بعد عشر سنوات ستمتلئ مقبرتا الدارالبيضاء بقاطنيهما الأبديين. بعد عقد واحد ستواجهنا، عند بوابة مقبرتي «الغفران» و«الرحمة»، لوحة تخبرنا أن المقابر ممتلئة عن آخرها وأنه لا وجود لقبر شاغر. حينها، سيضطر سائق سيارة نقل أموات المسلمين إلى البحث عن مقبرة أخرى ما يزال فيها متسع لدفن الرفات واستكمال الأدعية الجنائزية. في كل يوم، تتقلص مساحات الدفن ويصبح البحث عن موطئ جثة محنة حقيقية، خاصة أن ما تبقى من مساحة «غير محفورة» لا يكفي لدفن ملايين سكان العاصمة الاقتصادية، مما يتطلب التفكير من الآن، وربما من الأمس، في مقابر بديلة قادرة على استيعاب موتى الغد. الروبورطاج التالي يحملنا إلى فضاء الأموات، حيث سكون المكان وتوقف عقارب الزمان، من أجل البحث عن جواب لسؤال الأزمة الذي يشغل بال القائمين على شؤون الموتى، أزمة مرفق يضيق يوميا بضيوفه وأزمة تحويل المقابر من مجموعة قبور يحُفّها سياج، إلى مرفق عمومي بكل ما يحمله المكان من حرمة وقدسية. فهل يفكر القائمون على الشأن اليومي للمواطن البيضاوي في مسكن هذا المواطن حين يتحول إلى جثة؟ أليس الحق في امتلاك قبر أبسط مطلب لموتانا؟ أمَا آن الأوان لنجعل إكرام الميت دفنه ورعايته أيضا؟ ألم يحن الوقت بعدُ لميلاد هيآت تدافع عن حقوق الأموات في «الموت» الكريم؟.. من المشاهد الغريبة التي أعيشها كلما ترددت على مقبرتي «الغفران» و«الرحمة»، خاصة أمام مكتب المحافظ، إلحاح أفراد أسرة الراحل، بمجرد وصول سيارة نقل أموات المسلمين إلى مدخل المقبرة، على ضرورة إيجاد قبر قريب من بوابة هذا المرفق. يكمن أصل الغرابة في مطلب أسر «المراحيم» في بحثهم عن أقصر السبل للوصول إلى قبر فقيدهم بأقل جهد. تساءل مرافقي عن سر حضور «مقاربة القرب» حتى في دفن أموات المسلمين واستغرب إصرار أفراد أسر الموتى على ضرورة امتلاك قبر غير بعيد عن مدخل المقبرة، وهو المطلب الذي يتكرر مع وصول كل جثمان إلى مكتب المحافظ لأداء واجبات الدفن. يحاول القائمون على المقبرة الاستجابة، قدْر الإمكان، لمطلب القرب من البوابة الرئيسية ويؤكدون ارتفاع حصة الأجر مع كل خطوة نحو قبرِ عزيز. فيما اقترح أحد المستخدمين بناء أبواب فرعية تعفي الزوار من مشقة السير في أزقة المقبرة بحثا عن قبر في عمق دروب مدينة الأموات. مقابر «ماتت» بالتقادم.. قبل عقدين من الزمن، وحين كان عدد سكان الدارالبيضاء لا يصل إلى نصف العدد الحالي، لم تكن أعراض أزمة الدفن في العاصمة الاقتصادية بهذه الحدة. يقول محمود لمريني عضو جمعية «أوراش الشباب»، التي تقوم، بين الفينة والأخرى، بأعمال تطوعية في كثير من المرافق العمومية، «يتطلب الواقع الحالي للمقابر في الدارالبيضاء وقفة حازمة للسلطات المسؤولة عن الأحياء والأموات، فلا يعقل أن تغلق كثير من المقابر أبوابها في وجه الجنائز دون أن يتم التفكير في فتح مرافق أخرى.. حاليا، لم تعد مقابر سيدي مومن وسباتة والشهداء تستقبل جثامين الأموات، مما يجعل الضغط أكبر على