إن العالم العربي ينفصل إلى قسمين متباينين ، إسلام يرتكز على خاصيتين اثنتين لا ثالث لهما ، الكتاب و السنة ، لا يزيغ عنهما إلا هالك ، و لا عزة للشعوب العربية إلا بالإسلام ، و يتمثل القسم الآخر في علمانية و إلحاد مقيتين دخيلين على بلاد الإسلام من حيث أن أصحابهما يتشدقون بالحرية و الحداثة و يمقتون التعاليم الإسلامية السمحة و قيمها و التي بدونها لن يكون هناك انضباط في الحياة الإنسانية و البشرية جمعاء لأن مبعوث العناية الإلهية بعث للعالمين من أجل تتميم مكارم الأخلاق .. و في المقابل فإن العلمانية بمعية الصهيونية تحالفا بكل ما أوتوا من قوة و بمباركة غربية و أمريكية الهدف من كل ذلك الاصطفاف للإطاحة بحكم الإسلاميين بأرض الكنانة و المخطط ليس وليد اللحظة بل هو مكرس منذ بداية عشرينيات آخر قرن في الألفية الثانية عند تأسيس أجندة العالم الجديد بقيادة الرئيس الأمريكي نيلسون ، و كان الطرف المؤثر فيها الصهاينة الذين وضعوا مخططا أطلقوا عليه " بروتوكول حكماء صهيون" انطلاقا من مؤتمرأقيم بإحدى المدن الألمانية في العام 1898من طرف مؤسس الصهيونية "هرتزل" بهدف محاربة كل ما يمت للإسلام بصلة و هو مخطط رهيب يسري حتى اللحظة كان من تداعياته احتلال القلب النابض للعروبة و الإسلام فلسطين في العام 1948 فتحول إلى خلايا سرطانية في جسد الأمة العربية ، لا زال لم يحن الوقت بعد لاستئصالها ما جعل الأمة العربية تشكو من عدة معضلات .. و بالرغم من أن البلاد العربية تخلصت من ربقة الاحتلال الأجنبي إلا أن القوى العظمى لا زالت تحن إلى فناءاتها الخلفية كلما أصيبت بأذى و ما انفكت تبسط أيديها على مستعمراتها ليس بغرض إنقاذها و إنما مواصلة استنزاف خيراتها و تهجير أدمغتها ، بل أيضا في إغراقها في مستنقع المشاكل .. و في الوقت الذي حاولت بعض الدول العربية تطوير آلياتها و ترسانتها العسكرية بما فيها التكنولوجيا النووية و الطاقات المتجددة لأغراض سلمية عمد الغرب برمته إلى تدميرها بداعي أنها أسلحة دمار شامل باحتلال العراق و إعادته إلى العصور الحجرية و تحقيق رفاهيته و أمنه على حساب الشعب العربي باستعماله كفئران تجارب.. كان ذلك بداية لتغيير الشرق برمته و العالم العربي و بدا بجلاء و مما لا يدع مجالا للشك لحظتها أن أمريكا رسمت خريطة شرق أوسط كبير على حد تصريح وزيرة الدبلوماسية الأمريكة "كوندوليزا رايس" يتم بموجب ذلك تفتيت بعض الدول و تدمير ما يسمى بمجموعات الإرهاب و تنصيب أنظمة صديقة لأمريكا و هو ما يحدث منذ أن أشرقت شمس الربيع العربي على كافة بلدان عالمنا العربي بهدف الحرية ، الديمقراطية و حقوق الإنسان .. إن الحرب الدائرة رحاها بأرض الشام تقسم سوريا إلى أجزاء على أساس طائفي و عرقي علوية ، سنية ، شيعية و كردية و قد فصل السودان إلى دولتين جنوبي و شمالي و الفرقة بين شعوب الدول المغاربية التي يربط بينها القاسم المشترك ، الدين و التاريخ .. كل هذا هو مستنقع مؤامرة آسن يضفي على إعطاء مشهد قاتم لأمة عربية أجمعتها الدولة العبرية فيما اعتبرت نفسها واحة ديمقراطية في كنف صحراء قاحلة تتخللها حيوانات ضارية .. و في خضم الربيع العربي لم تستسغ الدول العربية التي تهيمن عليها المؤسسة العسكرية بعد أن السبيل الأوحد لتقلد السلطة هي صناديق الإقتراع النزيهة تفرز حاكم ذي مسار سياسي مستقل و الخاضع بطبيعة الحال كلية لإرادة الشعب وفق ميكانيزمات تمثيلية في السيرورة الديمقراطية الحرة و النزيهة و كذا فصل السلط كمبدأ ديمقراطي نموذجي و كحتمية لإنجاح الحكم الديمقراطي إلا أن جنون العظمة و عشق السلطة لدى الإنسان العربي في الاستحواذ عليها عن طريق انقلابات ، ميلا للتسلط تحت وقع الحديد و النار بدعم غربي علماني ، صهيوني لتقويض مشروع العودة إلى الحكم الإسلامي الذي افتقد منذ تسلط العلمانية في العام 1925 و كانت محاولة الانقضاض على كرسي الحكم بالجزائر على الطريقة الإسلامية إلا أن التجربة أقبرت في مهدها بتدخل جنيرالات قصر المرادية غداة فوز جبهة الإنقاذ الإسلامية في انتخابات 1992 للقضاء عليها ، ما أدخل الجزائريين في حمام دم أجهضت في أعقابها تجربة حماس بفلسطين ، فأتى الدور على الإخوان المسلمين بمصر بعزل الرئيس محمد مرسي .. إن ما يجري بمصر ، لا يعتقد كثيرون أنه سيتوقف على حد رؤية الانقلابيين ، بل سيعرف تطورات كارثية في ظل اضطهاد و قتل مؤيدي الرئيس المنتخب شرعيا الذين يأججون ثورتهم بعودة الشرعية في وقت أن الكل يرى بأن مصر في عين العاصفة ، كون أن البرادعي و عمرو موسى فقدوا ثقتهم لدى الشعب المصري و بالرغم من أنهم سيعيدون الديكتاتورية ، فإن مصيرها إلى زوال لأنها أثبتت ما مرة أن رياح التغيير تزعزع أركانها و تزلزل الأرض من تحت أقدامها .. فإن هؤلاء لم يتعضوا من قصة سيدنا موسى و فرعون مع أن أرض الكنانة كانت مسرحا لها..