لا بد من تقدير تضحيات رجال التعليم وتوفير بشكل استعجالي ترسانة قانونية لحمايتهم تزايدت في المدة الاخيرة وبشكل مخيف ومقلق ومزعج وبشهادة الجميع مظاهر العنف ضد أطر التربية، ولعل الملاحظات والشكايات والاحتجاجات التي تشهدها بين الفينة والأخرى العديد من المؤسسات التعليمية في كل ربوع البلد (تاوريرت، الجديدة، الرحامنة، الناظور، سلا...) خير دليل على ذلك.
اما عن العناصر المشبوهة والمشاغبين وأصحاب السوابق التي تعترض التلميذات بدراجاتهم النارية، حدث ولا حرج، كما انتشرت وبشكل يندى له الجبين عبر وسائل التواصل الاجتماعي (مقاطع فيديو) تظهر أساتذة يدخلون في عراك بالأيدي مع التلاميذ داخل الأقسام، وهي مشاهد كما يراها العديد من الزملاء في مهنة المتاعب أصبحت مألوفة لدى الكبير والصغير بمختلف جهات المملكة المغاربة (12) مع انتشار وسائل التواصل الاجتماعي.
فبدل استحضار العمل الجدي والمسؤول لأستاذاتنا ولأساتذتنا وما يبذلوه صباحا ومساء وفي بعض الأحيان في ظروف صعبة من أجل أبنائنا وبناتنا خلال عملهم وعلى تفانيهم وإخلاصهم، والإشادة كذلك بالخصال الحميدة التي يتصفون بها متناسين ان اسرة التعليم المتراصة الصفوف والملتحمة انها خلقت من اجل تربية الاجيال والإبقاء على روح التعاون، تجدهم يعتدون في بعض الاحيان ولأسباب تافهة على الذين تخرجت على اياديهم العديد من الاطباء والصيادلة والمهندسون ورجال الاعمال وارجال لقضاء والمحامون ورجال الاعلام.
وبدل من تشجيعهم والتنويه بمجهوداتهم والثناء على روح الوفاء والجدية والتفاهم التي طبعت وتطبع اعمال التلاميذ والتلميذات ، وتهنئتهم على انفتاح مؤسساتنا التعليمية على محيطها الخارجي للبحث عن جدلية التكوين والاندماج في مختلف المجالات وخاصة المجال العلمي والثقافي والفني والرياضي، مما سيعطي للتلاميذ بعدا جديدا في مسارهم العلمي وفي تكوين شخصيتهم، نجد هؤلاء منعدمي الضمير وكذلك اوليائهم الذين لا يتواصلون مع مؤسسات ابائهم والتي يكون من مخلفاتها ومن ورائها نتائج سلبية تمس نفسية الطفل وتكوينه ،، نجدهم يلتجئون الى العنف بدل المساهمة قدر استطاعتهم لتحسين جودة التعليم ما دام التعليم فضية تهم الجميع.
ويرى العديد من اساتذتنا الأجلاء أن الظاهرة ليست وليدة اليوم، لكنها استفحلت بشكل كبيرة في الآونة الأخيرة، هذا الاستفحال راجع إلى مجموعة من التصريحات المغرضة والمقصودة من طرف العديد من الجهات المعنية والوصية ، وهناك من يرى ان غياب ترسانة قانونية تحمي الأستاذ ، يزيد من استفحال الظاهرة ، عندما يتعرض الأستاذ للعنف من طرف غرباء أو متعلمين ، يلجأ إلى القانون كأي مواطن عادي، لكن عندما يتعرّض رجل أمن لاعتداء ، تقوم الدنيا ولا تقعد...
وقد تعرض مدير إعدادية محمد السادس بأحد أولاد فرج التابعة للمديرية الإقليمية للتربية الوطنية في الجديدة لاعتداء بالضرب والجرح على مستوى الرأس والوجه ، أثناء أداء مهامه، من قبل تلميذ بالمؤسسة نفسها، وهو ما عجل بنقله في حالة غيبوبة نحو المستشفى لتلقي العلاجات الضرورية.
وبحسب بلاغ صادر عن مديرية التعليم بالجديدة ،فقد طالب السيد المدير الإقليمي للتعليم السلطة المحلية على مستوى قيادة أولاد فرج بالتنسيق مع الدرك الملكي لاتخاذ جميع الإجراءات القانونية المطلوبة، في انتظار الإدلاء بالشهادة الطبية الخاصة بمدة العجز التي حصل عليها المدير الضحية من قبل الطبيب المختص بمستشفى محمد الخامس بعاصمة دكالة.
