فريق الجيش يفوز على حسنية أكادير    شرطة بني مكادة توقف مروج مخدرات بحوزته 308 أقراص مهلوسة وكوكايين    تشييع جثمان الفنان محمد الخلفي بمقبرة الشهداء بالدار البيضاء    المغرب يوجه رسالة حاسمة لأطرف ليبية موالية للعالم الآخر.. موقفنا صارم ضد المشاريع الإقليمية المشبوهة    فرنسا تسحب التمور الجزائرية من أسواقها بسبب احتوائها على مواد كيميائية مسرطنة    دياز يساهم في تخطي الريال لإشبيلية    المغرب يحقق قفزة نوعية في تصنيف جودة الطرق.. ويرتقي للمرتبة 16 عالميًا    مقتل تسعة أشخاص في حادث تحطّم طائرة جنوب البرازيل    وزارة الثقافة والتواصل والشباب تكشف عن حصيلة المعرض الدولي لكتاب الطفل    فاس.. تتويج الفيلم القصير "الأيام الرمادية" بالجائزة الكبرى لمهرجان أيام فاس للتواصل السينمائي    التقدم والاشتراكية يطالب الحكومة بالكشف عن مَبالغُ الدعم المباشر لتفادي انتظاراتٍ تنتهي بخيْباتِ الأمل    الولايات المتحدة تعزز شراكتها العسكرية مع المغرب في صفقة بقيمة 170 مليون دولار!    الجزائر تسعى إلى عرقلة المصالحة الليبية بعد نجاح مشاورات بوزنيقة    انخفاض طفيف في أسعار الغازوال واستقرار البنزين بالمغرب    الرجاء يطوي صفحة سابينتو والعامري يقفز من سفينة المغرب التطواني    العداء سفيان ‬البقالي ينافس في إسبانيا    مسلمون ومسيحيون ويهود يلتئمون بالدر البيضاء للاحتفاء بقيم السلام والتعايش المشترك    جلالة الملك يستقبل الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني    بلينكن يشيد أمام مجلس الأمن بالشراكة مع المغرب في مجال الذكاء الاصطناعي    وقفة أمام البرلمان تحذر من تغلغل الصهاينة في المنظومة الصحية وتطالب بإسقاط التطبيع    جثمان محمد الخلفي يوارى الثرى بالبيضاء    مباراة نهضة الزمامرة والوداد بدون حضور جماهيري    رسالة تهنئة من الملك محمد السادس إلى رئيس المجلس الرئاسي الليبي بمناسبة يوم الاستقلال: تأكيد على عمق العلاقات الأخوية بين المغرب وليبيا    لقاء مع القاص محمد اكويندي بكلية الآداب بن مسيك    لقاء بطنجة يستضيف الكاتب والناقد المسرحي رضوان احدادو    ملتقى النحت والخزف في نسخة أولى بالدار البيضاء    بسبب فيروسات خطيرة.. السلطات الروسية تمنع دخول شحنة طماطم مغربية    اتهامات "بالتحرش باللاعبات".. صن داونز يعلن بدء التحقيق مع مدربه    غزة تباد: استشهاد 45259 فلسطينيا في حرب الإبادة الإسرائيلية على غزة منذ 7 أكتوبر 2023    مقاييس الأمطار المسجلة بالمغرب خلال ال24 ساعة الماضية    ندوة علمية بالرباط تناقش حلولا مبتكرة للتكيف مع التغيرات المناخية بمشاركة خبراء دوليين    الرباط.. مؤتمر الأممية الاشتراكية يناقش موضوع التغيرات المناخية وخطورتها على البشرية    تفاصيل المؤتمر الوطني السادس للعصبة المغربية للتربية الأساسية ومحاربة الأمية    البنك الدولي يولي اهتماما بالغا للقطاع الفلاحي بالمغرب    ألمانيا: دوافع منفذ عملية الدهس بمدينة ماجدبورغ لازالت ضبابية.    أكادير: لقاء تحسيسي حول ترشيد استهلاك المياه لفائدة التلاميذ    استمرار الاجواء الباردة بمنطقة الريف    بنعبد الله: نرفض أي مساومة أو تهاون في الدفاع عن وحدة المغرب الترابية    خبير أمريكي يحذر من خطورة سماع دقات القلب أثناء وضع الأذن على الوسادة    استيراد اللحوم الحمراء سبب زيارة وفد الاتحاد العام للمقاولات والمهن لإسبانيا    تبييض الأموال في مشاريع عقارية جامدة يستنفر الهيئة الوطنية للمعلومات المالية    حملة توقف 40 شخصا بجهة الشرق    ندوة تسائل تطورات واتجاهات الرواية والنقد الأدبي المعاصر    "اليونيسكو" تستفسر عن تأخر مشروع "جاهزية التسونامي" في الجديدة    ارتفاع حصيلة ضحايا الحرب في قطاع غزة إلى 45259 قتيلا    القافلة الوطنية رياضة بدون منشطات تحط الرحال بسيدي قاسم    سمية زيوزيو جميلة عارضات الأزياء تشارك ببلجيكا في تنظيم أكبر الحفلات وفي حفل كعارضة أزياء    الأمن في طنجة يواجه خروقات الدراجات النارية بحملات صارمة    لأول مرة بالناظور والجهة.. مركز الدكتور وعليت يحدث ثورة علاجية في أورام الغدة الدرقية وأمراض الغدد    دواء مضاد للوزن الزائد يعالج انقطاع التنفس أثناء النوم    المديرية العامة للضرائب تنشر مذكرة تلخيصية بشأن التدابير الجبائية لقانون المالية 2025    أخطاء كنجهلوها..سلامة الأطفال والرضع أثناء نومهم في مقاعد السيارات (فيديو)    "بوحمرون" يخطف طفلة جديدة بشفشاون    للطغيان وجه واحد بين الدولة و المدينة و الإدارة …فهل من معتبر …؟!!! (الجزء الأول)    حماية الحياة في الإسلام تحريم الوأد والإجهاض والقتل بجميع أشكاله    عبادي: المغرب ليس بمنأى عن الكوارث التي تعصف بالأمة    توفيق بوعشرين يكتب.. "رواية جديدة لأحمد التوفيق: المغرب بلد علماني"    توفيق بوعشرين يكتب: "رواية" جديدة لأحمد التوفيق.. المغرب بلد علماني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تفعيل مؤسسة المجلس رهين بتسريع إصدار نصوصه التطبيقية
مشروع القانون التنظيمي للمجلس الاقتصادي والاجتماعي في ندوة ل «العلم»

نظمت جريدة »العلم « ندوتها الشهرية ،يوم الإثنين 21 دجنبر 2009 بالرباط ، تحت عنوان »المجلس الاقتصادي والاجتماعي في المغرب : الرهانات والتحديات« ، بمشاركة برلمانيين ونقابيين ومهنيين وباحثين ومختصين .
