فان المراكز الحضرية الأخرى بالإقليم كوادي أمليل وتاهلة وجرسيف وأكنول وتايناست لا تعدو في الواقع أحجام قرى كبرى بفعل ضعف التمدين وتواصل الهجرة القروية من المناطق المجاورة دون انقطاع. المراكز المذكورة لا تعد مدنا متكاملة المرافق والقطاعات كما لا تعتبر أيضا ومن الوجهة العمرانية أولم تعد بالأحرى قرى تنتمي لمجال البادية بكل عناصره ومحدداته. التقرير السنوي الأول للنادي التازي للصحافة حول أوضاع التنمية الاقتصادية والاجتماعية بإقليمتازة( 2008/2009) توطئة ضرورية في عمل هو الأول من نوعه ، يقدم النادي التازي للصحافة إلى جميع المعنيين بالتنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية بإقليمتازة ، من مصالح خارجية وسلطات عمومية وجماعات منتخبة ومؤسسات قطاعية وجمعيات المجتمع المدني وعموم الباحثين والمهتمين تقريرا رجوناه أن يكون شاملا لمختلف الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية التي تعيشها ساكنة إقليمتازة واستهدفنا من هذا التقريرأن يرصد المعالم الثابتة والمتحولة لمختلف أوجه التنمية والمشاكل التي تعيقها وكذا أوجه المقارنة والاختلاف بين معطيات الموسم المعني والسنوات التي قبله راصدين مكامن الخلل مقترحين من موقعنا بعض الأفكار والتصورات التي نراها ناجعة للرقي بهذه الأوضاع نحو الأفضل ، ولذلك لم يحصر التقرير نفسه في البعد النقدي الخالص وإنما هو يعبرأيضا عن تصورات بناءة من أجل المستقبل ويأمل واضعوه أن يفتح نقاشا عريضا وصريحا بين كل الفاعلين والمتدخلين باعتبار النادي التازي للصحافة ليس فحسب إطارا للتنسيق بين الفاعلين الأساسيين على مستوى الإعلام والصحافة بالإقليم ولكن أيضا كطرف معني ضمن قوة اقتراحيه نرجو أن تتسع آفاقها لتشمل المزيد من الإطارات المدنية والتنموية ، ويبقى التقرير في الأخير اجتهادا قد يحتمل التعديل والملاحظات البناءة فإذا فتح مثل هذا النقاش يكون التقرير قد حقق بغض مبتغاه * * * * الحلقة الثانية تراجع القطاع الفلاحي ونمو مجال العقار والاقتصاد غير المنظم إذا كان أغلب سكان الإقليم مازالوا ينحدرون من أصول فلاحية قروية فان هذاالطابع اخذ في التراجع خلال السنوات الأخيرةلفائدة قطاعات أخرى كالعمالة المهاجرة والمجالات غير المنظمة والتي تفتقر إلى الهيكلة وحتى إلى التكميم والتنسيب الإحصائي، هذا وبدأت الآثار المباشرة وغير المباشرة لهذا التحول تتمثل في الاعتماد المتزايد على المنتوجات الفلاحية من خارج الإقليم والتقلص التدريجي للمساحات الزراعية بسبب الجفاف والهجرة نحو المدن وزحف العمران ، وهو الحيز الذي لا يمثل في الأصل إلا ثلث المساحة الإجمالية للإقليم أي 329000هكتار تجسد أراضي البور منها أزيد من 70% ب309000هكتاروالسقوية التي لا تتعدى 20000هكتار. لقد عرفت المحيطات السقوية على صعيد الإقليم بعض التوسع في السنوات الأخيرة كما سجل نمو في زراعتي الزيتون واللوز( 50000طن كمعدل سنوي لإنتاج الزيتون ومات الأطنان بالنسبة للوز) إلا أن القطاع الفلاحي ككل يفتقر إلى المنظور المندمج ويعاني من الازدواج بين المجالين التقليدي والعصري إضافة إلى الاكراهات التضاريسية والمناخية مما جعل منه قطاعا معاشيا متأزما منذ البداية وبسبب ارتباطه بالسنوات الممطرة ، وأمام هذا الوضع بات من اللازم استكشاف مجالات