فيما يكثر الحديث عن الأشخاص في وضعية إعاقة في المغرب وعن محاولات إدماجهم في المجتمع ومواجهة العراقيل العديدة التي تقف ضد وضع سياسات تمكنهم من التمتع بكافة حقوقهم الاقتصادية والاجتماعية والثقافية و ضمان كرامتهم، ما زالت هذه الفئة تعاني ظروفا صعبة وتعيش على هامش المجتمع . فحسب نتائج البحث الوطني حول الإعاقة المقدمة سنة 2006 فان عدد المعاقين في المغرب يقدر ب 5,12 % أي ما يفوق مليون ونصف المليون ، 15,6 في المائة منهم تقل أعمارهم عن 16 سنة، كما تمس وضعية الإعاقة حوالي 2,2 في المائة من الأطفال من الفئة العمرية 0-14 سنة، و 58,8 في المائة تقطن بالوسط الحضري، أما على مستوى الشغل فكشفت نتائج البحث على أن نسبة 55,2 من الأشخاص المعاقين النشيطين لا يجدون عملا، وأن سوق العمل يزداد وطأة في أوساط العنصر النسائي حيث لاتمثل النساء النشيطات والحاصلات على عمل سوى نسبة 3,8 في المائة مقابل 15,5 في المائة لدى الرجال. وإجمالا فإن معدل البطالة في أوساط الأشخاص المعاقين يشكل خمسة أضعاف ما يمثله ضمن مجموع المغاربة. وحسب نوع الإعاقة، فإن 45,6 في المائة يعانون من إعاقة واحدة بينما يعاني الباقي من أكثر من إعاقة . وتمثل الإعاقة الحركية أكبر نسبة ب 9,51 في المائة، أما البصرية فتصل إلى 28,8 في المائة بينما السمعية تهم 14,3 في المائة. ويأتي عدد الأشخاص المعاقين المنخرطين في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي أوفي التأمين التعاضدي 12 في المائة فقط من مجموع الأشخاص المعاقين الخاصة بالمغرب. إلا أن هذه الأرقام وغيرها تطرح أكثر من علامة استفهام وخاصة حول الوضعية القانونية للأشخاص في وضعية إعاقة، سيما وأن العديد من النصوص بقيت دون تفعيل لغياب الارادة السياسية الكافية للنهوض بحقوق الاشخاص في وضعية إعاقة . إدماج بمقاربة حقوقية أكدت نزهة الصقلي، وزيرة التنمية الاجتماعية والأسرة والتضامن على رغبة الوزارة في تحقيق الإدماج الحقيقي للأشخاص في وضعية إعاقة وفقا لمقاربة حقوق الإنسان، وذلك لتحقيق التغييرات اللازمة، القانونية، الثقافية، والسلوكية لتمكين الأطفال في وضعية إعاقة اليوم لعيش اختلافهم دون إعاقة، في مجتمع يقبل الاختلاف الجسدي كحق من حقوق التنوع البشري .وأشارت في كلمة لها في افتتاح الندوة الوطنية التي نظمتها الوزارة يوم18 مارس 2008 التي اتخذت الوزارة كشعار لها من أجل تشريع وطني لتعزيز حقوق الأشخاص في وضعية إعاقة، على ضرورة نهج سياسة إرادية وإنسانية تقوم على مبادئ التنمية الإدماجية والاحترام الكامل لحقوق الإنسان والمشاركة اللاتمييزية. مؤكدة على ضرورة وضع إطار تشريعي شامل ومندمج بهدف تعزيزا لإدماج الاجتماعي للأشخاص المعاقين. وفي معرض تدخلها قالت الصقلي إن شخصا واحدا فقط، من كل مائة شخص معاق يتوفر على تأمين يغطي التكاليف الطبية المرتبطة بإعاقته بشكل كامل . وكانت الحكومة قد وضعت السنة الماضية خطة لإنشاء 247 فصلا للأطفال المعاقين في المدارس العادية، منها 176 للأطفال ذوي الإعاقات العقلية و71 لذوي إعاقات السمع، وجرى توجيه كل من هذه الفصول إلى مناطق جغرافية بعينها ومجموعات اجتماعية واقتصادية وثقافية. وفيما يتعلق بمسببات الإعاقة تمثل حوادث السير أعلى نسبة من أنواع الحوادث المؤدية للإعاقة المصرح بها من قبل الأشخاص المعاقين، تليها حوادث الشغل، وبعدها حوادث ناتجة عن عمليات وتدخلات علاجية، وبعدها حوادث الرياضة والترفيه. ويأتي القصور الحركي في المرتبة الأولى، يليه