مقبرتي الغفران والرحمة». بالأمس، كانت مقاربة القرب حاضرة في تدبير شأن الأموات، حيث كانت مدينة الدارالبيضاء تتوفر على عدد كبير من فضاءات الدفن المُوزَّعة على أحياء العاصمة الاقتصادية، فاق عددها عشرة مدافن، أغلقت أغلبُها أبوابها بعد أن فاق الطاقة الاستيعابية للدفن وضاقت المساحات بالأموات، من بينها مقبرة أهل فاس، غيرَ بعيد عن «لهجاجمة»، في حي بوركون، ومقبرة أولاد زيان، المجاورة لمقبرة اليهود والمسيحيين، في ما يشبه «حي المقابر»، ومقبرة مسعود الرويضي، وهي قطعة أرضية وهبها المرحوم الرويضي لبلدية الدارالبيضاء من أجل دفن أموات وسط المدينة، وتوجد على مقربة من «ملعب فيليب»، قبل أن «تموت»، بدورها، بالتقادم، ومقبرة سيدي مومن، القريبة من كاريان الرحامنة، ومقبرة القاعدة العسكرية في شارع عمر بن الخطاب، ومقبرة الشهداء في شارع الحزام الكبير، ومقبرة سيدي عثمان، قرب الضريح، ومقبرة حي سباتة في شارع الجولان، ومقبرتا عين حرودة وسيدي أحمد بلحسن في مديونة، ثم مقبرة سيدي مسعود.. وكل هذه المرافق أغلقت بالتقادم أو التجاهل، بينما ظلت مقبرتا «الرحمة» و«الغفران» أشبهَ بباحة استراحة للأموات قبل لقاء ربهم. يقول عمر، حارس سيارات في مقبرة الغفران، وهو يحاول أن يقلص من حجم غضبه حول مصير مقابر مغلقة في وجه سيارات نقل أموات المسلمين: «العيب ليس في امتلاء المسافة بالقبور، بل في حالة الإهمال وغياب الأمن، حيث يتردد على المقابر بعض المتسكعين الذين يستغلون الإهمال المسجَّل في هذه الأماكن لاحتلالها». فادتنا خطواتنا إلى مقبرة الشهداء، في محاولة للوقوف على واقعها، ووقفنا فعلا على الحياة الرتيبة لهذا الفضاء المنطوي على ذاته، والذي تحول إلى فضاءات شبه مهجورة. وتؤكد جولة بين قبورها غياب الصيانة ووجود بقايا قنينات خمر رخيص تقدم الدليل على تحول الفضاء إلى مأوى ليلي للمشردين، الذين يفضلون السمر على جنبات القبور في مكان بعيد عن عيون دوريات الأمن. التقينا رجلا في عقده الخامس رفقة ابنه، الذي لا يتجاوز عمره العشر سنوات، وهما يبحثان عن قبر تغيرت ملامحه بفعل عوامل التعرية، وأصبح من الصعب الاهتداء إليه وسط الحشائش التي تنبث بشكل عشوائي. كان الرجل يردد بصوت مسموع: «سبحان الله، الله يْفكّرنا في الشهادة»، وهو يسافر ببصره إلى عمق مقبرة الشهداء، «لا توجد في هذه المقبرة علامات تدل الزائر على القبر الذي يقصده.. أنا أهتدي إلى قبر والدتي بقبر أحد المقاومين وُضِعت عليه راية المغرب. لسوء حظي أن الراية اختفت فاختلطت عليّ الأمور. انظر إلى واقع هذه القبور، لقد طمست معالمها وأصبح من الصعب التعرف على شواهدها المحطمة، على مجلس المدينة أن يهتم بأمواتنا ويعيد الاعتبار إلى هذا المكان، الذي تنتشر فيه بعض السلوكيات المشينة، قبل أن يفكر في الطرامواي».. الوضع أكثر سوءا في مقبرة سيدي مومن، التي أصبح ولوجها في واضحة النهار «مخاطرة»، إذ يصعب التمييز بين قُطّاع الطرق والمتسولين، حينها