أخرى لتنويع الاقتصاد القروي وبغية ضمان دخل قار للفلاح، ورغم الجهود التي تبذلها بعض مصالح الدولة والجمعيات التنموية في مجال النهوض بالمرأة القروية فان نسبة هامة من النساء القرويات تفوق 50% لاتستطعن استثمار مؤهلاتهن بالشكل المطلوب مما يعمق مظاهر فقرهن وتهميشهن خاصة على صعيد الجماعات والدواوير والمداشر النائية والمعزولة. ويلاحظ ومنذ سنوات أن مؤسسات الدولة والسلطة إضافة إلى المؤسسات التعليمية والصحية ما فتئت تغطي شيئا فشيئا بوادي الإقليم إضافة إلى مسلسل الكهربة وبدرجة أقل الإمداد بالماء الشروب ،وهو ما يمثل في كل الأحوال نوعا من التقدم في اتجاه التمدين urbanisationأكيد لم يصل إلى المستوى المأمول ،غير أنه يعتبر كذلك بالقياس إلى الأوضاع التي كانت عليها هذه الأرياف قبل عقود،لكن من جهة ثانية فتراجع مداخيل القطاع الفلاحي والعوامل المناخية والاجتماعية المتردية وكذا طموحات الارتقاء الاجتماعي المتزايدة تغلبت في الأخير وأدت إلى النزيف السكاني المذكور آنفا ،وبالتالي رجحت وبشكل واضح كفة الترييف ruralisation على التمدين . إن زحف الاقتصاد غير المنظم على المدينة كإفرازلظواهر الترييف وانتشار البطالة أصبح واقعا يوميا يتطلب مقاربة شاملة لآفاق التنمية الاقتصادية والاجتماعية ككل ويتجلى هذا المجال الزاحف في إشكالية الباعة المتجولين والسويقات العشوائية بما ينتج عنه من مزاحمة رهيبة للقطاع المنظم إلى درجة أن ما يزيد عن 400محل تجاري للمواد المنزلية أو الملابس أو حتى الخضر والفواكه أفلست أو هي في طريق الإفلاس على صعيد المدار الحضري لتازة علما بأن أصحابها يؤدون مستحقاتهم القانونية للدولة والجماعة الحضرية دون أن يتمتعوا بالحماية الكافية من الاقتصاد غير المنظم والذي يزحف على الأخضر واليابس ويؤدي إلى أضرار بليغة للاقتصاد المحلي المنظم ولمالية الدولة وللساكنة المجاورة ، كما تزدهر عبره مظاهر الارتشاء والزبونية والمحسوبية والمداخيل السوداء والجريمة .ولاحتواء المشاكل المطروحة في هذا المجال يجب تجاوز الحلول الترقيعية والظرفية التي تزيد الأمور تعقيدا وبلورة حلول واقعية على المدى البعيد تتعلق بتشجيع الاستثمار المنتج خاصة الصناعي منه وخلق فرص الشغل بتعاون بين مصالح الدولة وكل المتدخلين إلى جانب القطاع الخاص ، ووضع حد للفوضى العارمة عبر توطين الباعة بفضاءات تجارية منظمة وإعادة تنظيم السويقات الحالية بما يضمن الهدوء والاستقرار والسير العادي للحركة التجارية ،علما أيضا بأن الحملات الأمنية ذات الطابع الظرفي لم ولن تسفر عن أية حلول ناجعة.. أما إذا استمر الوضع الحالي فستتحول المدينة ككل إلى سويقة عشوائية فوضوية كبرى لا علاقة لها بأي مجال حضري متمدن. من جهة أخرى شهد القطاع العقاري خلال السنوات الأخيرة نموا ملحوظا على صعيد تازة والمراكز الحضرية للإقليم بسبب التسهيلات المالية والإصلاحات الجبائية التي قدمتها الدولة لصالح المنعشين العقاريين الذين ينحدر بعضهم من خارج الإقليم نظرا لجملة عوامل كزلزال الحسيمة وتزايد نشاط الجالية المغربية بالخارج ورعاية السلطات نفسها لهذا النوع من الاستثمار بعد تأزم نظيره في المجالين الفلاحي والصناعي وهكذا شهدت المدينة نمو أحياء كاملة وبناء عشرات العمارات السكنية( في أغلبها )، وينتظر أن تظهر إلى الوجود خلال