«الكونفدرالية العامة لمقاولات المغرب هي ضد اقتراح تأسيس صندوق موحد للتقاعد يجمع ما بين القطاع الخاص والعام، وقد أعلنا عن ذلك بوضوح داخل اللجنة التقنية...»، هكذا علق عبد العزيز علوي، ممثل الباطرونا باللجنة التقنية لإصلاح أنظمة التقاعد بالمغرب، خلال ندوة نظمها «نادي مشاريع» بمدينة الدارالبيضاء يوم الثلاثاء المنصرم، مؤكدا أن السيناريو الذي جاء به التقرير المعد من طرف مكتب الخبرة الفرنسي «أكتياريا» والذي ينطلق من ضرورة اعتماد نظام أساسي موحد للتقاعد على المستوى الوطني يشمل كلا من القطاع العمومي والقطاع الخاص، ترفضه الباطرونا لأنها لا تريد أن تتحمل أعباء وأخطاء صناديق القطاع العام وخصوصا الصندوق المغربي للتقاعد الذي سيعلن عن إفلاسه ابتداء من سنة 2012. وأضاف علوي أن اتخاذ القرار الصائب لحل معضلة التقاعد بالمغرب هو بيد الحكومة، وبالتالي يجب أن تكون هناك رغبة جدية لاتخاذ قرار سياسي جريء مثل ما يحدث الآن في فرنسا، لكن عضو اللجنة التقنية كان متشائما عندما قال «إننا لا نحس بأن هناك رغبة للإعلان عن القرار السياسي الصائب، خصوصا أمام اقتراب موعد الانتخابات»، حيث من الممكن أن يعيد التاريخ نفسه باعتبار أن «الحكومة ارتكبت خطأ فادحا عندما تركت ملف إصلاح التقاعد ولم تحسم في مصيره رغم أنها توصلت منذ سنة 2000 بتقرير أسود عما ستؤول إليه أنظمة التقاعد مستقبلا» . من جهته، عبر بشير بادو المدير العام للفيدرالية المغربية لشركات التأمين، عن تشاؤمه مما آلت إليه صناديق التقاعد بالقطاع العام، معتبرا أن نجاح الصندوق المهني المغربي للتقاعد الذي يبقى أفضل حالا من بقية الصناديق، سببه مرونة اتخاذ القرارات داخل مجلسه الإداري المكون من ممثلي الباطرونا، عكس الصندوق المغربي للتقاعد الذي يبقى تابعا للحكومة مع ما يترتب عن ذلك من بطء شديد في اتخاذ الاجراءات اللازمة وفي الوقت المناسب وارتباط كل ذلك بقرارات سياسية، معتبرا أن اقتراح مراجعة مبالغ الاقتطاعات والرفع من نسبة المساهمة بأربع نقط ورفع سن الإحالة على التقاعد من 60 إلى 62 سنة، واعتماد الأجر المرجعي للسنوات الثمان الأخيرة بدل احتساب المعاشات على أساس آخر أجرة، هي حلول مؤقتة بينما الحل الأمثل هو الرفع من أرضية المنخرطين في أنظمة التقاعد بتوفيره لجل الساكنة النشيطة بالمغرب والتي تقدر بأكثر من 9 ملايين مغربي . وأشار المتدخلون خلال الندوة إلى أن التقرير الذي أعده مكتب «أكتياريا» أكد وجود مشاكل حقيقية في كل صناديق التقاعد بالمغرب بدون استثناء غير أنها تختلف حدة وبدرجات متفاوتة من صندوق إلى آخر، فالصناديق الأربع مجتمعة لا تغطي سوى 2.8 مليون عامل نشيط، في حين أن الساكنة النشيطة بالمغرب تتجاوز تسعة ملايين، مما يعني أن حوالي 7 ملايين من المغاربة يشتغلون بدون تقاعد، ويتعلق الأمر أساسا بالعاملين في قطاعات الفلاحة والصيد البحري والتجار والحرفيين وأصحاب المهن الحرة، فوضعية الصندوق المغربي للتقاعد هي الأكثر تأزما، حيث يقدر العجز الذي يهدد هذا النظام ب517 مليار درهم، وهو ما سيؤدي إلى ظهور مشاكل موازناتية في 2012 وسيبقى بالصندوق صفر درهم بحلول 2019. بينما يصل عجز النظام الجماعي لمنح رواتب التقاعد إلى 112 مليار درهم و هو ما سيتسبب لهذا الصندوق في مشاكل موازناتية بداية من 2021، فيما ستجف احتياطاته المالية سنة 2049، أما الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي فسيعرف عجزا بقيمة 495 مليار درهم وإذا لم تعالج هذه الاختلالات، فإن هذا الصندوق الذي يغطي معظم أجراء القطاع الخاص سيعلن إفلاسه في 2037، ويبقى الصندوق المهني المغربي للتقاعد أفضل حالا من بقية الصناديق حيث لا يتعدى عجزه 63 مليار درهم.