تعيش مدينة الحسيمة المغربية منذ أزيد من ستة أشهر على وقع احتجاجات متواصلة تطالب بمحاسبة المسؤولين عن مقتل محسن فكري، وتحسين الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية لسكان المنطقة في إطار ما يسمى ب "حراك الريف".الأمر الذي دفع جميع السلطات والهيئات والمصالح إلى الانكباب على مواكبة المخططات التنموية والإسراع بتنزيل مختلف المشاريع الهامة المبرمجة منذ 2015 في المنطقة. و في هذا السياق دعا وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات خلال الاجتماع الإداري، وكالة التنمية الفلاحية إلى تعئبة 10 الآف هكتار في إقليمالحسيمة، في إطار برنامج إنجاز عمليات التشجير للاستجابة لحاجيات الفلاحين الصغار. كما أكد الوفد الوزاري الذي قام بزيارة الحسيمة بعد الاحتقان الذي عرفته المنطقة، أنها ستعمل من أجل الرفع من جودة الخدمات بالقطاع الصحي بالمدينة؛ وذلك ببناء مستشفى متعدد الاختصاصات بقيمة مالية تبلغ 374 مليون درهم، وإعادة تهيئة 28 مركزا صحيا وبناء 6 مراكز أخرى بقيمة تناهز 45.1 مليون درهم، وإعادة تهيئة وتجهيز مركز علاج داء السرطان بتكلفة مالية تقدر ب15 مليون درهم. كل هذه الإجراءات و التدابير المتخذة لوضع حد للاحتقان الذي تشهده الحسيمة يجعلنا نتساءل" هل إنجاز المشاريع التنموية بأي مدينة مغربية سيظل مرتبطا بالاحتجاجات على شاكلة الحسيمة؟ و في هذا السياق،يقول المحلل السياسي "محمد شقير" في تصريح ل "نون بريس" أن الإشكال أعمق من ذلك و هو مرتبط بطبيعة تسير النظام السياسي بالمغرب.من وجهة نظره يقول "شقير"، أن هناك خلل بين مكونات النظام السياسي بالمغرب موضحا ذلك، على سبيل المثال "عندما تقوم مؤسسة ملكية بتدشين مشاريع تنموية أو أوراش كبرى يكون هناك نوع من التراخي أو التأخر من طرف الجهات الأخرى المعنية، الأمر الذي يخلق نوع من الاختلال بين تسير مكونات النظام السياسي بالمغرب. مما يؤكد أن النظام السياسي بالمغرب غير متوازن سواء في صلاحياته و لا وتيرة أعماله و لا من حيث التنسيق بين مكوناته. هذا بالإضافة إلى إشكالية مشروع الجهوية المتقدمة بالمغرب، فبالرغم من تطويره و تقيمه إلا أنه على الصعيد العملي لا زال لا يتوفر على كافة الإمكانيات و الوسائل المادية و البشرية و المالية التي ستمكنه من تجسيد المشاريع التي تمثل كل منطقة. الأمر الذي أشار إليه إلياس العمري في آخر مناظرة حيث أفاد "أنه بالرغم من تخصيص مبلغ معين لكل جهة من جهات المملكة إلا أنه عند تقسيم هذا المبلغ على عدد أفراد سكان المنطقة يصبح غير كافيا و لا يستجيب لحاجياتهم". و بالتالي هذه هي المعظلة الكبرى بين إقتسام الإمكانيات و ما بين السلطات المركزية و المكونات الجهوية . و أضاف "شقير" في التصريح ذاته، أن جهات المملكة لا تتوفر على كل الامكانيات كما أن النخب التي من المفروض أن تجسد هذه الجهوية المتقدمة لم تتبلور بعد و لازالت تتأرجح ما بين المركزية و المحلية. الأمر الذي يتطلب تطورا واضح و إرادة سياسية قوية . و من جهة اخرى أكد "شقير" أن تأخر إنجار المشاريع التنموية هو إشكال عميق غير مرتبط بحراك معين في منطقة معينة من المغرب، إنما هو هو خلل يشمل المنظومة السياسية ككل لا من حيث تسيرها و لامن حيث توزيع الإمكانيات . و أن حراك الحسيمة عكس فقط هذا الإختلال و أوضح جليا إشكالية انعدام التنسيق و التجانس بين المركزية و محيط الجهات.