السنوات القادمة أزيد من 150عمارة من فئة 5 إلى ستة طوابق مع تفويت ماتبقى من الملك العسكري إلى الخواص وتجزيء العديد من القطع عند المداخل الغربيةوالشرقية للمدينة وتحويل كثير من الاقامات والفيلات إلى عمارات سكنية . ضعف النشاط الصناعي وهشاشة سوق الشغل إلى حدود بداية التسعينيات من القرن الماضي ، لم تتجاوز الوحدات الصناعية بإقليمتازة 15وحدة إنتاجية ، غير أن ظهور الشطر الأول من الحي الصناعي بنفس المدينة بدءا من النصف الثاني للثمانينيات ، وخلق عدد من الوحدات بجرسيف ، أدى إلى انطلاق النشاط الصناعي ولو بوتيرة بطيئة ومحتشمة على صعيد الإقليم، وحسب المعطيات الإحصائية المتوفرة عن سنة 2001بلغ مجموع العاملين في المجال الصناعي ما يناهز 7000شخص و بالضبط 6594 وهو رقم هزيل بالطبع لايتعدى حجم وحدة صناعية متوسطة بالعاصمة الاقتصادية للبلاد ، ومع ذلك فقد ساهم هذا الميدان في خلق الآلاف من فرص الشغل وبالتالي في رفع المستوى المعيشي لمات الأسر كما عزز الدينامية الاقتصادية والتنموية بالإقليم إلى جانب القطاعات الأخرى وهكذا بلغت مجموع الوحدات الإنتاجية 107وحدة ، ولا حاجة للتذكير بضعف القيمة المضافة لهذا القطاع الحيوي بسبب العديد من العوامل البنيوية والاكراهات على الصعيدين المحلي والوطني . هذا الوضع المتسم بالضعف والهشاشة لا يستقيم والمؤهلات الخام الموجودة في الإقليم والتسهيلات المالية والإدارية التي أتاحتها الدولة ، وإذا كان الشطر الأول للحي الصناعي قد انطلق منذ سنوات فان الشطر الثاني ما زال يراوح مكانه هو الآخر بمساحة تقدر ب 17هكتار و11أر منها 11هكتار و30أر مخصصة للتجزئات الصناعية موزعة على 211تجزئة ولا تتعدى الوحدات التي دخلت الخدمة الفعلية ستة لحد الآن، فيما توجد 20وحدة أخرى في طور البناء والانجاز ومن شأن استكمال الشطر الثاني للحي الصناعي أن يوفر 3000منصب شغل قار ، ونعتقد أن الأفق الوحيد والسليم للتنمية الاقتصادية والاجتماعية يتمثل في دعم المجال الصناعي وربطه بالمنتجات الفلاحية ، وذلك انطلاقا من تجربة الشطر الأول، وهو ما يساهم في الحد من البطالة والرفع من المستوى المعيشي للعديد من الأسر ، رغم قيمته الإجمالية التي مازالت متواضعة ( حوالي 600مليون درهما سنويا)ولم تتجاوز الصادرات الصناعية للإقليم 170مليون درهما حسب إحصائية سنة 2001 لقد كان من المفترض أن تتكامل وحدات الشطر الثاني من الحي الصناعي لتازة في سقف زمني لا يتعدى ست سنوات ، والحال أن تقاعس الرأسمال المحلي والجهوي عن الإقدام في هذا الميدان وتحول أولويات المسؤولين نحو مجالات أخرى ، ثم التوجه نحو سوق العقار والخدمات إضافة إلى الأزمة المزمنة التي تتخبط فيها المقاولة الصناعية الوطنية كلها عوامل أدت إلى تعثر وجمود واضحين ليس فقط بالنسبة للشطر الثاني بل أيضا على صعيد الوحدات القائمة التي تواجه مصاعب متزايدة على مستوى سوق الشغل ومجالي الإنتاج والتسويق ، مما يعزز الطابع الجنيني المتواضع للقطاع الصناعي على صعيد الإقليم والجهةالتي لا تتوفر بكاملها سوى على 179 مقاولة صناعية يشكل إنتاجها 1% من إنتاج القطاعات الصناعية على الصعيد الوطني. وتبقى شرو ط المنافسة من الصعوبة بمكان بالنسبة للمقاولة الصناعية المحلية مما يفرض تحديات كبيرة قد تؤثر سلبا على عطائها وإنتاجيتها في ظل العولمة الجارفة الجارية حاليا والتوجه نحو التجارة الحرة وإلغاء أو الحد من الشروط والضوابط الحمائية بالنسبة لكل المنتظم الدولي وفي ظل اختلال كبير لصالح الدول المصنعة أي مجموعة الثمانية زائد روسيا والصين. ولا يخفى ما لهذا الوضع المختل من نتائج على دول الجنوب الشيء الذي سيرخي بظلاله القاتمة على كل المبادرات في هذا المجال وطنيا.