مرت حوالي نصف سنة على افتتاح الفدان الجديد بوسط مدينة تطوان، وصارت ساحته منذ يوم افتتاحه مكانا يلوذ إليها العشرات من سكان المدينة للتنزه وتغيير الروتين اليومي، وبالتالي يبدو الأمر وكأن ساحة الفدان القديم قد انبعثت من مرقدها بعد أزيد من 30 سنة من الغياب. ولا شك أن الاختلافات كثيرة بين الفدان القديم والجديد، ولعل أبرزها الموقع، فالأول كان يوجد بالقرب من حي الملاح وحيث يوجد القصر الملكي حاليا، بينما الثاني تم انجازه فوق ما كان يُعرف سابقا بمرآب "حمادي" متوسطا باب التوت وباب النوادر. وفي هذا السياق، قامت "طنجة 24" بزيارة إلى ساحة الفدان الجديد، حيث عبر عدد من المتواجدين بالساحة، عن امتنانهم لإعادة ذكرى ساحة الفدان القديم في شكل فدان جديد لصالح سكان تطوان الذين لا يجدون ساحات مماثلة للتنزه نظرا لاكتظاظ المدينة وصغر حجمها. يقول "محمد حاجي" ابن الثلاثين من العمر في هذا المنحى "هذه الساحة رائعة ومن الجميل أن تتواجد وسط المدينة بالقرب من الجميع، فموقعها أفضل موقع في تطوان" ثم أضاف وهو يشير بيده نحو احياء المدينة القديمة الخلفية " شاهد هذا المنظر الجميل، بنايات الاحياء القديمة والقصبة كلها تظهر أمام مرمى عينيك بألوانها البيضاء الناصعة". صديق محمد حاجي الذي كان يجلس بجانبه على أحد مقاعد ساحة الفدان، دعَم الحديث بالقول " موقع الفدان الجديد أفضل من القديم، فهذا المكان مرتفع قليلا ولا تحيط به الكثير من المباني العالية، وبالتالي يمكن أن تشاهد من هنا العديد من المناظر البانورامية الجميلة". رد استاذ مادة الرياضيات بإحدى مدارس المستوى الاعدادي بتطوان الذي التقت به "طنجة 24" وهو يطالع إحدى الجرائد جالسا على مقعد بساحة الفدان بشأن افضلية موقع الفدان الجديد على القديم "هذا الموقع يمكن ان نتفق على أنه أفضل من موقع الفدان القديم، لكن لا أحد يشك أن القديم كان اكثر جمالا بأصالته وزخرفته". الذين عاشوا سنوات وجود الفدان القديم في تطوان قبل هدمه، لا يترددون في تفضيل القديم على الجديد من حيث الجمالية، وقد دعم كلام استاذ مادة الرياضيات، الصراف المعروف بالمدينة "الحاج أحمد" حيث صرح لطنجة 24 قائلا " جمالية الفدان الجديد لا تصل حتى نصف جمالية الفدان القديم، الذي بني وزين من طرف فنانين كبار". وساحة الفدان القديم كانت قد تم انجازها خلال الفترة الاستعمارية الاسبانية لشمال المغرب، وقد سهر على انجازها مهندسون وفنانون معروفين، مثل الرسام والنحات الاسباني "برتوشي"، حيث عملوا على جعلها ساحة بهندسة اسلامية أندلسية، نظرا لارتباط المدينة باصلها الاندلسي العريق. وفي منتصف الثمانينات من القرن الماضي، تم هدم الساحة من طرف السلطات العمومية من أجل توسيع ساحة المشوار السعيد التابعة للقصر الملكي، وهو ما اعتبره البعض تصرف انتقامي من الملك الحسن الثاني لأهل تطوان لمشاركتهم في إحدى الاضرابات ضد السلطة. في سنة 2015 سيعطي الملك محمد السادس انطلاقة برنامج تنموي لصالح مدينة تطوان، وكان من بين مشاريعه اعادة تشييد ساحة فدان جديدة بالمدينة، ليتم تشييدها وافتتاحها من طرف الملك بشكل رسمي في 30 يوليوز 2016، خلال احتفالات عيد العرش. الكثير من التطوانيين عبروا عن امتنانهم مرارا لهذه المبادرة الملكية، التي بعثت ذكرى ساحة الفدان القديم من جديد، وقد يكتب الفدان الجديد فصولا جديدة ومشرقة في حياة سكان المدينة، رغم أن "أصالة وجمالية الفدان القديم يصعب تعويضها" وفق لسان عشاق الفدان القديم.