نجاة 32 شخصا في تحطم طائرة أذربيجانية في كازاخستان    حافلة "ألزا" تدهس شابًا وتُنهي حياته بطنجة    الداخلية الإسبانية تكشف عدد المهاجرين الذين تسللوا إلى سبتة منذ بداية 2024    "حماس": شروط إسرائيلية جديدة تؤجل التوصل لاتفاق بغزة    المغرب التطواني يكشف حقائق مغيبة عن الجمهور    التنسيق النقابي بقطاع الصحة يعلن استئناف برنامجه النضالي مع بداية 2025    تأجيل أولى جلسات النظر في قضية "حلّ" الجمعية المغربية لحقوق الإنسان    الريسوني: مقترحات مراجعة مدونة الأسرة ستضيق على الرجل وقد تدفع المرأة مهرا للرجل كي يقبل الزواج    الحصيلة السنوية للأمن الوطني: أرقام حول الرعاية الاجتماعية والصحية لأسرة الأمن الوطني            بعد 40 ساعة من المداولات.. 71 سنة سجنا نافذا للمتهمين في قضية "مجموعة الخير"    بعد تتويجه بطلا للشتاء.. نهضة بركان بالمحمدية لإنهاء الشطر الأول بطريقة مثالية    الوداد يطرح تذاكر مباراته أمام المغرب الفاسي        التوحيد والإصلاح: نثمن تعديل المدونة    بورصة الدار البيضاء تستهل تداولاتها بأداء إيجابي        الرباط: المنظمة العربية للطيران المدني تعقد اجتماعات مكتبها التنفيذي    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الخميس    ابتدائية الناظور تلزم بنكا بتسليم أموال زبون مسن مع فرض غرامة يومية    مصرع لاعبة التزلج السويسرية صوفي هيديغر جرّاء انهيار ثلجي    برنامج يحتفي بكنوز الحرف المغربية    نسخ معدلة من فطائر "مينس باي" الميلادية تخسر الرهان    لجنة: القطاع البنكي في المغرب يواصل إظهار صلابته    مجلس النواب يصادق بالأغلبية على مشروع القانون التنظيمي المتعلق بالإضراب    ماكرون يخطط للترشح لرئاسة الفيفا    بطولة إنكلترا.. ليفربول للابتعاد بالصدارة وسيتي ويونايتد لتخطي الأزمة    نزار بركة: 35 مدينة ستستفيد من مشاريع تنموية استعدادا لتنظيم مونديال 2030    تقرير بريطاني: المغرب عزز مكانته كدولة محورية في الاقتصاد العالمي وأصبح الجسر بين الشرق والغرب؟    مجلس النواب بباراغواي يصادق على قرار جديد يدعم بموجبه سيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية    باستثناء "قسد".. السلطات السورية تعلن الاتفاق على حل "جميع الفصائل المسلحة"    تزايد أعداد الأقمار الاصطناعية يسائل تجنب الاصطدامات    قياس استهلاك الأجهزة المنزلية يتيح خفض فاتورة الكهرباء    مجلس النواب بباراغواي يجدد دعمه لسيادة المغرب على صحرائه    ضربات روسية تعطب طاقة أوكرانيا    ونجح الاتحاد في جمع كل الاشتراكيين! .. اِشهدْ يا وطن، اِشهدْ يا عالم    وزير الخارجية السوري الجديد يدعو إيران لاحترام سيادة بلاده ويحذر من الفوضى    ارتفاع معدل البطالة في المغرب.. لغز محير!    السعدي : التعاونيات ركيزة أساسية لقطاع الاقتصاد الاجتماعي والتضامني    إمزورن..لقاء تشاركي مع جمعيات المجتمع المدني نحو إعداد برنامج عمل جماعة    ‬برادة يدافع عن نتائج "مدارس الريادة"    "ما قدهم الفيل زيدهوم الفيلة".. هارون الرشيد والسلطان الحسن الأول    الاعلان عن الدورة الثانية لمهرجان AZEMM'ART للفنون التشكيلية والموسيقى    العلوم الاجتماعية والفن المعاصر في ندوة بمعهد الفنون الجميلة بتطوان    الدورة العاشرة لمهرجان "بويا" النسائي الدولي للموسيقى في الحسيمة    طبيب يبرز عوامل تفشي "بوحمرون" وينبه لمخاطر الإصابة به    اليوم في برنامج "مدارات" بالإذاعة الوطنية : البحاثة محمد الفاسي : مؤرخ الأدب والفنون ومحقق التراث        ما أسباب ارتفاع معدل ضربات القلب في فترات الراحة؟    