قد تصبح زيارة قبر مقدّمة ل«حجز» قبر آخر.. بل إنه، وفي ظل غياب صيانة هذه المقابر، تحولت غالبيتها إلى نقط جذب للمتسولين والمشردين، الذين يبرمون مع السلطات «معاهدة هدنة» تنتهي بإجلائهم كلما حل موكب جنائزي لمسؤول رفيع المستوى.. حينها، يحال المتسولون والمشردون على إجازة قصيرة على أن يسمح لهم باستئناف نشاطهم بعد انسحاب المسؤولين، بل إن مقابر الدارالبيضاء أصبحت تستقطب متسولين من دول جنوب الصحراء، قال حسن عزيز، رئيس مجلس تدبير مقبرة الغفران، إنهم «كانوا يترددون على المقبرة كل يوم جمعة قبل أن يتم إجلاؤهم بعيدا عن حرمة المقابر»، بعد صراع مع المتسولين المغاربة، الذين رفضوا اقتحام الفضاء من طرف «مستثمرين أفارقة».. باحة «استراحة« الأموات في نهاية شهر يوليوز من سنة 1989، استقبلت مقبرة الغفران في تراب جماعة المجاطية -أولاد طالب، التابعة لتراب عمالة مديونة، أول جنازة، بعد أن أغلقت أبواب مقبرة سباتة أو ما يصطلح عليه في أدبيات المقابر مقبرة قرية الجماعة الشمالية. ورغم إغلاق أبواب هذه الأخيرة في وجه الموتى، فإنها ظلت تستقبل، بين الفينة والأخرى، أمواتا يُصرّ أهاليهم على دفن جثامين موتاهم غيرَ بعيد عن مسقط الرأس، إلى غاية سنة 1994، حيث أعلنت مقبرة سباتة منطقة ممنوعة من الدفن، وتقرَّرت إحالة جميع الأموات على جارتها الغفران، التي لا تبعد عنها إلا بحوالي سبعة كيلومترات. تقوم مقبرة الغفران على امتداد مساحة تقدر ب137 هكتارا من الأراضي المُسترجَعة في ضواحي الدارالبيضاء، وتتميز عن غيرها من مقابر المملكة الشريفة بمساحتها الشاسعة وبتدبيرها من طرف مكتب مُنتخَب يهتم بأوضاع الموتى ويحرص على جعل مقبرة الغفران باحة لاستراحة الأجساد، بعد أن تصعد الروح إلى بارئها. وتستقطب الغفران أموات عمالات بنمسيك وسيدي عثمان وعين السبع -الحي المحمدي والبرنوصي والفداء -درب السلطان وعين الشق ثم مديونة، أي بمعدل استضافة يتراوح ما بين 25 إلى 35 دفينا يوميا. بين المغفرة والرضوان قبل سنوات، كانت مقبرة الرحمة تسمى «روضة الشلح»، لوجود الوعاء العقاري في ملكية شخص سوسي الانتماء، قبل أن «يموت» لقب الشلح ويصبح للمرفق اسمه مستوحى من خصوصيات المكان. ويعود تاريخ الشروع في الدفن في مقبرة الرحمة إلى سنة 1969، ويشرف على تسيير شؤونها مجلس مُنتخَب تحت مسمى «مجموعة التشارك الجماعية»، بميزانية سنوية يساهم بنصيب منها مجلس مدينة الدارالبيضاء ومداخيل «استيطان» الأموات، وفق رسوم دفن محددة ومنظمة بقانون جبائي، وتتعاقد الجمعية المكلفة بتدبير المرفق مع مقاول مُهمّته حفر القبور وصيانة المقابر، مقابل نسب محددة من الرسوم سالفة الذكر. وتتقاسم مقبرة الرحمة في تراب عمالة الحي الحسني مع مقبرة الغفران هموم استيطان أموات الدارالبيضاء، إذ تدفن في جوفها يوميا جثامين ما يقارب الثلاثين هالكا، فضلا على خصوصيات أخرى، كاستقبال الموتى مجهولي المصير، بحكم وجود مصلحة للطب الشرعي بجوار مقبرة