– محمد سعيد أرباط: كان لساحة الفدان في تطوان مكانة خاصة لدى ساكنة هذه الحمامة البيضاء، إذ كانت ملاذهم في كل المناسبات الدينية والوطنية للتعبير عن احتفالاتهم وتبادل التهاني والتبريكات، كمثل هذه المناسبة التي نعيشها، أي مناسبة عيد الاضحى. وقد أصبحت هذه الساحة التاريخية، في خبر كان منذ سنوات طويلة، ولم يبقى منها إلا الاسم، أما الرسم فقد موحي تماما وصار مجرد "ساحة جرذاء قاحلة" بجانب القصر الملكي، يستغلها الباعة المتجولون. هذه الساحة التي تم تهديمها في منتصف الثمانينات من القرن الماضي من طرف السلطات، كانت هي الملاذ الاول للتطوانيين لقضاء بعض الاوقات في مساء يوم عيد الاضحى وآيام العطلة التي تليه، وهي أوقات للراحة وتبادل أطراف الحديث عن "الاضحيات بشحومها ولحومها". ولا زال الكثيرون ممن عاشوا في سنوات وجود ساحة الفدان بقبتها المزركشة ونخيلها وأرضيتها التي رسم زخرفتها الفنان "برتوشي"، يتذكرون بحنين عارم ذلك الامس الجميل وهم يجلسون بهذه الساحة رفقة أصدقاء أغلبهم رحل عن الدنيا، وعن تلك الامسيات الرائقة وهم يطوفون داخل الفدان متجولين في هذا الفضاء الاندلسي المبدع. اليوم ومنذ 30 عاما على نهاية وجود ساحة الفدان، يلوذ التطوانيون في عيد الاضحى بفضاءات وساحات عديدة، غير أن هذه الساحة لم تفارق ذكريات العديد منهم، ولازالت تحضر بالهم عشية كل يوم عيد أضحى، ويتحسرون على الجيل الذين لم يعش تلك الفترة الذهبية لساحة الفدان. لكن هذه الحسرة يبدو أنها لن تدوم طويلا، فالساكنة اليوم تنتظر بفارغ الصبر انتهاء الاشغال بساحة الفدان الجديدة، التي تم الاعلان عن بنائها خلال المشاريع التنموية التي أطلقها الملك محمد السادس العام الماضي، وكأنه يعيد ساحة الفدان للتطوانيين التي هدمتها السلطات في عهد أبيه، الملك الراحل الحسن الثاني. ومن يدري، قد يعيش الجيل الحالي بعد انتهاء الاشغال بهذه الساحة التى قُرر انجازها في مرآب "حمادي" بوسط المدينة، فترة ذهبية أخرى من عصر "ساحة الفدان" وقد يعود التطوانيون إلى هذه الساحة من جديد للتبادل التبريكات والتهاني أيام الاعياد، وبالتالي يعود ذلك الماضي الجميل إلى حاضر أجمل.