كان بودنا ألا نضطر الى طرح هده القضية على السلطة الإقليمية بهذه الطريقة لمساءلة الجهات المعنية وإشراك الرأي العام فيها ؛ وكان بودنا أن تحل القضية قبل أن نسطر هذه الكلمات في هذه الرسالة المفتوحة؛ كان الأمر ليكون أفضل وهو الأسهل مما يكون لتقوم فيه السلطات المعنية بالواجب... كان بالإمكان أفضل مما لم يكن أبدا لو أن الإرادة الحقيقية والالتزام الاخلاقي واحترام الوعود من طرف السلطة المعنية كان أمرا مشهودا وواقعا معهودا. نود في هذه الرسالة أن نذكر السيد عامل صاحب الجلالة على إقليم "فجيج" على أنه ومنذ ما يقارب السنة كنا قد التمسنا منه أن يحث السلطة المحلية والمجلس البلدي بمدينة "فجيج" على القيام بكل ما من شأنه أن ينقذ إحدى المقابر من الوضعية المزرية والمهينة وهي مقبرة "سيدي صالح بن سيدي اعمر"... ربما الكل يعلم تمام العلم الأهمية والعناية التي أولتها الشريعة الإسلامية للمقابر باعتبار الحرمة التي تكتسيها كبيوت خاصة بالموتى؛ غير أن الوضع بالمقبرة المذكورة وهي مقبرة عتيقة متواجدة بقصر "اولاد سليمان" بفكيك والتي يعود تاريخها إلى أزيد من ستة قرون يلاحظ عليها الطابع الذي يرثى له والذي يجعل الزائر يقف بشكل جلي على مستوى الإهمال الذي طالها على عدة مستويات وخاصة على مستوى الصيانة والنظافة، حيث يلاحظ بقايا الطعام والقارورات والنمو الكثيف لشتى الأعشاب النباتية بفعل انتشار المياه القذرة خاصة في جانبها العلوي إلى جانب الممرات بين القبور... مما جعلها أرضا جائزة للسير فيها من طرف الأشخاص والسيارات والمواشي فضلا عن الأزبال التي تتناثر في ثناياها والتي جعلتها أشبه ما تكون بمزبلة عمومية، يضاف إلى ذلك طمس بعض معالمها وآثارها الناتج عن غياب الوعي بقيمتها وأهميتها التاريخية؛ بل تحولت إلى مرتع لإلقاء الردوم وبقايا القمامة البنائية من طرف بعض المقاولين. المناظر المهينة تجعل المرء يصاب بالدهشة ويتملكه الحزن والأسى، ويشعر بمرارة وقسوة الظلم والتهميش الذي يطال هذا المكان المقدس، وبشكل خاص السكان الذين اعتبروا الأمر إهانة كبيرة لذويهم من الموتى الذين تم دفنهم بالمقبرة ذاتها، مما يطرح مجموعة من الأسئلة المُحرقة والمحزنة للقلب منها: لماذا هذه المقبرة مُهملة من طرف المسؤولين المحليين؟ ولماذا ليس هناك أي تحرك لوقف التهميش والإهانة التي يتعرض لها الموتى صباح مساء؟ وأين هي حُرمة الموتى والمقابر؟ في ظل هذه الأسئلة سبق أن قدمنا مرارا وتكرارا لباشا المدينة والبلدية طلبات بضرورة التدخل العاجل من أجل وضع حد للعبث الذي تتعرض له المقبرة العتيقة خصوصا في ظل صمت المواطن عن هذا الأمر والذي يزيد الطين بلة... السلطات المعنية... اكتفت فقط بتقديم وعود للصيانة والإصلاح لم ترى النور لحد الساعة ليبقى السؤال أمام هذه الوضعية التي تعيشها مقبرة "سيدي صالح بن سيدي اعمر" بفجيج: هل فعلا ستتحق الوعود التي قدمها المسؤولون؟ إلى متى سيستمر هذا الوضع؟ ومتى ترجع الهيبة المفقودة للأموات أم الإهانة ينبغي أن تطال الحي والميت على حد سواء؟ توجهنا - مباشرة إلى السيد العامل وخلال زيارتنا له للاستفسار المباشر حول هذا الموضوع كان قد أعطى تعليماته بحضورنا للسيد الباشا ليقوم بما تقتضيه وضعية هذه المقبرة التي لاتليق بمجتمع يحترم نفسه أولا وقيمه ثانيا. لكن لحد الآن ومع الأسف الشديد فإن السيد "الباشا" لازال لحد الساعة يعبر عن تجاهله لهذا الأمر ولم يقم بأي إجراء يذكر أوإصلاح يعيد الوضع الاعتباري لمقبرة "سيدي صالح" التابعة لقصر "اولاد سليمان" بمدينة فجيج. ونلفت الانتباه أيضا إلى أن السلطة الإقليمية ونكاد نقول كل المصالح الخارجية ذات الاهتمام (مندوبية الاوقاف والشؤون الاسلامية والمجلس العلمي المحلي) تجاهلت منشور وزارة الداخلية عدد83/ق.م.م/3بتاريخ 29مايو والموجه الى السادة الولاة وعمال عمالات وأقاليم المملكة حول تدبير المقابرالاسلامية والمحافطة عليها وصيانتها؛ وهو المنشور الذي يعالج الوضعية المزرية التي توجد عليها غالبية مقابر المسلمين ولاسيما تلك المتواجدة بالجماعات القروية. وإننا نضيف قائلين بأننا لا ننكر تقاعس الجماعة السلالية لقصر "اولاد سليمان" التي تركت الحبل على الغارب ولم تقم بأي مجهود إكراما للأجداد المدفونين من سلالتهم في هذه المقبرة العتيقة التي توجد مع ذلك في قلب المدينة وعلى مرمى حجر من ساحة 20 غشت ذات النافورة الشهيرة. وكم هو محزن لنا - نحن المقيمين في بلدان المهجر على وجه المقارنة- حينما نقارن بين مقابرنا في المغرب عموما وغيرها في الديار الفرنسية أو الإسبانية مثلا؛ ولامجال للمقارنة؛ فمقابرهم تكاد تكون مدنا قائمة الذات بإنارتها وأزقتها وشوارعها وتشجيرها وتشوير مقابرها... بينما وضع مقابرنا في جل المدن والقرى كارثي ولا يعبر عن قيم ديننا الإسلامي. لذا وحتى لا نقف فقط عند "مقبرة سيدي صالح بفجيج" وغيرها كثير على نفس الوضع أو أسوأ... فإننا نناشد كل السلطات المعنية بالشأن الديني أولا وبكل المصالح الرسمية ثانيا وغيرها من مؤسسات المجتمع المدني أن تنتبه إلى هذا التجاهل الخطير الذي تعرفه مقابرنا بصفة عامة ومقابر "فجيج" على وجه التخصيص ماعدا ادا كان كل واحد منا سيقبل ان يصبح سطح قبره غدا مطرحا للقمامة ترتع عليه الجردان والقطط... اللهم قد نبهنا وليتحمل كل مسؤوليته التاريخية والانسانية في هده المسالة