"هذا التحقيق هو من إنجاز ذ.حنان محمد فارع من اليمن،لكنه يصلح لجميع الجامعات العربية ،ومنها جامعة محمد الأول التي يشبه ما وقع ويقع في كلياتها ومعاهدها ومدارسها ما ذكره التحقيق،وربما أكثر،وهو ما سنعود له بالتفصيل الممل ،خاصة بعد تزويدنا من طرف بعض الفصائل الطلابية بما يندى له جبين أي إنسان،من ممارسات لبعض الأساتذة والتي تكون بعض الطالبات قد وثقتها بالصوت والصورة،" منذ أكثر من سنة أقيمت مسرحية في إحدى كليات جامعات بلادنا .. المسرحية كانت بعنوان ( فيفي ) وعلى خشبة المسرح أعلنها الطلاب بكل صراحة حينما كشفوا عن بعض السلوكيات المتبعة من بعض الأساتذة الجامعيين في معاملة الطالبات .. تقمص إحدى الطلاب في المسرحية شخصية أطلق عليها ( الطالبة فيفي ) كانت طالبة تنجح دوماً بتفوق رغم غيابها الدائم ومشاكلها مع زملائها في قسمها ، حيث تفاجأ الجميع برسوب جميع الطلاب المعادية لهم والمرتبطة معهم بمشاكل . المسرحية بطريقة ساخرة تقدم فيفي كدولة عظمى داخل أسوار الجامعة ، ومن هذه المسرحية جاءت فكرة هذا التحقيق ، لنعرف فما مدى صحة حدوث على أرض الواقع ، وما الذي يحدث خلف أسوار الجامعات التي كثيراً ما نعتبرها حرماً مقدساً ومنبعاً للقدوة الحسنة . هذا التحقيق تجول في أورقة أكثر من جامعة لنأتيكم من خلف الأسوار بالنبأ التالي : أساليب الضغط بداية تقول " فايزة " وهي من خريجات العام المنصرم : شخصياً تعرضت للمعاكسة من إحدى أساتذة قسمي حيث تعمد إنقاص درجاتي التحصيلية وعند مراجعته طلب مني الاتصال به ، كنت مضطرة إلى مسايرته والاتصال به لاسترجاع درجاتي ، أثناء الحديث معه عبر التلفون خرج الحوار عن الحدود المتعارف عليها في التعامل بين الطالبة وأستاذها حيث طلب مني الخروج معه لنجلس معاً في جو هادئ .. تسكت الطالبة بعض الوقت ثم تكمل حديثها قائلة : أظنه اعتبر اتصالي نقطة ضعف وحاول استغلالها لمقابلتي خارج أسوار الجامعة حتى يعيد درجاتي المستحقة . تسرد " سها " حادثة شهيرة في جامعتها : مازلت أتذكر حادثة حصلت منذ عام فقد كانت إحدى الطالبات مستواها ضعيف في مادة معينة فأستغل أستاذ المادة هذا الضعف " للتقرب منها " حيث أخذ يتغزل بها لعل وعسى يحظى بما يتمنى وأمام الرفض المستمر من الطالبة وتكرار الضغط من الأستاذ اضطرت إلى أن ترفع يدها لتضربه كفاً حتى يتأدب لكن الأمر تحول إلى قضية كبرى خرجت ربما عن نطاق الاحتواء وكان الثمن أن رسوب الطالبة في هذه المادة . وتواصل : يحصل هذا -المعاكسات- بشكل لافت وعديدات ممن رفضن مطاوعة بعض الأساتذة فيكون الرسوب نتيجة حتمية لرفضها وعنادها . الطالبة تبدأ بالمعاكسة أحياناً بلهجة حادة تأتي إجابة " لمياء " مخالفة لكل ما سبق ومدافعة عن مكانة الأستاذ الجامعي ، تتحدث " لمياء " : طيلة تواجدي في الجامعة لم أشاهد مثل هذه الممارسات إلا كحالات نادرة جداً وتكاد تكون شاذة وبدرجة رئيسة تعتمد على مستوى أخلاق الطالبة فلا يستطيع الأستاذ التجرؤ على البنت المحتشمة المحترمة ، وإن حدث هذا فقد يحدث على الأرجح بعد أن يرى تصرفات غير لائقة من الطالبة تشجعه على التجرؤ فيضطر إلى أن