لا يمكن لمسلم مؤمن ان يقف صامتا أو غير مبال أمام ظواهر تتقنع بالدين وتلحق الأذي بالأمة، وتشوه صورة الدين الحنيف أمام أعدائها،بل تعطيهم اسلحة لمحاربة الدين الاسلامي وأتباعه،ومن هذه الظواهر هو وجود قنوات فضائية تبث من دول عربية اسلامية،ويتربع فيها مشعوذون ومشعوذات يتظاهرون بالتقوى والصلاح ويزعمون العلم بالغيب،وما يخبئ قادم الأيام لمن يتصلون بهم،وحتى انهم يصفون أدوية لأمراض مستعصية،ويصفون طرقا للعوانس ذكورا واناثا للخروج من عنوستهم،وغير ذلك من أمور عجيبة غريبة تنطلي على عامة الناس ،ومع ان هؤلاء المحتالين هم انفسهم ضحايا لقنوات النصب والاحتيال هذه التي تتفق مع شركات اتصال لتقاسم ثمن المكالمة التي تردهم من جاهل أو جاهلة،الا أن الدول التي تبث منها هذه الفضائيات لا توقفها وبالتالي فهي تشارك في ترويج هذه الخرافات التي تصل الى حدّ الجريمة. لكن الأخطر هو ظهور رجال يزعمون التدين وجماعات تزعم حرصها على الدين،ويصدرون فتاوي تكفيرية تصل الى درجة تكفير شعوب بأكملها،وبالتالي فان اتباعهم ضحايا هذا الفكر التكفيري لا يتورعون من وضع المتفجرات أو تفجير أنفسهم في مؤسسات واسواق في مدن عربية واسلامية وعالمية،فيقتلون الأبرياء ويقتلون أنفسهم مؤمنين بأنهم يملكون مفاتيح الجنة،وهذا الفكر الظلامي ليس من الاسلام في شيء بل هو محاربة للاسلام وللمسلمين،فمن اكبر الكبائر في الاسلام هو قتل الارواح البريئة. وظهرت لنا فتاوي تبيح زواج الاناث القاصرات وهن في سنّ الطفولة المبكرة،وبعضهن تم تزويجهن من شيوخ عجزة،ومن الأمور التي لم يعد فيها عجب الفتاوي ببعض انواع الزواج مثل زواج"المؤانسة"والذي لا تشترط فيه المعاشرة الزوجية،وغالبا ما تكون ضحايا هذا الزواج فتيات فقيرات يتم تزويجهن من شيوخ عجزة يخدمنهم ويرعينهم مقابل طعامهن،وهذا نوع من العبودية. ومع ان الفتاوي النشاز لا تعد ولا تحصى،وتصدر من أناس لا علاقة لهم بدور الافتاء الموجودة في كل قطر اسلامي،وهذه الفتاوي لا تأتي من باب الاجتهاد بمقدار ما تأتي من باب الجهل والانغلاق الفكري حتى على العلوم الدينية،الا انها لا تجد من يضع لها حدا،ففي الوقت الذي يتعرض فيه المسجد الاقصى للخطر الحقيقي لهدمه واقامة الهيكل المزعوم مكانه،صدرت دعوة من احد مدعي العلم في مصر يطالب ببناء كعبة في سيناء للديانات السماوية الثلاث،كي يحجوا اليها،وقال ان كعبته هذه ستدر على الخزينة المصرية حوالي عشرين مليار دولار سنويا،لكن الدعوة الأخطر صدرت من الداعية الاسلامي يوسف الاحمد،المدرس السابق في جامعة الامام محمد بن سعود الاسلامية،والتي دعا فيها الى هدم الكعبة المشرفة واعادة بنائها من عشرين او ثلاثين طابقا لمنع اختلاط الذكور والاناث في هذا المكان الأكثر قداسة عند المسلمين،ومع ان فتواه تدعو الى الضحك ولو من باب"شر البلية ما يضحك"الا انها تثير تساؤلات كبيرة حول اطلاق العنان لهكذا"مفكرين"أو "مفتين"فهل تدخل هذه الفتاوي من باب الاجتهاد أو حرية الرأي؟أم هي من باب التكفير لمن يخالفه الرأي؟ودعونا نتصور لو أن غير مسلم دعا الى هدم الكعبة المشرفة،فماذا ستكون ردة فعل المسلمين؟وماذا سنقول نحن القابضين على جمر تراب الأقصى لغلاة المتطرفين اليهود الذين يدعون الى هدم المسجد الأقصى- شقيق الكعبة المشرفة-ما دام هناك مسلمون يدعون الى هدم الكعبة؟طبعا مع المفارقة في الأهداف بين الطرفين. ان الانفلات في فتاوي الجهل والتخلف لن يلحق الأذى الا بالمسلمين مع انها ليست حجة على الاسلام،ومن هنا فان الحكومات العربية والاسلامية مطالبة بتنظيم الفتاوي،وتحديد جهات عالمة ومسؤولة كدور الفتاوي لاصدار الفتاوي التي تحتاجها الأمة،فكفانا حروب على الاسلام يشنها أعداؤه،أما أن يتطوع لها من يزعمون انهم علماء من بين ظهرانينا فهذا هو الكارثة الكبرى.