تأكدت عودة الهدوء الى الجزائر اليوم الاثنين بعد خمسة ايام من اعمال الشغب التي جرت على هامش تحركات احتجاجية ضد غلاء المعيشة وخلفت خمسة قتلى و800 جريح واضرارا مادية جسيمة، ما دفع الحكومة الى اعتقال الالاف والاعلان عن سلسلة اجراءات للجم ارتفاع الاسعار. وعادت المحلات التجارية للعمل بصورة عادية في كل ارجاء البلاد، كما عاد التلاميذ الى مقاعد الدراسة رغم ان بعض المدارس تعرضت لاضرار جسيمة، حسبما نقلت شهادات عدة. وكان وزير التجارة مصطفى بن بادة ترأس اجتماعا مستعجلا الاحد مع اهم اصحاب القرار في المجال الاقتصادي لمناقشة تحديد سعر اهم سلعتين هما السكر والزيت. وتم تحديد سعر الكيلوغرام من السكر ب90 دينارا جزائريا(1،1 دولار) بينما بلغ مع بداية شهر كانون الثاني/يناير بين 120 و140 دينارا. اما الزيت فقد حدد سعره ب600 دينار (حوالى ثمانية دولارات) لكل عبوة سعة خمسة لترات مقابل 900 الى ألف دينار في اوج ارتفاع الاسعار. وفي هذا البلد الغني بفضل الغاز والبترول، يبلغ الراتب الشهري الأدنى المضمون 15 الف دينار لكن متوسط الرواتب يقارب 25 الفا اي ما يعادل سعر ثلاجة أو إيجار شقة من غرفتين في العاصمة الجزائر. ووعدت الحكومة السبت الماضي بعد مجلس وزاري بتخفيض الاسعار ومواصلة دعم السلع والخدمات الأساسية. كما اعلنت عن اعفاء منتجي ومستوردي وموزعي السكر والزيت من دفع الرسوم والضرائب التي تمثل 41 بالمائة من سعر التكلفة وذلك لمدة ثمانية أشهر. لكن وزير التجارة عاد وصحح هذا الرقم الأحد ليصبح 23 بالمائة باعتبار ان الضريبة على الأرباح (25%) لا تدخل في السعر النهائي للسلعة، حسبما نقلته صحيفة "الخبر" اليوم. وفي هذه الأثناء، تراجعت الاحتجاجات في كل ارجاء البلاد، وتلقت قوات الأمن المنتشرة بكثرة، تعليمات "لتفادي اي تجاوزات" حسب وزير الداخلية دحو ولد قابلية الذي اوضح ان "أغلبية الجرحى هم من قوات الأمن". وصرح وزير الداخلية لوكالة فرانس برس الاحد ان "الصفحة طويت" رغم حدوث بعض المناوشات المعزولة في محافظات بومرداس (وسط) وبجاية (شرق) وتلمسان (غرب). واكد ان "الاوضاع تعود تدريجيا الى طبيعتها". وقال ولد قابلية ابضا ان السلطات "بدأت اصلاح ما يمكن اصلاحه والاولوية للمدارس وكل المباني العامة".واضاف ان الاضرار التي سببها المتظاهرون "هائلة". وقالت صحف الاثنين ان حوالى سبعين مؤسسة تعليمية تضررت. الا ان مصدرا في وزارة التربية قال لصحيفة الوطن ان الدوام المدرسي بدا ينتظم منذ الاحد. ودمرت مباني رسمية عدة واحرق بعضها لكن حصيلة الخسائر لم تعرف بعد بينما تعرضت محال تجارية للنهب. الا ان مثيري اعمال الشغب بدأوا يواجهون مقاومة من السكان حسب شهادات. وقد قتل رجل في السادسة والثلاثين من العمر بالرصاص بينما كان يحاول حماية مستودع المشروبات الكحولية الذي يملكه والده في تياريت على بعد 340 كلم غرب العاصمة. وفي المجموع ادت هذه الاعمال الى سقوط خمسة قتلى آخرهم سائق سيارة اجرة في الخامسة والستين توفي الاحد في المستشفى اثر تنشقه غازا مسيلا للدموع خلال صدامات بين قوات النظام ومتظاهرين في عنابة (شرق). واستمرت الاعتقالات الاحد. وقالت مصادر رسمية ان عدد الموقوفين بلغ 1100 شخص. وسيتم اطلاق سراح المراهقين بسرعة واستدعاء آبائهم، لكن الراشدين سيحالون على القضاء والذين يدانون بارتكاب اعمال عنف وتخريب قد يسجنوا لمدة سنتين، حسبما ذكر نور الدين بني يسعد نائب رئيس الرابطة الجزائرية لحقوق الانسان.