وقد ركز المتدخلون في هذه الندوة ، على مناقشة الإطارالقانوني للمشروع المذكور وطبيعة تركيبة المجلس وحدود مهامه وصلاحياته ومدى استقلاليته ..
وتم التأكيد في البداية على الأهمية الكبيرة التى أولاها المشرع لهذه المؤسسة ، حيث خصها بقانون تنظيمي ، فجاءت إلى جانب المؤسسات الوازنة التي تؤطرها قوانين تنظيمية مثل المجلس الدستوري .
وعبر المتدخلون عن أملهم في أن يساهم المجلس في إيجاد الحلول لمحتلف المشاكل والاختلالات التي قد تعترض النظام الاقتصادي والاجتماعي، وتجاوز الحالة التي وصلت إليها بعض المجالس الاستشارية التي ظلت جامدة أو فشلت في مهامها دون تقديم الحساب كما هو الشأن بالنسبة للمجلس الوطني للشباب والمستقبل .
وطرح المشاركون موضوع تركيبة المجلس وتمثيلية مختلف الأطراف، مع الإلحاح على إعمال معايير موضوعية في ذلك ، ترتكز على الكفاءة والتجربة والفعالية ، مع ضرورة إفساح المجال للشباب والنساء وضمان تمثيلية وازنة للمجتمع المدني ، والاهتمام بالحركة الاستهلاكية والهجرة والرياضة و البيئة والتغيرات المناخية .
وتمت الإشارة إلى أن المشروع كان من الضروري أن يخضع للنقاش العمومي المفتوح ، بمساهمة كافة الأطراف قبل الوصول إلى الصياغة النهائية لنص القانون ، باعتبار أنه يربط الديقراطية السياسية بالديمقراطية التشاركية وتم التأكيد على أن هذا المجلس لا يمكن أن تكون له قيمة مضافة بالنسبة للمواطنين إلا أخذ بعين الاعتبار مجموعة من الجوانب أهمها: ضمان استقلالية المجلس في التدبير المالي والإداري وتقديم الرأي والمشورة وإمكانية أجراء الدراسات والتقارير ، وأيضا حل المشكل المتعلق بالمجموعات التي يجب تمثيلها في المجلس وخصوصا بالنسبة للمقاولات والمجتمع المدني والخبراء ، وأهمية أن ينص المشروع على نشر الأراء الاستشارية والتقارير التي سيصدرها المجلس ، في الجريدة الرسمية للدولة ، باعتبار أن معظم التشريعات في الدول التي تتوفر على مجالس مماثلة ، نصت على ذلك .
وقد تم تأطير هذه الندوة بالأسئلة التالية :ماهو الإطار القانوني المرجعي الذي تم الاعتماد عليه في مشروع القانون التنظيمي للمجلس الاقتصادي والاجتماعي المغربي؟ وما هي حدود استقلالية هذا المجلس عن مختلف أنواع السلطات وخصوصا التنفيذية والتشريعية ؟ وما هي حدود مهامه وصلاحياته ؟ وكيف يمكن تجاوز نقائص وثغرات بعض التجارب المغربية في مجال الاستشارة ؟
لقد سبقتنا العديد من الدول المماثلة لنا اقتصاديا واجتماعيا إلى إحداث هذا المجلس ، كما هو الشأن بالنسبة للجزائر وتونس والأردن ، فما هو السبب الذي جعل المغرب يتأخر في ذلك بالرغم من تنصيص الدستور عليه منذ حوالي 17 سنة ؟
إذا كانت الكثير من القوانين المغربية مستمدة من التشريعات الفرنسية ، فهل الأمر كذلك بالنسبة للمجلس الاقتصادي والاجتماعي ؟ وهل يمكن للمجلس الاقتصادي والاجتماعي المغربي أن يضاهي نظيره الفرنسي ، من حيث المكانة البارزة التي يحتلها في الدولة والمجتمع باعتباره الجمعية الثالثة للجمهورية الفرنسية على حد تعبير بعض الباحثين ؟
لقد أصبحت قضايا الاستهلاك والهجرة والرياضة و البيئة والتغيرات المناخية ذات طابع راهني ملح تنظم حولها المؤتمرات الوطنية والدولية ، فهل يمكن للمجلس أن يجعلها من بين الموضوعات الأساس لاهتماماته ؟وكيف يمكن ضمان تمثيلية وازنة للحركة الاستهلاكية ولجالية المغربية المقيمة بالخارج ..؟
هل هناك إرادة حقيقية لجعل المجلس يستفيد من الخبرة المغربية في مجال صناعة القرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي وتحقيق النجاعة والفعالية والحكم الرشيد في التدبير العمومي ؟
من المعروف أن المغرب يتوفر على عدد من المجالس والهيئات والمؤسسات ذات الطابع الاستشاري ، وهي تختلف من حيث أسسها القانونية ومرتكزاتها الهيكلية ن وربما من حيث أهدافها وميادين تدخلها ، فما هي طبيعة العلاقة التي يمكن أن تجمع بين هذه المؤسسات والمجلس الاقتصادي والاجتماعي ؟ هل هي علاقة تصادم وتنافر أم تكامل وتواصل ؟ و هل يمكن لهذه المؤسسات أن تشكل قاعدة ارتكاز للمجلس في إنجاز دراساته وتقديم مقترحاته ؟
على سبيل المثال كيف يمكن التنسيق بين المجلس الاقتصادي والاجتماعي والمجلس الأعلى للتعليم والمجلس الاستشاري لحقوق الإنسان والهيئة الوطنية للوقاية من الرشوة والمجلس الأعلى للتخطيط والمجلس الوطني للبيئة وغيرها ؟
