أمتار قليلة على بعد المنطقة الصناعية "مغوغة" في اتجاه مدينة تطوان، مشهد أدخنة سوداء تتصاعد في سماء المنطقة، بشكل يكاد يحجب رؤية البنايات السكنية المتواجدة هناك. فبالرغم من أن إحراق النفايات بالمطرح العمومي لطنجة تتم في الفترة الليلة، إلا أن مخلفات هذه العملية تدوم طوال ساعات اليوم، وهو ما يعتبر مبعث معاناة مستمرة لسكان الأحياء والمجمعات السكنية الموجودة بالقرب من هذا المرفق العمومي، وهي المعاناة التي عبروا عنها في سلسلة شكايات إلى الجهات المسؤولة في المجالس المنتخبة والسلطات المحلية، لكن يبدو أن اوان معالجة هذا المشكل لم يحن بعد. قبل نحو 40 سنة، لم يكن هذا المطرح العمومي يثير هذه الإشكالات التي أصبحت تطرح اليوم بعد أن أصبح في قلب المدينة، بسبب انتشار الإقامات والتجزئات السكنية في محيطه وفي أجزاء منه، وبالرغم كل هذا لم يتم الحسم بعد في مسالة توفير مطرح عصري بمواصفات تستجيب لشروط الصحة والسلامة المطلوبة، خاصة بعد تعثر مشروع إقامة هذا المطرح لمجموعات من الأسباب. مؤسسة التعاون الدولي التقني الألماني، كانت قد أشارت قبل سنوات أن مطرح النفايات سيبلغ طاقته الاستعابية القصوى عند نهاية 2011، وعليه يجب التعجيل بضرورة الاسراع إلى توفير مطرح عصري يستجيب للمعايير المتعارف عليها، حسب ما جاء في دراسة قامت بها المؤسسة قبل سنوات، وأوصت من خلالها بإنجاز مطرح مشترك بين إقليمي الفحص أنجرة وطنجة أصيلة من أجل تحكم أفضل في النفايات الصلبة، وتقليص كلفة معالجة الطن الواحد من النفايات وتثمين مواردها، وسهولة التحكم في تأثيراتها على البيئة المحيطة. ويلخص تقرير أنجزه مرصد حماية البيئة والمآثر التاريخية بطنجة، الأسباب التي تقف وراء تعثر مشروع إنجاز مطرح بمواصفات عصرية، بالرغم من أن توفر التمويل ضمن البرنامج الوطني للنفايات المنزلية، الذي تشرف عليه كتابة الدولة المكلفة بالماء والبيئة بغلاف مالي إجمالي يقارب 40 مليار درهم. ومن جملة هذه الأسباب التي أشار إليها التقرير المذكور، كثرة المتدخلين في الملف (مجلس المدينة، الولاية، عمالة فحص انجرة، الجماعات الأخرى للولاية، الإدارة العامة للجماعات المحلية، القطاع الحكومي المكلف بالبيئة). فمشكلة المطرح العمومي، حسب نفس التقرير، هي مسالة سياسية بالدرجة الاولى، حيث أن هناك رفضا من طرف الجماعات القروية المحيطة بالمجال الحضري لطنجة، استقبال المطرح الجديد، بالإضافة إلى لجوء مجلس المدينة والولاية إلى انجاز دراسة اختيار الموقع ودراسة التأثير على البيئة دون تأسيس مجموعة الجماعات الترابية التي ستسفيد منها من هذا المطرح.