الصويرة، كعادتها، في كامل بهائها، وفي حضرة الهجهوج والكنبري والأناشيد الصوفية والليالي الكناوية، تنثر هذه الأيام الجمال، تغوي بفتنة عجيبة عشاق موسيقى "تكناويت"، القادمين من وراء البحار. من 24 إلى 26 يونيو، فتحت قلاعها وأسوارها لزوار ألفتهم وألفوها مضيافة بأناسها ورياحها ونسيمها العليل وبحرها، فتسكن وجدانهم، ولسان حالها يردد شعارات السلام والمحبة والتسامح. الفانتازيا، الكناوي، عيساوة، حمادشة، أناشيد صوفية هي عناوين لا يمكن أن تخطئها العين والأذن ولا يمكن أن يمر عليها زوار الصويرة مرور الكرام خلال الفترة التي يستغرقها مهرجان كناوة وموسيقى العالم، حديقة غناء أضحت موكادور إذن ، إيقاعات ومقامات موسيقية وفوق هذا وذاك تكاد أزقتها وحواريها تنطق، لقد مروا من هنا ... موسيقيون من إفريقيا وأوروبا وأمريكا وآسيا .. خلق مهرجان كناوة وموسيقى العالم لغة ليست كاللغات ، لغة التخيل والحلم ، لغة الموسيقى التي لا تعترف إلا بالحب والسلام قانونا وناموسا. ففي الليلة الثانية (ليلة الجمعة) من الدورة الحالية استمتع الجمهور، الذي فضل وجهة منصة مولاي الحسن، بمزج من نوع آخر ، كناوة والأنغام الباكستانية ، صوت فايز علي فايز برفقة تيتي روبن على آلة العود وفرنسيس فاريس، بالإضافة إلى عيساوة مكناس . وقد ترددت موسيقى فايز علي فايز بين الأسوار العتيقة للصويرة تحت أنظار عشاق هذا النمط الموسيقي التي تتغنى بمواضيع المحبة بمفهومها الواسع والكوني. وينحدر فايز علي فايز الذي احترف الغناء الروحي في عام 1978، من أسرة توالت فيها سبعة أجيال من مغني فن "القوالي"، وهو الموسيقى التقليدية الصوفية الخاصة بالهند وباكستان. وفي نفس السنة، أسس فايز وهو من مواليد 1962 في ساهارا نبور ، مجموعته الخاصة، وعلى الرغم من أن أصله من لاهور، فإنه اختار لأدائه أسلوب "دوابا" على طريقة شرق باكستان. كما خلقت فرقة تريو أوراسيو وكينزي ( كوبا-الولاياتالمتحدة) والمعلم سعيد أوغسان جوا كناويا حارا بالرغم من نسمات البرد التي تهب في ليل الصويرة. ومن منصة لأخرى، لا يمكن للزوار وللجمهور إلا أن يستمتعوا أمس أيضا ب"معلم المعلمين" كما يحلو للصويريين أن يلقبوه، محمود غينيا، الذي حلق بمنصة باب مراكش في مزج من نوع آخر (مزج مغاربي بامتياز) رفقة الموريتاني دابي توري. واكتشف الجمهور خلال هذا الحفل الموسيقى السوننكية توكلور والوولف التي تأثر بها دابي توري. وفي انتظار الليلة الثالثة والرابعة، يحق للصويرة ، وهي تستقبل النسخة ال`13 لمهرجان كناوة موسيقى العالم، أن تجعل من كل زواياها وأسوارها ومن كل حفلة موسيقية لحظات خالدة، لحظات تأثتها هذه السنة أسماء مجموعات كستيب أفريكا ، والفنان أمازيغ كاتب، والمعلم عزيز باقبو، ودانيال زيمرمان ، وآلان هويست ، والمعلم عبد الكبير مرشان، وابراهيم تركماني، وأمير علي، ونيناد كاجين .