خضع الأستاذ فكري إدريسي, أستاذ مادة الانجليزية بثانوية ابن خلدون نيابة فاس الجمعة الماضية, بإحدى المصحات لعملية جراحية كللت بالنجاح على إثر الاعتداء عليه من قبل أحد التلاميذ أثناء حصة مراقبة تقييمية داخل القسم أسفر عن جروح في وجهه وكسر مزدوج في الأنف وعقب هذا الحادث ، قام وفد أكاديمي نيابي برئاسة الدكتور محمد دالي مدير الأكاديمية والسيدة نائبة الوزارة بفاس ورئيس قسم الشؤون التربوية والخريطة المدرسية والإعلام والتوجيه ورئيس المركز الجهوي للتوثيق والتنشيط والإنتاج التربوية ورئيس مصلحة الموارد البشرية ورئيس الجمعية الوطنية لأساتذة التعليم الثانوي العمومي فرع فاس وممثل عن الجمعية الوطنية للتعليم الابتدائي بالمغرب وعدد من رؤساء المصالح بالأكاديمية والنيابة بزيارة مؤازرة للأستاذ فكري بمقر سكناه بحي القدس بالمدينة الجديدة . وقد أكد مدير الأكاديمية دعهم للأستاذ فكري, مشيرا إلى أن الملف لدى محامي الأكاديمية في انتظار اتخاذ الإجرءات القانونية في حق المعتدي . كما قام المدير بزيارة مؤازرة للأستاذ عبد الله الإدريسي أستاذ مادة الرياضيات بالثانوية التأهيلية عبد الكريم الداودي بحي المسيرة والاطمئنان على حالته الصحية إثر الإعتداء الإجرامي الذي تعرض له داخل قسمه من قبل تلميذه الذي يدرس بالسنة أولى باكالوريا . وخلال نقاش مفتوح مع مدير المؤسسة وبعض الأساتذة، تعهد الوقوف إلى جانب الضحية مؤكدا في ذات الوقت تكليف محامي الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين بجهة فاس بولمان من أجل متابعة ملف الاعتداء, كما شدد على دعم ومؤازرة كل من الأكاديمية والنيابة للأستاذ المعنف . يشار إلى أن محامي الأكاديمية حضر يوم الثلاثاء صباحا بالمحكمة إلى جانب الأستاذ عبد الله الإدريسي في أول جلسة لمؤازرته والدفاع عنه. دواعي الاعتداءات التي استهدفت بعض رجال التعليم بجهة فاس بولمان خلال الآونة الأخيرة متعددة ومتباينة ، منها على سبيل المثال غياب الزجر,الصرامة الإدارية في التعاطي مع الاعتداءات المسجلة خطر، مرور جرائم تربوية دون عقاب ، المغالاة في تغليب الجانب التربوي . ولعل الأمر هنا له علاقة بما يحدث بالملاعب الرياضية ، ونفس الشيء يتكرر مع المؤسسات التعليمية من سطو وتخريب واستباحة الحرمات، تسجل ضد مجهول . ولأن الأمر لم يقف عند هذا الحد ،ورغم الجهود المبذولة جهويا ووطنيا ، فقد عمدت هذه التقليعة الهجينة لشباب اليومإلى الاحتفاء بسلخ التلاميذ لأساتذتهم ، واعتبارها بطولات، بل أصبحت بعض الأقسام فضاءات لتعاطي أنواع من المخدرات, والأنكى أن تجد مواقع إعلامية إلكترونية بلا قواعد مهنية تحتفي بالحدث ،وتصنع منه بعد التهويل فرجة وإثارة . كما أن الاعتداءات التي تستهدف هيئة التدريس تفاقمت ، في ظل أقوى درجة تبخيس فاقت كل التوقعات يتعرض له الأستاذ اليوم ، و بات المدرس عموما هدفا رئيسيا لها ، ومع الاستقالة الرسمية للأسرة من التربية والمراقبة والتوجيه ، وبتظافر جهود العديد من العوامل الذاتية والموضوعية المؤججة من قبل بعض المواقع الإلكترونية التي لا قاعدة مهنية لها ،حيث التهويل وصناعة الإثارة من صميم وجودها . تشتد الظاهرة ويتفاقم ضحاياها سيما مع اقتراب موعد الامتحانات الإشهادية. و بقدر ما يتجلى الخواء على مستوى التحصيل الدراسي لدى التلاميذ ، بقدر ما تشتد الرغبة لديهم في النجاح مهما كان الثمن . والنتيجة هذا الارتباك الكبير الذي يروح ضحيته الأستاذ ومعه المنظومة بالبلاد. ولعل أقرب التفسيرات للمشكلة هو السياسة التعليمية بالبلاد والتي تتحكم في محاورها تحديات أبرزها النقص الحاصل والملحوظ في الموارد البشرية، ما ينتج أقساما مكتظة يصعب التحكم فيها وضبطها ، والنتيجة أعصاب تنهار ، وهدر وسلخ واعتداءات بالجملة من بين محركات العنف المدرسي ، ثمة أيضا غياب الإنصات لهواجس وتمثلات التلاميذ سيما في مرحلة حساسة من حياتهم ،واستباقها بالمعالجة والاستماعية ..لن نتحدث هنا عن الرغبة في الظهور عبر مواقع التواصل الاجتماعي كمظهر من مظاهر البطولة هناك أيضا فشل ذريع لمادة التربية الإسلامية بالأسلاك الإعدادية والثانوية ، حيث يبدو الأمر كما لو أنها غائبة تماما في الفاعلية والتوجيه رغم حمولتها القوية للقيم النبيلة والمتسامحة . إما لعقمها أو لتناولها أمورا تكتسي أبعادا ثانوية خارج انتظارات التلاميذ خلال هذه المراحل المفصلية من التنشئة الإجتماعية . ومن الإجراءات التربوية التي يمكن اتخاذها للحد أو التخفيف من هذه الظاهرة تتجلى مسألة تخفيف الأقسام إلى ما تحت الأربعين كأولوية، إضافة إلى توفير مساعدين نفسيين بكل مؤسسة تعليمية ، وترسيخ تفعيل قرارات المجالس ، وإعادة النظر في المراقبة المستمرة ، وعدم ترك الجرائم التربوية دون عقاب ، حتى لا تغيب الصرامة والزجر ويصبح الجميع مقصرا تحت طائلة تغليب البعد التربوي.