الرحمة. ويشرف على تسيير هذا المرفق مجلس مُنتخَب من ممثلي الجماعات التي توجد المقبرة في ترابها، بميزانية سنوية مخصصة من مجلس المدينة ومن عائدات الدفن. ويسعى المجلس إلى تحسين أوضاع المقبرة وإعادة هيكلة فضائها، صونا لحرمتها. مقابر تحت وصاية الداخلية.. يلف الغموض هيكلة هذه المرافق، التي لا تخضع، خلافا لِما هو مُتعارَف عليه، لوصاية وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، رغم المرجعية الدينية لمقابر المسلمين، بل تظل تحت عيون وزارة الداخلية، التي تريد أن تُحكِم قبضتها على الأحياء والأموات، بينما يظل حضور جمعيات المجتمع المدني محتشما ويقتصر، في غالب الأحيان، على مبادرات ترميم أو تجهيز مسجد المقبرة وصيانة قبور تعرضت للتلف. بل إن جمعية التكافل الاجتماعي والحفاظ على حرمة المقابر، وأيضا جمعيات الشباب المتطوع، حرصت على أن يخصص للقبر قسط من البرامج المسطرة، من خلال التحسيس بضرورة رعاية الميت ووضع المقابر ضمن الاهتمامات اليومية للقائمين على تسيير الشأن الجماعي. ونادت إحدى الجمعيات بتخصيص الجمعة الأولى من كل رمضان واعتباره «يوما وطنيا للحفاظ على حرمة المقابر والقيام بحملات إعلامية للتحسيس بضرورة الحفاظ على كرامة الأموات». وقال محمد بونعمان، رئيس جمعية بيئية، إن جمعيته وضعت مخططا للاهتمام بالجانب البيئي داخل مقابر مدينة الدارالبيضاء وطلبت من الجماعات المحلية تزويدها ببعض الآليات لتنفيذ برنامجها، الذي اختير لها كشعار من «أجل كرامة الأموات»، والرامي إلى صيانة القبور والممرات ووضع علامات التشوير وتثبيت كرَاسٍ للاستراحة وجمع النفايات وتوزيع بذلات على حفّاري القبور وغيرها من المبادرات. إلا أن ذلك اصطدم، على حد تعبير بونعمان، ب«تعامل ميّت مع الموتى».. كما ظلت التوصيات الصادرة عن اليوم الدراسي الذي نظمته وزارة الداخلية، في شهر يونيو من سنة 2010، مجردَ حبر على ورق، أرسل إلى رؤساء الجماعة مُذيَّلا بعبارة «قصد التنفيذ»، بينما فضّل القائمون على الشأن المحلي الاستئناس بتوصيات يوم دراسي أملتْه أسئلة شفوية وكتابية في قبة البرلمان، وليس الوازع الديني أو المهني أو الأخلاقي. تكريس «طبقية الدفن» تفضل بعض العائلات الميسورة اقتناء قطع أرضية داخل المقابر وإحاطتها بسور واقٍ وتخصيصها كمقر لدفن أفراد العائلة، في إطار «التجمع العائلي» بعد الموت.. وحتى يتجنب الميسورون البحث عن قبور متناثرة في أكثر من مقبرة في ولاية الدارالبيضاء، ورغم أن سعر «المقبرة العائلية» هو في حدود 55 ألف درهم، فإن بعض المحسنين الميسورين لا يمانعون في السماح بدفن موتى لا معيل لهم داخل أسوار المدفن العائلي، وهو ما أكده حسن عزيز، رئيس الجمعية الساهرة على تدبير مقبرة الغفران، مشيرا في الوقت ذاته إلى وجود مقابر شاغرة في هذه الأماكن، خاصة في مقبرة الشهداء. ويفضل كثير من الفقهاء تلاوة آيات بيّنات من الذكر الحكيم في المدافن العائلية، بدل الصراع اليومي مع مُرتّلين لا