ما هي المميزات والخصائص التي سيتفرد بها المجلس الاقتصادي والاجتماعي المغربي عن باقي المجالس المماثلة في الدول الأخرى ؟
من الواضح أن المجلس الاقتصادي والاجتماعي مؤسسة دستورية ، وهي هيئة تمثيلية لعدد من القطاعات المهنية والاجتماعية الاقتصادية ، كما أنها هيئة استشارية تعمل على على تقديم مقترحات وآراء واستشارات للحكومة والبرلمان ، وهو ما يعني أنه يزاوج بين وظيفة التمثيل ووظيفة الاقتراح ، فإلى أي حد ستمكن التجربة المغربية من تحقيق التوازن الفعلي بين هاتين الوظيفتين ؟ وكيف يمكن للمجلس المساهمة في صناعة القرار علما بأنه لا يضطلع بسلطة القرار ؟
كيف يمكن للمجلس أن يساهم فعلا في توحيد جهود السلطات العمومية والقوى السياسية والاقتصادية والاجتماعية من أجل إيجاد الحلول لمختلف الاختلالات التي قد يعرفها النظام الاقتصادي والاجتماعي في بلادنا ؟
يؤكد المسؤولون باستمرار إرادة المغرب من أجل تعزيز اللامركزية عبر اعتماد الجهوية الموسعة ، فكيف يمكن للمجلس الاقتصادي والاجتماعي أن يترجم هذه الدينامية ، وينخرط في هذا التوجه بشكل يضمن انسجاما كاملا بين الجهوية المتقدمة والوحدة الوطنية ؟
وهل يمكن أن تكون لهذا المجلس وحدات جهوية تسهر على تمثيل مختلف الأطراف الاقتصادية والاجتماعية ، وتبلور القرارات المناسبة على المستوى الجهوي ؟ و في هذا الجانب بالضبط كيف يمكن الاستفادة من التجربة الإسبانية ؟
محمد الأنصاري رئيس الفريق الاستقلالي بمجلس المستشارين: المشروع ليس نصا مقدسا وهو قابل للتعديل والمراجعة كلما استدعت الضرورة ذلك
انطلاقا من تجربتي كمستشار برلماني والنقاش الدائر حول الموضوع في البرلمان، فإن مشروع القانون المطروح للنقاش في هذه الندوة يتعلق بمؤسسة دستورية وهو مشروع قانون تنظيمي. وكما يعلم الجميع خصوصا الحقوقيون أن القانون التنظيمي يأتي مباشرة بعد الدستور. وقد أعطى الدستور المغربي أهمية كبرى لهذه المؤسسة وجعلها في مصاف المؤسسات الكبرى لتلعب دورا طلائعيا في بلادنا مقارنة مع المجلس الدستوري. والملاحظ أن المجلس الأعلى للحسابات جاء بمقتضى قانون عادي. لكن مع الأسف فإن هذا المولود الدستوري الذي يبلغ عمره 17 سنة لم يكتب له أن يرى النور إلا حاليا بعد تعليمات متتالية لجلالة الملك بالنسبة للحكومات المتعاقبة، ولم يكتب له أن يخرج إلى الوجود إلا في عهد الحكومة التي يرأسها الأستاذ عباس الفاسي وبتعليمات ملكية.
ومن حسنات هذا المشروع أنه أتى في هذه الظرفية بالذات لدعم دولة المؤسسات ، حيث يعتبر هذا المجلس مولودا جديدا ، يجب مده بكامل الرعاية والاهتمام، بعد أن قضى في الرحم حوالي 17 سنة ، لا يهم إن خرج مشوها أوكاملا ، بل المهم هو العمل على تجويد النص وتفعيل المؤسسة للقيام بالوظيفة التي خولها لها الدستور، وكيف ما كان الحال فإن المشروع ليس نصا مقدسا لايمكن الاقتراب منه ، بل إنه قانون قابل للتعديل والمراجعة كلما استدعت الضرورة ذلك ..
وهناك حسنة أخرى تشفع لهذا القانون بالرغم من النقائص التي قد تعتريه ، ويتعلق الأمر بنقطة أساسية ، تجعلنا نقر بأننا في المغرب نتقدم خطوات مهمة إلى الأمام ، والدليل على ذلك ، المادة الثامنة من مشروع هذا القانون ، حيث لأول مرة في تاريخ التشريع المغربي يتم الإعلان عن إجبارية الحصول على المعلومة من قيل مؤسسة دستورية ، والتي بدورها تفتح المجال أمام تعميم هذه المعلومة ، فالمجلس يحق له الحصول علي المعلومة إجباريا من الحكومة ومن جميع مؤسسات الدولة ، ومن المؤكد أن هذه القضية تهم الصحافة التي تشتغل على الموضوع نفسه ..لقد أصبحت جميع المؤسسات العمومية ملزمة ، بحكم القانون الجديد ، بتقديم المعلومات لمؤسسة المجلس الاقتصادي والاجتماعي ، سواء تعلق الأمر بالمجال الاقتصادي أو الاجتماعي أو البيئي أو بمجل التكوين . ولكي يستجيب المجلس لمتطلبات الواقع ويلبي انتظارات جميع الأطراف ويساهم فعلا في تطور المجتمع ، من الضروري أن يكون مؤسسة تتميز بالفعالية والنجاعة والمصداقية وأيضا بالمردودية على مستوى إعداد التقارير والدراسات وتقديم المشورة والفتوى ، ولا شك أن تحقيق ذلك مرتبط ، إلى حد كبير ، بمدى الكفاءة والمصداقية التي سيتمتع بها أعضاء المجلس ..
ولا شك أن هذا المشروع يأتي في نطاق الإصلاحات الشمولية التي يعرفها المغرب والمجهود المبذول من أجل تعزيز ثقافة الحوار ومحاربة الفساد والإتيان بقوانين وازنة، وجاء هذا المولود الجديد في وقت مهم جدا، وسنرى كيف سيتم تفعيل مهام هذا المولود الجديد.