المرتبط بأمراض القلب والشرايين، والتنفسية والمناعة، وفي الصف الثالث والرابع يأتي القصور البصري والقصور الكلامي والنطقي متبوعا بالقصور الذهني، ثم السمعي، وفي الأخير هناك القصور الجمالي. قوانين غير مفعلة سجل رشيد الكنوني، مدير الوقاية والإدماج الاجتماعي للأشخاص المعاقين بالوزارة، وجود ثغرات في النصوص القانونية الحالية تتمثل في كونها نصوصا عامة وفضفاضة تفتقر لعنصر الجزاء القانوني في حالة مخالفتها، وتعتمد المقاربة الطبية في صياغة نصوص الرعاية الاجتماعية. وعن مسودة القانون المتعلق بتعزيز حقوق الأشخاص في وضعية إعاقة، أوضح الكنوني، أنها تروم ضمان الحد الأدنى من الحقوق الأساسية لفئة الأشخاص المعاقين وتجاوز المعيقات القانونية والإدارية والتقنية التي تعرفها هذه الشريحة، بالإضافة إلى تجميع المكتسبات الحقوقية في نص واحد، وفق مقاربة حقوقية وتشاركية واجتماعية دامجة. واعتبر أن محدودية قوانين الرعاية الاجتماعية والنصوص المصاحبة لها، في ضمان حقوق الأشخاص المعاقين، واستمرار مظاهر الإقصاء والتهميش اللذان تعاني منهما هذه الفئة، كل هذه العوامل تفرض ضرورة إخراج نص قانوني يستجيب لمتطلبات الإدماج الاجتماعي. من جهته أبرز كريم الشرقاوي، عضو مؤسس للجمعية المغربية للمعاقين جسديا، وعضو مؤسس للتحالف من أجل النهوض بحقوق الأشخاص المعاقين بالمغرب أن الخلاصات التي انتهى إليها البحث الوطني حول الإعاقة المنجز من طرف كتابة الدولة المكلفة بالأسرة و الطفولة والأشخاص المعاقين والتي تم تقديمها سنة ,2006 أبانت عن الوضعية الكارثية التي يعيشها الأشخاص في وضعية إعاقة، سواء على مستوى تمتعهم بالحقوق الأساسية المعترف بها لكل المواطنين، أو على مستوى الاستفادة من الخدمات التي تستلزمها أوضاعهم، أو على مستوى مشاركتهم في الحياة الاجتماعية والاقتصادية والمدنية والسياسية. وأضاف الشرقاوي لـالتجديد، أن هذا المشروع يطرح نفسه بديلا عن التشريعات الجاري بها العمل في المغرب، والتي تؤطر وضعية الأشخاص في وضعية إعاقة، ويروم ـ كما وصفه واضعوه - أن يكون مشروعا متكاملا لحماية وتعزيز حقوقهم وكرامتهم في ظل فرص متكافئة تتيح لهم مشاركة كاملة في المجتمع. وأشار المتحدث ذاته إلى الخلل الذي تعرفه القوانين التي تتعلق بالأشخاص في وضعية إعاقة وعجزها في ضمان الحد الأدنى من الحقوق وتكافؤ الفرص، بل تعوق مشاركتهم الكاملة في الحياة العامة وبشكل إيجابي، في الوقت الذي تفرض عليهم باقي النصوص القانونية نفس الواجبات المفروضة على باقي المواطنين، فالقوانين الثلاث التي تخص الأشخاص في وضعية إعاقة (قانون الرعاية الاجتماعية للمكفوفين، وضعاف البصر رقم ,581 وقانون الرعاية الاجتماعية للأشخاص المعاقين رقم ,792 وقانون الولوجيات رقم 03 - 10) لم تصدر لها إلا القليل من المراسيم التطبيقية مما جعلها دون جدوى أو مفعول ولم تساهم في تنمية الأشخاص في وضعية إعاقة و تمكينهم من حقهم في العيش الكريم، وكل من يتفحص هده القوانين يمكن أن يسجل على الأقل بأن الدولة من خلال مواد هده القوانين غير ملزمة و لا تقوم بضمان أي من الحقوق بل تترك إمكانية دلك إلى توفر الظروف الملائمة أو إلى أن تتاح الإمكانيات اللازمة و الميسرة لدلك ..