يترددون في الانضمام إلى فقهاء آخرين دون سابق اتفاق، مع ما يترتب عن الوضع من صراع عند اقتسام «لْبياض». وقال أحد الخطباء إن امتلاك بعض العائلات قبورا عائلية أمر جائز، لكن تزيين القبور إلى درجة النتميق والزخرفة غير جائز. وعلى طرف النقيض من مدافن «علية القوم» تعرف مقبرة الرحمة، لقربها من مصلحة حفظ الأموات. استيطان أكبر عدد من جثت الموتى مجهولي المصير. وتتحدث أنباء عن دفن 150 جثة في أسبوع واحد وعن وصول عدد القبور المجهولة إلى ما يقرب 20 ألف قبر تضم جثتا طال أمد وجودها في «لامُورْغ» دون أي رباط عائلي، بل إن أغلب الحالات من الرضع الذين تصطادهم دوريات الشرطة والوقاية المدنية من بالوعات الأزبال والفضاءات المهملة بعد ولادة غير شرعية، ويبدو أن الصنف الأخير من مجهولي المصير في تراجع بسبب ظهور مجموعة من جمعيات المجتمع المدني، التي اختارت التخصص في مجال رعاية الأطفال المتخلى عنهم. من يدفن المرحوم؟ الآن وأمام ظهور بوادر أزمة دفن في الدارالبيضاء وغياب هذا المرفق من أذهان أصحاب القرار على مستوى مجلس المدينة، قررت بعض العائلات، في إطار تضامني بين أفرادها، حجز مَدافنَ عائلية تحسبا لأي طارئ، بل إن رئيس مجموعة جماعات التعاون الاجتماعي اقترح مساهمة مجلس تدبير مقبرة الغفران من الفائض المالي في البحث عن فضاء بديل لهذه المقبرة، التي ستغلق أبوابها بعد عقد من الزمن، علما أن تقادم المقابر يتم بمرور 40 سنة عن آخر عملية دفن، وهو ما يحُول دون إعادة استعمال مقابل موصدة منذ أزيد من ثلاثة عقود، كمقبرتي أولاد زيان وأهل فاس في بوركون. وقد فطن الظهير الشريف رقم 986.68، بتاريخ 19 شعبان 1389 (31 أكتوبر 1969) المتعلق بنظام دفن جثت المسلمين إلى أزمة المقابر، فقرر «السماح لكل شخص بالدفن في ملكه، شرط أن يبتعد القبر ب50 مترا عن السكنى أو عن البئر القريبة، وشرط حصوله على إذن بخصوص ذلك من سلطة العمالة أو الإقليم الذي يوجد الملك المذكور في دائرة نفوذه»، وفي حالة دخول هذا البند حيّز التنفيذ، فإنه سيكون بمثابة تجسيد حقيقي ل»تقريب القبور من المواطنين»..
مقابر الدارالبيضاء في أرقام 137 هكتارا: مساحة الأرض المسترجعة التي شيدت عليها مقبرة الغفران 95 هكتارا: مساحة الأرض التي شيدت عليها مقبرة الرحمة 1969: تاريخ انطلاق الدفن في مقبرة الرحمة 1994: تاريخ انتهاء الدفن في مقبرة سباتة 1989: تاريخ الشروع في دفن الأموات في مقبرة الغفران. 80 في المائة من المقابر البيضاوية تعيش حالة كارثية من حيث النفايات وعدم التسوير 10 في المائة من المقابر في حالة متوسطة 10 في المائة من المقابر في حالة مستحسنة 40 ألف درهم: ثمن اقتناء بقعة في المقبرة لبناء مدافن عائلية 15 ألف درهم: ثمن بناء البقعة 12 مترا مربعا: مساحة المدافن العائلية 270 درهما: سعر القبر المخصص للكبار 150 درهما: سعر القبر المخصص للأطفال 70 درهما: حصة المقاول من كل قبر.