وانطلاقا من مشروع القانون التنظيمي المذكور، فإنه أولا يشتمل على 39 مادة فمواده قليلة وعمله من المفروض أن يكون وازناً عملا بالقول المأثور الأجر كثير والعمل قليل. فهناك قوانين تتضمن عددا كبيرا من المواد تعد في بعض الأحيان بالعشرات، لكن وقعها في البلاد لا يكون مثل هذه المؤسسة التي في تنظيمها وتأطيرها جاءت في ظرفية مهمة جدا وترتيبها حسب القانون يكتسي أهمية مهمة جدا. كذلك فإن هذا القانون سيدعم ثقافة التشاور والحوار. وكذلك التقارب بين الفرقاء الاجتماعيين والاقتصاديين، وكذلك له دور طلائعي يتمثل في المشاورة وإبداء الرأي بالنسبة للجهازين التشريعي والتنفيذي. فهو أولا يجمع الفرقاء في بينهم أي النقابات والمقاولات والمجتمع المدني. لكن الأساسي هو اتصاله بالجهازين التنفيذي والتشريعي وليس له صلاحيات تقريرية. وإنما صلاحيات استشارية، بحيث هو مؤسسة مهمة للسلطتين التشريعية والتنفيذية، كذلك من المهام التي منحها إياه التشريع، المبادرة بإعطاء الرأي والمشورة والنصيحة للحكومة عندما يطلب منه ذلك أو حتى بمبادرة منه. ثم كذلك تركيزه على الأعمال الاجتماعية والاقتصادية إضافة إلى نقطتين مهمتين هما التكوين والبيئة، حيث إن البيئة هي موضوع نقاش في العالم كله، ولكن بالنسبة للأعمال الاجتماعية والاقتصادية والتكوين مشار إليها في النص. ولابد من الإشارة إلى أن هذا المشروع جاء في محيط إقليمي وجهوي ودولي متميز، حيث إن كل الدول مثل إسبانيا والجزائر لها هذا المجلس بالإضافة إلى أن عدداً من الدول أقل شأنا من المغرب لها هذا المجلس دون الحديث عن أوروبا.
هناك تباين في ما يخص التركيبة والاختصاصات. ويتجلى ذلك في عدد الفئات وتصنيفها. فهناك 5 فئات و99 تركيبة أحادية منها 24 يعينون من طرف جلالة الملك. والفئات توزع مناصفة بين المؤسسة التشريعية والوزير الأول. لكن هناك دائما اقتراحات، وهذه الاقتراحات والمعايير ستحدد بنص تنظيمي، وهناك فئة أخرى تضم 11 عضوا بالصفة.
والنقاش الدائر حاليا يتعلق بأول ملاحظة التي هي القانون ا لتنظيمي، والتأخر الذي عرفه، هناك تطلع كبير في الوقت الحالي لدوره وهناك أيضا تتبع مهم جدا من طرف الحكومة والمؤسسة التشريعية ربما لإخراجه في هذه الدورة ليكون جاهزا سنة 2010.
كقانون تنظيمي، للحكومة مشاريع وتصورات لأنه من اختصاص السلط التنفيذية، إذن من المسائل الأساسية التي يلاحظها الفرقاء داخل البرلمان هو أن قانونا بهذا الحجم له أسباب نزول وله مرجعية دستورية، وهو مطلب كان أساسيا لجميع القوى الحية في البلاد. وكان لابد من أن يتضمن ديباجة للتذكير ببعض المحطات الأساسية. لكنه جاء بدون مظلة بدأ مباشرة بالمادة الأولى، ولكن من الضروري الإشارة إلى أن هناك ديباجة تم التوافق عليها وأدخلت عليها بعض التعديلات وعرضت على اللجنة المختصة وأصبحت جاهزة وقد انفرد هذا القانون التنظيمي على خلاف القوانين التنظيمية الأخرى بكونه يتضمن ديباجة وهذه الديباجة تبين الخطوط العريضة والدور الذي سيلعبه المجلس. كذلك من المسائل الأساسية التي كانت موضوع نقاش هو استقلالية هذا المجلس عن السلطتين التشريعية والتنفيذية، وعن جميع المؤسسات الأخرى. وهنا تجدر الإشارة إلى أن هذه المؤسسة يجب أن تكون لها استقلالية مالية على غرار المجلس الدستوري مثلا الذي لديه استقلالية ولديه مراقبة يفرضها عليه القانون، وهنا يجب الإشارة إلى أن عليه مراقبة بعدية كما يخضع في ماليته لمراقبة المجلس الأعلى للحسابات، لكن ليس لدرجة الوصاية عليه، غير أن القانون غير واضح في ما يخص مالية هذا المجلس، ومن النقط المثيرة للاهتمام في هذا الجانب العضوية بالصفة، والتي تستوجب الوقوف عندها والتدقيق فيها، لأنها نقطة غير واضحة بالنسبة لهذه الفئة من الأعضاء وتعتبر امتيازا للأعضاء بالصفة المعنيين ولا يتهم 5 سنوات.
وإذا أخذنا كذلك القانون المقارن، خصوصاً القانون الفرنسي نجد فئة الأعضاء بالصفة مقسمة بمقتضى القانون. أما في ما يخص المجلس الاقتصادي والاجتماعي المغربي هناك 24 عضواً 12 معنيين من طرف الوزير الأول 6 من مجلس النواب و 6 من مجلس المستشارين. لكن في فرنسا فإن الأمر عكس ذلك، حيث نجد مثلا القرض الفلاحي ممثلا بعضوين والمهن القانونية ممثلة بمجموعة من الأعضاء.
وبخصوص النقاش داخل مجلس المستشارين، فقد اهتمت لجنة العدل اهتماماً كبيراً بنص المشروع، حيث تم التدقيق في مقتضياته عبر مناقشة كل مواده ، خلال اجتماعات، ناب فيها السيد الوزير المكلف بالعلاقات مع البرلمان، وتقدمت فرق الأغلبية لوحدها بحوالي 32 تعديلا، والمعارضة كذلك قدمت تعديلات ليبلغ مجموع التعديلات حوالي 50 تعديلا.
لطيفة بناني سميرس رئيسة الفريق الاستقلالي بمجلس النواب: دور المجلس أساسي في توفير شروط التوافق وترسيخ دعائم المجتمع الديمقراطي
أود في البداية أن أسجل ملاحظة حول الطريقة التي أحيل بها مشروع القانون المتعلق بالمجلس الاقتصادي والاجتماعي على مجلس المستشارين قبل مجلس النواب وذلك نظرا لتركيبة هذه المؤسسة الدستورية.فبعد السبات الطويل الذي عرفه هذا المجلس بدا أن هناك إرادة سياسة متجانسة لكي يجد هذا المجلس طريقة إلى الوجود.
