24 أكتوبر )، إلى أن وسائل الإعلام في الفضاء المتوسطي ، ولا سيما منها الصحافة المكتوبة، تواجه خطرا لكونها تجد نفسها اليوم بين مطرقة الأنترنيت وسندان الإثارة. ولعل أهم ما يجعل هذا التهديد قائما، فضلا عن عامل الأنترنيت، هو صعوبة ظروف العمل، والزحف الواسع لصحافة الإثارة الذي أدى إلى تراجع في جودة العمل الصحفي ، وأخيرا وليس آخرا ، انحسار عائدات الإشهار لتجد وسائل الإعلام بشكل عام، والصحافة المكتوبة خاصة ، في آخر المطاف خبرها في حيص بيص ، لأي قارئ تتجه ، أو بالأحرى أي "زبون " تخاطب. وترى السيدة إليزا غونزاليس، رئيسة فيدرالية جمعيات الصحافيين الإسبان أن الأنترنيت تشكل "مشكلا وحلا في الآن نفسه "، مبرزة أنه إذا صح أن شبكة التواصل هاته قد تفوقت من حيث إثارة الاهتمام والهيمنة ، فإنه ينبغي البحث في الأسباب التي تجعل الصحافة المكتوبة لا تتحرك أمام النجاح الكبير الذي تشهده الشبكة العنكبوتية. لكن الأنترنيت ، تؤكد السيدة غونزاليس، تعد أهم حليف لحرية التعبير، مشيرة الى أن الصحافة المكتوبة تضررت برجات الأزمة الاقتصادية ، ناهيك عن " التتبع" السياسي لبعض وسائل الإعلام التي سرعان ما تسقط في فخ المقاولات التجارية ، ويصبح همها الوحيد الربح السريع على حساب الجودة. ومن هذا المنطلق، وجه هذا المؤتمر دعوة لكافة صحفيي ضفتي البحر الأبيض المتوسط للاضطلاع بدور أكثر فعالية لرفع التحديات التي يواجهها القطاع الإعلامي، وخلق جسر تواصلي يؤثث لقضاء ملائم للتعاون والتفاهم المتبادل. ومن وجهة نظر رئيسة فيدرالية جمعيات الصحافيين الإسبان ، فإن الصحافيين مدعوون الى توخي الصرامة في معالجة الخبر ، ووضع رهن إشارة القارئ معلومة موثوقة. أما السيد فرانشيسكو اوديجي، عضو الفدرالية الدولية للصحافيين ، فقد تطرق من جانبه إلى النقاش الدائر حول وضع الصحفي، لافتا الانتباه في هذا المجال إلى ضرورة أن يميز الصحفيون في عملهم بين الوقائع والتعليقات ، وأن يرسخوا روح التضامن بين بعضهم البعض لمواجهة بعض المخاطر التي تعترض مهنتهم. من جهته، اعتبر يونس مجاهد، الكاتب العام للنقابة الوطنية للصحافة المغربية، أن المهنة تواجه العديد من المخاطر، من بينها سيادة الهاجس التجاري، الذي يضر بجودة المنتوج المكتوب، مضيفا في السياق ذاته أن اللجوء إلى توظيف الإثارة صار رائجا بشكل كبير. وبعد أن ذكر بالحوار الوطني حول الإعلام والمجتمع، توجه السيد مجاهد باللوم إلى من يحاول تحميل مسؤولية أوضاع المهنة للصحافيين وحدهم، معتبرا أنه "لايمكن أن نتصور مجتمعا ديموقراطيا بدون صحافة مستقلة". وحسب الكاتب العام للنقابة الوطنية للصحافة المغربية ونائب رئيس الفدرالية الدولية للصحفيين، فإنه بات لزاما على الدولة أن تتدخل في هذا القطاع بهدف إنقاذه وتحصينه من كل محاولات تسليعه ووضع اليد على سوق الإشهار. ودعا في هذا الصدد، إلى تعزيز العمل النقابي والتنسيق بين مختلف النقابات، فضلا عن إحداث تحالف يضم الصحافيين والفاعلين في المجتمع المدني من أجل صون المهنة من أية مخاطر محتملة. كما دعا السيد مجاهد صحافيي ضفتي المتوسط إلى القيام بأبحاث من شأنها الكشف عن أسباب التراجع الذي تشهده المهنة، مطالبا بتأسيس جبهة مشتركة تروم مواجهة تحديات من قبيل العنصرية والتمييز والإثارة والأخبار المغلوطة . وقد عرف هذا اللقاء الذي نظمته جمعية صحافيي منطقة جبل طارق، بتنسيق مع الجمعية المغربية للصحافة (مقرها بتطوان)، تحت شعار "الاتحاد من أجل المتوسط"، مشاركة خمسين صحفيا من كلا الضفتين، وكذا خبراء وأكاديميين وأساتذة جامعيين ومنتخبين من ضفتي حوض المتوسط.