الإصابة بالسرطان في أنسجة الكلى .. الأسباب والأعراض    "بيت الشعر" يقدم "أنطولوجيا الزجل"    خبير أمريكي يحذر من خطورة سماع دقات القلب أثناء وضع الأذن على الوسادة    للطغيان وجه واحد بين الدولة و المدينة و الإدارة …فهل من معتبر …؟!!! (الجزء الأول)    حماية الحياة في الإسلام تحريم الوأد والإجهاض والقتل بجميع أشكاله    عبادي: المغرب ليس بمنأى عن الكوارث التي تعصف بالأمة    توفيق بوعشرين يكتب.. "رواية جديدة لأحمد التوفيق: المغرب بلد علماني"    توفيق بوعشرين يكتب: "رواية" جديدة لأحمد التوفيق.. المغرب بلد علماني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



دماء على إسفلت الجامعات المغربية
نشر في هسبريس يوم 08 - 04 - 2009


"زرواطة" المخزن تعود والصراعات الفصائلية تتأجج ""
مصرع ثلاثة طلبة، إتلاف وتخريب لمعدات الجامعة، اعتقالات، مداهمات بوليسية في الأحياء الجامعية والكليات...مشاهد متفرقة لما يعرفه الموسم الجامعي الحالي، سنة استثنائية بكل المقاييس، ثلاثة طلبة لقوا مصرعهم. بينما تتزايد وتيرة التدخلات الأمنية في فترة يقاطع فيها الطلبة مواعيد الامتحانات، ما أسفر عن جرحى ومصابين في صفوف الطلبة.
إذ يحدث كل هذا والموسم الدراسي لم ينته بعد، فتبقى الحصيلة مؤهلة للارتفاع في ظل المقاطعات المتكررة لمواعيد الامتحانات.
مطالب تواجه بالعنف
كريم طالب التحق هذه السنة بالكلية، سمع الكثير عن الجامعة، أجوائها ومغامراتها، إذ كان يعتقد أن زمن "الزرواطة" ولى، غير أن ظنه خاب عندما لمح بأم عينيه تدخلا أمنيا عرفته كليته، بعدما شارك رفقة زملائه الطلبة في وقفة لمقاطعة الامتحانات. إذ لم يكن يعتقد طلبة كلية الآداب المحمدية أن يتم التعامل مع مطالبهم بالتدخلات الأمنية، فقد تشبثت إدارة كليتهم ببرمجتها لمواعيد الامتحانات. وبشكل مواز، تشبث الطلبة أيضا بموقفهم المعارض للمواعيد المبرمجة. ويروي عبد العالي 25 سنة، طالب السنة الثالثة سوسيولوجيا تفاصيل التدخل الأمني الذي عرفته كلية الآداب المحمدية إثر مقاطعة الطلبة للامتحان، قائلا: " حاصرتنا القوات المساعدة من كل الاتجاهات، ليبدؤوا بضربنا بالهراوات وبالأرجل، لدرجة أن طالبة حامل تعرضت لنزيف خطير، نقلت على إثره للمستشفى، بينما تعرض طالب مصاب بداء السكري للضرب المبرح، حتى أغمي عليه". ويضيف قائلا: "اعتقل منا أربعة طالبات وتسع طلبة ". ولم يسلم عبد العالي أيضا المصاب بمرض بعموده الفقري من "زراويط" رجال الأمن، التي تسببت له في جروح بليغة، أضحى على إثرها غير قادر على المشي، يقول عبد العالي: " لقد كان التدخل الأمني عنيفا وعنيفا جدا، أحاطت بالكلية ستة شاحنات من العسكر، والقوات المساعدة، بالإضافة إلى الأمن السري الذي كان مندسا بين الطلبة". وفي الإطار ذاته، أشار ياسين إزغي، 26 سنة طالبة سنة ثالثة دراسات إسلامية لكونه لم يكن يتوقع تدخل رجال الأمن، حيث اعتبر حضورهم مجرد استعراض عضلي لترهيب الطلبة، غير أن ما لم يكن في حسبان ياسين وقع، وتعرض على إثره لإصابات بليغة، يقول ياسين واصفا ما فعل رجال الأمن به: "تعرضت للتعنيف الشديد، حيث ضربت وركلت ورفست. وبفعل معاناتي من داء السكري، فقد أغمي علي، وكسرت يدي اليسرى، بعد ذلك زج بي في مخفر الشرطة، وأنا في حالة غيبوبة، وتعرضت هناك رفقة العديد من الطلبة للسب والشتم بمختلف أشكاله، شتائم أستحيي أن أقولها".
