وسط احتجاجات عائلات الطلبة الخمسة المعتقلين احتياطيا بالسجن المحلي عين قادوس، أغلق قاضي التحقيق بمحكمة الاستئناف بفاس، صباح يوم الأربعاء الماضي، ملف إعادة الاستماع لهؤلاء الطلبة، في غياب مستمر للشهود، وأخبرهم بأن المحكمة ستشكل هيئة قضائية للنظر في ملفهم قبل أن تحدد جلسة علنية لمحاكمتهم. وأحضر الطلبة المعتقلون، وهم من كوادر فصيل القاعديين بجامعة ظهر المهراز، إلى إحدى قاعات المحكمة، في حالة صحية صعبة بعدما قرروا خوض إضراب عن الطعام منذ فاتح أكتوبر الجاري إلى غاية ال20 منه، للمطالبة بالإطلاق الفوري لسراحهم وإعادة تسجيلهم بالجامعة وتحسين ظروف إقامتهم بالسجن. وأصيب أحدهم بحالة إغماء أصابت قاضي التحقيق بالهلع. و«فشل» رجال الأمن في فض احتجاج عائلات ما يقرب من 13 طالبا، هم مجموع الطلبة الذين يتابعون في هذا الملف، وضمنهم الخمسة المعتقلون. ورددت هذه العائلات شعارات وطالبت بالإفراج عن أبنائها. وتغيب شهود جاء ذكر أسماءهم في محاضر الأمن بأنهم أقروا بتعرضهم لاعتداءات من قبل الطلبة القاعديين في فترات متفرقة من «تصعيد» احتجاجاتهم بالجامعة. وضمن هؤلاء رجل أمن وطالب. وبالرغم من وعود قدمها قاضي التحقيق في جلسات التحقيق مع هؤلاء الطلاب، والتي وصلت في مجموعها إلى سبع جلسات، فإنه اتهم ب«العجز» عن إحضار الشهود الذين يقول عنهم فصيل القاعديين إنهم شهود وهميون أدرجتهم جهات أمنية في محاضر الاستماع إليهم للزج بهم في السجن وإخراس صوتهم «الثوري» داخل الجامعة. ويعود اعتقال كوادر الطلبة القاعديين إلى 23 فبراير الماضي، بعد اكتساح رجال الأمن فضاء كليات ظهر المهراز. وشهدت هذه الفترة مواجهات بين عناصر الشرطة وبين الطلبة، وصلت إلى أوجها نتيجة دعوة الطلبة القاعديين إلى مقاطعة الامتحانات في كلية الحقوق بسبب «خلاف» عالق مع الإدارة حول «النقطة الموجبة للسقوط»، والتي ظل «الرفاق يطالبون بإلغائها فيما رفضت عمادة الكلية ذلك، عكس ما قامت به كليتا الآداب والعلوم لاحقا. وبعد هذه الاعتقالات عين عميد هذه الكلية رئيسا لجامعة فاس، ووجهت لائحة طويلة من التهم لهؤلاء ضمنها محاولة القتل والاعتداء على موظفين وهم في مهمة وإقامة متاريس في أماكن عمومية وإتلاف ممتلكات الدولة وإلحاق الأضرار بها، وهي تهم يعتبرها القاعديون جاهزة وملفقة. وفي نفس اليوم الذي كان فيه قاضي التحقيق يعيد مساءلة هؤلاء الطلاب في مكتبه بمحكمة الاستئناف بمركز المدينة، خرج رفاقهم داخل جامعة ظهر المهراز، بكلياتها الثلاث، بقرار خوض اعتصام مفتوح أمام إدارات هذه الكليات، للمطالبة بتمديد آجال تسجيل كل الطلبة الذين لم يتمكنوا من التسجيل في الوقت المحدد سلفا من قبل رئاسة الجامعة. ويشير هذا الفصيل، الذي يتمتع بحضور «تاريخي» في جامعة ظهر المهراز بفاس، إلى أن رئاسة الجامعة اعتمدت نظاما معلوماتيا بمركز عملية التسجيل في إدارتها. وإلى جانب اعتصام «الرفاق» والمتعاطفين معهم أمام إدارة كل من كلية الحقوق والعلوم والآداب بظهر المهراز، فإن المركزة المعلوماتية من قبل رئاسة الجامعة بفاس أحيت صراعات كانت قد خمدت بين عمداء هذه الكليات ورئيس الجامعة الذي تم تعيينه في السنة الماضية. ويتهم هذا المسؤول الجامعي، من قبل زملائه، بمحاولة التحكم في أجهزة الجامعة والتدخل في تفاصيلها، في وقت يدافع فيه الإصلاح الجامعي عن استقلالية الكليات بمجالسها في اتخاذ القرارات وصرف الميزانية. أما «الرفاق» فإنهم يؤكدون بأن تصعيدهم لن يقف عند حدود تحقيق مكسب تمديد فترة التسجيل في جزء من جامعة يسيرها مسؤول يقولون إنه هو الذي فتح أبواب الحرم الجامعي لرجال الأمن وعناصر «السيمي» و«المخازنية» للعبث في مدرجات الكليات واقتحام بيوت الطالبات في الحي الجامعي واعتقال «رفاقهم» وإساءة معاملتهم أثناء التحقيق وبعد إيداعهم السجن.