«رفات» قوانين لتدبير مقابر أموات المسلمين ودوريات أملتها أسئلة البرلمان تتباعد المسافات الزمنية بين الظهير الشريف رقم 986.68 بتاريخ 19 شعبان 1389 (31 أكتوبر 1969) المتعلق بنظام دفن الجثث ودورية وزير الداخلية الأسبق، إدريس البصري، عدد 159 بتاريخ 1989/07/05 حول المحافظة على المقابر وصيانتها، ومنشور وزير الداخلية محمد الميداوي رقم 83 ق.م.م/3 بتاريخ 29 ماي 2000، الموجه إلى الولاة وعمال عمالات وأقاليم المملكة حول تدبير المقابر الإسلامية، والذين أحالوه بعد التأشير عليه إلى رؤساء الجماعات المحلية في دائرة نفوذهم، مع دوريات أخرى أغلبها حرّكته أسئلة شفوية وكتابية من مجلس النواب. وأجمعت الدوريات على الأوضاع المزرية لغالبية المقابر الإسلامية، التي «ما زالت في معظمها على حالتها المزرية، حيث إنه رغم النداءات المتكررة من هذه الوزارة قصد الاعتناء بها ورغم الأسئلة النيابية المتعددة التي وُجِّهت للحكومة بصددها، لم تبذل الجماعات المعنية أي مجهود ملموس للخروج بها من تلك الأوضاع المزرية». وقد رصدت الدورية الاختلالات متعددة الجوانب التي تعاني منها المقابر الإسلامية ومرفق الجنائز بصفة عامة، في ازدواجية الإطار القانوني الذي تخضع له تلك المقابر، ومنها ما يرجع إلى عدم ممارسة رؤساء المجالس الجماعية سلطاتهم كاملة في مجال شرطة المقابر، ومنها أخيرا ما يعود إلى الإهمال الذي تعاني منه من حيث الصيانة والتعهد. ففي ما يتعلق بالإطار القانوني للمقابر الإسلامية، تجدر الإشارة إلى أن هذه الأخيرة تخضع لنظام قانوني مزدوج يتركب، في جزء منه، من بعض الأحكام المنبثقة عن الفقه الإسلامي وفي جزئه الآخر من الأحكام التي وضعتها بعض النصوص القانونية الوضعية. وتعتبر المقابر الإسلامية أملاكا حبوسية وأضحى أمر صيانتها وتدبيرها من اختصاص الجماعات المحلية. وقد أسند المشرع مهمة تنظيم المقابر إلى السلطات المحلية، قبل أن ينتقل هذا الاختصاص إلى رؤساء المجالس الجماعية بمقتضى الفصل ال44 من الظهير الشريف الصادر في 30 شتنبر 1976، المتعلق بالتنظيم الجماعي، كما حدد الأشخاص الذين لهم الحق في الدفن في المقبرة في «الأشخاص المتوفّين القاطنين في المنطقة التي توجد فيها المقبرة أو الأشخاص المالكين في هذه المقبرة مدفنا عائليا أينما كان محل سكناهم أو وفاتهم، وكل شخص يتسلم إذنا خاصا من رئيس المجلس الجماعي». وتتجاوز سلطة الترخيص حدود رئيس الجماعة إلى «الأمين العامّ للحكومة في ما يخص نقل الجثث خارج المغرب، والوزير المكلف بالشؤون الخارجية في ما يتعلق بإدخال الجثث إلى المغرب (بمقتضى المرسوم رقم 2.80.522 بتاريخ 8 صفر 1401 موافق 16 دجنبر 1980، المغير للفصل ال5 من الظهير الشريف المؤرخ في 31 أكتوبر 1969)، المتعلق بنظام دفن الجثث وإخراجها من القبور ونقلها. وفي جميع هذه الحالات، يتعين على السلطة المسلمة للإذن أن تخبر سلطة المكان الموجهة إليه الجثة وكذا سلطات المدن التي تعبُرها الجثة داخل المغرب. وقد فكرت الدولة، مشكورة، في سكون المكان