يرحم الله واسعاً البوليس قيد حياته "ابريك" الذي اقترن اسمه، في ثمانينات القرن الماضي، بمطاردة وقتل الكلاب الضالة، باستعمال الرصاص (الحي).. وبعد رحيل (قتّال الكلاب) لم تجد المدينة من يصوّب فوهة بندقيته طلباً لرؤوس الجراء والكلاب التي أصبحت تصول وتجول بحرية مطلقة في أكبر الشوارع وأشهر الساحات في مدينة كانت قاب قوسين أو أدنى من احتضان أكبر معرض دولي.. وحتى لا نسقط في "شبوقات" مع جمعية الرفق بالحيوان العتيدة، نؤكد على أن هذه السطور لا تبتغي، بتاتاً، التحريض على استعمال العنف ضد هذه المخلوقات "القمقومية" التي لا ننكر انسلاخها عن طبيعتها الكلبية وتقمصها لأدوار (بشرية) تخاصم الوفاء وتسرف أحياناً في (الفلس العظيم)… الحاصل: هذا كلب (صالح) مندمج في المجتمع، يمتع السيدة سماسم، ويعمر عليها الدار، خصوصاً بعد هجرة الإبن الأكبر إلى سويسرا مع (شقفته)، على حد تعبير السيدة، واختيار الإبنة للا سعاد المحروسة للعيش في رغد ماربيا الإسبانية، وتلبية الحاج "فلاك" لنداء السماء وجمع القلاع والذهاب إلى حيث لا عين رأت… وهذا كلب محظوظ، أمه فرنسية جميلة ووديعة، وأبوه من فحص طنجة، عيناه خضراوان بشكل يجنن، وشعره ناعم، لا يخفى أصله الأندلسي.. حصل على شهادة في القنص (قنص ماذا؟) ونال إعجاب البطرون، فكانت العناية والكفاية.. وأراك على برغّ. وهذا كليّب بن كليّبة، مجهول الوالد، حرامي أعني، لا أحد يبزه في وداعته ولطفه، زغنن بشكل قوي، يدرس مع أبناء أعيان الكلاب في كوليج سان بوبي، حليق الرأس بشكل نصفيّ، يعني أنه مشمر على قفاه، حزام سرواله مرخوف، حركاته تثير أبناء كلابنا المنفلتة من زمن ابريك، ولا تخطئه سهامها إذا ما لاذ بالخلوة، وهو الراغب المرغوب.. وهذه كلبة واش من كلبة.. للاّتهم ومولاتهم.. القد والوقفة وأجرك على الله.. والله وما ميزيتي معها لا فوّرتي.. تذهب إلى الغابة في آخر النهار بقصد القنص (الصيد، بلغة الشارع).. تستعين في مهنتها بخدمات عناصر من بني الجلدة (الأوفياء). تضعهم في أعلى منزلة عندها، تغدق عليهم بالخير كلما ظفرت بصيد ثمين.. وتصنفهم في درجة (القياد)، قياس خير. وعيبها الوحيد، حسب مقرر الميزانية، أنها تبعث بالجزء الأكبر من المداخيل إلى مسقط رأسها، الشيء الذي يؤثر سلباً على الرواج الاقتصادي في المدينة مقر العمل.. وهذا جرو مع والديه العزيزين، ورابعهم خادمهم الجيلالي، يتجولون في حديقة البلدية، يشمون الهواء في هذا اليوم الربيعي الجميل، ويتمتعون بشقشقة صبيان الحي.. - أولاد الكلب طلع لهم الجوكير.. هذا زمنهم.. زمن الكلاب.. - نلتقي ! *[email protected]