لم تكن كلية الآداب المحمدية الوحيدة، بل عاشت بعض الجامعات المغربية هذا الموسم على نفس الإيقاع، إذ شهدت كلية الآداب بمكناس وأحيائها الجامعية تدخلا أمنيا ومواجهات بين الأمن والطلبة، أدت إلى إتلاف حواسيب الكلية وأرشيفها والعديد من الأجهزة المختبرية، ما أسفر عن خسائر مادية وبشرية. نفس الأمر تكرر عند مقاطعة الطلبة لمواعيد الامتحانات بكلية العلوم بفاس، حيث عاشت أحيائها الجامعية مداهمات امتدت لغرف الطلبة، ما أدى لمواجهات دامية بين الطلبة ورجال الأمن. وفي سياق آخر، توفي طالبان صحراويان إثر اعتصام نظمه مجموعة من الطلبة في المحطة الطرقية بأكادير سعيا للضغط على وكالة النقل التابعة لمكتب السكك الحديدية، حتى يتمكن مجموعة من الطلبة الصحراوين من السفر لقضاء عيد الأضحى رفقة دويهم. غير أن أحد سائقي المحطة دهس المعتصمين بحافلته، ما أسفر عن موت طالبين صحراويين، وجرح العديد منهم.
غزة تشعل النار بالجامعة
عاشت الجامعة المغربية عقب العدوان الإسرائيلي على غزة قبل ثلاثة أشهر أيام غضب طلابي تضامنا مع الفلسطينيين في محنتهم، حيث شملت المظاهرات والمسيرات جميع المواقع الجامعية، وخرج الكثير منها خارج أسوار الجامعة، ما أسفر عن مواجهات بين الطلبة ورجال الأمن. هذا ما عرفته جامعة القاضي عياض بمراكش، بعد خروج الطلبة للشارع، ما تسبب في إصابة الطالب الكاديري بكسر مزدوج في رأسه، اثر تدخل أمني عنيف، لفظ من جراءه أنفاسه بالمستشفى.
عنف الفصائل
"العدل والإحسان"، "الوحدة والتواصل"، "الأمازيغ"، "الصحراويون"، "القاعديون"...فصائل من بين أخرى، تتنافس لفرض وجوها بالساحة الجامعية، بين من ينادي بالأمازيغية كلغة رسمية إلى من ينادي باستقلالية الصحراء، مطالب تحمل الفضاء الجامعي أحيانا ما لا يتحمل، إذ يغيب الهم الطلابي، وتحضر الحسابات السياسية الضيقة، ما يتسبب أحيانا في صراعات دموية، خصوصا مع بعض الفصائل التي تؤمن بالعنف كخيار لحسم خلافاتها مع باقي المكونات الطلابية.
قال ميلود الرحالي المسؤول الوطني عن فصيل العدل والإحسان أن ظاهرة العنف بالجامعة ليست بالمستجد، حيث كانت الظاهرة حسب ميلود ممارسة من طرف الدولة، لكن الجديد في الظاهرة الآن، هو أنها أصبحت تمارس من طرف الفصائل الطلابية. وأشار الرحالي إلى أن فصيله تعرض في بدايات الإعلان عن نفسه بالجامعة المغربية لعنف أحد الفصائل الطلابية، مضيفا أن المنظومات الفكرية لبعض الفصائل، تغدي ميولاتها لممارسة العنف. وبشكل مواز، يشير مصطفى الفرجاني رئيس منظمة التجديد الطلابي إلى أن فصيل الوحدة والتواصل يتعرض لرفض غير مفهوم من بعض الفصائل الطلابية، قائلا: " يسوؤنا أن يضل بالجامعة المغربية تيارات معدودة، لا تؤمن إلا بالمنطق العدمي" أنا ولا أحد سواي"، فصائل حسب الفرجاني لا ترفض الإسلاميين فقط، بل كانت وراء عدد من المواجهات الدموية مع فصائل أخرى، كالفصيل الأمازيغي. ويعزوا مصطفى هذا النوع من الممارسة إلى البنية الفكرية التي تؤطر عمل بعض الفصائل الطلابية، التي يصل بها الأمر لإشهار السلاح في وجه كل من يعارضها.
