يفتتح البرلمان، بمجلسيه، غدا الجمعة، دورته الربيعية (دورة أبريل 2011) في ظل دينامية سياسية أطلقها ورش الاصلاحات الدستورية. كما أنه من المنتظر أن يهيمن على أشغال هذه الدورة الاستعدادات لاستحقاقات 2012 بالإضافة إلى المصادقة على عدد من مشاريع القوانين ذات الطبيعة الاقتصادية والاجتماعية. وتجد هذه الدينامية السياسية مرجعتيها في خطاب 9 مارس الذي أعلن خلاله صاحب الجلالة الملك محمد السادس عن مراجعة دستورية عميقة، تهدف الى ترسيخ الديموقراطية ودولة الحق والقانون، وإعطاء دفعة جديدة لدينامية الإصلاح العميق، أساسها وجوهرها منظومة دستورية ديموقراطية. ويوجد البرلمان باعتباره أحد أركان البناء الديمقراطي، في قلب النقاش الدائر اليوم بين مختلف مكونات المجتمع المغربي وفي مقدمتهم الاحزاب السياسية والنقابات والفاعلون الجمعويون والخبراء ورجال الإعلام حول طبيعة الأدوار والمهام والاختصاصات التي ستناط بالمؤسسة التشريعية في إطار الاصلاحات الدستورية المرتقبة. ويروم الإصلاح الدستوري في الشق المتعلق بالمؤسسة التشريعية، إلى تعزيز مكانة وصلاحيات البرلمان من خلال تبويء مجلس النواب، الذي يتم انتخابه بالاقتراع العام المباشر، مكانة الصدارة، في المنظومة البرلمانية، وإعادة النظر في تركيبة وصلاحيات مجلس المستشارين، بجعله غرفة برلمانية ترابية لتمثيل الجهات، وتوسيع مجال القانون، وتعزيز صلاحيات المراقبة البرلمانية. كما يهدف إلى إقرار حكومة ديمقراطية ومسؤولة، تنبثق عن الإرادة الشعبية المعبر عنها، من خلال صناديق الاقتراع، وتحظى بثقة أغلبية مجلس النواب، وتتولى مهامها من خلال مجلس للحكومة، يتم تحديد وتوضيح اختصاصاته في الدستور. ويتزامن افتتاح أشغال الدورة الربيعية مع مواصلة اللجنة الاستشارية المكلفة بمراجعة الدستور عقد لقاءات مع الاحزاب السياسية للاستماع لتصوراتها ورؤاها حول الاصلاح الدستوري، وكذا مع انطلاق الدورة الربيعية للحوار الاجتماعي. كما أن تنامي الوعي الشعبي الذي برز بشكل جلي في مسيرات 20 فبراير، إلى جانب تكثيف الاعلام اهتمامه بالعمل البرلماني، يفرض على المؤسسة التشريعية خلال هذه الدورة الربيعية أن تضطلع بأدوارها، وتقدم صورة راقية للنقاش الجاد المتسم بالاحترام المتبادل بين الفرق البرلمانية الذي يضع مصالح المواطنين والمصالح الحيوية للبلاد فوق كل اعتبار. وفي هذا السياق العام، ينتظر أن تعرف هذه الدورة، على المستوى التشريعي تدارس مجلسي البرلمان لعدد من مشاريع القوانين ذات الابعاد السياسية والاقتصادية والاجتماعية الهامة، وعلى رأسها القوانين المتعلقة بالاعداد للاستحقاقات الانتخابية ل2012 كمدونة الانتخابات وقانون الاحزاب والتقطيع الانتخابي. كما يتوقع أن يصادق البرلمان خلال هذه الدورة على مشاريع قوانين ذات بعد اجتماعي هام كمشروعي القانونين المتعلقين بالتعويض عن حوادث الشغل، وإحداث الوكالة الوطنية لمحاربة الأمية، أو تلك المتعلقة باصلاح القضاء أو المرتبطة بما هو اقتصادي ومالي كمشروع القانون المتعلق بسوق الأدوات المالية الآجلة، ومشروع قانون يقضي بتغيير وتتميم القانون المتعلق بشركة التضامن وشركة التوصية البسيطة وشركة التوصية بالأسهم والشركة ذات المسؤولية المحدودة وشركة المحاصة. وينتظر مصادقة البرلمان على مشاريع قوانين شرع في دراستها خلال الدورة البرلمانية الخريفية السابقة، منها على الخصوص، مشاريع قوانين تهم إحداث الوكالة المغربية لتنمية الأنشطة اللوجيستيكية، والتحفيظ العقاري، ٍٍوالنظام الأساسي لغرف الصناعة التقليدية، والمكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب، وتنظيم مهنة محاسب معتمد وإحداث هيئة للمحاسبين المعتمدين، وتهيئة الساحل وحمايته واستصلاحه والمحافظة عليه. أما فيما يخص الرقابة البرلمانية على أعمال الحكومة، فيتوقع ان تعرف الدورة البرلمانية الربيعية ممارسة الفرق البرلمانية رقابتها على أداء الحكومة في سياق زخم انطلاق النقاش العمومي حول الاصلاحات الدستورية والسياسية بالمغرب، لا سيما في ما يخص القضايا التي تشهد اختلالات كبرى كملفات الفساد أو تلك التي تشكل مصدر قلق فئة واسعة من المواطنين خاصة ما يتعلق منها بالقطاعات الاجتماعية والاقتصادية. وفيما يتعلق بالعلاقات الخارجية، ستظل قضية الوحدة الترابية للمملكة على غرار باقي الدورات السابقة ضمن أولويات الدبلوماسية البرلمانية، سواء في الاطار الثنائي أو المتعدد الاطراف عبر تعزيز العلاقات الثنائية مع عدد من برلمانات العالم باستقبال الوفود الاجنبية وتبادل الزيارات أو من خلال المشاركة في مختلف المنتديات واللقاءات البرلمانية الاقليمية والدولية.