يطاوعها طالما وجد الاستعداد والقبول منها لذلك -تضيف بنبرة صارمة - لا يمكن أن نظلم المدرس ونتهمه بممارسة أي ضغط على الطالبة . ولا تكاد " لمياء " تكمل عبارتها حتى تدخل " جميلة " مقاطعة لها مدافعة عن أخلاق الطالبات التي كانت قد اعتبرتها " لمياء " سببا في العملية .. فتقول " جميلة " وبنبرة لا تقل حده عن سابقتها : حين يأتي أستاذ ما إلى الحرم الجامعي وهو ( شارب ) مثلاً وهذا أمر نعلم جميعاً أنه يحدث فكيف نلقي باللوم على الطالبة فقط في حين نعفي فاقد الوعي _ ولو نسبياً _ من حالة التمادي مع هذه أو تلك من الطالبات . سخونة الحديث ربما سبب مجيء " مروة " طالبة الآداب لتنظم إلى النقاش وتشارك برأيها قائلة : الحقيقة أنه يحدث أحياناً أن تكون البنت هي من تبدأ بالمعاكسة وتطارد الأستاذ وعندما يرى تماديها أما يطاوعها أو يأمرها بالتراجع وفي حال لم تجد الاستجابة منه تتهم الطالبة الأستاذ بمعاكستها والتحرش بها لتنتقم منه . نظرة فابتسامة فلقاء " عُلا " طالبة في كلية التربية تتحدث بطريقة أشبه إلى الهدوء : لا نستطيع القول أن المعاكسة غير موجودة وهناك العديد من الأقسام التي تظهر فيها قضايا من هذا النوع للعلن فهي تبدأ كما قال الشاعر بنظرة وإعجاب ثم ابتسامة وقد تصل إلى موعد فلقاء ، فإذا لجأت الطالبة للأستاذ للسؤال عن أمور الدراسة أو طلب المشورة قد يحدث أن يبدأ بالتمادي معها و يصل الأمر إلى التحسس ومد اليد على اعتبار أنها حركة غير مقصودة وهو يريد من ورائها جس النبض لمعرفة مدى تجاوبها وقبولها لهذا الفعل . وفي الوقت الذي تحاول " عُلا " تأكيد حدوث ذلك بالقول : هناك بعض الطالبات تعرضن لمثل هذه الممارسات غير اللائقة ويشعرن بالخوف الشديد وخاصة من طالبات المستوى الأول حيث خروجهن من الثانوية لمجتمع واسع ومختلط مثل مجتمع الجامعة يسبب لهن المزيد من الخوف والقلق وتعتبر " عُلا " أن الخافي أكثر ، تبرر ذلك بالقول : " كثيرات من هؤلاء يضطررن غالباً إلى كتمان هذه الأفعال رهبة أو خشية ... " . تجارب شخصية حتى الآن يمكن القول أن معظم الأحاديث كانت تنزع نحو الرأي لتوصيف مشكلة ما من هذا النوع حدثت خلف أسوار الجامعات ، لكن ما تبق هو الوصول والحديث مع طالبات من ذوات التجارب الشخصية في هذا الجانب فذلك ما يمثل الحبكة إن جاز التعبير .. تقول " عبير " 20عاماً " طالبة في المستوى الثاني : لا أحد يستطيع إنكار وجود هذه الممارسات كما لا نستطيع إنكار أن بعض الأساتذة يتعاملون بكثير من التعالي في القاعة حيث يرفض البعض التفاهم مع الطالبة داخل قاعة المحاضرات ويطلب منها المجيء إلى المكتب وهناك يبدأ بالتودد إليها والتغزل بها والدخول في مواضيع وطلبات محرجة منها رفع البرقع لرؤيتها مقابل إعطائها درجات غير مستحقة مثلاً كما يحدث في بعض الأحيان وحول تجربتها الشخصية تروي " عبير " : عند قدومي إلى الحرم الجامعي لأول مرة تلقيت عدة تحذيرات من طالبات المستوى الأعلى عن أفعال وممارسات بعض الأساتذة وحددوا بالأسماء مع معرفة طرق الضغط التي قد تصل إلى الحرمان من دخول الامتحان وتعليق المادة في حالة دخولها في عناد مباشر مع ( س ) أو ( ص ) من الأساتذة الذين باتوا معروفين في هذا الجانب والذين تبدأ أولى طلباتهم في رفع البرقع . وتستطرد بحديثها : شخصياً تعرضت لهذا الموقف واستطعت إيقاف المدرس عند حده وإمساك عدة أشياء عليه مما جعلني أنجح في منعه من الاقتراب مني والتلاعب بدرجاتي . بخلاف قصة عبير تأتي قصة "س " التي ترويها قائلة : لم أتمكن من دخول الاختبار في الموعد المحدد لظروف عائلية ، فذهبت إلى أستاذ المادة لتحديد موعد آخر لإجراء الاختبار وعند الموعد المحدد ذهبت إلى المكتب فتعمد إغلاق الباب وبدأ يتحدث معي في أمور شخصية لا علاقة لها بالدراسة وعند الانتهاء من الحديث أعطاني درجات دون اختبار . " منى " طالبة متزوجة تروي قصتها بكثير من الأسى قائلة : عندما علم الأستاذ إنني متزوجة بدأ يغازلني بألفاظ غير لائقة و كان ذلك بسبب لجوئي إليه لتبرير غيابي عدة أيام وعدم دخولي الاختبار ، لكن بعد تطاوله اضطررت إلى إخبار زوجي للتفاهم معه فحدد لزوجي موعد اختباري ، وعند الموعد المحدد للاختبار وصلت به الوقاحة إلى أن يهمس في أذني: ( زوجك صغير بالسن ولا يستطيع تقديرك مثلي !! ) مراهقة متأخرة .. الحديث امتد ليشمل الطلاب أيضا فربما وجد بينهم من يقدم توصيفاً منصفاً أو مغايراً كون الطالبات هن طرف في المشكلة .. يقول " أحمد " 22 عاماً " : إذا ركز الأستاذ على طالبة معينة مبدياً إعجابه ثم رآها صدفة مع زميل لها تبدأ الغيرة تنهش الأستاذ وقد تصل به إلى الانتقام من الطالب وترسيبه . ويتفق " عادل " مع زميله " أحمد " مضيفاً : في حال وجود طلب معين للجميع مثلاً تأجيل اختبار أو القيام برحلة نعلم مسبقاً إننا كطلاب ذكور طلبنا مرفوض لذلك بات معروفاً لدى الكثير منا أن نلجأ في حال وجود طلب من هذا النوع بالدفع بطالبة تنال إعجاب الأستاذ لعرض الطلب عليه لنضمن تنفيذه . وبطريقة أقرب إلى الحديث عن مسلمات يقول " حامد " : الأمر لا يحتاج إلى كثير من العناء فنتائج الاختبارات تظهر الكثير حول هذا الموضوع ويكفي أن تتحول درجات طالبات بعينهن إلى جيد وما فوق مع معرفة الجميع أن مستوياتهن متدينة بدرجة كبيرة .. ويستدرك : صحيح أن ذلك لا يحدث في جميع المواد إنما في مواد معلومة . " علي " 23 عاماً " ينبري مدافعاً عن الأساتذة ويلقي اللوم على توكل بعض الطالبات وعلى تصرفات أخرى غير المذاكرة لغرض النجاح يقول : لا يستطيع الأستاذ الضغط على البنت فهي من تفرض احترامها و بعض البنات تجدهن متساهلات ولا يحبذن المذاكرة فتتقرب الطالبة من الأستاذ وتطاوعه ليجدها صيداً سهلاً وهي في نفس الوقت تحقق غايتها في النجاح بدون تعب .. ويضيف بنبرة مؤكدة : هذا واقع ملموس يمكن ملاحظته كثير ولكن يجب القول أن مثل هذه الأفعال من البنات لا تجدي عند الأساتذة المحترمين والجادين وهم الأغلب... الطلاب أجمعوا تقريباً على أنه : إذا تحلت الطالبة بالشجاعة وكسرت حاجز الخوف داخلها وتقدمت بشكوى ضد الأستاذ المعاكس فإنها لا تجد أي تجاوب من شؤون الطلاب للتحقيق في شكواها المُقدمة ويتم تكذيبها فلا يمكن على حد وصفهم ( تكذيب أستاذ جامعي حاصل على أعلى الشهادات العلمية على حساب