الخ بل أن صيغة الاستثناء ذهبت إلى انه بالنسبة لأحكام المادة 29 من القانون 03,10 المتعلق بالولوجيات استثناء البنايات والمنشآت والتجهيزات القائمة تاريخ صدور هذا القانون من فرض الولوجيات بها، وفي الأخير ركز على أن هدا المشروع رغم أهميته و ما جاء به من ايجابيات يبقى رهينا بضرورة صدور المراسيم التطبيقية، ويأمل أن يفعل هذا القانون مباشرة بعد نشره بالجريدة الرسمية وألا يبقى طي النسيان مثل غيره من مقترحات قوانين لأنه يعتقد انه ليس قانونا للأشخاص في وضعية إعاقة بل انه قانون لكل المغاربة لأنه وحسب البحت الوطني فان 25 في المائة من العائلات المغربية يوجد بها شخص معاق على الأقل. الحق في العيش الكريم للنهوض بأوضاع المعاقين وتقديم الدعم المالي لأنشطة ومشاريع هيآت ومنظمات الأشخاص المعاقين والمساهمة في المشاريع التي ينجزونها، نصت المادة 77من مسـودة القانـون المتعلـق بتعـزيز حقوق الأشخاص في وضعية إعاقة، على إحداث صندوق خاص بالمعاقين يسمى الصندوق الوطني للنهوض بأوضاع الأشخاص المعاقين، ويعتبر إحداث هذا الصندوق ذا أهمية بالغة باعتباره سيكون كآلية من ضمن مجموع الآليات التي ستساهم بشكل مباشر في التنمية الاجتماعية والاقتصادية للأشخاص المعاقين وضمان عيشهم، والأهم من ذلك ضمان كرامتهم في إطار ما تضمنه لهم المواثيق الدولية و القوانين المحلية فيما يتعلق بحقوقهم الاجتماعية و الاقتصادية و تكافؤ الفرص. بالإضافة إلى ذلك سيتولى الصندوق تدبير نظام المساعدة التي سيستفيد منها الآباء غير المتوفرين على أية تغطية اجتماعية. إلا أن المشروع جاء مفرغا من كل النصوص والمساطر التطبيقية التي تحدد كيف سيتم تفعيل مختلف مواد القانون يؤكد الشرقاوي كريم، مشيرا إلى أن هذا يحيل بالطبع إلى التجربة التي عرفها تنفيذ مختلف القوانين المتعلقة المتعلقة بالرعاية الاجتماعية للأشخاص المعاقين، والتي بالإضافة إلى خلوها من أي التزام لم تصدر إلا بعض المراسيم التطبيقية القليلة جدا مما أدى إلى بطء تنفيذها لحوالي ثلاث عقود. وبالتالي فانه من الضروري إرفاق هدا المشروع بمختلف الآليات والمراسيم التطبيقية من أجل المصادقة عليها مع القانون وأن تكون هي أيضا محط نقاش عام ووطني. إن أهمية الصندوق تكمن في الآليات التنفيذية التي ستسطرها الحكومة من أجل ذلك والمقاربة التي ستعتمد من أجل دلك ففي حال اعتماده على المقاربة الإحسانية سوف يصبح آلية للتواكل والاتكالية ، فالصندوق ...يجب في اعتقادنا اعتماد المقاربة التشاركية من جهة والارتكاز على مبادئ التنمية الدامجة والاخذ بعين الاعتبار أن للأشخاص المعاقين الحق في العيش الكريم. نقط أخرى تضعف النص القانوني المتعلق بالصندوق و هي عدم التحديد المضبوط و الواضح عن مصادر تمويل الصندوق بحيث سيعتمد على المبالغ المحصلة من الغرامات المفروضة على مخالفة مقتضيات القانون فإن موارد الصندوق تحدد في إطار قانون المالية، وهذا بالطبع سيخضع تحديد مصادر تمويله لمزاجية الحكومات يضيف المتحدث ذاته. تعريف يعتبر في وضعية إعاقة حسب مسودة قانون تتعلق بتعزيز حقوق الأشخاص في وضعية إعاقة، كل شخص يعاني داخل بيئته من حواجز تحد من أنشطته أومن مشاركته في المجتمع، بشكل دائم أومؤقت، بصورة قارة أومتطورة، نتيجة قصور أوانحصار لقدراته البدنية أوالعقلية أوالنفسية أوالحسية، لافرق بين من ولد في هذه الوضعية ومن عرضت له بعد ذلك. ويعتبر تعريف الشخص في وضعية إعاقة في المادة الأولى من المشروع كونه من أهم التعييرات الايجابية بحث انه يشكل قطيعة مع التعريف الطبي الذي المعتمد في قانون الرعاية الاجتماعية و بالتالي المقاربة الطبية المعتمة في مختلف السياسات الرعائية المعتمدة، بحيث أن الإعاقة لم يبق محددها طبيا فقط بل أضيف المكون الاجتماعي والبيئي.