وبدون شك، فإن هذا المجلس الذي تأخر هذه المدة لابد وأن يثير هذا النقاش وهذا الجدل. وربما لو تم إنشاؤه في مرحلة مباشرة منذ الإعلان عنه داخل الدستور ، لما كان أثار مثل هذا النقاش، لأنه في ذلك الوقت سيتم استقباله بحفاوة. والنقاش الحالي مرتبط بعدة أشياء منها ما تضمنته التعديلات.
والملاحظات التي يمكن إبداؤها حول المشروع تأتي انطلاقا من التعديلات التي تقدم بها أعضاء مجلس المستشارين وكذلك المقترحات التي تقدمت بها بعض الجمعيات، وهي تعديلات مقترحات ستتجاوب معها الحكومة لأنها ليست جذرية تمس محتوى المشروع أو تغيره.
هناك أيضا إضافات من طرف بعض الفرق إلى جانب عملية التعديلات الموجودة وهي متعلقة بالصياغة أو توضح بعض الجوانب التي يبدو أنها غامضة في الصياغة الأولي.
ومن المؤكد أن هذه الخطوة تندرج في إطار الإصلاحات الهيكلية التي انخرطت فيها بلادنا في جميع المجلات وعلى مختلف الأصعدة.
وفي هذا السياق أشير إلى المغرب أصبح يعرف تطوراً مهماً، ووضع الميزانية أصبح أيضا يعرف تغييراً كبيراً، بحيث بدأ المجال الاجتماعي يأخذ مكانة متميزة فيها، ولحد الآن لا تزال الإدارة والدولة تحترم ما تضمنه البرنامج الحكومي، من حيث ضرورة إيلاء الجانب الاجتماعي والقضايا الاجتماعية أهمية بالغة، رغم أنها لا ترقى للطموحات التي نرغب فيها كمواطنين وممثلين للمواطنين.
وأود أن أسجل أيضا التطور الحاصل في ما يعرف بميزانية النوع، حيث أصبحت وزارة المالية تصدر منذ سنوات تقريرا حول تطور هذه الميزانية، وهذا أيضا يؤكد التوجه الجديد نحو الاهتمام بالقضايا الاجتماعية.
يبقى أن نؤكد أن هذا المجلس سيكون له دور أساسي ومهم في خلق التقارب وديمقراطية حقيقية تنبعث من المكونات الاجتماعية والفئات المكونة له، وبالتالي توفير شروط التوافق وترسيخ دعائم المجتمع الديمقراطي، لذا فإن الحوار حول تأسيس هذا المجلس هو حوار مجدي، حتى وإن لم يقع تجاوب مع كل التعديلات المقترحة من طرف الفرق.
لكن الأساسي في هذه العملية هو تفعيل هذه المؤسسة ووضعها على الطريق الصحيح لأن انطلاق عملها هو الذي سيمكن من إدخال تعديلات مستقبلية، لأن الإجراءات والتجربة هي التي ستوضح مكامن الخلل الحقيقية في طريقة وأسلوب العمل، وفي النتائج المترتبة عن مجلس سيبقى بطبيعة الحال مجلساً استشارياً وليس مجلساً تقريريا، حيث لا يمكن أن نغيب هذا الجانب لأنه مجلس استشاري يقدم الرؤى انطلاقا من تعميق النظر في المواضيع المطروحة للنقاش
وكقراءة أولى لتركيبة هذا المشروع، فإنها تبدو متكاملة باستثناء بعض الجوانب التي لم يتم تسجيلها، وبدون شك ستتم الإشارة إليها في النظام الداخلي لهذا المجلس .
وفي نفس الإطار، أريد أن أؤكد في مجال التمثيليات في المجلس، على تمثيلية تتيح تكافؤ الفرص، وهي تمثيلية النساء، بحيث لابد من وجود نساء في تركيبة المجلس، لاعتبارات يهدف إليها هذا المجلس وهي إيصال صوت المجتمع إلى مراكز القرار، والمرأة من الأصوات التي لها انشغالات قد تختفي ضمن الانشغالات العامة التي يجب أن يكون هناك مجال للتعبير عنها.
منصف الكتاني رئيس الاتحاد العام للمقاولات والمهن: المجلس من شأنه تحقيق التوازن الاجتماعي وإسماع صوت المهنيين والحرفيين لدى الجهازين التنفيذي والتشريعي
سأتحدث كممثل للاتحاد العام للمقاولات والمهن وعن فئة الحرفيين والصناع التقليديين والتجار أصحاب المقاولات الصغرى والمتوسطة والمقاولين الشباب الذين ينتظرون منذ سنوات أن يصل صوتهم إلى الجهازين التنفيذي والتشريعي. وكذلك العديد من المبادرات سيتم إيصالها عبر هذه المؤسسة الإقتصادية والإجتماعية.
وبالرجوع إلى المجلس الإقتصادي والإجتماعي الفرنسي، وذلك على سبيل المقارنة، فنجده مؤسسة وجدت من أجل إسماع صوت الفئات المذكورة آنفا، وهذه المؤسسة التي تضم ممثلين عن المجتمع المدني والنقابات والغرف المهنية والمهنيين وكل المهتمين بالجانب الإقتصادي تتواصل مع ممثلي الأمة لتقدم اقتراحات قوانين، الشيء الذي نجده منعدما فنجد في المغرب أن كل فئة تتواصل على حدة مع القطاع المعني، فمثلا الفلاحون يحاولون التواصل مع وزارة الفلاحة، والصناع مع وزارة الصناعة.. وذلك من أجل حل المشاكل التي تعترضهم، لكن طريقة التواصل مع هذه الفئات من أجل إخراج قوانين تفعل وتزيد الإهتمام بهذه الشرائح منعدمة.
وأتذكر حينما كنت رئيسا للمقاولين الشباب سنة 1995 قمنا بزيارة للمجلس الإقتصادي والإجتماعي بفرنسا، وقمنا آنذاك بدراسة حول هذا المجلس، وكان النقاش حينئذ ساخنا بخصوص ملف المجلس الاقتصادي والاجتماعي في المغرب، الذي ظل مجمدا لمدة 17 سنة، ولمسنا عن قرب العمل اليومي لهذه المؤسسة، وطريقة تواصلها مع المجتمع المدني ومع المؤسسات الممثلة للأطراف الموجودة داخلها، وكيف توصل اهتماماتهم لتصاغ على شكل قوانين وقرارات.
