يعتقد الأستاذ عمر بندورو أن إشكالية الصحراء عجلت في التفكير في جهوية تمكن من إقرار نظام الحكم الذاتي في هذه المنطقة كما جاء في المشروع المغربي الرسمي. ولكن سكون من الصعب أن تقتصر الجهوية على المناطق الصحراوية فقط بل سيكون مفضلا أن تشمل الجهوية مختلف المناطق البلاد إذا كان الهدف هو إقرار الديمقراطية المحلية وتعميمها مما سيعطي مصداقية للجهوية كاختيار الديمقراطي. أجرينا معه هذا الحوار لتسليط الأضواء حول جملة من القضايا - إشكالية الجهوية ومدى تطبيقها في المغرب؟ الجهوية هي شكل من أشكال الديمقراطية المحلية والتي تطورت في عدد من الدول الديمقراطية كفرنسا وإيطاليا وإسبانيا من أجل التخفيف من حدة المركزية وإشراك سكان الجهة في اتخاذ القرار في الإطار المحلي. في الدول البسيطة أو الوحيدة التي تتواجد فيها سكان متعددة التقاليد والثقافات واللغات، اعتبرت الجهوية كأداة أو كوسيلة لضمان خصوصيات هؤلاء السكان وتقوية انتمائهم للدولة المركزية باعتبارها حامية وضامنة لحقوقهم وفرديتهم الذاتية. اعتقد أنه بإقرار الجهوية في المغرب يدخل في إطار إقرار نظام جهوي يأخذ بعين الاعتبار خصوصيات بعض المناطق وتمكين السكان من تسيير شؤونهم المحلية عبر مجالس منتخبة تعبر عن إرادتهم وبالخصوص المناطق الصحراوية. العلاقة بين الجهوية والحكم الذاتي في الصحراء؟ أعتقد أن قضية الصحراء عجلت في التفكير في جهوية تمكن من إقرار نظام الحكم الذاتي في هذه المنطقة كما جاء في المشروع المغربي الرسمي. ولكن سكون من الصعب أن تقتصر الجهوية على المناطق الصحراوية فقط بل سيكون مفضلا أن تشمل الجهوية مختلف المناطق البلاد إذا كان الهدف هو إقرار الديمقراطية المحلية وتعميمها مما سيعطي مصداقية للجهوية كاختيار الديمقراطي. هل تتطلب الجهوية إصلاح الدستور؟ يجب الإشارة إلى أن هناك نظامين أساسيين للجهوية، نظام عادي ونظام موسع. فالنظام العادي يقتضي تخويل الجهات سلطات إدارية ومالية مستقلة وطورية لتسيير المرافق العمومية للجهة دون ممارستها للسلطة التشريعية التي تبقى من اختصاص السلطة المركزية. أما النظام الموسع للجهوية هو الذي يقر جهوية تتمتع فيها الجهات بسلطات ليست فقط إدارية ومالية ولكن كذلك تشريعية. إذا أقر المغرب بجهوية عادية فإنها لا تتطلب إصلاحا دستوريا بل تدخل فقط قانون عادي ينظم مؤسسات الجهة وعلاقتها بالسلطة المركزية. أما إذا اختار المغرب جهوية موسعة، فإنها تقتضي إصلاحات دستورية لكونه السلطة التشريعية المخولة للبرلمان سيحول جزء منا إلى الجهة. ولكن بما أن المغرب مضطر لإدماج نظام الحكم الذاتي على الأقل في الأقاليم الصحراوية فالإصلاحات الدستورية تصبح ضرورة. ماهي السمات الأساسية والجهوية للجهوية؟ هناك مبادئ أساسية تحكم نظام الجهوية ولا تخضع للخصوصيات: 1. انتخاب مجلس الجهة عن طريق الاقتراع العام المباشر حتى يكون منبثقا عن الإرادة الشعبية للسكان المعنيين. 2. انبثاق السلطة التنفيذية عن المجلس المنتخب وإقرار مسؤوليتها أمام نفس المجلس. 3. تخويل الجهة سلطات مستقلة (إدارية ومالية وحتى تشريعية هي حالة الجهوية الموسعة). 4.إقرار هيئة تضمن استقلالية الجهة إزاء السلطة المركزية وتخويلها سلطة فض النزاعات المرتبطة بالاختصاصات في حاد خلاف بين الجهة والدولة المركزية. حول الكفاءات لإنجاح الجهوية وحول النخب؟ إذا رجعنا إلى تجارب بعض الدول الديمقراطية كفرنسا وإيطاليا وإسبانيا، فإقرار الجهوية لم يكن مرتبط بتواجد نخب محلية مكونة سابقا ومؤهلة لممارسة الاختصاصات. فالتكوين والكفاءات تكون مرتبطة بالممارسة وبالحاجيات التي توفرها والتي تكون موازية للإصلاح. بالإضافة إلى ذلك، فالإدارة السياسية للسلطة المركزية تبقى العنصر الأساسي لإنجاح الإصلاح. يجب في هذا الإطار أن لا تتدخل السلطة المركزية لإخفاق الإصلاح وذلك تتوجه الانتخابات لصالح هيئة سياسية معنية أو سياسية خاصة، وجعل الجهوية شكلية فقط وإرجاعها إلى نخبة مكونة سابقا من تضامن طرق السلطات المركزية. لذلك أعتقد أن إقرار الجهوية يجب أن يكون مرتبطا بالإصلاحات الدستورية التي يجب أن تشمل طبيعة النظام السياسي المغربي، لذلك أعتقد أنه من الصعب إقرار جهوية ديمقراطية دون دمقرطة النظام السياسي المغربي