أثارت دعوة المفكر الإسلامي المقرئ الإدريسي أبوزيد، القيادي في حزب العدالة والتنمية وحركة التوحيد والإصلاح، إحدى أكبر التنظيمات الإسلامية بالمغرب، إلى تخصيص يوم وطني للاحتفال بالحياء والعفة، الكثير من النقاش والجدل بين مؤيدين ورافضين. وفيما يرى البعض أن الحياء والعفة أخلاق تحتاج ليس فقط إلى يوم واحد للاحتفال بها، بل إلى حملات تدوم أسابيع وأشهر حتى ترسخ في الطباع لتكون "رداً على موجة الانحلال التي تستهدف المجتمع"، اعتبر البعض الآخر أن في هذه الدعوة "مسًاً بكرامة المغاربة وأعراضهم، كما لو أنهم فقدوا الحياء والعفة، وهم بحاجة إلى من يحييهما". ردّ على موجات الانحلال وحول دعوة أبوزيد لتخصيص يوم وطني للاحتفال بالحياء والعفة عوض الاحتفال بما قد يدعو إلى الانحلال والتفسخ الأخلاقي، قال الدكتور محمد بولوز، الباحث في العلوم الشرعية والاجتماعية: "إن الحياء والعفة خُلقان من المفروض أن يلازما المسلم في حياته كلها". وأوضح بولوز أن قضية العفة لا تحتاج إلى مجرد المناداة بيوم في السنة، وإنما بحاجة إلى حملات تستمر عدة أسابيع حتى يعود لهما الاعتبار، وترسخان في الطباع والأخلاق من جديد، بحيث تصبحان رداً طبيعياً على موجة الانحلال الحالية، سواء في المهرجانات الفاجرة أو المسلسلات والأفلام الهابطة ومختلف التعبيرات الفنية التي تدغدغ شهوات الناس ونزواتهم، حسب قوله. وشدد بولوز على أهمية التهذيب والإرشاد والتوجيه، معتبراً أنه من المفروض أن تنال مواضيع العفة عن الحرام في المأكل والملبس والقول والفعل، والتي تتمثل في غضّ البصر والستر وكبح جماح الشهوة المحرمة والبعد عن الفواحش والزنا، من التكرار والإلحاح عليها ما يوازي إلحاح الآخرين في كل ناحية من مناحي الحياة، وفي كل وقت. وأشار إلى أن قيم العفة والحياء تواجه قصفاً يومياً، ولا يعقل أن يواجه كل ذلك بموعد أو موعدين في السنة، مشيراً إلى أن المقرئ الإدريسي أبوزيد ربما قصد عوض الاكتفاء باستنكار ما يجري من موجة التفسخ والانحلال، بل يجب أن يبادر أهل الخير إلى إطلاق مبادرات في بناء الفضيلة وذلك عبر عدة أنشطة وأساليب فنية. مسّ بكرامة الناس وفي المقابل، أكد سعيد لكحل، الباحث في الشأن الإسلامي، أن حركة التوحيد والإصلاح بدأت تعدّ عدتها للانتقال إلى مرحلة التدخل المباشر في رسم السياسة الفنية والثقافية للحكومة التي يقودها حزب العدالة والتنمية، مذكراً أن الحركة - كما الحزب - لطالما تصدّيا للمهرجانات الفنية والثقافية دون جدوى، واليوم يعتقدان أنه ذلك أصبح ممكناً. وأردف لكحل، أن هذه الخطوات التي تعلن عنها الحركة هي بمثابة بالونات اختبار رد فعل المجتمع المدني والهيئات السياسية، وكل القوى الديمقراطية التي ناضلت من أجل بناء مغرب التنوع والاختلاف الفكري والفني والثقافي والعرقي. واعتبر لكحل أن مطالبة حركة التوحيد والإصلاح بتخصيص يوم وطني للاحتفال بالحياء والعفة هو مسّ بكرامة المغاربة وأعراضهم "كما لو أنهم فقدوا الحياء والعفة وهم بحاجة إلى من يحييهما"، وفق تعبيره، مضيفاً أنه في العادة تخصص الدول أياماً وطنية للتنبيه، إما بالمخاطر التي تحدق بقطاع ما، أو التوعية بالظلم الاجتماعي الذي يقع على فئة بعينها. وخلص إلى أن العفة والحياء ليسا بحاجة إلى يوم وطني، لكونهما من صميم القيم التي يتشبع بها الفرد عبر التنشئة الاجتماعية، مردفاً أنه كان أحرى بالحركة أن تدعو إلى تخصيص أيام وطنية للفقر والتشرد والتهميش والعزلة القروية، كما للأطفال المتخلي عنهم، وغيرها من الآفات الاجتماعية التي تنخر المجتمع الذي يحتاج إلى من يحل مشاكله ويحقق مطالبه في العدالة الاجتماعية.