طالبة) ويعلق أحدهم : سلطة المدرس أكبر من سلطة الطالبة ، مما يضطرها إلى الانسحاب وهي تجر أذيال الخيبة والندم . على طاولة هيئة التدريس تقتضي المهنية أن نبحث عن المعلومة من جميع الأطراف المتاحة ومن أجل تحقيق ذلك حملت حزمة الاتهامات لأضعها على طاولة هيئة التدريس .. كان اللقاء الأول مع الأستاذ الدكتور / عبد الباسط أحمد أستاذ علم النفس بجامعة عدن الذي تفضل بالقول : مبدئياً قد يتصور البعض أنها مجرد شائعات لا تمت للواقع بصله لكن لا يوجد دخان بدون نار مثل هذه الممارسات السيئة موجودة بالفعل داخل الحرم الجامعي وكنت في فترة من الفترات السابقة شاهد عيان على حادثة من هذا النوع حصلت هنا . ويضيف : طرق المعاكسة وربما " التحرش " بالطالبات عديدة منها المباشر وغير المباشر وكلها تصب في اتجاه استغلال المدرس للسلطة المخولة له ليمارس الضغط على الطالبات . ويوضح : المدرس في هذه الحالة يعاني من حالة ما من خلل نفسي أدى به إلى ممارسة أفعال مشينة .. الجانب النفسي يتمثل بالغرور وحب الظهور والسعي نحو الإشباع العاطفي المفتقد له أحياناً أو بسبب اختلاطه ببعض الأفراد غير أسوياء . وحول ظهور مثل هذه الحالات في الأقسام الأدبية أكثر من الأقسام العلمية يقول : انتشار هذه الأفعال في الأقسام الأدبية أكثر من العلمية يعود إلى الاحتكاك الدائم بين الطلبة والأساتذة مما شجع على انتشارها بكثرة . ورؤيته للعلاج المناسب لمثل هذه الحالات يذكر : لا يحتاج الأمر إلى علاج نفسي بل إلى قوانين ونظم تلزم هذا أو ذاك من الأساتذة الوقوف عند حدود معينة ويُرجح د. عبد الباسط استمرار هذه الحالة إلى عدم وجود رادع فعلي لإيقافها . الفراغ والكبت وغياب الرادع أما الأستاذ الدكتور عبد الواحد عبد الرحمن أحمد رئيس قسم علم النفس بكلية التربية – عدن يتحدث عن الجوانب النفسية لمثل هذه الممارسات : من جانب علم النفس يمكن القول أن المعاكسات من هذا النوع جانب مرتبط بالسلوك والعادة السلوكية للفرد ومن أسبابها : الفراغ ، غياب الرادع والوازع الديني . ويواصل الدكتور حديثه بالقول : ممارسة هذا السلوك السيء من أستاذ جامعي يدل على أنه في مرحلة المراهقة الأولى كان يعاني من كبت وكتمان وفجر طاقاته المخزونة في سن متأخرة لشعوره انه لا يزال في مرحلة الشباب والمراهقة فانجر وراء هذا السلوك ، ولا يمكن إعفائه عن المسؤولية فهو القدوة و المسؤول عن زرع الأخلاقيات والقيم المثالية التي تخدم المجتمع بينما ممارساته تنافي ذلك . ويؤكد د. عبد الواحد : حدث كثيراً أن تقدمت طالبات بشكاوي إلى رئيس القسم عن معاكسات من أساتذة لكن في مثل هذه الحالات يكون عليهن الإتيان بدليل يؤكد صحة ادعائهن فقد تكون الطالبة تفتري وتكذب على الأستاذ لغرض ما ، الإسلام اشترط وجود أربعة شهداء على الزنا في حالة إثبات الجرم ، بوجود شهود ودلائل على المعاكسة والتحرش سيتم اتخاذ اللازم ضده حسب لوائح الجامعة . ويختم قوله : في رأيي لو ثبت إن مدرساً مارس مثل هذا الفعل المشين مع أكثر من طالبة وتقدمن ضده بشكوى سيكون الأمر مقبولاً سيتم التحقيق بها كونه أمر يسيء لسمعة الحرم الجامعي .