اعترف مصدر من وزارة الاقتصاد والمالية بوجود وثيقة ستكون مرفقة بمشروع القانون المالي لسنة 2011 تطرح تصور الوزارة لحل معضلة نظام التقاعد بالمغرب. وأكد المصدر ل”التجديد” أن الوثيقة بنت تصورها على الاقتراح الذي تقدم به سابقا الصندوق المغربي للتقاعد والقاضي بمعالجة الملف وفق ثلاث مرتكزات، أولا: الرفع من المساهمات ب 6 نقط على امتداد ثلاث سنوات. ثانيا: احتساب المعاشات من خلال تجميع متوسط ثمان سنوات من العمل. ثالثا: الرفع من سن التقاعد. في ذات الوقت الذي وصل فيه ملف التقاعد بالمغرب إلى ”نفق مسدود” تعيش فرنسا ”مأزقا خطيرا” نتيجة اشتداد الصراع بين النقابات ورئاسة الجمهورية الفرنسية حول ملف التقاعد ورغبة ساركوزي الرفع من سن التقاعد إلى 62 سنة. واعتبر محمد يتيم، الكاتب العام للإتحاد الوطني للشغل بالمغرب، على أن الحكومة بقرارها مست المقاربة المنهجية المتفق عليها لحل ملف التقاعد. منهجية كانت تقتضي التوافق والمشاركة. وشدد يتيم في تصريح ل ”التجديد” على أن قرار وزارة المالية يعد انقلابا في منهجية تداول الملف. وأبرز يتيم من جهة أخرى، أن سكرتارية اللجنة التقنية أعدت تقريرا منفردا رفعته إلى الوزير الأول. وهو مادفع النقابات الخمس إلى إصدار بيان أمس الاثنين تطالب فيه العدول عن منطق الاقصاء الذي تنهجه الحكومة في هذا الملف. واعتبر يتيم ، أنه من خلال كل خطوات الحكومة ومنها تصريح سابق لوزير الاقتصاد والمالية يشير فيه إلى أن اللجنة التقنية يجب أن تستكمل لقاءاتها مع شهر غشت الماضي. أن الحكومة تتوفر على أجندة مسبقة تريد من خلالها تمرير إصلاح ترقيعي على ظهر اللجنة التقنية. وتسعى وزارة المالية، حسب نفس المصدر، إلى أن يتم المصادقة برلمانيا على مشروع رفع سن التقاعد، والزيادة في المساهمات خلال الدورة الخريفية المقبلة، في انتظار الإصلاح الأكبر المرتقب سنة .2016 هذا الأخير يهدف إلى أن يتم إقرار نظام تقاعد موحد يشمل كل المغاربة مع وجود تقاعد تكميلي إلزامي. ويقترح مشروع وزارة الاقتصاد والمالية الرفع من المساهمات نقطتين في كل سنة حتى حدود 2013( نقطة على عاتق الأجير، ونقطة تتكفل بها الدولة). كما يقترح المشروع الرفع من سن التقاعد إلى 62 سنة بالنسبة لجميع الأجراء والموظفين. و65 سنة بالنسبة للذين لم يكملوا 3240 يوما من العمل، وهو الرقم الذي يمثل العتبة الضرورية للاستفادة من التقاعد. في فرنسا، التي تريد بعض الأوساط أن يحتذى بها حتى في ملف التقاعد من خلال الاستعانة بخدمات مكتب الدراسات الفرنسي ” أكتوريا”، تخوض النقابات صراعا سياسيا واجتماعيا من أجل إفشال مشروع ساركوزي للرفع من سن التقاعد بفرنسا إلى 62 سنة. وإذا كان الرئيس الفرنسي يحتج بالعجز الذي تعرفه صناديق التقاعد من أجل الدفع بمشروعه ولو تبنى ثقافة غير ديمقراطية من أجل تبنيه. تعتبر النقابات، ومن ورائها الرأي العام الفرنسي أن الرفع من سن التقاعد ”لا يمثل الحل الأمثل لمعالجة عجز الصناديق”. النقابات تؤكد على أن مشروع ساركزي غير عادل، وهو سيضر بالنساء العاملات،. ويتساءل الفاعلون الاجتماعيون في فرنسا: ما ذنب الفرنسي الذي ولج سوق الشغل منذ سن مبكرة واشتغل سنوات طويلة ونطالبه اليوم بتمديد فترة الاشتغال لسد العجز؟ وفي انتظار مستجدات الملف الذي ستبث فيه نهاية أكتوبر المقبل مجلس الشيوخ الفرنسي. يطرح تساؤل كبير: ما هو الدرس الذي يمكن أن يستفاد مغربيا من المعركة الدائرة حاليا في فرنسا؟ في أزمة ملف التقاعد في المغرب تبرز عدد من الخصوصيات، منها أن العجز المالي الذي تعاني منه صناديق التقاعد الأربعة لم يكن نتيجة التحولات الديمغرافية التي تعيشها فرنسا مثلا، بل إن العجز لم يكن سوى نتيجة نهب المال العام الذي استهدف تلك الصناديق خلال العقود الأخيرة. فعوض مسائلة ناهبي المال العام يراد حكوميا التعويل على سواعد المغاربة لملأ صناديق التقاعد. جل الفاعلين الاجتماعيين في المغرب يربطون الموافقة على الرفع من مساهمات الأجراء لعلاج أزمة الصندوق المغربي للتقاعد، بشرط أن تساهم الدولة بمقدار الثلثين مقابل ثلث المساهمة للأجير، وفي نفس الوقت الرفع من الأجور. إن اتخاذ القرار الصائب لحل معضلة التقاعد بالمغرب هو بيد الحكومة، يؤكد عضو في اللجنة الوطنية لملف التقاعد، لكن هناك إحساس لدى مختلف الفاعلين الاجتماعيين ” بأن ليس هناك رغبة للإعلان عن القرار السياسي الصائب، خصوصا أمام اقتراب موعد الانتخابات”. الموضوع بيد اللجنة الوطنية التي يترأسها الوزير الأول، لكن لا يوجد هناك توافق داخل اللجنة. فهل يكون تصور وزارة الاقتصاد والمالية نوع من الهروب إلى الأمام؟ علي الباهي التجديد