أخذ عبد المجيد أوراق تعيينه وتوجه صوب مدينة صغيرة، ولج الإعدادية، باحثا عن مكتب حضرة المدير، دله الحارس على المكتب، بين الباب الخارجي وباب مكتب المدير كتلة من الرمل، وضعت تفاديا للوحل المرتقب شتاء هذا العام. دق الباب، أتاه صوت المدير من بعيد أن “ادخل”، مشا أمتارا لا بأس بها إلى حيت يجلس المدير، أعطاه أوراق التعيين،أهلا سيدي أنا مدرس اللغة الجديد، صافحه المدير مرحبا، غدا تبدأ العمل،عاد إلى البيت الذي اكتراه قبل أسبوع، والتساؤلات تراوده عن المدينة الصغيرة وطبائع أهلها وكيف سيتأقلم مع هذا الجو الجديد؟ في الصباح توجه إلى القسم وجد التلاميذ قد سبقوه، حياهم بصباح الخير وقف التلاميذ بسذاجة معهودة، صباح الخير يا أستاذ في الصف الأول. إلى اليمين كانت تجلس في المقعد الأمامي نجوى ذات الربيع الخامس عشر، بمجرد ما رأته لم تخفض بصرها. قال لهم : سنبدأ أول دروس القواعد غدا واليوم حصة حرة للتعارف وقبل البدء أود أن نتعرف على بعضنا، خذوا ورقة واكتبوا أسماءكم وسنكم وأسماء آباءكم ومهنة الأب! لا أدري ما علاقة مهنة الأب بدرس القواعد؟ شيء غريب ربما تبين لي السبب بعد حين، أخرج الجميع الأوراق البيضاء والأقلام ومن ليس عنده استلف من صاحبه، وبعد خمس دقائق، طلب منهم الأوراق التي ملؤوها بمعلومات غير مؤكدة، بدأ بالمناداة على أسماءهم واحدا تلو الآخر، ياسين، هند، إدريس،.....احمد ..عبد الله ،يوسف ،لمياء ،محمد ،...هشام ،نجوى....، رفعت يدها وكلها فرح لأنه مرر حروف اسمها على شفتيه، لقد أعجبت به من أول نظرة، كانت تنظر إليه بعيون ناعسة ونظرات هائمة، صديقتها كانت تحذرها دائما من غباوتها المفرطة وتأثرها الزائد بالمسلسلات المدبلجة التي تنتشر في الساتيلايت انتشار النار في الهشيم، لقد تعلقت به حقا. تأتي قبل الوقت بدقائق وتتأخر في الخروج، كانت الأيام تمر ونجوى تزداد تعلقا بأستاذها الذي لم يكن يعلم أن الفتاة تحبه من طرف واحد. كانت نجوى تسر لصديقتها التي بدورها تخفي إعجابها به، كل مرة تختلق إحداهن سببا للعودة إلى القسم، بدعوى نسيان دفتر أو كتاب. يوم بعد يوم وحصة بعد أخرى انتبه عبد المجيد الأستاذ إلى نجوى، فكان ينظر إليها بنوع من الحنان! وتنظر إليه هي بمراهقة قاتلة ورغبة متوحشة أذكتها مشاهد قنوات الفيديو كليب وأفلام الرومانسية حيث الفتاة تبحث عن حبيب والفتى يبحث عن حبيبة، في فضاء من الأسلاك العاطفية والتي قد تتحول إلى دراما حقيقية بلمسة زر طائشة.