وستترتب عنه آثار واضحة في مختلف الجهات وأقاليم المملكة. من جهتها تعرف الصناعة التقليدية بالإقليم اختناقات متعددة يمكن أن تأتي على ما تبقى منها في ظل مشاكل التسويق وتراجع المواد الأولية والمزاحمة الشرسة للمنتوجات الحديثة المتسمة بجودتها وانخفاض أثمانها تواضع القطاعات الاجتماعية بالنظر للأولويات الأساسية للدولة والمتمثلة في رهانات الحفاظ على التوازنات العامة على الصعيد الاقتصادي فان المجالات الاجتماعية بقيت ضمن حيز متواضع من اهتمامات السلطات المعنية ،اللهم إذا استثنينا جهود السنوات الأخيرة والتي أخذت فيها المبادرة المؤسسة الملكية بالدرجة الأولى ، وهي تخضع عموما للتقارير الدولية ودرجة المصداقية المسجلة هنا وهناك ، ولا يمكن تجاهل ما بذل في هذا الإطار ، غير أن ضعف النسيج الاقتصادي الوطني من جهة واستمرار ثقافة الريع من جهة ثانية لم يحدا بشكل فعال من ظواهر الفقروالهشاشة والتهميش التي تعانيها فئات واسعة من الساكنة ، لا سيما على صعيد الأقاليم التي لم تنل حظها الحقيقي من التنمية منذ استقلال البلاد . يأتي قطاع التعليم على رأس المجالات الاجتماعية الحيوية التي تشكل رهانا أساسيا في التنمية باعتبار تمحوره الرئيسي حول العنصر البشري ، إذ لا يمكن تحقيق التنمية المنشودة دون تقويم وإصلاح منظومة التربية والتكوين بجانب محاربة الأمية ، وكما سبقت الإشارة إلى ذلك فان انتشار التعليم على صعيد إقليم شاسع يتسم بالكثير من مظاهر العزلة وأشكال التخلف الاجتماعي والحضاري وصعوبة التضاريس كإقليمتازة يعتبر في حد ذاته إسهاما في إشاعة التحديث والحياة المدنية وروح المواطنة citoyenneté وهذا لا ينفي المشاكل المركبة والاختلالات العميقة أحيانا التي يتخبط فيها هذا القطاع ، وهو ما عكسته وتعكسه مختلف تقارير الجهات الوطنية والدولية ، لقد بلغ تعميم التعليم على صعيد إقليمتازة معدلات مرتفعة لا ينكرها أحد خلال السنوات الأخيرة غير أن ذلك يقابله التراجع المستمر في الجودة بفعل عوامل متعددة يأتي على رأسها طبيعة التكوين وتراجع الضمير المهني لدى الكثير من نساء ورجال التعليم ومشاكل العمل في البادية وتواضع المحفزات المادية والمعنوية ...الخ في موازاة تراجع التربية غير النظامية ، فان تقدما بطيئا سجل ويسجل على مستوى تعميم التمدرس خاصة على صعيد الفتاة القروية كما أن مشاكل الاكتظاظ وضعف الوسائل التربوية تنيخ بكلكلها على المنظومة التعليمية بإقليمتازة تضاف إلى طواهر خصاص المدرسين في عدد من المواد على صعيدجميع الأسلاك ، وذلك مقابل تراجع أعداد التلاميذ بالتعليم العمومي الأساسي ليس فقط بسبب انتكاس معدل الولادات بالوسطين القروي والحضري ولكن أيضا لتزايد الإقبال على التعليم الخاص الذي ينظر إليه كمجال لتحقيق الجودة مقارنة مع نظيره العمومي وذلك في أفق ما يمكن أن نطلق عليه التنافسية المتفوقة من اجل الاندماج الاجتماعي الناجح ، وتندرج في هذا الإطار ظاهرة الساعات الإضافية التي أصبح الإقبال عليها في المستويات الإعدادية والثانوية شيئا طبيعيا وعاديا تماما، ومازالت الخطة الاستعجالية التي قررتها الوزارة المعنية خلال السنة الماضية تراوح مكانها دون أي تفسير مقنع من طرف الجهات التي وضعتها . على صعيد قطاع الشباب والرياضة أضيفت بعض اللبنات إلى البنية المتواضعة القائمة كداري الشباب المسيرة والجيارين وتهييء جناح الملابس بالملعب البلدي وتجهيز ملعبي كرة السلة والعربي بن المهدي بتازة العليا علما بأن هناك مشرو ع مصادق عليه لقاعة مغطاة (1000متفرج) ما زال حبيس الرفوف رغم اكتمال الدراسات ، غير أن توسع هذه البنية التحتية وتعزيزها لم يصاحبه أي انتعاش للمجال الرياضي بل بالعكس فقد انتكست كل الفروع الرياضية الأساسية بالمدينةوالإقليم منذ عدة سنوات خلت إلى درجة الاحتضار وربما الموت السريري ينطبق ذلك على الجمعية الرياضية التازية وخاصة فروع كرة القدم وكرة السلة وكرة اليد باستثناء الكرة الحديدية والشطرنج ،كما اندثرت كل فرق الأحياء التي كانت تمد الفرق المحلية على صعيد البطولة بطاقات شابة واعدة ، وتعرف نوادي الصغار أي المدارس الرياضية( كان عددها 5على صعيد المدينة) تعثرات كبيرة ليبقى المجال الوحيد هو المؤسسات التعليمية لممارسة بعض الفروع الرياضية بالنسبة للشباب واليافعين وأحيانا في إطار بطولات مدرسية جهوية أو وطنية ، وهذا المجال لا يستوعب الكثير من الطاقات وبالنتيجة تستمر مظاهر الانحراف بمختلف أنواعها ، فهيمنة وسائل الاتصال الحديثة كالأنترنيت ما زالت ملحوظة بكثرة في صفوف الشباب الذي يهدر طاقاته وراء أوهام الزواج الأبيض و"الحريك" ، بموازاة انتشار ثقافة اليأس وانسداد الآفاق الشيء الذي يفرض بذل حهود مضاعفة قبل أن يتسع الخرق على الراقع ومن قبل الجميع سلطات ومصالح مختصة وجماعات منتخبة وجمعيات المجتمع المدني كما ظلت للقطاعات الاجتماعية الأخرى تدخلات محدودة وهامشية في مجال التشغيل واحتواء معضلتي البطالة والفقر مثل التعاون الوطني والإنعاش ، وهي لا تستطيع في كل الأحوال أن تنزاح عن السياسة العامة للدولة القائمة على أساس التوازنات الماكرواقتصادية . محدودية الهجرة والأنشطة المدرة للدخل ظل إقليمتازة منذ عهود خلت بؤرة للعديد من التحركات السكانية منه واليه ، وكانت الهجرة دائما تشكل متنفسا للكثير من سكانه في سبيل البحث عن فرص العمل والعيش الكريم وخاصة إلى دول أوربا( والاتحاد الأوربي فيما بعد) مما ساهم في الرفع من المستوى المعيشي للعديد من الأسروعزز الدينامية التنموية العامة للإقليم بل وأدى إلى نمو السيولة النقدية على صعيد فروع الأبناك الكبرى وهي السيولة المجمدة التي تتجاوز حاليا 5 ملايير من السنتيمات لا يتحرك إلا جزء ضئيل منها داخل ربوع الإقليم في أنشطة عقارية وخدماتية غالبا ، وباستثناء قطاعات الوظيفة العمومية والجندية والتجارة الصغيرة والمتوسطة المنظمة وبعض الحرف ، فان الإقليم يعرف ضعفا ملموسا على صعيد الأنشطة المدرة للدخل فضلا عن جمود رؤوس الأموال وضعف القطاع الخاص في جميع المجالات ، وعلى هامش هذا القطاع أو ذاك تنمو بعض الأنشطة في إطار التهريب الذي - وان تراجعت حدته في السنوات الأخيرة- فانه مازال يستنزف الاقتصاد المحلي ، والمتاجرة في الخمور المهربة