مما لا شك فيه، أن المهاجرين الى تطوان في القرن 13ه/19م بسبب عددهم وشرعة انتشارهم وطول مدة إقامتهم، حتى أن أغلبهم فضلوا الإقامة النهائية بها، عملوا على إثراء العمارة والتعمير بالمدينة في مجالات عديدة نذكر منها: _ زيادة تعمير* الحومات* في المدينة العتيقة، أو الإسهام في السكنى بأماكن هامشية، _ زيادة نسبة عدد السكان، وهو السبب المباشر والأساسي في تعمير المدينة، بل إنه أساس وجود المدينة. _بناء عدد من المنازل الجديدة والمرافق الاجتماعية التابعة لها، وبالتالي توسيع المجال الحضري. _تعمير الدور الشاغرة ( دور الحبس، ودور المخزن...) _ تنشيط الحركة الاقتصادية والصناعية: التجارة والحرف. _الإسهام في الحركة الثقافية والتعليمية والحضارية بصفة عامة (الأدب، والفن، واللباس، والموسيقى، واللهجة...) وهذا على المستوى المدني، أما على المستوى العسكري فيتجلى أثرهم في عدة مجالات منها: * زيادة نسبة عدد الجيش المغربي في الثغر التطواني. * زيادة عدد الجيش في ثكنة عسكرية. * بناء ثكنات عسكرية جديدة. * تنشيط الحرف ذات الصلة بالصناعة التقليدية. * إدخال نظام عسكري مستوحى من النظام العثماني المعمول به حينئذ في الجزائر. من خلال الاطلاع على مجموعة من المصادر وخاصة الوثائق المخزنية السلطانية، والحوالات الحبسية، تمكنا من رصد بعض العائلات الجزائرية ومنازلها في المجال الحضري بتطوان. ومن المفيد، الإشارة هنا، إلى ملاحظة أساسية، وهي أن المصادر بمختلف أنواعها شحيحة في مادتها المعلوماتية، لا تسعف الباحث على تكوين رؤية واضحة في الموضوع في الوهلة الأولى، فكثيرا ما أوردت هذه المصادر، أسماء الجزائريين وألقابهم دون تحديد أماكن استيطانهم في *الحومات* التي استقطبتهم. أو أنها على العكس من ذلك أثبتت اسم الحومة المستقطبة دون ذكر اسم الشخص آو العائلة الجزائرية المستقطبة. كما نصادف في هذه المصادر أسماء وألقاب العائلات دون تحديد أصولها، هل هي جزائرية الأصل أم أندلسية أم مغربية، مما يجعل باب الاجتهاد مفتوحا أمام الباحث، للترجيح في كل الأحوال. هذا الشح في المعلومات المعرفية التاريخية والجغرافية، يجعل من عملية الرصد والكشف عملية شاقة وعسيرة الانجاز، وقد تثير استفهامات. وهو الأمر الذي حال دون توصل هذه الدراسة، إلى تحديد العديد من أسماء الأزقة، والدروب، والحومات التطوانية، التي استوعبت المهاجرين الجزائريين أو التي جعلتهم يستوعبونها. ومع ذلك ستحاول الدراسة، أن تبين جزءا من العلمية الكشفية، من خلال استنطاق نماذج من الوثائق المخزنية وبصفة خاصة الرسائل السلطانية، والحوالات الحبسية، التي تكتسي أهمية لا جدال فيها، في مثل هذا الموضوع خاصة، والتأريخ الاجتماعي لمدن تطوان عامة. بريس تطوان، بنقلا عن كتاب: الجزائريون في تطوان خلال القرن 13 ه/19م. مساهمة في التاريخ الاجتماعي للمغرب الكبير