ولابد في هذا الإطار من إبداء ملاحظة حول الطريقة التي تقدم لها الاستشارة، وهي طريقة إيجابية جدا، حيث تصبح الاستشارة قانونا أو قرارا، لذلك فعدد الأشخاص الذين يمثلون هذه الشرائح داخل المجلس له أهمية قصوى لأنه لايجب النظر إلى الأعضاء التسعين المكونين لهذا المجلس، بل الى آلاف الأشخاص الذين يمثلهم هؤلاء الأعضاء من نقابات عمالية وجمعيات مقاولاتية وإلى الأفكار والإقتراحات التي تقدم، مما يجعل هذه المؤسسة مهمة جدا.
وبما أنني عضو اللجنة المركزية لحزب الاستقلال فإنني أومن بمبدأ التعادلية الاقتصادية والاجتماعية التي ركز عليها الزعيم علال الفاسي، والذي اهتمت به الحركة الوطنية كثيرا منذ الاستقلال.
وأؤكد أنه لتحقيق التوازن الاجتماعي داخل البلاد يجب على المؤسسات الفاعلة التي تخلق الثروة أن تسخر لهذا الغرض وأن لا تخدم اقتصاد الريع أو الاقتصاد الذي ليس له حدود وبالتالي فإن مؤسسة مثل المجلس الاقتصادي والاجتماعي في فرنسا وفي عدة دول، حتى في الأمم المتحدة لها دور أساسي في إحداث هذا التوازن. وهذا دور جد مهم ويهم الإستقرار السياسي والاجتماعي والاقتصادي.
وبخصوص الشرائح مثل الصناع التقليديين والتي تمثلهم جمعيات فإن دورها في صنع القرار ضعيف جدا، والسؤال المطروح في هذا الإطار هو ما المنتظر من هذا المجلس وطريقة عمله، هناك عدة تساؤلات أيضا حول الجانب القانوني، لكن طريقة العمل والأشخاص الممثلين، فهل ستأخذ بعين الاعتبار مليون و 400 ألف مغربي يصنعون الاقتصاد في المغرب بغض النظر عن المقاولات الكبرى الممثلة، هل سيأخذ بعين الاعتبار الصيد الساحلي والصناع التقليديين والتجار كفئات وهل ستكون ممثلة بالنظر إلى عدد أعضاء المجلس الذي لايتعدى 90 عضوا تمثيل الفئات الاقتصاد.
مثال آخر يتعلق بقانون المالية، الذي أقدم بخصوصه مقترحات منذ 6 سنوات، فقد لاحظت أن الإدارة على مستوى الغرفة الثانية لا تأخذ بعين الإعتبار الجوانب الاجتماعية، إضافة إلى مشكل مساهمة الخبراء في النقاش، حيث أن الإدارة تأخذ بعين الاعتبار فقط الحسابات المحضة للخزينة وليس الجوانب الاجتماعية وهنا يكمن دور المجلس الاقتصادي والاجتماعي الذي ينتظر أن يقوم بهذا الدور الأساسي، لأن الجانب السياسي يبقى الصبغة الأسمى في قانون المالية.
فالمجلس إذن سيمكن من أخذ قرارات تتماشى مع مصلحة البلاد ومصلحة المواطن المغربي بغض النظر عن التضاربات السياسية والتحيز لجهة معينة دون أخرى.
خديجة الغامري ممثلة الاتحاد المغربي للشغل: نتمنى أن يقطع المجلس مع تجارب المؤسسات السابقة
في البداية أود أن أشكر جريدة العلم التي استدعتني للمشاركة في هذه الندوة المهمة جدا. وفي تقديري فإن هذا المجلس يأتي في ظل ظروف تميزها الأوضاع المتدهورة التي تعاني من جراءها الطبقة العاملة بشكل خاص وعموم الجماهير الشعبية، والتي تدفعنا للتساؤل جميعا، هل سيكون هذا المجلس في حجم التحديات، وأن يأتي بحلول للإختلالات والإشكاليات المطروحة، سواء على المستوى الإقتصادي أو الإجتماعي، بحيث أن الطبقة العاملة التي هي جزء من الشعب المغربي، تعاني من جهة من تردي الأوضاع سواء على مستوى تدهور القدرة الشرائية وتدني المستوى المعيشي، أو على مستوى الإشكالات التي يعرفها قطاع التعليم والصحة والشغل، بحيث أن العطالة تتفاقم بحدة في أوساط الشباب حاملي الشهادات العليا، وأيضا، على مستوى التشريعات الاجتماعية أو عدم احترام الحقوق النقابية وما ينتج عنه من تسريحات جماعية للعمال، مما يؤدي إلى تشريد آلاف العمال الذين يعولون أسرهم، وبالتالي تؤدي إلى مجموعة من الإشكالات التي نتساءل، هل سيكون بمقدور المجلس الإجتماعي والإقتصادي إيجاد حلول لها. فنحن عندما كنا نطالب، ولازلنا، بإحداث هذا المجلس فإننا كنا نأمل أن يضع حدا لهذه الاختلالات، وذلك للخروج من الأزمة الخانقة التي يعرفها المغرب.
غير أن هذا المجلس مع الاختصاصات المخولة له، والتي نعتبرها مهة جدا، إلا أن هناك مجموعة من الاختلالات التي إذا لم تتم معالجتها وتوفير شروط موضوعية مهمة لهذا المجلس، فإننا نتصور أن مصيره سيكون مصير مجموعة من المجالس الاستشارية، إما أنه تم تجميدها، أو لأنها لم تقدم ما كان مرجوا منها، وبالتالي، سأحاول تلخيص الملاحظات التي سجلناها على هذا المجلس فيما يلي:
بالنسبة للاستقلالية، هناك غياب الاستقلالية ماليا وإداريا، وسأركز خاصة على مستوى التعيينات، فنحن نعتبر أن هذا المجلس حتى يؤدي دوره عليه أن يعيد التمثيلية الى المكونات، مثلا بالنسبة للنقابات، نحن لا نرى أي معنى في أن يقوم الوزير الأول أو رئيسا مجلس النواب والمستشارين بتعيين الأعضاء، بل يجب أن تكون التمثيلية نابعة من الهيآت النقابية نفسها، ونفس الأمر بالنسبة لباقي المكونات.