والمخدرات وبعض أشكال الحرف الهامشية التي تتم بشكل سري حينا وعلني أحيانا أخرى ، ومازال إقليمتازة يعتبر معبرا لمختلف أنواع المخدرات نحو عمق البلاد أو باتجاه أوربا مثلما أصبح معبرا للمهاجرين السريين جنوب الصحراء وفي نفس الاتجاهات ( إضافة إلى اتجاه مليلية السليبة ) وكلها عوامل لا تساهم في الدينامية الاقتصادية والاجتماعية المنشودتين . رغم بعض الجهود المحدودة التي تقوم بها جمعيات تنموية هنا وهناك فان تراجع فعالية هذه الجمعيات خلال السنوات الأخيرة وتفشي الاختلالات وغياب الشفافية في أساليب تدبيرها كلها عوامل أثرت بشكل سلبي على عطاء ما يمكن نعته تجاوزا بالمجتمع المدني في هذا المجال ، هكذا لا تخلو جماعة قوية أو حضرية بالإقليم من جمعية أو جمعيات تنموية ( يزيد عددها عن 50 جمعية) غير أن عطاءها وعملها في الواقع اليومي يبقى محدودا ومناسباتيا وينحصر في أنشطة موسمية أو مشاريع صغيرة ( إقامة بعض السواقي- اقتناء حواسيب- تجهيز مكتبات عمومية أو داخل المؤسسات التعليمية – محو الأمية) ويقتصر عملها على صعيد الأنشطة الاقتصادية في توزيع مشاتل الأشجار وبعض رؤوس الماعز تعليم النساء بعض الحرف والصناعة التقليدية . إن تراجع مجال الهجرة نحو بلدان أوربا الغربية يمثل منعطفا سلبيا بالنسبة لآفاق التنمية والرقي بمستوى عيش الأسر، وهكذا فعلى جميع المعنيين بالتنمية تحريك الدينامية الاقتصادية في إطار تكامل جهوي ووطني لمواجهة التحولات غير المتكافئة والاختلالات التي تشهدها العديد من الأقاليم والقطاعات ، وتبقى الهجرة الداخلية أي نحو خارج الاقليم في اتجاه المدن والأقاليم الصناعية أو التي تعرف نوعا من الحركية التجارية والتنموية أفقا متاحا لكثير من الأسر التازية علما بأن الإقليم يعرف نزيفا مستمرا للأطر الكبرى والمتوسطة نحو مراكز البلاد وذلك منذ الستينيات وهي وان وظفت إمكانياتها المهنية والإدارية في خدمة الوطن فان الإقليموالمدينة لم يستفيدا من هذه الحركية ،على غرار أقاليم أخرى ، ولا بد في هذا الإطار من فتح نقاش موضوعي صريح حول الظاهرة وبلورة الحلول الممكنة حتى يستثمر الإقليم طاقاته المختلفة على نحو ايجابي بناء . لقد باءت كل الجهود لخلق إطارات جمعوية تلم شعث أبناء المدينةوالاقليم ( وخاصة المقيمين خارجهما) بفشل تام يؤكد استمرار نوع من التنافر والقطيعة بين كل الغيورين بفعل عوامل مختلفة يتداخل عبرها الذاتي والموضوعي وتلعب فيها الحسابات الظرفية والانتخابية دورا كبيرا ،وبنفس القدر فان القيمة المضافة للمنتخبين والأعيان والبرلمانيين الذين يمثلون الإقليم تبقى متدنية وضعيفة على صعيد إنعاش التنمية الاقتصادية والاجتماعية بالإقليم تبعا ليس فقط للعوامل المذكورة بل أيضا لضعف الإحساس بالانتماء وغياب الرؤية الشمولية لدى أغلب هؤلاء وسيادة منطق المصالح الضيقة على ما عداه. مشاريع متواضعة وأخرى متعثرة في مجال تطور العمل الجماعي بالمدينة ، وقع نوع من التراكم الكمي والكيفي أفرز بعض الجوانب الايجابية بعد سلسلة من التعثرات والإخفاقات عانت منها المدينة لسنوات طويلة، ومن أهم ما أنجز في هذا المجال حديقة الأطفال 3مارس التي تشكل متنفسا حقيقيا للعائلات وأطفال المدينة ، والخزانة المتعددة التخصصات والتي من شأنها أن تسد فراغا كبيرا في هذا الصدد ، وتمت تهيئة شارع