برلمانات الأمم التي تقدمت سياسيا على مستوى الممارسة النيابية تتوفر على قنوات تلفزية خاصة بمجالسها النيابية، تنقل بانتظام ما يحدث داخل أروقتها من أعمال وأنشطة ، تشريعية أو رقابية. هذا النقل التلفزي الخاص، يتيح للمواطن ، متى ما شاء، الاطلاع على أشغال ممثليه ومشاركاتهم، خصوصا على مستوى مراقبة عمل السلطة التنفيذية من خلال جلسات الأسئلة الشفوية بالتحديد ، وبذلك يكشف النقاب عن نشاط عادة ما كان يتم في مكان شبه مغلق هو قبة البرلمان دون أن يكون للمواطنين سبيل للاطلاع على مداولاته وما يدور بكواليسه. وبالنظر الى أهمية هذه العملية وسعيا الى تنظيمها لتحقيق أكبر استفادة ممكنة، تسعى القوانين الداخلية للمجالس النيابية الى أن ينتظم النواب البرلمانيون ضمن فرق نيابية تجعل نشاط النواب التشريعي والرقابي أكثر تنظيما وأعمق فاعلية، خصوصا على مستوى تحديد المدة الزمنية للتدخلات، وحتى يأخذ كل ذي حق حقه ، مما يجعل النواب وأعضاء الحكومة المستجوبين في جلسات الأسئلة الشفوية على وجه التحديد ، أحرص ما يكونون على تدبير الوقت المتاح بهدف الاستفادة منه قدر المستطاع، وهو ما يتيح أخذ فكرة واضحة عن مستوى التدبير الزمني لكل فريق، ولكل نائب من المتعاقبين على منصة الخطابة، ونفس الشئ يكاد يكون بالنسبة لأعضاء الحكومة الوزراء بالرغم من أنه يحدث من وقت لآخر أن يضطر رئيس الجلسة لتوقيف المتدخل الذي لا يلتزم بالوقت،أو قطع الصوت تماما على المتمادي.. غير أنه وبالرغم من كل الجهد المبذول،، فان الكثير من الوقت الثمين بالنسبة للبرلمانيين و بالنسبة للأمة ككل لا يزال عرضة للضياع، بالرغم من كلفتة المالية المرتفعة،، فاذا ما قمنا -مثلا- بحساب كلمات الشكر التي يتبادلها النواب ورئاسة المجلس وأعضاء الحكومة، في كل تدخل وتعقيب ورد على التعقيب، فاننا نجد مبالغة حقيقية في التركيز على استعمال كلمة الشكر، ولو بدون ضرورة في بعض الحالات، فما معنى أن يحرص الوزير على "التوجه بالشكر" الى النائب أو النواب على طرحه للسؤال ! والحالة أن النائب موجود بالرلمان بتفويض من الأمة لكي ينوب عنها في مراقبة عمل الجهاز التنفيذي ،أي الحكومة،في ممارستها للسلطة، وهو ما يقتضي،أساسا، طرح الأسئلة بنوعيها الشفوي والكتابي والاستفسار عن كل ما من شأنه الحاق الضرر بمصالح الأمة ، كأن يصنف في خانة سوء التدبير والتسيير، وهو مايدخل في صميم واجبات النائب البرلماني. نفس الشئ يقال عن عمل الوزراء الملزمين قانونيا هم ورئيسهم،بالامتثال لطلبات المجلس في الحضور والاجابة عن الأسئلة بناء على مقتضيات الدستور وأحكامه ، فهل نشكر أحدا باطناب وتكرار لأنه قام بواجبه ؟؟ بطبيعة الحال تقتضي قواعد اللطف والمجاملة، والخلق الحسن الدمث، واجب تقديم الشكر، لكل من يسدي الينا خدمة أو معروفا ولو كان من ضمن واجباته حتى نشجعه في الاستمرار على نفس النهج، لكن الاكثار يؤدي الى أن يزيد الشئ عن حده فينقلب الى ضده، قتكون لذلك تأويلات لا نحب الوصول اليها،، نفس الشئ يمكن أن يقال عن "الاحترام" ، فالوزراء أعضاء الحكومة التي تسوس البلد محترمون بالضرورة والواقع، ولا يمكن، بل لا يسمح لأي كان قانونا وعرفا وأخلاقا بأن يقلل احترامه تجاههم، ونفس الشئ يقال عن نواب الأمة الذين يجسدون سيادتها وشموخها ولا يمكن الا أن يكونوا محل احترام وتقدير، فلم التذكير به وتكراره عند كل نقطة وفاصلة ؟؟ ان حساب عدد كلمات الشكر والاحترام في كل جلسة يكشف عن حيز زمني مهم يمكن أن يستثمر في تمديد المدة الزمنية لحيز المراقب ، فهل ننتبه لهذا الأمر.. من أجل ذلك، أقترح على أصحاب الشأن، أمران : 1 – الاطلاع على تجارب الآخرين في هذا المجال خصوصا البرلمان الانكليزي والفرنسي .. ولو من خلال مشاهدة القناة الخاصة بكل مجلس .. 2 – حل مغربي صرف، يقتضي اتباع مذهب امام دار الهجرة في صوم رمضان، بحيث يكفي أن نعقد النية بصوم الشهر كاملا عند ثبوت رؤيته، دون أن نكون مضطرين لتجديدها عقب كل سحور،،!! .. فيكفي أن يشكر رئيس المجلس باسم النواب، الوزير عند بداية مروره أمام المجلس وعند نهايتها، كما يمكن أن يشكر الوزير كل النواب الذين فكروا في مساءلته دفعة واحدة،، ونخلص ،، ما رأيكم ؟؟؟ الأستاذ زين العابدين الحسيني 14 / 12 /2012