وأصدرت ظهيرا شريفا مؤرخا في 11 صفر 1357 موافق 29 أبريل 1938، يتعلق بإحداث مناطق وقائية حول المقابر في المدن، لا يسمح فيها بالبناء أو حفر الآبار إلا في حدود ضيقة، بقصد حماية الصحة والوقاية الصحية. كما منع الظهير كذلك «إحداث المؤسسات المزعجة» (كقاعات الأفراح والألعاب والمقاهي التي تباع فيها الخمور والمحلات الصناعية وغيرها). ويبدو من أن أغلب النواب يعانون من خلط في تحديد مسؤولية القائمين على هذا المرفق، إذ توجه الأسئلة تارة إلى وزير الداخلية وتارة إلى وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية، باعتبارها مشرفة على المقابر من الناحية الدينية. قال حسن عزيز، رئيس مجموعة جماعات التعاون الاجتماعي في مقبرة الغفران في الدارالبيضاء، في حواره مع «المساء»، إن الضرورة تُحتّم على الدولة البحث عن وعاء عقاري بديل لمقبرتي «الرحمة» و«الغفران» وتجهيزه وفق مواصفات تليق بحرمة المقابر، بعد أن أصبح المرفقان مهددين بالاكتظاظ. وأشار عزيز إلى أنه من النادر الاهتمام بمقابر المسلمين والتعامل معها كمؤسسات قائمة الذات لا تختلف في مكانتها عن المساجد. وأضاف المتحدث نفسه أنه يُعوّل على حكومة عبد الإله بنكيران، ذات المرجعية الدينية، في تأهيل فضاءات الدفن بشكل يراعي الشروط المتعارَف عنها. رئيس مجلس تدبير مقبرة الغفران قال ل«المساء» إنه يعول على حكومة بنكيران لرعاية المقابر حسن عزيز: المدافن العائلية عملية تضامنية ولا اعتراض للدين عليها -هل تعيش الدارالبيضاء أزمة مقابر؟ لقد استأثر هذا الموضوع بحيّز كبير من النقاش خلال اليوم الدراسي الذي نُظّم، في العام الماضي، من طرف وزارة الداخلية حول واقع المقابر وسبل تأهيلها، والآن، لا بد من التأكيد أنه بعد عشر سنوات أو خمسة عشر سنة على أبعد تقدير، لن تجد الدارالبيضاء فضاء لدفن موتاها، إلا إذا تحركت السلطات المعنية من أجل البحث عن بقعة أرضية وتجهيزها، قبل أن تختنق مقبرتا الرحمة والغفران، علما أن معدل الدفن اليومي يتراوح ما بين 20 و35 جثة، وهذا المعطى من شأنه أن يساعدنا عن إيجاد بدائل لمقبرتين تستوعبان أموات مدينة الدارالبيضاء، التي يزيد عدد سكانها عن 8 ملايين نسمة». - ألا يمكن اللجوء إلى المقابر التي تجاوزت مدة الإغلاق المشروعة؟ لا يمكن الدفن فوق بقايا مقبرة أخرى إلا إذا مر 40 عاما على دفن آخر جثمان وليس تاريخ افتتاح المقبرة، لهذا لا بد من التفكير في بقع أرضية خارج المدينة تستوعب الأموات المُحتمَلين، ولا مانع لديّ، بصفتي رئيسا لمجموعة جماعات التعاون الاجتماعي، التي تسهر على تدبير شؤون مقبرة الغفران، أن أقترح مساهمة المجلس في تجهيز المقابر البديلة، ما دامت المصلحة العامة تفرض ذلك، مع التأكيد على ضرورة الاهتمام بهذا المرفق، لأنه الأقل حظا من الاهتمام من بين جميع المؤسسات، عكس ما نشاهده في مقابر النصارى واليهود، حيث الاهتمام بالميّت يفوق أحيانا الاهتمام به وهو حي يُرزَق. - هل يمكن الحديث عن خوصصة المقابر؟ نحن، ككيان جمعوي مسؤول عن تدبير شؤون مقبرة الغفران، نُجسّد، إلى حد ما، التدبير المفوض لهذا المرفق، مع ما لها من استقلال مادي ومعنوي، على أن يشمل القرار كل المقابر ولا يقتصر على العض منها فقط، إننا نجسد التدبير المفروض من خلال تعاقدات مع مجموعة من المتدخلين كشركات الحراسة والمقاول الساهر على الدفن، بل إن حفّاري القبور اليوم يتوفرون على رواتب ويستفيدون من خدمات الضمان الاجتماعي، ونسعى إلى البحث عن موارد قارة للمقبرة، بعد أن أنشأنا أكشاكا مُنِحت لقدماء باعة التمر و«الشريحة» وماء الورد بأسعار تفضيلية، وهذه المداخيل توظف لصيانة المقبرة ولرعاية الإنسان في مماته من خلال قبره، لأن المقبرة أشبه بمسجد للصلاة، له حرمته وقدسيته، وهذا لا يعفي بعض المقابر من ظاهرة الاعتداء على حرمة المقبرة، التي يلجأ إليها بعض المتسكعين، الذين يهددون سلامة الزوار، ومنهم من يستعملون المقبرة ملجأ لقضاء بعض نزواتهم.. نحن بصدد التصدي لهؤلاء من خلال نظام حراسة ودوريات مراقبة وعلامات تشوير. - ارتبطت المقابر بظاهرة التسول وأصبحت نقطة جذب لمتسولين محترفين.. كيف تعالجون هذه الظاهرة؟ لا يمكن التصدي لهذه الظاهرة دون مقاربة تشاركية بتعاون مع السلطات الأمنية والمركز الاجتماعي ل«تيط مليل»، خاصة أن الأمر تجاوز المتسولين إلى المشردين، الذين يُهدّدون سلامة الزائرين، إذ يصعب التفريق بين متسول ومشرد، والغريب أن بعض المتسولين اغتنوا من حِرَف الاستجداء دون أن يقلعوا عنها، وهو ما يتطلب مقاربة أمنية لهذه الحالة. - هناك إقبال على المدافن العائلية، ألا يتعارض الأمر مع رمزية المقبرة كفضاء يتساوى فيه الغني والفقير؟ هناك ترخيص ببيع قطع أرضية لا تزيد مساحتها على 25 مترا، لاستعمالها كمدفن عائلي، هذه العملية محددة بقرار جبائي تصادق عليه وزارة الداخلية والمالية، قبل أن تتم المصادقة عليه من قبل مجموعة التعاون الاجتماعي، وبعد مصادقة وزارة الداخلية، تستخلص الواجبات، وليس هناك أي تمييز بين مواطن وآخر، فعملية البيع مفتوحة لكل الراغبين، كيفما كانت مكانتهم الاجتماعية. فبيع القطع الأرضية في المقبرة لتشيد عليها مقابر عائلية تعطي الموازنة لميزانية تسيير المقبرة والإنفاق على قبور الفقراء، في نوع من التكافل الاجتماعي.. والعملية من الناحية الشرعية جائزة ولا اعتراض حولها. - في ظل تعطل مشروع تأهيل المقابر، هل أنت متفائل بوجود حكومة ذات مرجعية إسلامية بإمكانها التعامل مع هذا الملف بجدية؟ نعم، أنا متفائل بعد تعيين عبد الإله بنكيران على رأس الحكومة، وأنا على يقين من أن نداءاتنا للاهتمام بالمقبرة ستجد آذانا صاغية، خاصة في ظل المرجعية الدينية التي يتأسس عليها الحزب الحاكم، وأتمنى أن نجد في عهد بنكيران اهتماما حقيقيا بمقابرنا وترجمة مذكرة وزيرة الداخلية المنبثقة عن اليوم الدراسي، الذي انعقد في العام الماضي، إلى أفعال، خاصة وقد شددت الدورية على أن المسجد والمقبرة سيان.