وجددت مديرية التعليم بالجديدة تأكيدها على الرفض المطلق لكل أشكال العنف الممارس ضد الأسرة التعليمية في مقرات عملها ، واضعة جميع مصالحها رهن إشارة مختلف أطرها للمؤازرة القانونية من أي اعتداء.
تجدر الإشارة إلى أن كافة الأطر التعليمية التي قامت إلى جانب المدير الإقليمي بالجديدة بزيارة المدير المعنف والاطمئنان على صحته ومؤازرته ، عبرت عن أسفها لما آلت إليه العلاقة بين الأسرة والمدرسة ، رغم حرص المؤسسات التعليمية على الاحتفاظ بالتلاميذ المتعثرين قصد دعمهم وإعطائهم فرصة الاستعطاف لإرجاعهم إلى الفصول الدراسية كما هو شأن التلميذ المشتبه فيه المستفيد من فرصة متابعة التعلم في إطار الاستعطاف.
ودعت المديرية الإقليمية للتعليم بالجديدة جموع المسؤولين التربويين إلى تشديد المراقبة القبلية لسلوك التلاميذ ، وإحالة المخالفين على المجالس الانضباطية ، لاتخاذ المتعين في حقهم ، صونا لحرمة المؤسسات وحفظا لسلامة أطرها، وحرصا على مؤازرتهم أثناء تعرضهم للتعنيف في عملهم طبقا للقانون.
ودعا أيضا ممثل جمعية آباء وأولياء التلاميذ ، الذي حضر لمؤازرة رئيس المؤسسة ، إلى التعاون مع الإدارة لتجفيف منابع الانحراف والعنف وسط التلاميذ.
كما تعرض أستاذ لمادة الرياضيات في برشيد للعنف من أحد طلبته لانه منعه من الغش في الامتحان، حيث رفض منح الأستاذ الورقة وقام بإمساكه بعنف من عنقه ووجه له لكمة على مستوى الوجه، ليتدخل على إثرها مجموعة من التلاميذ ويوقفوا تطور الواقعة بين الطرفين.
كذلك تعرض استاذ بمدرسة أبي بكر الصديق بإقليم الرحامنة الى اعتداء جسدي ، وقد أصدر التنسيق النقابي لقطاع التعليم بيانًا استنكاريًا يدين هذا الاعتداء، محملًا الجهات المسؤولة مسؤولية اتخاذ التدابير اللازمة للحد من هذه الظاهرة.
وأكد البيان على ضرورة توفير الحماية القانونية والإدارية للأساتذة داخل المؤسسات التعليمية وخارجها، مشيرًا إلى أن مثل هذه الاعتداءات تقوض مكانة المدرسة العمومية وتهدد كرامة رجال ونساء التعليم. كما دعا إلى تفعيل القوانين الرادعة واتخاذ إجراءات حاسمة لمنع تكرار مثل هذه الحوادث.
ويعكس هذا البيان اذن قلق الفاعلين في القطاع التعليمي من تنامي ظاهرة العنف داخل المدارس، وهو ما يستوجب تدخلًا حازمًا من الجهات المعنية لحماية الأطر التربوية وضمان بيئة تعليمية سليمة.
دون الحديث عن مشاهد الاعتداءات اليومية التي يتعرض لها الأساتذة سواء داخل الحجرات الدراسية أو بالقرب من المؤسسات التعليمية ، حيث سبق أن تعرضت أستاذة بلباسها المهني لاعتداء وصف بالشنيع من طرفِ أحد تلامذتها بالقُرب من المركز الدراسي الذي تشتغلُ فيهِ بمدينة سلا.
ان الجهات الامنية ومنها الشرطة والقوات المساعدة ورؤساء المقاطعات من رجال السلطة مطالبون كل في دائرة اختصاصه ونفوذه الترابي أكثر من أي وقت مضى بتخصيص حراسة مؤقتة ولو اثناء خروج التلاميذ والمدرسين في الساعات المسائية والليلية،، وخاصة وان اغلب مؤسساتنا التعليمية الاعدادية والثانوية تتوقف فيها الدراسة بعد الساعة السادسة والنصف وهي الفترة التي يسقط فيها الظلام في موسمي الخريف والشتاء.
فهل ستستجيب الجهات الامنية في جميع الجهات 12 لهذا النداء.