"رجعي"، "ظلامي"، "أصولي"، "علماني"...تتعدد الشتائم بين الفصائل الطلابية، شتائم تعكس صراعا حامي الوطيس بين المكونات الطلابية، من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار، عادت الجامعة المغربية مجددا لتفجر التناقضات الاجتماعية والسياسية، خصوصا مع بروز فصائل جديدة في الفضاء الجامعي، كالأمازيغ والصحراويين، والعودة الأخيرة للفصائل القاعدية، بعد إخلائها لسنوات عدة للفضاء الجامعي، عاد جزء منها لينافس مجددا الفصائل الإسلامية، كل هذا أجج الصراع الفصائلي بالساحة الجامعية اليوم. فبروز فصائل وعودت أخرى لتستأنف نشاطها، يعكس جل ما يعرفه المغرب من تغيرات سياسية واجتماعية، يتم نقلها داخل أسوار الجامعة المغربية، حيث يبقى الفضاء الجامعي المجال الأكثر قابلية للتفاعل مع التحولات الداخلية، الإقليمية والدولية.
إصلاح يواجه بالرفض
أشار الطالب عبد العالي إلى كون برمجة الامتحانات لم تراعي البدايات المتعثرة للموسم الجامعي، خصوصا وأن الشركة المكلفة بالنقل تأخرت في تسوية ملف النقل الطلابي، ما أخر بشهر بداية الموسم الجامعي. وأضاف عبد العالي بأن الطلبة هم الضحية الأولى للإصلاح الجامعي، المفتقد حسب عبد العالي للشروط الموضوعية الكفيلة بإنجاحه. وفي سياق مواز، أكد مصطفى الفرجاني رئيس منظمة التجديد الطلابي أن الإصلاح الجامعي عرف ارتجالية في تنزيله، ما أسفر عن كوارث حقيقة، أشار إليها التقرير الرسمي الصادر عن المجلس الأعلى للتعليم، والتصنيف العالمي للجامعات المغربية. بينما وضح ميلود الرحالي المسؤول عن فصيل العدل والإحسان بالجامعة المغربية إلى كون الدولة تتحمل مسؤولية ما يقع، وذلك لتفريطها في واجباتها اتجاه الطلبة، ما يضطر الطلبة حسب ميلود للتحرك للدفاع عن حقوقهم المشروعة، غير أن الدولة تواجه المطالب بالعنف. هذا ما أشار إليه مصطفى الفرجاني، قائلا: " لعل من بين أهم معوقات نجاح أي محاولة للإصلاح، هي استمرار المقاربة الأمنية في التعامل والتعاطي مع الجامعة...يغييب رجال العلم والتربية عن حل مشاكل الطلاب، ويحضر بدلهم رجال الأمن بلباسهم العسكري. فمادامت المقاربة الأمنية في التعاطي مع الطلاب لها الأولوية، لا نعتقد أن يؤتي الإصلاح الجامعي أكله".

مطلب الحوار
وضح عادل أن ما حصل بكلية الآداب المحمدية، يتطلب من الإدارة أن تفتح حوارا جادا مع الطبة وممثليهم لتجاوز جل الإشكاليات. وفي سياق متصل، قال ميلود الرحالي أنه لا مخرج من العنف الذي تعرفه الجامعة المغربية اليوم، إلا عن طريق فتح حوار جاد ومسؤول بين المكونات الطلابية والدولة، بعيدا عن كل الحسابات السياسية الضيقة. كما أشار مصطفى الفرجاني أن تغييب الأطراف الفاعلة والأساسية في الجامعة المغربية، يؤثر على نجاح الإصلاح الجامعي، مشيرا إلى الوضع للجامعة المغربية الحالي ، يتطلب حوارا مجتمعيا حقيقيا حول مستقبل الجامعة، بين جل مكونات الحركة الطلابية المغربية.
