علمت التجديد أن قطاعات حكومية تلقت في الآونة الأخيرة من الأمانة العامة للحكومة مشروع قانون، لا يحمل رقما محددا يقضي بتجميع أنشطة كل من المكتب الوطني للكهرباء والمكتب الوطني للماء الصالح للشرب في مكتب جديد يحمل اسم المكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب، وكشفت مصادر مطلعة أن مشروع القانون أثار نقاشا حول الجدوى منه بالنسبة للسياسة الطاقية والمائية التي تنهجها الحكومة، بينما تخلو النسخة التي توصلوا بها، وحصلت التجديد على نسخة منها، من أي إشارة في ديباجة المشروع توضح الجدوى منه، وقالت المصادر إن مشروع القانون الذي توصلت به عدة قطاعات حكومية معنية بطريقة وصفها بغير عادية في مثل هذه الأعمال، إذ الأصل أن تجتمع القطاعات الحكومية المعنية لمدارسة مشروع ويتم إعداده قبل أن يحال على الأمانة العامة للحكومة التي تدقق فيه أكثر، بينما توصلوا في هذه الحالة بمشروع يضم 20 مادة وديباجة قصيرة غير ذات معنى، وصفت المصادر ذاتها المشروع بالمبتور. متسائلة حول ما إذا كان الداعي إلى قانون يقضي بتجميع المكتبين يتم لدواعي تنموية أم لأسباب أخرى. مشروع القانون، الذي حصلت التجديد على نسخة منه، ينص في مادته الأولى على أن يجمع المكتب الوطني للكهرباء والمكتب الوطني للماء الصالح للشرب...في مؤسسة عامة واحدة تتمتع بالشخصية المعنوية والاستقلال المالي، تسمى المكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب. على أساس أن يدير المكتب مجلس إدارة، ويسيره مدير عام(المادة3)، ويتألف مجلس الإدارة، تحت رئاسة الوزير الأول أو السلطة الحكومية المفوضة من لدنه لهذا الغرض، من ممثلين عن الدولة، وتفصل باقي المواد في مقتضيات هذا الجمع، سواء على مستوى الذمة المالية التي تنقل بدون عوض إلى ملكية المكتب/المؤسسة الجديدة(الباب الرابع، كما ينقل إلى المكتب المستخدمون العاملون بكلا المكتبين ويدمجون وفق شروط تحدد في نظامهم الأساسي(الباب الخامس)، بينما يتحدث الباب السادس عن الحلول، والباب السابع عن أحكام متفرقة وانتقالية.وقال عبد القادر اعمارة، باحث جامعي وعضو بلجنة القطاعات الإنتاجية بمجلس النواب، إن التحديات التي يواجهها المغرب في مجالي الماء والكهرباء كل على حدة لا تبرر أبدا هذا الجمع، اللهم إلا إذا كان قرار الجمع تهدف الحكومة من ورائه تيسير تدبير المكتبين على المدير العام الجديد السيد علي الفاسي الفهري بعد تعيينه على رأس المكتبين معا. إضافة إلى أنه على رأس الجامعة المغربية لكرة القدم، وهي قطاعات واسعة جدا وتواجه تحديات كبرى. وأكد اعمارة في تصريح لالتجديد أن قطاع الكهرباء مثلا يعاني من تأخر الاستثمارات التي تقررت من قبل، كما أن مشروع كهربة العالم القروي تعثر في الإنجاز، ويواجه مشكل الربط بين الدواوير. فضلا عن اختلالات في التسيير مما سبق أن سجّله تقرير المجلس الأعلى للحسابات. أما قطاع الماء، يقول اعمارة، فهو يعتبر مشكلا حقيقي للمغرب، الذي بات يعرف دوليا أنه يقترب من العجز المزمن في الماء، نتيجة توالي سنوات من الجفاف، وكون أن السنة الحالية كانت ممطرة لا يعني شيئا، بينما السدود تعاني من التوحل، وللمكتب الوطني علاقات متشعبة ومعقدة، تقتضي أن يبقى مؤسسة عمومية لوحده دون جمع مع غيره، وأضاف بالقول إن الجدوى من الدمج غير واضح، مبرزا أن المشاكل والتحديات التي يعيشها المكتبان، لا تسمح بالقول إن ثمة سببا مقنعا في عملية الدمج هاته إن تمت. هذه التحديات فاقمت منها اختلالات في التدبير على مستوى المكتب الوطني للكهرباء مثلا، إذ وجّه تقرير المجلس الأعلى للحسابات انتقادات كثيرة للمكتب، سواء في منهجية إعداد مشاريعه أو تنفيذها، منها مثلا مشروع كهربة العالم القروي، هذا المشروع الذي أعطيت انطلاقته في سنة 1996 واستهدف كهربة العالم القروي قبل سنة ,2010 علما أن 18% من العالم القروي كان يستفيد من الكهرباء، غير أن ذلك لم يتحقق لحد الآن. وأكد التقرير أنه بالنسبة لتنفيذ برنامج الكهربة القروية هناك غياب مخطط مديري للكهربة القروية في بداية البرنامج أثر سلبا على تنفيذه. فمنذ الشروع في تنفيذ البرنامج، كان يعتزم المكتب الوطني للكهرباء إعداد مخطط مديري للكهربة القروية لتقديمه للسلطات العمومية للمصادقة عليه في سنة ,1997 إلا أن المشروع لم يفعل على أرض الواقع. كما أن الذي صمم وأنجز من البرنامج تم دون إجراء مشاورات حقيقية مع الشركاء الآخرين، كذلك، لم يتم إشراك الجماعات المحلية والمستفيدين في مرحلة البرمجة إلا ابتداء من سنة 2002 بعد إحداث لجن إقليمية. ويعاني المكتب الوطني للكهرباء والمكتب الوطني للماء الصالح للشرب من ديون عليهما، ففي ,2008 بلغت مديونية المكتب الوطني للكهرباء إلى 470 مليار سنتيم، فيما بلغت مديونية المكتب الوطني للماء للصالح للشرب إلى 70 مليار سنتيم، وذلك حسب التقرير السنوي للدين الخارجي العمومي.