سعيد الكرتاح – نبراس الشباب: قبل شهور قليلة فقط، كان الكل يطلب من المغيث سبحانه أن يغيثنا خوفا من تكرار سنوات الجفاف، وكلما رفعوا أكف الدعاء لله يقولون “الله إيجيب الشتاء على قد النفع”، كنت أعتقد أن الناس البسطاء والفقراء لوحدهم يطلبون المطر على “قد النفع” دون غيرهم من الطبقة البورجوازية. وعندما تهاطلت الأمطار في الأيام الأخيرة جلست في مقهى، فإذا برجلان دخلا للمقهى ويجلسا بجانبي يحتسيان فناجين قهوة ويستمتعان بذلك الجو المطري الجميل الذي يتهاطل بكثافة. قال الأول للثاني، الحمد لله هاد العام بان غادي إطلع زين و رد الثاني قائلا: موحال، غير الله إيخرج العاقبة بخير والله إيجيب الشتاء قاد النفع ولا على قاد القوادس. تدخلت بدافع الفضول ودخلت معهما في صلب الموضوع “ديال الشتاء طابعا ماشي شي حاجة أخرى”، ومن خلال حديث الرجل الذي يطلب الشتاء على قد النفع بدا لي أنه يتمنى لو أن الشتاء لن تكون، لماذا؟ الله أعلم. انصرف الرجلان في سيارة تحمل ترقيم مخزني والمطر أبى بفضل الله أن ينقطع، فيما بقيت أنا في مكاني أشرب كأس شاي ساخن، لا أستطيع مغادرة المقهى لأنني كغيري من أبناء الطبقة الشعبية لا أتوفر حتى على مظلة تحجب عني المطر ولو لدقائق. سألت نادل مقهى عن الأسباب التي تجعل المرء يكره الشتاء كهذين الشخصين اللذان انصرفا وحكيت له الحكاية، إبتسم النادل وقال راه هادوك أسي ناس من نوع خاص، رئيس المجلس البلدي والنائب ديالو. استغربت كيف وأن رئيس المجلس البلدي يكره المطر، والحقيقة اكتشفتها بعد لحظات فقط، إذا ظهر السبب بطل العجب، فلم تمر ساعة حتى صعد الماء فوق الرصيف وعرقل حركة السير وانقطع الكهرباء والماء الصالح للشرب عن المدينة بأكملها، والعربات تحولن إلى بواخر البر في الشوارع والناس يفرغون منازلهم من الماء الذي أدخل إلى قعر البيوت بعدما “تبوشاو القوادس”، والسبب هشاشة البنيات التحتية وانعدامها وعدم حس بروح المسؤولية للسيد الرئيس. بعدما قال الرئيس البلدي ونائبه مقولة “الله إيجيب الشتاء على قد نفع”، عفوا على قد القوادس، فكرت جيدا في كلامها واكتشفت حسب رأيي أنهم يطلبان غير شوية ديال الشتاء باش ميتبوشا لهم الشوارع حيت كحلوها، إلا أن الرياح تاتي بما لا تشتهيه السفن في هذه الأيام، وعرات ليهم على حقيقتهم، ولكم واسع النظر. للتواصل مع الكاتب: [email protected]