حوار مع الباحث السوسيولوجي عبد الرحيم العطري حول ظاهرة العنف بالجامعة
عرف الموسم الجامعي الحالي أحداث عنف تكررت في أكثر من موقع جامعي. كيف تنظر لهذه الظاهرة التي أضحت تجتاح الجامعة المغربية اليوم ؟
أولا لابد من وضع بعض الاحترازات ، فإذا قلنا أن الجامعة المغربية تعيش على إيقاع العنف، فهذا الأمر يستلزم نوعا من التحفظ، فأكيد أننا نعيش زمن العنف والعنف المضاد. فالقاعدة السوسيولوجية تقول بأن عنف يتبعه عنف مضاد. فعندما نلاحظ بعض مظاهر العنف التي قد تلوح في احتجاجات أو كتابات في الحائط أو على الطاولات، كل هذه مظاهر خفية ورمزية ومادية للعنف، ناتجة عن أسباب سابقة عليها. ولكن القول بأن الجامعة المغربية تعيش كلها على إيقاع العنف. هذا يستلزم بعض الحذر المعرفي، فهناك ظواهر تبدوا معزولة، وتعد جزءا من دينامية المجتمع المغربي، فالجامعة ليست في معزل عن ديناميات المجتمع واختلالاته وتوازناته. فأكيد أنها جزء من هذا المجتمع، فمن الطبيعي أن تكون هناك امتدادات داخل الحقل الطلابي. وفي الجامعة المغربية، يمكنني القول بأن الاحتجاج طقس يومي، ومكون مهم لدينامية الجامعة المغربية، ولكن لم يصل إلى مستوى دموي كما حصل في سنوات ماضية، ولكن مازالت بالجامعة أشكال متميزة للاحتجاج، كالوقفات والحلقيات وما إلى ذلك. ولكن أن نقول بأن الاحتجاج وصل إلى مستوى دموي، فالأمر فيه اختزال كبير.
كما تعلم أن الساحة الطلابية تحتوي العديد من الفصائل الطلابية التي لها امتدادات إيديولوجية ومرجعية من خارج أسوار الجامعة. هل يمكن للعنف الجامعي أن يتغذى من مرجعيات وإيديولوجيات ؟
يجب العلم أنه بالرغم من أننا نجد أحيانا شعارات من قبيل استقلالية الفصائل عن أي تأثير إيديولوجي داخل الجامعة المغربية، فيجب أن نعترف أن أغلب الفصائل، تمثل امتدادا لحركات وأحزاب سياسية خارج نسق الجامعة. ما يعني أن أي مؤسسة حزبية أو حركة سياسية تريد أن تقوي حضورها داخل مختلف مؤسسات المجتمع. ومن هذا المنطلق نجد أن الصراعات التي يعرفها الحقل السياسي خارج مجال الجامعة، لابد أن تنتقل بضرورتها إلى داخل الجامعة، ومن هنا نتساءل عن ممكنات هذا التأثير الإيديولوجي، فأكيد أن أي فصيل طلابي، يحمل فكرا معينا أو منظومة من الأفكار، تكاد تتماثل مع منظومة حزبه أو المؤسسة التي ينتمي إليها. أما بالنسبة للعنف الذي يتوسل بالدين، ويتوسل أحيانا بثقافة الإقصاء، أعتقد أن هذا النمط مازال بعيدا عن الجامعة، لأن الجامعة بحكم ارتباطها بما هو تنويري، وبما هو أخلاقي، فهي لا تنخرط في مثل التنظيمات المحسوبة مثلا على السلفية الجهادية، فمثل هذه التنظيمات لا نجد لها امتدادا طلابيا، فهي لا تراهن عن الطلبة بقدر ما تراهن على أفراد لم ينالوا حظهم من التعليم. وربما ليست لديهم انتماءات ثقافية معينة. لهذا أعتقد أن هذه الحساسيات المتطرفة، لا تجد مكانا لها داخل الجامعة المغربية.
كما هو معلوم فالساحة الجامعية تعرف بروز فصائل جديدة كالفصائل الصحراوية والأمازيغية. كيف تنظر للصراع الفصائلي، الذي أضحى صراعا عرقيا أكثر منه صراعا سياسيا ؟
الأكيد أننا عندما نتأمل الثابت والمتغير في دينامية الحركة الطلابية في المغرب، فسوف نلاحظ أنه تمت تراجعات كبيرة، فإذا كانت الحلقيات في وقت سابق، مناسبة لتقارع الأفكار وأحيانا لتصادم الإيديولوجيات، الفكرة بنقيضها. فاليوم أصبحنا نعيش نوعا من الانزياح، ونوعا من الانكفاء على الذات، كأننا نستعيد حربا هوياتية بهذا المعنى، إما من منطلق ديني أو من منطلق عرقي، أو من منطلق القضية، كما يحصل للفصائل التي تعلن انتماءها لمنطقة الصحراء أو للمناطق الأمازيغية. فنحن نعيش هذا الزمن، زمن التحول من الأفكار والعناوين الكبرى إلى قضايا الهوية. وأكيد أن مايجري في المجتمع لابد وأن يحظر في الجامعة، على اعتبار أن العلاقة بين الجامعة والمجتمع، تعد علاقة تواشج وتضامن خفي وعلني في نفس الآن، فكل النقاشات المتواجدة في الأنساق المجتمعية، لابد أن تجد امتدادات لها داخل الجامعة. بل إن الفضاء الجامعي يشكل الفضاء الأنسب لتثوير النقاشات بالمجتمع وتعميقها أكثر، وتبقى النقاشات الجامعية في نظري ظاهرة صحية، ففضاء الجامعة بطبيعته هو فضاء للاختلاف، فضاء للفكرة ونقيضها في نفس الآن. إذ في اللحظة التي يحصل فيها نوع من التعصب أو الدوغمائية أو نوع من الانزلاقات، حينئذ نكون قد خنا نص الجامعة، وهذا ما لا يتوجب الدخول فيه .
