بين مطرقة فاطمة الزهراء وسندان الاجتماع تتمة الجزء الأول داخل قاعات الاجتماعات أخذ كل واحد مكانه ينتظرون “سعيد” للوصول، واستعد كل واحد لفتح حوار ونقاش للوصول للحل النهائي للنزاع الجماعي الذي يعيشونه داخل المؤسسة، ولسوء حظ المنتظرين، فسعيد حضر إليهم بالجسد فيما العقل غاب عنه مسافرا إلى حي تسكنه “فاتي”، ورغم ذلك حاول أن يظهر في وضع جيد كأن شيئا لن يخطر بباله، إلا أن في بعض الأحيان يخونه لسانه وينطق ببعض الكلمات ليس لها أي صلة بموضوع الاجتماع. أنهى الاجتماع وغادر قاعة الإجتماع، وهو لم يعلم أصلا ما ذكر وما ناقشوه هناك، ليعود إلى مدينته أمله الوحيد اللقاء ببطلة الإعجاب ولو على تلك الشاشة الصغيرة. داخل نادي الانترنت جلس سعيد ووضع يده على فأرة الحاسوب، وأحس بإحساس وشعور حب كأنها جالسة أمامه وهو يبحر في ذاك البحر الصغير. رحبت به عبر الخفاء وفرح فرحا لا توصف بعدما وفت بوعدها، يكتب لها بعض الكلمات وهي تتأخر في الجواب، كاد أن يفقد صوابه اعتقادا أن هناك شخصا آخر شغلها عنه، تحدثوا كثيرا وبين الحين والآخر يزرع بين كلماته بعض كلمات يعبر بهما عن مدى حبه وإحساسه ومدى شعوره تجاهها، ولكن للمرة الألف ويا للأسف موعد الوداع قد حان بدعوى أن أخاها قد حل للبيت لتناول وجبة العشاء، وودعا نفسيهما على أمل اللقاء غدا وهي أجمل الحظات قضاها سعيد في حياته، غادر نادي الانترنت وهو يرفرف فرحا وبهجة وسرورا وعيونه بشوق تراقب عقارب الساعة متى يصبح النهار ويلتقي بعيون جميلة الأنوار. كالعادة والمعتاد، انصرف سعيد لتناول وجبة العشاء وشعوره أن “فاتي” الحنونة هيأت له تلك الوجبة الخفيفة، وأحس شعورا أن برفقتها تناولها، استسلم للنوم، وللنوم رأي آخر، فوق سريره ظل ياقضا إلى الصباح، لم يعد يفكر ويحلم إلا بسواها، وفي الصباح استيقظ من غفلته وليس النوم، وتناول وجبة الفطور، وحاول الاتصال بجميلة القلب، الهاتف يرن ولا من يجيب، ربما لا زالت في فراشها نائمة، تناول وجبته الفطورية وغادر بيته تجاه العمل. أنهى عمله في الرابعة زوالا وبشق الأنفس، واتجه حيث الموعد، تبادلا بعض الرسائل القصيرة قصد اللقاء، وتحقق الأمر. اللقاء الثاني.... الوجهة شاطئ البحر كان هذا لقاءهما الثاني، استقيا سيارة أجرة ليتمتعا بأجواء البحر الجميلة، فهناك سيتبادلان أطراف الحديث والتعارف عن بعضهما كثيرا، أمل “سعيد” أن تكون بداية خير ونهاية علاقات فاشلة. على شاطئ البحر وفوق الرمال جلسا وهما ينظران لأمواج البحر والطيور فوق رؤوسهما تحلق، هناك بدأ سعيد يحكي عن حياته منذ الطفولة وأيام الدراسة مرورا بأيام الغربة وعن العلاقات العاطفية الفاشلة وعن عائلته المتواضعة، فاطمة هي الأخرى تصغي لكلامه باهتمام وترد عليه بابتسامات تزيد فيه حبا وشوقا وحنانا. حكى “سعيد” كل ما لديه من ذكريات جميلة ومؤلمة، وسألها عن حياتها. في البداية رفضت الحديث عن مسار حياتها العائلية وأيضا العاطفية، معتبرة نفسها يتيمة رغم وجود والديها على قيد الحياة، فيما العاطفية دست كل طموحاتها الدراسية، الأمر الذي دفع فضولية سعيد ليمطرها بكثرة من الأسئلة تحير في الجواب، وبفضل أسلوبه اللطيف أقنعها بأن تحكي عن حياتها بعدما وعدها بأن يساعدها لتتخطى كل تلك العوائق العائلية والعاطفية. يتبع الجزء الثالث: “فاتي” تحكي وسعيد يتألم للتواصل مع الكاتب: [email protected]