أيضا فيما يخص التمثيلية، أعتقد أن العدد لا يكفي خاصة بالنسبة للفرقاء الإقتصاديين والإجتماعيين. لأنه إذا أخذنا تجربة فرنسا كمثال، سنجد أن الفرقاء الاجتماعيين يمثلون نسبة 60 في المائة ، في حين أن العدد عندنا قليل، خاصة إذا اعتبرنا أن الفرقاء الإقتصاديين والإجتماعيين هم العمود الفقري لهذا المجلس، على اعتبار أنه فضاء لمناقشة مجموعة من القضايا المتعلقة بالمواطنين بشكل عام.
مسألة أخرى تتعلق بالتمثيلية، وأؤكد هنا ماجاء في تدخل الأخت لطيفة بناني سميرس حول تمثيلية المرأة، لأنه في مناقشة هذا المشروع كان رد الحكومة هو أن التمثيلية سوف تكون متضمنة بالنسبة للنقابات وللخبراء ولباقي المكونات، في الوقت الذي نعرف فيه النظرة الدونية للمرأة، وتعامل المجتمع المغربي مع المرأة، وإذا لم يكن هناك تنصيص على تمثيلية بالصفة، فإنه لن نجد تمثيلية النساء في هذا المجلس سواء عن النقابات أو الهيآت المشكلة لمكونات المجلس، وهذا ما عايناه في جملة من المؤسسات والهيئات.
أيضا، هناك ضرورة التأكيد على أهمية تمثيلية الشباب وكذلك تمثيلية المغاربة القاطنين بالخارج.
مسألة أخرى لابد من إثارتها. وهي أن هذا المجلس لديه صفة استشارية، وما نتوخاه هو أن ينتقل من صفته الاستشارية إلى أن يصبح قوة اقتراحية حتى يكون لعمله مفعول مهم كما جاء في النموذج الفرنسي الذي أصبح بمثابة الجمعية الوطنية الثالثة، وحتى يبلغ هذا المستوى، يجب أن يصبح لديه طابع قوة اقتراحية، ثم هناك مسألة أخرى تندرج في باب الملاحظات التي سجلناها كهيئة نقابية على هذا المجلس، وهي استثناء قانون المالية من إبداء الرأي بالنسبة لهذا المجلس، فلا معنى أن يتم الارتكاز على النموذج الفرنسي، دون أن يتم اعتماد ذلك حتى يصبح المجلس شريكا في إعداد الميزانية العامة.
وبالنسبة للديباجة التي غابت عند تقديم نص المشروع أمام مجلس المستشارين نتمنى وضعها وأن ترقى إلى مستوى الارتكاز على مرجعية حقوق الإنسان، ليس فقط الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، بل أيضا الإعلان الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية التي تقر الحق في الشغل في ظروف عادلة ومواتية، مع الحق في التمتع بصحة بدنية وعقلية متوازنة وسليمة، والحق في الحماية الاجتماعية وضمان مستوى عيش كريم..
مسألة أخرى، ودائما في إطار النقاش حول الحقوق الاقتصادية والاجماعية، التي هي جزء لايتجزء من حقوق الإنسان، فإننا نرى ضرورة إشراك الجمعيات الحقوقية المهتمة، وذلك بإدماجها ضمن الفئة الرابعة المتعلقة بالجمعيات ومكونات المجتمع المدني.
وبالنسبة لنا نعتبر أن هذا المجلس لايمكن أن يقدم قيمة مضافة إيجابية للمواطنين والمواطنات إلا إذا أخذ بهذه المقترحات والملاحظات، لذلك نتمنى من هذا المجلس أن يأتي بإضافة نوعية تقطع مع تجارب العديد من المجالس السابقة التي أنشئت. وتضع حدا للقرارات الاقتصادية والاجتماعية التي تتخذ بشكل ارتجالي في جميع القطاعات والمجالات. ونتمنى أيضا أن لا يكون هذا المجلس مجرد مختبر أو مكتب دراسات اقتصادية واجتماعية. بل أن يكون أداة للتأمل الفلسفي والفكري والعملي في القضايا والإشكالات المطروحة.
عبد المجيد بن بوعزة ممثل الكنفدرالية الديمقراطية للشغل: إحداث المجلس يجب أن يكون تتويجا لنقاش عمومي مفتوح
نعتبر أن هذا المشروع ذو أهمية قصوى، وهو موضوع ليس تنظيميا فقط، بل إنه يهم المجتمع برمته، ويطمح إلى إعادة تنظيمه بطريقة مختلفة نسبيا، معناه أن هناك هيكلة تنظيمية للمجتمع على المستوى السياسي، لكن اليوم نريد تعضيد هذا الجانب بتنظيم آخر هو تنظيم اقتصادي واجتماعي.
إذن من هنا نفترض أن هذا الموضوع ينبغي أن يكون محور نقاش عمومي مفتوح مع كافة الفرقاء الاقتصاديين والاجتماعيين والمدنيين والخبراء، قبل أن تتم صياغته على مستوى النص القانوني، معناه في نهاية المطاف، أن صياغة النص يجب أن تكون تتويجا لعمل تداولي وتشاوري مع كافة الفرقاء الأساسيين أو الممثلين، أو الذين سوف يكونون ممثلين داخل هذا المجلس،. ثانيا: في خطاب جلالة الملك لافتتاح الدورة الربيعية للبرلمان سنة 2008 تم التذكير بنقطة أساسية تهم ضرورة فتح هذا الموضوع للنقاش مابين الأطراف، في اتجاه صياغة نص تنظيمي. لقد كانت هناك مساحة زمنية من أجل فتح وبرمجة نقاش عام، لماذا؟ لأن في تقديرنا المسألة لاتتعلق فقط بالنقاش داخل البرلمان، رغم أهمية البرلمان كواجهة تشريعية للتصديق على المشاريع، لكن أيضا، وموازاة مع ذلك، كان لابد أن يكون هناك توافق قبلي مع كل الفرقاء، توافق حول الهيكلة وحول الشكل وحول المضامين الرئيسة، حتى يكون هذا النص تتويجا لنقاش أساسي وعمومي.
