كثيرة هي التحولات العميقة والهيكلية التي قادها العاهل المغربي الملك محمد السادس منذ اعتلائه عرش أسلافه الميامين عام 1999. وعلى مدى 22 عاماً، من حكم العاهل المغربي الملك محمد السادس، قاد إصلاحات كبرى أحدثت تحولات عميقة وهيكلية شملت مختلف مناحي الحياة الاقتصادية والاجتماعية والدينية والحقوقية. طي وبناء حكيم بنشماش، رئيس مجلس المستشارين، الغرفة الثانية للبرلمان المغربي، شدد على أن الإصلاحات التي باشرها الملك محمد السادس ترمي جميعها في منحى تدعيم المسلسل الديمقراطي وبناء دولة القانون والحداثة وتعزيز حقوق الإنسان. بنشماس، الذي تحدث إلى جريدة "رسالة الأمة" المغربية، شدد على أن من بين السمات التي طبعت فترة حكم محمد السادس، هي طي صفحة الماضي وإنجاح تجربة العدالة الانتقالية، وتحقيق التنمية الشاملة على كل المستويات والأصعدة. هذه السياسات الملكية المتعاقبة، جعلت البلاد تجمع العديد من المكتسبات، وفق بنشماس، الذي شدد على أن المغرب يحتل اليوم مكانة متميزة على المستوى الإقليمي والدولي. وأكد على أن المغرب يحتل مكانة متميزة على الصعيد الدولي والمغربي، وذلك بفضل التعليمات الملكية السامية، والتي مكنت أيضا من إرساء مشروع مجتمعي ديمقراطي حداثي وتحقيق منجزات حقيقية في مختلف الميادين السياسية والاقتصادية والاجتماعية، من أجل الوصول إلى مصاف الدول الديمقراطية والمتقدمة. إصلاحات مهيكلة وعدد المسؤول النيابي في المغرب باكورة إنجازات وإصلاحات مهيكلة قادها العاهل المغربي الملك محمد السادس منذ اعتلائه العرش عام 1999. وأورد بنشماش أن العاهل المغربي حرص على جعل مشروع بناء مجتمع ديمقراطي وحداثي كأولوية تتصدر اهتماماته، إذ جعل من تدعيم الممارسة الديمقراطية وإرساء قواعدها وتدعيم آليات اشتغالها، في إطار دولة الحق والقانون، خيارا استراتيجيا يندرج في إطار مشروع إصلاحي شامل يرتكز بالأساس على تحديث المؤسسات والهيئات السياسية ودمقرطتها وإصلاح المشهد السياسي الوطني وتأهيله. الإصلاح الدستوري، إذ تبنى المغرب دستورا جديدا منذ سنة 2011، والذي يشكل اليوم الإطار الدستوري الذي يؤطر النموذج الديمقراطي الحداثي التنموي المغربي المتميز، ويشكل تعاقدا تاريخيا جديدا بين العرش والشعب. وفي هذا الإطار وبنظرة استباقية تم تنزيل الجهوية المتقدمة التي ليست في منظور الملك، مجرد قوانين ومساطر إدارية، وإنما هي تغيير عميق في هياكل الدولة، ومقاربة عملية في الحكامة الترابية، فهي تمثل أنجع الطرق لمعالجة المشاكل المحلية، والاستجابة لمطالب سكان المنطقة، لما تقوم عليه من إصغاء للمواطنين، وإشراكهم في اتخاذ القرار، لاسيما من خلال ممثليهم في المجالس المنتخبة، وفق المسؤول. كما لفت إلى إطلاق العديد من الأوراش الاقتصادية الكبرى: بقيادة وإشراف مباشر من الملك، حيث تم إطلاق العديد من الورش سواء مشاريع البنى التحتية (الطرق، الموانئ، المطارات، القطار الفائق السرعة…)، أو برامج النهوض بقطاعات استراتيجية كالفلاحة والصناعة والطاقات البديلة. تضامن وتآزر وشدد على أن هناك أيضا عددا من الورش على مستوى التنمية المستدامة المترابطة، والتي شملت بحسب المتحدث مختلف المجالات والقطاعات، وشكلت فلسفة اجتماعية تضامنية ترمي إلى جعل المواطن ضمن الأولوية الكبرى في مسلسل الإصلاح الشامل. ورسخ العاهل المغربي مبادئ التضامن والتكافل والتآزر الاجتماعي، برؤية ملكية تضامنية في المجال الاجتماعي والاقتصادي. ما جعل المغرب يتمكن من الاندماج الفعلي في برامج اقتصادية مدرة للدخل وفك الهشاشة والتهميش والإقصاء. ومن بين المبادرات الملكية في هذا الصدد، يُعطي بنشماش مثالا ب"المبادرة الوطنية للتنمية البشرية"، التي ظلت مستمرة في مختلف المحطات ومواكبة لجميع التحولات الاجتماعية والاقتصادية، إضافة إلى إطلاق الورش الكبيرة للتغطية الصحية والاجتماعية التي ستشكل ثورة في أفق تقليص الفوارق الاجتماعية والمجالية. إصلاح للحقل الديني على صعيد آخر، يعكس إصلاح الحقل الديني، الذي تم إطلاقه بمبادرة من الملك محمد السادس، رؤية ملكية متبصرة لتكريس الأسس المذهبية للمغرب مع ترسيخ الهوية الأصيلة للمملكة والتي تتسم بالتوازن والاعتدال والتسامح. ولفت بنشماش إلى أن الملك جعل منذ السنوات الأولى لتوليه العرش، هذا الإصلاح حقلا أساسيا، وذلك بهدف ضمان تدبير حكيم وهادئ للشأن الديني انطلاقا من رؤية متبصرة تأخذ بعين الاعتبار تطور المجتمع المغربي مع الوفاء لأسس الهوية الروحية الفريدة للبلاد. ولقد تم وضع استراتيجية متعددة الأبعاد لتجديد الحقل الديني عبر إعادة تنظيم المجلس الأعلى للعلماء وتأهيل الأئمة من خلال تكوينهم. ومن بين الإصلاحات البنيوية البارزة، يقول المتحدث: لابد أن نتوقف أيضا عند التموقع الجيو استراتيجي في أفريقيا وتعزيز التعاون جنوب-جنوب، حيث وضع الملك محمد السادس بلدان القارة ضمن الأولويات الاستراتيجية والاقتصادية للمملكة. وشدد على أن هذه الاستراتيجية مكنت المملكة من ترجمة هذه الرؤية التنموية عبر الانفتاح المستمر نحو أكثر من 14 دولة أفريقية ساهم من خلالها بشكل تدريجي وممنهج في تحقيق الاستقرار السياسي والأمني، بالإضافة إلى تعزيز العلاقات وخلق الاستثمارات بالمنطقة، بالإضافة إلى تفعيل برامج للتنمية البشرية التي سعى المغرب من خلالها إلى تأهيل وتكوين عدد كبير من الأطر الإدارية للمؤسسات العمومية بالدول الشقيقة والصديقة. وختم بالقول: "وإذا جاز لي أن ألخص هذه السلسلة المتصلة من الورش والديناميات الإصلاحية المتواترة فيمكن القول بأنها مكنت بلادنا٫ في محيط جهوي ودولي معقد، من التوفر على أرضية صلبة وعلى بوصلة واضحة للتوجه للمستقبل بثقة راسخة".