بير انزران الذي يعتبر الواجهة الرئيسية والوحيدة التي تربط شرق البلاد بغربها وعبرها تربط المدينة بمحيطيها الجهوي والوطني ، كما عرف قطاع النظافة تطورا ملموسا خلال السنوات الأخيرة ، بحيث اختفت أغلب النقاط السوداء ، ووقع تهيئة العديد من المناطق الخضراء علما بأن هذه المشاريع تعتبر من صلب المهام التي أناط بها المشرع المؤسسات المنتخبة ، فيما بقيت مشاريع حيوية أخرى إما رهن الرفوف أو حبيسة الدراسات والمضاربات في التجزئات المزمع أن تقام عليها ، وذلك مثل مشروع المطار الإقليمي سيدي حمو مفتاح الذي رصدت له ميزانية تقارب 11مليارسنتيم والذي تبلغ مساحته الإجمالية 6000م2 ومن شأن هذا المشروع الحيوي أن يحقق انفتاحا أكبر للإقليم على المحيط الاقتصادي والاجتماعي الجهوي والوطني ، وأن يذلل الكثير من العقبات أمام المستثمرين والفاعلين الاقتصاديين.ويضاف إلى هذين المشروعين المتعثرين مشروع المحطة الطرقية الذي ما زال هو الآخر يراوح مكانه وذلك منذ العديد من السنوات علاوة على الشطر الثاني للحي الصناعي الذي من المفترض في حالة انجازه أن يوفر ما يزيد عن 3000منصب شغل قار. تردي مجال الحقوق والحريات العامة بعد فترة انفتاح نسبي للدولة في ظل "العهد الجديد" لم تتجاوز بضع سنوات تميزت بحيز واسع من أشكال التعبير عن الرأي العام كتوسع مجال الصحافة والإعلام وبروز التعبيرات المدنية والمطالب الفئوية بشكل ملموس وبعيدا عن الأحزاب التقليدية الرسمية كالحركة الحقوقية والأمازيغية والجمعيات النسائية وتجارب تنسيقيات محاربة ارتفاع الأسعاربالاضافة إلى ظهور تعبيرات جديدة وجريئةلأول مرة لم تجد لحد الآن آذانا صاغية بسبب الطابوهات والمحرمات المحيطة بها رغم إقرار الجميع بوجودها عبر نسيج المجتمع المغربي ، بعد هذه الفترة عادت الدولة من جديد لتشديد الخناق على بعض أو جزء كبير من هذه التعبيرات ، مما يجعل كل المكتسبات على تواضعها في مهب الريح وعلى رأسها حرية الصحافة ، وأصبح القضاء جهازا أمنيا بامتيازوسيفا مسلطا على الكتاب والصحافيين والمراسلين والمدونين المستقلين ومن مختلف المشارب السياسية والفكرية علاوة على مناضلي الحركة الحقوقية والفصائل الطلابية ، وكان الهدف في أكثر الأحيان إسكات كل الأصوات التي تختلف مع التوجهات الفعلية للدولة ، وتوقيف أو إعدام منابر محلية ووطنية ، لأن كثيرا من الجهات فيما يبدو رأت أن حرية التعبير ذهبت - في نظرها -أبعد من اللازم..الأمر الذي شكل نكسة حقيقية للبلاد ووضعها الاعتباري الدولي. هذا الوضع وجد امتداداته المؤسفة محليا فقد أحصى فرع تازة للجمعية المغربية لحقوق الانسان برسم سنة 2006 28 خرقا لحقوق الأفراد والجماعات بينها حالات للشطط في استعمال السلطة ومنع الوقفات الاحتجاجية والمتابعات القضائية في ملفات مفبركة والهجوم على القدرة الشرائية والحرمان من الوثائق الإدارية ووصولات الإيداع ، ولم تعرف الأوضاع الحقوقية خلال السنتين المواليتين أي تحول جوهري فقد استمرت نفس الخروقات والتي تتنافى مع الشعارات المطروحة من أعلى مستويات الدولة. لا يمكن أن تبقى شعارات دولة الديمقراطية والحريات والمؤسسات والحق والقانون مجرد اكليشهات للاستهلاك الإعلامي الخارجي بل لا بد من تفعيلها لصالح الجميع لأن أي تراجع في هذا الصدد ستؤدي البلاد ككل ثمنه غاليا.