الناظر اليوم للمجتمع المغربي ينتابه شعور بالأسى و الحزن عن ما آلت إليه قيمنا و أخلاقنا و سلوكياتنا، التي انحلت و انساقت وراء ثقافات غربية مستوردة لم نأخذ منها سوى ما انحط ودنى مستواه، الثقافة الظاهرية التي أصبحت محط انتقادات لدى الغرب نفسه دست على ثقافتنا و تاريخنا و تراثنا، حيث كانت الأسرة تؤصل لتربية تجعل من الفتاة فتاة ، و الولد ولدا. والحياء و الاحترام إحدى أهم سمات المجتمع المغربي في وقت مضى ليس ببعيد، و لا داعي للتذكير كيف كانت العلاقة بين مختلف مكونات المجتمع المتسمة بالتآزر و التسامح و التضامن و الاحترام و الحياء الذي بدأ الآن يغيب إن لم نقل يندثر. ورغم نواقص ماضينا في بعض الجوانب إلا أن الكثير يتوق إليه أكثر ما هو متوجس من مستقبل معنون بالانحلال و التفسخ الأخلاقي و اندثار القيم و شيوع الفساد الأخلاقي بين مكونات المجتمع، و ظهور حالات وظواهر ما كان لها أسلافنا بعارفين. إن الفراغ الأخلاق الذي نعيشه اليوم كان إحدى نتائج العولمة ، التي أزالت الحدود، وفرضت ثقافة القوي أي أننا عدنا إلى عصر القوي يأكل الضعيف ، واعتبرت الإنسان مجرد آلة وكفى، و ليس الأمر كذالك، بل الإنسان كان و مازال مجموعة من القيم، و لهذا لا بد من مراعاتها قبل تبني أي مشروع فكري،هذا الانحلال الأخلاقي الذي أصبح غير متحمل، يجد كذلك من يسقيه و يغذيه تحت مظلة "الحداثة العقلانية "، أي الذين يسوقون أفكارهم "التنويرية" حسب رأيهم ودفاعهم عن حرية الفرد وعزله عن الجماعة، و إيمانهم ب"الحقوق الكونية" للفرد و الحراسة على أفكارهم هاته وتعلقهم بها كأنها أقنوم يقدس أو وثن يعبد، ولاجدال فيها. إذا كانت الحداثة هي تصريح الأب أو الأخ أو أيا كان و بشكل علني وأمام عدسات المصورين وسجلات الصحفيين بأنه لا مانع لديه أن تمارس أخته أو ابنته أو إبنه علاقات حميمية خارج نطاق الزواج ، وأن للفرد الحرية المطلقة أن يقول ويفعل ما يحلوا له دون مراعاة الجماعة و قيمها، فتلك حداثة أمازونية، نسبة إلى سكان غابات الأمازون، الذين يعيشون على شاكلة الإنسان البدائي. وباعتبار أن الإنسان الأمازوني إنسان عاقل فهو يجسد الحداثة العقلانية التي يصبوا ربما إليها من ينادي بها، وهنا نطرح السؤال التالي هل وجود العقل لوحده كفيل بأن يكون الانسان دائما على صواب؟ الجواب طبعا لا، فلابد من الأخلاق و القيم و المبادئ. يقول طه عبد الرحمان أن " هوية الإنسان أساسا ذات طبيعة أخلاقية" و أن الإنسان ما خلق إلا ليتخلق"، أي أن في غياب الأخلاق و القيم يغيب الإنسان في حداته، وعندما تغيب الأخلاق، يسود الفساد و السلوكيات المشينة و المقيتة و الشاذة أحيانا ك"زنا المحارم مثلا" ناهيك عن الجرائم و كل الموبقات، و لعل إحدى أهم الركائز الأساسية التي تسعى جاهدة إلى مسح مفهوم الأخلاق من حياتنا، قنواتنا عفوا قنواتهم العمومية التي تبث صباح مساء مسلسلات و أفلام مدبلجة غايتها الأساسية هي زرع قيم الخيانة و الانتقام و العشق الممنوع و الشك و عدم الثقة بالأخر و العري... وغيرها من المصطلحات المتسخة التي تتردد في كل بيت بحضور كامل أعضاء الأسرة، و أن كل هذا يدخل في نطاق الحرية و الحداثة العقلانية. إلى من يصيحون بالحداثة العقلانية، أنه لا حداثة بدون أخلاق، و لا أخلاق بدون تدين، باعتبار أن هذا الأخير هو مصدر القيم النبيلة و الأخلاق الحسنة و لكم في رسول الله الأسوة الحسنة، حيث يقول : " إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق "، و بالمناسبة نقول للأستاذ عصيد، كفاك استهتارا بالدين الإسلامي، فهو ليس دين إرهاب و لا تهديد كما تدعي، نحي فيك اهتمامك بقضية تشغل بالك، لكن لماذا العداء للدين الإسلامي؟ رشيد أيت الطاهر