النقطة الثانية التي نطرحها داخل نقابتنا، ونعتبرها ذات أهمية قصوى خصوصا فيما يتعلق بربط العلاقة ما بين ما نسميه بالديمقراطية السياسية، وما سوف نصطلح عليه اليوم بديمقراطية المشاركة، معناه أن الديمقراطية لم تعد تبنى فقط على مستوى القرار السياسي بل تبني أيضا بالأصل على مستوى القرار الاقتصادي والاجتماعي.
وبالتالي إذا ماكانت هناك مؤسسات للتمثيل السياسي من أجل اتخاذ القرار على مستوى الحكومة وعلى مستوى الغرف، الأولى والثانية، فلابد من وجود مؤسسة أخرى يتم التداول داخلها بشأن القضايا الاقتصادية والاجتماعية، وتدبير العلاقة ما بين مختلف الأطراف. معناه أنه في نهاية المطاف. هناك برلمان وهناك حكومة، وبالتالي فإنه في النموذج الديمقراطي فإن الحكومة عمليا تتشكل من الأغلبية المفروض وجودها داخل البرلمان وإذا ما أرادت الحكومة تمرير أي مشروع، فما عليها إلا أن تنسق مع أغلبيتها في البرلمان، ومن ثم فالمشاريع والقرارت سوف تمرر، لذلك كان النقاش التشريعي في الدول التي سبقتنا إلى إحداث هذا المجلس، مركز على أن كثيرا من القضايا، سواء قضايا المقاولين أو الفلاحين أو الشباب أو غيرها، إلا أنها لم تكن تحظى بنفس الاهتمام على مستوى اتخاذ القرار، لذلك كان لابد من إنشاء هذه المؤسسة الوسيطة ، إذن هناك برلمان، وهناك حكومة، وبينهما مؤسسة المجلس الاقتصادي والاجتماعي، أكيد أن هذه المؤسسة لها وظيفة استشارية، لكن كل الدراسات ،تؤكد أن النقاش مع وجود المجلس الاقتصادي والاجتماعي، ينعكس إيجابيا على مستوى النقاشات العمومية، سواء داخل الغرف البرلمانية أو داخل الحكومة أو داخل المجتمع، لسبب بسيط، هو علاقتها المباشرة بتقارير الرأي، التي يقدمها المجلس، لأنها تقارير الجودة العالية التي تمكن المقرر أو المشرع من الإحاطة بموضوع ما من مختلف جوانبه.
هناك نقطة أخرى مرتبطة بالاستقلالية، فالمجلس، من حيث المبدأ هو قرار الدولة، وهي التي تسهر على إنشائه، لكن الاستقلالية مهمة جدا في مجال الاستشارة وإبداء الرأي، وهذه من بين النقاط التي حرصنا على أن تظل واضحة في أذهاننا، حيث إن الاستقلالية ليست فقط استقلالية في الجانب المالي والإداري، ففي الجانب الإداري والمالي هناك استقلالية فيما يتعلق باتخاذ القرار التدبيري والمالي. وعلى المستوى الداخلي هناك قرار يجب أن يتخذ في مسائل تخص هذا التدبير. فالاستقلالية شيء أساسي، وهي تعني استقلالية على المستوى الإجرائي وعلى مستوى الدولة، أيضا استقلالية عن البرلمان، إنها استقلالية حقيقية تمكن المجلس من أداء مهمته، لماذا؟ لأن المجلس يجب أن يكون مستقلا لسبب له علاقة بوظيفته الاستشارية، لكن لسبب أهم وهو أن الأحزاب السياسية عندما توجد، يكون هدفها الرئيسي هو الوصول للسلطة، وهذا المجلس يتكون من مجموعات هدفها الرئيسي ليس الوصول الى السلطة، بل هدفها هو الدفاع عن مصالح، سواء كانت مصالح اقتصادية أو اجتماعية أو مدنية أو علمية.
فيما يتعلق بالمكونات، في تقديرنا أن صياغة المشروع الحالي هي صياغة فريدة من نوعها، حيث تشير إلى خمسة فئات، في حين أن التجارب الأخرى لا تعتمد على هذا التوزيع. ففكرة الفئة غير موجودة في كل النصوص، التي تتحدث عن نظام المجموعات، الذي معناه أنه هناك المجموعة الاقتصادية أو مجموعة المقاولات، وهناك مجموعة النقابات، ثم هناك المجموعة المدنية التي تمثل مصالح المجتمع المدني بمختلف تنوعاته وموضوعاته، ومجموعة الخبراء تمثل المصلحة العلمية، معناه أن هناك نوع من التلاقح بين المصالح في اتجاه بناء رأي سواء رأي بطلب ذاتي أو رأي تتقدم به الحكومة أو البرلمان.
وأعتقد أن مسألة التمثيلية محسومة بالنسبة للنقابات، لأنها منظمة قانونيا، ولا تطرح أي إشكال. هناك إشكال في العدد المطروح، لكن فيما يتعلق بتمثيليتها ، فالأمر محسوم، لكن المشكل مازال مطروحا بالنسبة للتمثيلية على مستوى المجتمع المدني، فهذا الأخير سيطرح مشكلة حقيقية، بحيث أنه مهما كان نوع النص القانوني الذي سيأتي ، لن يستطيع تغطية طلبات وحاجيات المجتمع المدني، ولذلك يمكن الاستفادة من التجارب الدولية في هذا المجال، فمثلا في فرنسا أو في بلجيكا وإسبانيا، قبل كل شيء قاموا بفتح نقاش عمومي، واستطاعوا خلق نوعا من »موضعة« جمعيات المجتمع المدني ، حسب تخصصها، سواء كانت ثقافية أو بيئة أو نسائية أو حقوقية وغيرها، وتم تجميعهم عبر مجالس وطنية من أجل تنظيم مشهد المجتمع المدني.
بالإضافة إلى أن مشروع النص جاء فيه نوع من التحكم في القرار فيما يتعلق بالمجتمع المدني، ومعناه أن الدولة هي من سيقوم بالتعيين. وهناك الإشكال المتعلق بتمثيلية المقاولات وآخر يتعلق بمجموعة الخبراء، ففي تقديرنا الخبراء لا يمثلون طرفا سياسيا، فهم ممثلون داخل المجلس كي يفكروا بناء على مصالحهم العلمية، أي أن يمثلوا المصلحة العلمية، ومعناه مساهمتهم في صناعة الرأي انطلاقا من مرجعيتهم العلمية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.