كيف يمكن تجاوز ظاهرة العنف التي تعرفها الجامعة المغربية ؟
أولا لنتفق أن أي فعل احتجاجي، لابد أنه يبطن في أعماقه طلبا، بما هو رغبة في الانتقال من وضعية غير مرغوب فيها إلى وضعية مرغوب فيها. إذ يجب أن نقول بأن هذه الأحداث سواء كانت في مستواها الانعزالي المعزول أو في مستواها العام، فهي تعبير عن مطالب، حيث يكمن الحل في الاستجابة لها. فقليلة هي المناسبات التي نحتج فيها من أجل مبادئ وأفكار صرفة، فالاحتجاج يكون في الغالب بقوة الأشياء وبوقع الظواهر السوسيواقتصادية. إذ نلمس بالمشهد الجامعي أن يرتفع الاحتجاج في بداية الموسم من أجل النقط، ومن أجل السكن، ومن أجل النقل والمنحة. ولكن يأتي الامتحان، وتخبو الاحتجاجات وينخرط الجميع في الامتحان، كأن شيئا لم يقع. ويمكن القول أنه من الممكن التقليل من الاحتجاج، لا القضاء عليه.
وفاة الطالب الكادري بمراكش
توفي الطالب الكادري عبد الرزاق على اثر مسيرات طلابية، عرفتها جامعة القاضي عياض بمراكش، تنديدا بالعدوان الإسرائيلي على غزة، أسفرت عن مواجهات حامية الوطيس بين الطلبة ورجال الأمن، ما تسبب في مصرع الطالب الكادري، إثر نزيف داخلي أصيب به على مستوى الرأس، لفظ على إثره أنفاسه الأخيرة على الساعة الرابعة صباحا من يوم الاثنين 28/12/2008 بالمستشفى . ولقد كان الطالب المتوفى يتابع دراسته بالسنة الثانية شعبة قانون خاص، بجامعة القاضي عياض، وينحدر عبد الرزاق من نواحي أغمات.
وفاة طالبين صحراويين
توفي الطالبان الصحراويين الحسين عبد الصادق القطيف، 20 سنة، طالب السنة الأولى علوم اجتماعية، و بابا عبد العزيز خيا، 22 سنة، طالب السنة الثالثة علوم اقتصادية في بداية الموسم الجامعي الحالي، بعدما دهستهما حافلة في المحطة الطرقية بأكادير، وهما يخوضان رفقة العديد من الطلبة، اعتصاما بالمحطة ضد وكالة النقل التابعة للمكتب الوطني للسكك الحديدية، وذلك من أجل توفير حافلات إضافية، ليتمكنوا من السفر لمدنهم بمناسبة عيد الأضحى.
تقرير المجلس الأعلى للتعليم
يعد أول تقرير سنوي يقدمه المجلس الأعلى للتعليم، في إطار اضطلاعه بمهمته التقويمية للمنظومة الوطنية للتربية والتكوين. و يعتبر التقرير تشخيصا لواقع التعليم المغربي بجميع أسلاكه، ويأتي صدور التقرير في سياق يتسم بتنامي النقاش حول المسألة التعليمية بالمغرب، وإثارتها لتساؤلات تخص حاضرها ومستقبلها، خصوصا بعد صدور العديد من التقارير الدولية التي ترصد الوضع التعليمي المغربي. ويقع التقرير في أربعة أجزاء، يرصد من خلالها الاختلالات التي عرفتها المنظومة التعليمية بجل أسلاكها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.