عندما اقترح علي ذ.يونس الزعراوي تناول موضوع الإعاقة والمعاق لما له من أهمية في الوقت الراهن بحكم معانات وحرمان هذه الفئة من المجتمع، كنت اعتقد أن موضوع الإعاقة يخص فقط تلك الفئة التي تعاني من شتى أنواع الإعاقات الجسدية والذهنية...لكن مع مرور الوقت توسع لذي مفهوم ومعنى ومحتوى وأشخاص الإعاقة، وذلك في الزمان والمكان، أشخاص في مؤسسات مهنية ، في أجهزة الدولة بمختلف القطاعات المهمة... الإعاقة مصدر أعاق يعيق أي منع وأحال دون القيام بوظيفة ما كانت بدنية أو فكرية أو مهنية..وهنا مربط الفرس كم لدينا من معاق في هذا الوطن؟؟ لن أقول الآلاف بل الملايين بحيث ما يعانيه بلدنا من تخلف وفساد وتخريب ...يعود لإعاقة كل واحد منا فيما يقوم به من مهنة حرة أو وظيفة عمومية كانت إدارية أو أمنية أو اقتصادية أو اجتماعية أو رياضية... وتكفي هنا إشارات سريعة لنماذج الإعاقة التي نعيشها في شتى الميادين لنقف على حجم الخسائر التي يتكبدها الوطن والشعب والدولة كجهاز مسؤول... *-الإعاقة المهنية كل القطاعات تعاني من فوضى وتسيب في الإنتاج والتوزيع والاستهلاك..لا وجود لأي قانون،والنتائج تعرفونها جميعا، تخلف عام في جل المهن ،قطاع خاص هش لا يقوى على أي مقاومة أمام زحف العولمة الإقتصادية وتحرر التجارة العالمية ..وعليه لا نرى سوى المهن المعيشية البدائية المتخلفة وسنبقى عالة على غيرنا في كل شيء والسبب إعاقتنا الدائمة والمذلة للغاية. *- الإعاقة الإدارية ، وتظهر بشكل جلي في التخلف الإداري وسوء التدبير والتسيير لكل الإدارات ،وهذا راجع للمعاقين الذين يشتغلون ويسيرون تلك الإدارات من الوزير إلى أبسط عون.ولا داعي إلى سرد أمراض وإعاقات الإدارة المغربية التي تهددنا بسكتة قلبية أو شلل تام لكل المرافق العامة ، الموظف العمومي يعاني ويشتكي ويضرب عن العمل ، والحكومة تتملص من وعودها ، وتحل المشاكل بإهمالها وتركها، ولا فرق بين الحكومات اليمينية و اليسارية، لأنه ليس في القنافد أملس، والرتب الأخيرة التي نقبع فيها دون خجل خير دليل.. *- الإعاقة الأمنية بشائرها الدموية تخلف أحزان كثيرة، مثلا آلاف الموتى والجرحى ضحايا حوادث السير نتيجة الإعاقة التي نعاني منها الرشوة والإرشاء ب"العلالي"مهما كانت المخالفة الطرقية والحالة الميكانيكية للعربات، الطرقات في وضعية مزرية، سلوكات السائقين كارثية...والخلاصة أبرياء دمائهم وإعاقتهم في عنق من أعاقوا تطبيق القوانين، أيضا الانفلات الأمني والذي تعاني منه البلد يرجع إلى إعاقة السياسية الأمنية للدولة ،وإعاقة الأجهزة الأمنية التي تعاني الخصاص البشري مع انعدام المعدات اللوجستيكية وهزالة الأجور...مع أن خصاص واحد سيعيق وجود الأمن بالبلد فما بالك إن اجتمعوا سيخلف موتى وليس مجرد إعاقة جسدية،لان فاقد الشيء لا يعطيه. *- الإعاقة الإجتماعية اكتسحت شرايين المجتمع حيث أصبح يعاني من مظاهر غريبة لا عهد لنا بها من تشرد وانحراف الأطفال ذكور وإناث ، الفساد والخيانة الزوجية أصبح أمر عادي ، شرب الخمور والمخدرات أصبح علني أكثر ولا أحد يحرك ساكنا مع الإعاقة الأمنية والإعاقة الإنسانية التي أصبنا بها جميعا حيث لم يعد أحد ينهى عن منكر أو يأمر بمعروف إلا ناذرا،قلت الرحمة إن لم نقل انعدمت في قلوبنا بحيث لا تتحرك مشاعرنا لموت أو مرض أو جوع أو فقر...فهل هناك إعاقة أخرى أكبر من هذه؟؟ حتى عالم الرياضة التي كنافيها رائدون أصبنا بإعاقة عامة ولم نعد نقوى على العدو، فسبقنا القوي والضعيف ، لقد تجمد الماء في "الركابي" وجف العرق قبل خروجه، فحصدنا الهزائم وراء الهزائم ، وانتصر أبطالنا المعاقون في بكين بعدما خر الأسوياء بكثرة السهر والمنشطات... وهنا انتقلت الإعاقة من البدن إلى العقل الذي لا يفكر فيما سيخلفه تخاذلهم وهزائمهم من آلام نفسية على الشعب،انفلتت إلى قلوبهم التي لا تبالي بقيمة تمثيل الوطن ورفع الراية الوطنية في المحافيل الدولية رغم ملايير الدراهم التي تصرف عليهم من جيوبنا... و السؤال المهم هل هناك إعاقة أخرى أخطر و أقبح من مثل هذه الإعاقات؟؟ لو كانت إعاقتهم تعود عليهم وحدهم فقط بالسلب لهان الأمر ولكن آثرها الخطيرة تضر عامة الناس تسيء للوطن داخليا وخارجيا ، تعيق وتعرقل ازدهار وتقدم البلد في شتى المجالات بل يصل الأمر إلى زعزعة المشاعر الوطنية للكثير من المغاربة والسعي إلى"تكريههم"في وطنيتهم وحبهم للوطن، وهذا ما دفع عاهل البلد إلى وضع النقط على الحروف في موضوع المواطنة الحقة وبعض صور الخيانة. ماذا ربحنا من إعاقة العائقين لكل ما فيه خير العباد والبلاد؟؟ ماذا ربحنا من"عياقة العايقين بزاف" الذين يفهمون في كل شيء وهم أجهل الجاهلين؟؟ لا شيء غير إضاعة الوقت، والمال ، والجهود لعدة عقود منذ استقلال البلاد التي خرجت من الجهاد الأصغر ألا وهو طرد الإستعمار والدخول في الجهاد الأكبر المتمثل في بناء دولة المؤسسات وتحقيق العيش الكريم للمواطنين في جو من الأمن والأمان والعدالة الإجتماعية والحرية والديمقراطية في دولة ما نسمع عنه الحق والقانون... كنا نعتقد أننا نحتاج إلى سياسة رعائية للمعاقين وذوي الاحتياجات الخاصة لكن الإعاقة في وطني تنوعت وتشعبت وانتشرت بسرعة البرق و اختلطت الأمور بشكل خطير حتى أصبح من الصعب معرفة المعاقون الجدد المنتشرون في كل بقاع الوطن فكم من معاق في التعليم في الصحة في القضاء في الأمن و الجيش ، في القطاع العام و الخاص ... الكثير حتى أصبح الجميع معاق أو على وشك الإعاقة.. لان الإعاقة في الأصل تعني عدم القدرة على اكتساب الطاقات الكاملة أو انجاز المهام أو الوظائف الطبيعية مما يؤدي إلى انخفاض في القدرة للقيام بالدور الاجتماعي نتيجة المرض و الضعف و العجز و هذا ما هو موجود في المعاق بدنيا و يتساوى فيه المعاقون جميعا ، المصابون بعاهة جسدية و الأسوياء بدنيا فقط و لكن لهم إعاقتهم الخاصة بهم ، و لكل شخص إعاقته الداخلية و الخارجية ... و إذا وصلت الإعاقة إلى هذا فمن سيعالجنا؟ من سلبي احتياجاتنا؟ الجواب بدأ مع و من باع و يبيع المؤسسات العامة المربحة بأبخس الأثمان إلى أباطرة الاستعمار الجديد مع زحف العولمة المتوحشة حتى أزبالنا عجزنا على جمعها و توضبيها و التخلص منها دون تلوت أما إعادة تصنيعها فأمر بعيد... فهل نتوقع الرحمة و السلام و الغداء من العدو الذي لا يهمه سوى الربح المادي و السياسي ...؟؟ لأنه متى كان الذئب يرعى الغنم ؟؟ متى كان الداء هو الدواء ؟؟ أسئلة كثيرة و جزء من الجواب يعرفه الجميع و الجزء الأخر يعرفه المتخصصون ، و المطلوب في نهاية المطاف علاج أمراضنا بأيدينا فإما نحسن التداوي في الوقت المناسب أو نكون نحن من نحفر قبورنا بأيدينا ... نحن من سنختار يا ترى كيف سيكون الاختيار ؟؟. إما أن نكون أو لا نكون ... --------------------