خص مشروع الدستور ،الذي سيعرض على الاستفتاء الشعبي في فاتح يوليوز المقبل،مجلس النواب بصلاحيات جديدة وسلطات واسعة في مجالات مختلفة من شأنها الارتقاء بمكانة هذه المؤسسة وتعزيز استقلاليتها. وجاء مشروع الدستور بمقتضيات تكرس سمو مكانة مجلس النواب،حيث خولت له الكلمة الفصل في المصادقة على النصوص التشريعية،وتعزيز اختصاصاته في مراقبة الحكومة،كما جعلت مسؤولية الحكومة حصريا أمامه. + سلطات واسعة في مجال التشريع + حصر مشروع الدستور سلطة التشريع،وسن كل القوانين في البرلمان،وتوسيع مجال القانون،ليرتفع من 30 مجالا حاليا،إلى أكثر من 60 في الدستور المقترح. ومن هذه المجالات الجديدة العفو العام والجنسية ووضعية الأجانب،ونظام السجون ونظام مصالح وقوات حفظ الأمن،ومبادئ تقطيع الدوائر الانتخابية. وقال عبد العزيز الرباح عضو فريق العدالة والتنمية بمجلس النواب،في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء،إن مجلس النواب "أعطيت له مكانة مهمة جدا في مجال التشريع" بحيث أنه "أصبح الآن المشرع الأول في كل القضايا،بما في ذلك الظهائر التي تصدر عن الملك،التي يجب أن تخضع للدستور". بدوره اعتبر عبد الواحد الأنصاري عن الفريق الاستقلالي للوحدة والتعادلية أن المستجدات التي جاء بها مشروع الدستور في ما يتعلق بمجلس النواب،خاصة في مجال التشريع "ستكون بدون شك إيجابية جدا على اعتبار أن دورات المجلس تم توسيع مجالها من الناحية الزمنية". أما حميد نرجس رئيس فريق الأصالة والمعاصرة فقد أكد أن هذه المستجدات الدستورية،التي تخص أداء المؤسسة البرلمانية،ستساهم في تعزيز وتقوية مكانة البرلمان،مبرزا أن البرلمان سيصبح المصدر الرئيسي للتشريع،الذي تم توسيع مجاله والذي كان محصورا في بعض القطاعات،واليوم أضحى تقريبا معمما". + مراقبة عمل الحكومة وحقوق المعارضة + وفي مجال مراقبة العمل الحكومي،جاء مشروع الدستور بمقتضيات جديدة تخول مجلس النواب متابعة مساءلة الحكومة. فبالإضافة إلى اللجان والأسئلة الشفوية والكتابية،يعرض رئيس الحكومة أمام البرلمان الحصيلة المرحلية لعمل فريقه،إما بمبادرة منه،أو بطلب من ثلث أعضاء مجلس النواب،كما تخصص جلسة سنوية من قبل البرلمان لمناقشة السياسات العمومية وتقييمها. ويمكن للجان المعنية في كلي المجلسين أن تطلب الاستماع إلى مسؤولي الإدارات والمؤسسات والمقاولات العمومية،بحضور الوزراء المعنيين. ويمكن لمجلس النواب،وفق مشروع الدستور الجديد أن يعارض في مواصلة الحكومة تحمل مسؤوليتها،بالتصويت على ملتمس للرقابة يوقعه على الأقل خُمس الأعضاء الذين يتألف منهم المجلس. ومنح مشروع الدستور الجديد لثلث أعضاء مجلس النواب حق تشكيل لجان نيابية لتقصي الحقائق،يُناط بها جمع المعلومات المتعلقة بوقائع معينة،أو بتدبير المصالح أو المؤسسات والمقاولات العمومية،وإطلاع المجلس الذي شكلها على نتائج أعمالها. ومن أهم ما جاء به مشروع الدستور الجديد تقوية دور المعارضة داخل البرلمان من خلال تخويلها حقوقا هامة تمكنها من النهوض بمهامها سواء داخل البرلمان أو في الحياة السياسية ككل. ومن بين الحقوق التي منحها مشروع الدستور للمعارضة البرلمانية،الحق في المشاركة الفعلية في مسطرة التشريع،وفي مراقبة العمل الحكومي،لاسيما عن طريق ملتمس الرقابة،ومساءلة الحكومة،والأسئلة الشفوية،واللجان النيابية لتقصي الحقائق. كما يضمن الدستور الجديد حق المعارضة في ممارسة السلطة عن طريق التناوب الديمقراطي،محليا وجهويا ووطنيا،في نطاق أحكام الدستور،وتخصيص حيز زمني لها في وسائل الإعلام الرسمية يتناسب مع تمثيليتها،والمساهمة في اقتراح وانتخاب الأعضاء المترشحين لعضوية المحكمة الدستورية،وتمثيلية ملائمة في الأنشطة الداخلية لمجلسي البرلمان،والتوفر على وسائل ملائمة للنهوض بمهامها المؤسسية. + تخليق العمل النيابي + وضمانا لنجاعة عمل المؤسسة البرلمانية،تمت دسترة منع ظاهرة الترحال التي أصبحت في الآونة الأخيرة تسئ للعمل البرلماني،حيث يجرد،بموجب نص الدستور الجديد،من صفة عضو في أحد المجلسين،كل من تخلى عن انتمائه السياسي،الذي ترشح باسمه للانتخابات،أو الفريق أو المجموعة البرلمانية التي ينتمي إليها. كما تحدث مشروع الدستور على حصر الحصانة البرلمانية في التعبير عن الرأي فقط،وعدم شمولها لجنح وجرائم الحق العام. وحث الدستور الجديد أيضا على ضرورة أن يتضمن النظام الداخلي للمجلسين واجبات الأعضاء في المشاركة الفعلية في أعمال اللجان والجلسات العامة،والجزاءات المطبقة في حالة الغياب. + إصلاحات مواكبة من أجل ضمان تفعيل أمثل لمقتضيات الدستور الجديد + ويرى عدد من النواب أن نجاح المقتضيات الجديدة التي جاء بها مشروع الدستور رهين بالقيام بإصلاحات مواكبة،تستدعي توفر إرادة سياسية حقيقية وانخراط فعلي للأحزاب السياسية والمواطنين على السواء. ويقول الرباح في هذا الصدد،إن "ولوج أشخاص عبر مسلسل انتخابي غير ذي مصداقية للمؤسسة البرلمانية سيجعلها ضعيفة"،معتبرا أن المقتضيات المهمة التي جاء بها الدستور الجديد لفائدة مجلس النواب لن تصبح ذات معنى إذا لم تكن القيم التي تحكمها والثقافة السائدة فيها والمسار الذي يفرز أعضاءها خاضع للمصداقية والنزاهة". وأضاف أن الأحزاب السياسية "مطالبة بانتقاء مرشحيها،وننتظر القوانين الانتخابية التي ربما ستحدد شروطا معينة في هذا المجال". أما الأنصاري ،فقد أعرب عن أمله في أن تواكب هذه الإصلاحات الدستورية إصلاحات سياسية من حيث نمط الاقتراع والتقطيع الانتخابي وكذا من حيث اختيار المرشحين من طرف الأحزاب،وتقديم أحسن الأطر الذين لهم القدرة على تطوير التشريع الذي أوكل حصريا لمجلس النواب".